قد يعجب القراء من هذا العنوان ” جمع المخنث السالم ” , و لهم الحق في أن يعجبوا , فاللغة العربية لا تعرف سوى جمع المذكر السالم , و جمع المؤنث السالم .
و لكن ما هو جمع المخنث السالم هذا ؟
ذكر الشيخ أحمد شاكر محدث مصر ـ رحمه الله ـ أن صديقه كامل الكيلاني الأديب ـ رحمه الله ـ سمى بعض الناس العصرانيين ( مجددينات ) فقال له الشيخ : ما هذا الجمع ؟ فليس هو بجمع مذكر سالم (مجددون ) ولا بجمع مؤنث سالم (مجددات ) .. فما هو ؟
قال كامل الكيلاني : هذا جمع مخنث سالم .
فضحك الشيخ وقال : ما أحوج اللغة العربية اليوم إلى مثل هذا الجمع .
***************************
ويذكر أيضا أن الشيخ البشير الإبراهيمي أطلقه على هؤلاء الذين يدَّعون التجديد في الشعر , فلا يتقيدون بأصول اللغة العربية فيما يكتبونه ، ولا يكترثون بالقوافي أو بأوزان الشعر الأصيل التي اتفق عليها العرب .
حدث حينما كان الإمام البشير يزور مدينة القاهرة , أن قرأ ما نشرته بعض مجلاتها في ذلك الوقت من ” أشعار ” يطلقون عليها اسم ” الشعر المنثور ” أو غير ذلك من المسميات الأخرى .
و جزع الإمام البشير أشدَّ الجزع حين قرأ ذلك , و ألقى بعض هؤلاء المجددين شيئا من أشعارهم في ندوة كان فيها الشيخ البشير , فما كان منه إلا أن اعتلى المنبر و قال : ( إن اللغة العربية على سعتها , و كثرة مفرداتها , ناقصة ! . لأننا لا نجد فيها الكلمة أو الصفة التي يمكن أن نصف بها هؤلاء الشعراء المجددين ) .
( إلا أن لي من عروبتي , و غيرتي على لغتي , ما يشفع لي بالاشتقاق فيها فأقول :إن العرب قد أعطوا للنساء جمعا ينتهي بألف و تاء , فقالوا : ( مُجَدِّدَاتْ ) , و سموه الجمع المؤنث السالم . و أعطوا للرجال جمعا ينتهي بواء و نون . فقالوا : ( مجدِّدونْ ) و أسموه الجمع المذكر السالم .
و لكن هؤلاء المجددين الذين سمعتهم الليلة , لا هم بالنساء فيؤنثون , و لا هم بالرجال فيذكرون , إنهم بين ذلك , لا نجد أي حرج في أن نَتَّبع أئمتنا الأجلاء , و فقهاءنا الأدلاء , و نعطي أمثال هؤلاء المجددين , ما أعطوه للخنثى , أي نصيبا كأنثى و هو : ألف و تاء , و نصيبا كذكر و هو : واو و نون , فنقول : ( مجددونات ) , فإن سألتموني ماذا نسمي هذا الجمع ؟ .. أقول : نسميه الجمع المخنث السالم ! .)
و ضحك جميع من كانوا في الندوة سوى هؤلاء ( المجددونات ) بطبيعة الحال .
اهـ من كتاب ” البشير الإبراهيمي عظيم من الجزائر ” ص 72 ـ 75 لعادل نويهض .