هل يجوز إلقاء السلام على المصلين بالمسجد بصوت مرتفع عندما يدخل الشخص حيث يؤدي الناس صلاة السنة وبعضهم ينتظر الإقامة ؟
الجواب :
ذهب جمهور العلماء إلى جواز السلام على المصلي إذا لم يؤد إلى تشويش أو تعريض صلاة جاهل للبطلان ، لأنه قد يعتقد وجوب رد السلام باللفظ ، فيرد فتبطل صلاته بذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الذين يسلمون عليه .
والدليل ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: ” بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأدركته وهو يصلي فسلمت عليه، فأشار إليَّ، فلما فرغ دعاني، فقال : ” إنك سلمت عليَّ آنفاً وأنا أصلي ” .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم السلام حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال : كان يشير بيده. (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح )
وعن صهيب رضي الله عنه قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة”. ( رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم، وقال الترمذي حديث حسن )
كيف يرد ؟
لا يرد باللفظ فلا يقول : عليك السلام ، فإن هذا يبطل الصلاة ، وإنما يرد بالإشارة ، يرفع يده حتى يعرف المسلم أنه رد عليه ، ثم إن بقي المسلِّم عليه حتى يسلم وينصرف من صلاته رد عليه باللفظ ، وإن ذهب لم يجب على المصلي أكثر من الإشارة .
وروى جعفر بن عون عن بلال أن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ قَالَ فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هُوَ يُصَلِّي ، قلت لِبِلاَلٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُصَلِّي ؟
قَالَ : يَقُولُ هَكَذَا وَ بَسَطَ كَفَّهُ وَ بَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَ جَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ وَ جَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ . ذكره الألباني في السِلْسِلَةِ الصَّحِيْحَةِ.
وننبه إلى أنه إذا كثر سلام الداخلين إلى المسجد بحيث يشوش على المصلين ويشغلهم عن صلاتهم فإنه يكره .
هذا إذا سلم شخص على فرد بعينه أما إن كان إلقاؤه السلام عاما للجميع فرد أحدهم يكفي .
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع، فإن كان السلام على واحد، فالجواب فرض عين في حقه، وإن كان على جميع فهو فرض كفاية، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم، وسقط الحرج عن جميعهم، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض، سواء ردوا معاً أو متعاقبين، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم، ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين.
والله أعلم .