الإمام القرطبي والمنزل المسكون
قال الصفدي في الوافي 2/82:
أخبرني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد ابن سيد الناس اليعمري قال : ترافق القرطبي المفسر ،
والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم ـ وكل منهما شيخ فنه في عصره القرطبي في التفسير والحديث ،
والقرافي في المعقولات ـ فلما دخلاها أرتادا مكانا ينزلان فيه فدلا على مكان ،
فلما أتياه قال لهما أنسان: يا مولانا بالله لا تدخلاه فإنه معمور بالجان !
فقال الشيخ شهاب الدين للغلمان : أدخلوا ودعونا من هذا الهذيان ،
ثم أنهما توجها إلى جامع البلد إلى أن يفرش الغلمان المكان ، ثم عادا ،
فلما استقرا بالمكان سمعا صوت تَيْسٍ من المعز يصيح من داخل الخرستان ! وكرر ذلك الصياح !!
فأمتقع لون القرافي وخارت قواه وبهت !
ثم أن الباب فتح !
وخرج منه رأس تيس !
وجعل يصيح !
فذاب القرافي خوفا ، وأما القرطبي فإنه قام إلى الرأس وأمسك بقرنيه ،
وجعل يتعوذ ويبسمل ويقرأ {آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ} ،
ولم يزل كذلك حتى دخل الغلام ومعه حبل وسكين ، وقال: يا سيدي تنح عنه ، وجاء إليه فأخرجه وانكاه وذبحه !
فقالا له: ما هذا ؟!
فقال: لما توجهتما رأيته مع واحد ، فاسترخصته ، واشتريته لنذبحه ، ونأكله وأودعته في هذا الخرستان !
فأفاق القرافي من حاله ، وقال: يا أخي لا جزاك الله خيرا ما كنتَ قلتَ لنا ، وإلا طارت عقولنا .
خُرِستان: بضم فكسر الدواليب المثبتة على جدران المطبخ توضع فيها الأدوات المطبخية