أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

تاريخ الإضافة 7 مايو, 2023 الزيارات : 4467

 

هذا الجمل الذي أمرنا أن ننظر كيف خلق فإننا نجد هذا الجمل في هيئته الظاهرة قد ركب تركيبا عجيبا , فهو ينقل الناس في الصحراء , فجعل الله عزوجل له من الآلات ومن الخلق ما يتناسب مع هذه البيئة ومع هذا الأمر الذي خلقه من أجله ,فلما كان البعير يقطع المسافات كما قال الله عزوجل حينما ذكر أحكام الفيء : (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) في سورة الحشر .

 ومعلوم أن الإيجاف بالركاب أي الإسراع بالركاب أي بالإبل يستخدم في المسافات الطويلة البعيدة , وأما الخيل فإنها تستعمل للغارة على العدو ؛ فالله عزوجل يقول : (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) لم تغيروا فيه على عدو ولم تسيروا عليه وتقطعوا شقة بعيدة على الإبل التي يسافر عليها , ولما كان انكسار المسلمين في وقعة أحد , أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يتتبع المشركين وأن ينظر إليهم , ووجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمر يعرف به قصدهم , فذكر لهم إنهم إن جنبوا الخيل فهم يريدون مكة , يعني إن ركبوا على الإبل فهم يريدون مكة لأن الإبل تستعمل للسفر , وإن ركبوا الخيل فهم يريدون المدينة.

فالحاصل أن هذا الجمل ركبه الله تركيبا عجيبا , فجعل في عينيه في الجفن الأعلى وفي الجفن الأسفل جعل فيه من الشعر الكثيف بحيث أنه يمنع وصول الرمال إلى عينيه , وجعل الله عزوجل في أذنه شعرا كثيفا ؛ بحيث أنه يمنع دخول الرمال إلى داخل الأذن ؛ كما جعل له الله عزوجل شفة مشقوقة , وذلك أن الجمل حينما يسير في وقت الحر وفي وقت الريح , فإنه يستطيع أن يسد أنفه بهذه الشفة المشقوقة , فهو يتفادى بذلك آثار الريح من دخول الأتربة بأنفه , ويتفادى أيضا بذلك آثار دخول الريح من تسبيب العطش له.

وجعل الله عزوجل لهذا الجمل جعل لها سناما , وبعض الجمال تكون من ذوات السنامين , فهذا السنام يكون كالمخزن للغذاء , فيجتمع فيه الدهن والودك فيستطيع الجمل أن يبقى مدة طويلة ولا يأكل ولا يشرب , يستطيع الجمل أن يجلس خمسة عشر يوما لا يشرب , وأيضا فقد جعل الله عزوجل لهذا الجمل قوائم طويلة بحيث أنه يستطيع أن يسرع وأن يقطع المسافات وليكون ذلك متناسبا مع جسمه , فهو مع ضخامته إلا أنه يتحرك بكل خفة , ومعلوم أن الرجل إذا طالت كان ذلك أسرع في المشي , وأنت تشاهد ذلك حينما يمشي الإنسان الكبير مع الطفل الصغير ، وكلاهما يمشي على سجيته ،  وتجد أن هذا الطفل الصغير يبطئ في المشي عن الكبير ، وذلك لأن الرجل الطويلة تقطع من المسافة في الخطوة الواحدة أكثر مما تقطعه الرجل الصغيرة , فجعل الله عزوجل قوائم هذا الجمل جعلها طويلة , وجعل في أسفلها هذا الخف الذي هو لين الملمس من أسفله , وذلك في هيئة مفلطحة عريضة بحيث أنه يستطيع أن يطأ على الرمال دون أن يغوص فيها مع ضخامة بدنه ومع ثقل وزنه.

فلماذا ركّبه الله عزوجل هذا التركيب وصنعه بهذه الطريقة العجيبة البديعة , كل ذلك عن علم وحكمة فتبارك الله أحسن الخالقين.

وأما إذا نظرنا في الأحوال الداخلية في هذا الجمل فإننا نجد عجبا قد حير العلماء , ففي جسم الجمل تركيبات لم يصل العلماء إلى سرها حتى الآن , لكنهم عرفوا بعض عملها وبعض أثرها , وهذه التركيبات تعمل على خفض درجة حرارة الجمل , فكلما اشتد الحرارة وارتفعت درجة الحرارة برد داخل الجمل , فلا يعرق ولا يبول فيفقد الماء , كما يتجنب الجمل فقدان الماء عن طريق التنفس بالمحافظة على كمية بخار الماء الموجود بهواء الزفير بفضل الأغشية المخاطية الأنفية والمتصفة بقابليتها لامتصاص الماء الذي يكون في هذا الهواء الخارج من جوف الجمل في عملية التنفس , فهو لا يخسر شيئا من السوائل البتة , حيث إن هذا الهواء حينما يخرج من جوفه فإن الله عزوجل قد ركب في هذا الجمل أشياء تمتص الرطوبة التي تكون في هذا الهواء , فهو لا يتعب مع التنفس ولا يعطش في عملية التنفس الطبيعية.

ويستطيع الجمل أن يفقد قريبا من ثلث السوائل التي في جسده , أو يستطيع أن يفقد من السوائل مقدار ثلث الوزن الذي يزنه هذا الجمل , ومن يستطيع ذلك سوى الجمل , فإذا كان وزن الجمل مثلا ثلاثمائة كيلو فإنه يستطيع أن يفقد من السوائل ما مقدار مائة كيلوا من غير أن يتضرر , ويستطيع أن يعوض هذه السوائل في مدة عشر دقائق , فهو يستطيع أن يشرب في هذه المدة مائة لتر من الماء , ثم هو أيضا يحتاج إلى ساعتين لتصل هذه السوائل إلى جميع أجزاء الجسد وخلاياه.

وأما هذا الوبر الذي يتوهم الإنسان لأول وهلة أنه لربما كان سببا لعنائه في وقت الحر , وأنه سببا لتكالب الحرارة على جسم الجمل وبالتالي زيادة العرق , فإن ذلك على خلاف ما نتوهمه , فهذا الوبر له دور كبير في الموازنة بين حرارة الجسم وبين حرارة الجسد , فهو يجعل جسد الجمل على حد من الحرارة بحيث إنه لا يحتاج إلى فقد مزيد من السوائل عبر الغدد العرقية الموجودة على سطح جلده , وكلما ازدادت كثافة الوبر على جسم الجمل كانت عملية العزل أكبر وأعلى.

أما كيف يحول الجمل الغذاء المدخر إلى دهون ثم يرفعها من أمعائه إلى سنامه ليكون مخزنا له , فهذا شيئا حير العلماء ولا يعرفون له جوابا إلى هذه الساعة!.

فوجود هذا الخلق العظيم المحيط بنا من كل ناحية , دليل أكيد على قدرة الله تبارك وتعالى وعلى عظمته وعلى كماله , والإنسان في كثير من الأحيان يبقى عاجزا منكسرا أمام هذا الخلق فيبهره ولا يستطيع أن يتعرف على كثير مما يحيط به فضلا على أن يصل إلى الإحاطة به من كل جانب , أو إلى الإحاطة في المخلوقات البعيدة عنه التي لا يشاهدها.

تعليق واحد



اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1036 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع