وصايا لقمان : 2 – “التوفيق والخذلان” (خطبة مفرغة )

تاريخ الإضافة 12 سبتمبر, 2022 الزيارات : 6977

وصايا لقمان : 2 – “التوفيق والخذلان” (خطبة مفرغة )

التوفيق والخذلان
التوفيق هو: الإلهام لفعل الخير ، والإعانة ،والنصرة، فإذا وفقك الله سبحانه وتعالى لفعل شيء فمعناه : أن يلهمك فعله وأن يعينك عليه.
الخذلان هو :عكس التوفيق ؛ خذله أي رفع عنه المعونة والنصرة ، ومنه قوله تعالى: -( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )- [آل عمران/160]
وسمى الله الشيطان خذولا -( وكان الشيطان للإنسان خذولا )- [الفرقان/29] لأنه يعده ويمنيه ويزين له الباطل والمعصية حتى إذا وقع فيها تخلى الشيطان عنه … أين ما وعدتني ومنينتني به ؟ كلها أكاذيب -( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا )- [النساء/120] هذا هو فعل الشيطان وعود وأماني كاذبة .
وللتوفيق أسباب ، وللخذلان أسباب ، تعالوا نتعلمها سائلين الله أن نكون من أهل التوفيق ،

ولسان حالنا كما قال نبي الله شعيب -( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )- [هود/88]

من أكبر أسباب التوفيق تعلق القلب بالله سبحانه وتعالى :

أنت عبد لله عز وجل ، فلما يتعلق قلبك بالله تطلب منه المدد والعون والتوفيق والسداد والنصرة ، فمن كان في هذا الجانب فهو من أهل التوفيق، ومن كان قلبه معلقا بغير الله سواء كان شركا في الاعتقاد أو نفاق أو ضعف إيمان بالقلب أدى للرياء وَكلَه( تركه) الله إلى ما تعلق قلبه به وفي الآية -( لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا )- [الإسراء/22] مذموما لأنك أشركت بالله ، مخذولا لا معين لك لأن الله تخلى عنك ،لأن الله ترك عونك .
وهذا هو مانردده في سورة الفاتحة -( إياك نعبد وإياك نستعين )- [الفاتحة/5] وهذه الآية ملخص لهذا الدين العظيم : أننا لا نعبد إلاالله ولا نستعين إلا بالله عز وجل .
وابن تيمية رحمه الله يقول : تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ “

وأيضا قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمُعَاذِ بن جَبَلٍ: ( يَا مُعَاذُ، إِنِّي لأُحِبُّكَ ، فلا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ “تعلق القلب بالله وطلب العون والمدد من الله سبحانه وتعالى .

وقال ابن القيم ( أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد‏.‏ وكل شر فأصله خذلانه لعبده)
وقال في مدارج السالكين : ( وقد أجمع العارفون بالله: أن “التوفيق” هو أن لا يكلك الله إلى نفسك وأن “الخذلان” هو أن يخلى بينك وبين نفسك)
ونجد هذا المعنى واضحا في الدعاء الذي علم النبي فاطمة ابنته أن تدعو به في كل صباح ومساء قال : قولي : ( يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) ومعناه : يارب لا تجعلني أركن إلى نفسي فإني إذا ركنت إليها لن أَجِد ما يعينني .
ومبالغة في التعبير يقول: ولو طرفة عين”وهو أسرع شيء يتخيله الإنسان أن تغمض العين وتفتح هذه غمضة عين أو طرفة عين فأقول يارب لا تكلني إلى نفسي ولو قدراً ضئيلاً مقدار طرفة العين .
البعض يغتر بنفسه وهذا من أسباب الخذلان والعياذ بالله ،يغتر بما أعطاه الله من علم أو مال أو مكانة أو قوة ،فيكله الله إلى ما اعتمد عليه ،يتركه ، وما اعتمد عليه شيء زائل ضعيف ، فالمال لا يدوم وكذلك الصحة والقوة والسلطان والجاه كل هذا زائل لا يدوم .
وفي القرآن الكريم ضرب الله لنا مثالين :
الأول : سليمان بن داوود عليهما السلام لما رأى عرش بلقيس عنده قال متحدثا بنعمة ربه وفضله عليه -( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم )- [النمل/40] لما رئيس أو ملك عنده بعض الأسلحة والجنود وكثرة في الأتباع يتعالى ويغتر ويترخص في الدماء ويظلم ، والتاريخ مليء بهذه الأمثلة ،نبي الله سليمان كان ملكا نبيا سخر الله له الجن والإنس والطير والريح ،وآتاه ملكا لم يتحقق لأحد من بعده سبحان الله العظيم !!! ومع هذا لم يغتر ولم يخلع على نفسه الألقاب الطويلة العريضة ولم يقف الشعراء ببابه يلهجون ويسبحون بحمده وأمجاده إنما قال ( هذا من فضل ربي )- [النمل/40] هذا من عطاء الله.
ونبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من شدة تعلق قلبه بالله عز وجل كان يعلم يقينا أن كل حوله وقوته بالله عز وجل وحده ، خرج من مكة ومعه أبو بكر والدليل ابن أريقط كانوا ثلاثة خرجوا من مكة متخفين ، الآن في عام 8هـ يرجع النبي معه عشرة آلاف جندي موحد بالله ،وأمرهم النبي أن يشعل كل واحد منهم شعلة من نار فحولوا ليل مكة إلى نهار .

ماذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل مكة ؟

هل اغتر بجنده أو توعد أهل مكة ،أو مجد نفسه وقال أنا وأنا … كلا ، لما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة أحنى رأسه إجلالا وتواضعا لله حتى مست ذقنه الرحل (ظهر الدابة) تواضعا لله ، دخلها دخول المنتصر المتواضع لربه سبحانه وتعالى ، لم يتكبر ولم يتعالى ولم يغتر ، فالمغرور والمتكبر يصرف الله عنه العون -( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق )- [الأعراف/146]

والمثال الآخر قارون الذي آتاه الله ما آتاه من الكنوز فلما طُلب منه إخراج زكاة ماله قال مغترا : -( قال إنما أوتيته على علم عندي)- [القصص/78] فلا حق للفقراء في هذا المال ولا نصيب ، هذا مالي اكتسبته بشطارتي ومهارتي !! فماذا كانت النتيجة ؟

قال تعالى : -( فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين )- [القصص/81] وكله الله لنفسه فهلك .

قصة صاحب الجنتين :

وفي سورة الكهف أيضا نقرأ قصة صاحب الجنتين لما قال لصاحبه -( أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا )- [الكهف/34] فقال له صاحبه -( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا )- [الكهف/39] انسب الفضل لله فيما آتاك ولا تغتر بما عندك .
فكيف كانت النهاية -( وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا )- [الكهف/42]
فأول طريق للتوفيق من الله عزوجل تعلق القلب بالله الذي يعين هو الله، الذي يعطي هو الله ، الذي يتفضل ويمن بالعطاء هو الله عز وجل -( وما بكم من نعمة فمن الله)- [النحل/53] وهذا ما ينبغي أن نتعوده فأنا كعبد ضعيف لا حول لي ولا قوة ، الإنسان منا طويل عريض يصاب بميكروب أو فيروس فيصير طريح الفراش ، سبحان الله العظيم !!!
فإذا وكل الله أحدا لنفسه يهلك ، فاطلب العون والمدد من الله وحده فهذا من أسباب التوفيق .

والعكس بالعكس الركون إلى غير الله الكبر والاغترار بما أعطاك الله فهذا من أكبر أسباب الخذلان والعياذ بالله .

من أسباب التوفيق العمل الصالح :
الله سبحانه وتعالى ليس عنده أقرباء بالنسب ولا بالمال ولا بالمكانة الاجتماعية ليس عنده تميز بهذا كله ، عند الله التميز بالعمل الصالح -( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )- [الحجرات/13] والتقوى تكون بالعمل الصالح ، وقال تعالى -( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )- [طه123 /124] الكثير من الناس يظن أن السعادة هي أن يملك التكنولوجيا والأجهزة الحديثة والسيارة المريحة والبيت الجميل ، هذه سعادة زائفة، أو مؤقتة ، والكثير من الناس في الدنيا تحصلوا على ذلك وأضعافه ؛لكن لم يصلوا للسعادة بمعناها الكامل ،لأن السعادة الحقيقية في اتباع هدى الله ، والعمل الصالح .
إذا أشبعت حاجات الجسد فإن الروح التي هي سر من أسرار الله تعالى فينا ما زالت جائعة مازالت تائهة تحتاج إلى عون الله ، وعونه سبحانه وتعالى لا يتحقق إلا بالعمل الصالح -( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )- [النحل/97] الحياة الطيبة كلمة تبين معنى السعادة الحقيقية … حياة طيبة كلمة يبحث عنها الأغنياء والملوك.

وهذا ما عناه الرجل الصالح حينما قال : “والله إنا لفي سعادة لو علمتها الملوك لقاتلتنا عليها بالسيوف “

فهذا هو التوفيق والإعانة ، أما الآخر الذي قضى حياته في معاص ولهو فله المعيشة الضنك (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )- [طه /124] المعيشة الضنك هي المعيشة التي كلها شقاء تعب هموم غموم أحزان لا يصل إلى شيء ولا يحقق شيئا .
قال تعالى : -( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم )- [الحجرات/7] هذا من التوفيق أن يزين الله لك الصلاة والصوم والصدقة والبر بالوالدين وصلة الرحم والعمل الصالح وإعانة المحتاج وإغاثة الملهوف ، تجد سعادتك مع هذا الأمر .

أما الصنف الآخر فإنهم قد -( قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون )- [الأنعام/43] وفي ظنه أنه بذلك يسعد ويفوز في الدنيا وهو لم يحقق شيئا ولم يسعد بشيء سبحان الله العظيم !!!
ونرى هذا جليا في الحديث القدسي يقول اللَّه تَعَالَى: ” وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ” هذا أول سبيل للتوفيق والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ثم إذا زدت في فعل المستحبات والقربات زاد حب الله لك وقربك منه يقول : “وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا..”
كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ : هذا من التوفيق ، فمن دلالات القبول التوفيق فلا تسمع بأذنك إلا ما يحبه الله .
وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ : فلا تطيب عينك إلا بالنظر إلى ما يرضي الله .
هذه دلالات التوفيق ، فتجد الجوارح مبرمجة على ما يرضي الله سبحانه وتعالى ،فمن طهر قلبه طهرت جوارحه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب “

بالله عليكم رجل قلبه كله معاص وظلمات ماذا تتوقع أن يخرج من هذا القلب المظلم ….عندنا بيت خرب ليس فيه سكان ولا أضواء ولا حركة حياة….ماذا تتوقع أن يخرج من هذا البيت الخرب ؟ حيات وثعابين وعقارب وعناكب وحشرات …..
لكن القلب العامر الذي فيه الخير ستجد منه خيرا كثيرا وهذا ما قاله الله سبحانه وتعالى حينما شبه الأمر بالموت والحياة فقال : -( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )- [الأنعام/122] وقال تعالى : -( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون )- [الأنعام/125]
ضيقا حرجا: الحرج أضيق الضيق، ومعناه أنه ضيق جدًّا،وهو هاهنا الصدر الذي لا يتسع لشيء من الهدى ولا يخلص إليه شيء ما ينفعه من الإيمان ولا ينفذ فيه.
” كأنما يصعد في السماء” شبه الله الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه كما أن صعود السماء لا يطاق.

وفي سياق شرح العلماء لهذا الحديث قالوا : إن الهداية نوعان :
هداية بيان :وهذه الهداية تكفل الله بها لجميع الخلق -( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )- [النساء/165]
وهداية إعانة وتوفيق : وهذه تكون لمن قبل هداية البيان -( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )- [محمد/17]
ومن بلغته هداية البيان فأعرض فهذا محروم مخذول يحرم من هداية التوفيق -( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )- [الصف/5] و -( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون )- [الحشر/19] هذا قانون إلهي لا يتغير الجزاء من جنس العمل ، من عمل خيرا يجد خيرا -( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )- [الرحمن/60] وكذلك -( من يعمل سوءا يجز به )- [النساء/123] -( نسوا الله فنسيهم )- [التوبة/67]
وفي هذا المعنى يقول القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: (إذا رأيت الحسنة من الشخص فاعلم أن لها عنده أخوات، وإذا رأيت السيئة من الشخص فاعلم أن لها عنده أخوات.
وقال ابن تيمية : [فإن الحسنة تدعو إلى الحسنة، والسيئة تدعو إلى السيئة، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: “عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق؛ حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب؛ حتى يكتب عند الله كذابا”.

فمن توفيق الله أنك جئت لصلاة الجمعة فهذا عمل صالح انظر إلى الحسنات بالإضافة لأدائك للفريضة : السعي للمسجد هذه طاعة ، إلقاء السلام ، ذكر دخول المسجد ، الوضوء والاستعداد للصلاة ، استماعك للخطبة والذكر ، الأذكار بعد الصلاة ، مصافحتك لأخيك فتتساقط الذنوب كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ، الصبر على الطاعة تركت عملك وجئت إلى هنا في الحر أو البرد مع ضيق المواصلات أو زحام الطريق ….الخ كل هذه طاعات داخل طاعة واحدة ، فما من حسنة إلا ولها أخوات ، وعلى النقيض ما من سيئة إلا ولها أخوات ، نسأل الله العافية ، واحد ذهب لمكان معصية ماذا تتوقع عن نيته وقلبه وجوارحه وسمعه وبصره ولسانه ، سبحان الله العظيم !!! فكل جارحة على ما تحرك إليه القلب تنطبع بالمكان الذي هو فيه وتتأثر به ، فهذا كله من الخذلان والعياذ بالله .
هذا عن أسباب التوفيق وأسباب الخذلان في الأمر الدينية فماذا عن أمور الدنيا ؟
جعل الله أمور الدنيا بأسبابها ( التجارة والبيع والشراء والعمل والاسترزاق )جعلها الله للجميع وعطاءه فيها للمؤمن والكافر ، فإذا قصر مسلم في الأخذ بالأسباب ،وآخر غير مسلم يأخذ بالأسباب هذا لا شأن له بمسألة الدين ، فالبعض يقول هؤلاء الذين كفروا بالله والملحدين عندهم تجارة ومشروعات ناجحة فما بالنا نحن ؟
فمن قصر في الأخذ بالأسباب فلا يلومن إلا نفسه وضربنا مثلا لذلك الأمر، وهو منقول عن الدكتور مصطفى محمود رحمه الله لو نزل إلى البحر مؤمن وكافر من الذي ينجو من الغرق ؟ الجواب : من يجيد السباحة .

فهذه مسألة لا علاقة لها بالإيمان والكفر ، فمن ارتجل في أمر أو قام بمشروع لم يدرسه جيدا ونحن الآن في عصر دراسات الجدوى الدقيقة والمعلوماتية الضخمة ، ثم فشل فلا يرمي ذلك على الدين أو القضاء والقدر والحظ والنحس فكل هذا لا أساس له من الصحة ، فلا تعلق فشلك على القضاء والقدر .
“قل هو من عند أنفسكم “
في حياته -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد قصر بعض الصحابة في سنة الأخذ بالأسباب وكان فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستشهد سبعين منهم ؛ وذلك حينما عين رسول الله خمسين من الرماة على الجبل يحمون ظهور المؤمنين ، فلما انتهت المعركة ورأوا الغنائم ( الأموال التي خلفها المشركون وراءهم وفرّوا تاركين خيول وأسلحة وغيرها ) لما رأوا الغنائم غرتهم الدنيا ونزل منهم أربعين ولم يبق على الجبل إلا عشرة فما كان من خالد بن الوليد وكان لا يزال على الشرك وكان وقتها قائد سلاح الفرسان بجيش المشركين ما كان منه إلا أن قام بعملية تطويق من الخلف وقتل العشرة الذين ثبتوا على الجبل من المؤمنين ، وأمطر المسلمين بالسهام واستشهد سبعين منهم .

سبحان الله العظيم! كان فيهم رسول الله فلما قصروا رباهم الله عز وجل وعلمهم وأنزل في ذلك قوله : -( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير )- [آل عمران/165]

أنتم قصرتم فالله لا يحابي في سننه أحدا ، هذه مسألة هامة جدا ؛ إذا بذلت ما في وسعك ثم لم تأت النتيجة فاعلم أن لله حكمة ، لكن إذا كنت لا تبذل شيئا ولا تقدم شيئا وتبكي متسائلا لماذا ولماذا ؟


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع