ما الحكمة من خلق إبليس؟ خطبة مفرغة

تاريخ الإضافة 19 سبتمبر, 2022 الزيارات : 4868

ما الحكمة من خلق إبليس؟

يتساءل البعض قائلا : لماذا خلق الله خلقا يدفعني إلى معصيته ويبعدني عن الله عز وجل؟
للإجابة عن هذا السؤال لابد من مقدمة ، وهي أن نفهم طبيعة المخلوقات التي خلقها الله عز وجل:
خلق الله تعالى الملائكة وجعلها مجبولة (مفطورة)على طاعته فالملائكة لا تعرف إلا طاعة الله ، ليس عند الملائكة خيار الطاعة والمعصية أو الإيمان والكفر ، قال تعالى : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون )- [الأنبياء/20]
فالملائكة في عبادة دائمة لله عز وجل لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون وليس فيهم ذكور وإناث ، وبالتالي لا زواج ولا ذرية ، هكذا خلقوا من الله عز وجل بكلمة كن فكانوا .
ثم خلق الله الجن والإنس ، وهؤلاء خلقهم الله مختارين في طاعته ، ليسوا مجبولين على الطاعة فقط كالملائكة ؛ ولا مجبرين على المعصية كما يعتقد الجبرية الذين قالوا: إن الإنسان مجبر على أفعاله كلها .

فألهمها فجورها وتقواها:

خلق الله فينا القدرة على فعل الأمرين معا ، الطاعة والمعصية ، الخير والشر ، وهذا معنى التكليف وهذا معنى قول الله تعالى : -( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )- [الشمس7 /8] الإلهام هنا ليس معناه التوفيق للفجور معاذ الله، إنما الإلهام هنا هو الإلهام الغريزي كإلهام الله للنحل -( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون )- [النحل/68]

فالإنس والجن عندهم القدرة على الإيمان والكفر ، الطاعة والمعصية ، الفعل والترك ، ومن هنا جاء التكليف من الله والاختيار من العبد، ولذلك نحن معشر الجن والإنس نعلم أننا كلفنا من الله سبحانه وتعالى بالإيمان به والعمل الصالح وفق منهجه وأمره ، وأجرى الله هذه الحياة الدنيا بمثابة لجنة للاختبار قال تعالى : -( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور )- [الملك/2] ثم الحساب والجزاء غدا بين يدي الله يوم يقوم الناس لرب العالمين.

الشيطان من الجن:

وخلق الله الجن قبل الإنس كما في قوله تعالى : -( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )- [الحجر/27] ومنهم الشيطان ، الشيطان من الجن ، ولما خلق الله آدم أمر الملائكة بالسجود له -( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )- [البقرة/34]

وإبليس كان مع الملائكة وشمله الأمر الإلهي بالسجود لآدم ، ولم يكن من الملائكة طرفة عين كما في قوله تعالى : -( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )- [الكهف/50] فإبليس لم يكن من الملائكة وقد جاء النص واضحا في القرآن -( فسجد الملائكة كلهم أجمعون )- [الحجر/30] كل الملائكة سجدوا وأكد ذلك بقوله: أجمعون .

وإبليس كان مشمولا بالأمر الإلهي بالسجود لآدم ، والقرآن الكريم يترك مساحة ذهنية للقاريء أو السامع ليفهم هذا ولذلك قال تعالى له -( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك)- [الأعراف/12] لم يقل إبليس رغم وقاحته وبجاحته مع رب العزة لم يقل لم تأمرني أو أنك أمرت الملائكة فقط ، فإبليس شمله الأمر بالسجود لآدم وهذا ما نفهمه من السياق القرآني ، فالله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا ( إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )- [البقرة/34]
وإبليس قال بعد ذلك معللا عدم سجوده لآدم -( قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )- [ص/76] فلم يقل لقد خلقتني من نور كالملائكة إنما قال أنا مخلوق من نار ، وهذه حجة باطلة ، فهو ليس من الملائكة لأنها خلقت من نور والجن خلقوا من نار قال تعالى : -( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )- [الحجر/27]

الجن مثلنا تماما في التكليف :

ومن أراد أن يعرف عن الجن أكثر وأكثر فليقرأ سورة الجن ففيهم المؤمن والكافر ، وفيهم كل الطوائف والطرائق وكل شيء موجود عندنا نحن معشر الإنس عند الجن ايضا، وفيهم من صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجالسه وهذا معلوم بنص القرآن -( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا )- [الجن/1] ومعلوم من السنة مقابلة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم أكثر من مرة ، ففيهم صحابة جالسوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعلموا منه ، وفيهم ، كما ذكرت المؤمنين والكفار والعصاة والفسقة وكل ما عندنا نحن الإنس .

ما هو محل إبليس من الجن ؟
إبليس كافر من كفرة الجن ، وهو إبليس واحد أنظره الله (أمهله الله ) -( إلى يوم الوقت المعلوم )- [الحجر/38] ثم ذريته شياطين وفي الآية ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا )- [الكهف/50] لكن ليس كل الجن شياطين كما يعتقد البعض ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لما قرأ سورة الرحمن على أصحابه قال : ما لي أراكم سكوتا لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد “
إذن الإنس والجن مكلفين عندهم القدرة على الاختيار بين الطاعة والمعصية ، وإبليس رفض السجود لآدم فلعنه الله وطرده من رحمته وطلب أن ينظره الله أن يمهله -( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون )- [الحجر/36] فقال له الله : -( قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم )- [الحجر37 /38]
لم يجبر إبليس على معصية الله:

عمل إبليس وذريته من الشياطين إضلال بني آدم وإيقاع الناس في المعاصي ، ومن هنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق إبليس مجبرا على الكفر بالله وإلا لانتفى التكليف ، فلم يجبر إبليس على معصية الله ورد الأمر على الله ، لكن الله أقدره على ذلك بما أودعه من قدرة في الجن والإنس ، بمعنى أنا عندي قدرة في الحواس والجوارح ، أستطيع أن أسلطها في الخير أو الشر؛ لساني هذا فيه القدرة على الكلام ، ممكن أن أقول : لا إله إلا الله فأدخل بها الإسلام ، وأنجو ويختم لي بها فأدخل الجنة ، ونفس اللسان قادر على أن ينطق بكلام كفر والعياذ بالله ، الزواج ينعقد بكلمة : زوجيني نفسك ، قبلت ، ونفس اللسان ينطق بكلمة الطلاق فتصير الزوجة الحلال حراما، وهكذا ، فأنا عندي القدرة أستطيع أن أنطق بالإيمان وأن أنطق بالكفر لا مكره لي على شيء ، يدك فيها القدرة أن تمتد بالخير وتعمل وتكد وتكسب من عرق جبينك ، ونفس اليد ممكن تمتد بالإساءة والظلم والعدوان والسرقة ، ونفس الحال في سمعي أو بصري .
إذن فالله سبحانه وتعالى لم يجبرنا على معصيته إنما أقدرنا (جعل فينا القدرة) على الطاعة والمعصية ، ففينا القدرة على الفعل والترك ، وأرسل إلينا رسوله وبين لنا منهجه وفيه افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا ، الشيطان قال لرب العزة -( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين )- [الحجر/39] فالله لم يجبرإبليس على الغواية إنما أقدره على الغواية ، وكان لإبليس أن يطيع الله ، وكان له أن يسجد لآدم ، وكان له أن يرجع عما فعل لكنه ( أبى واستكبر وكان من الكافرين )- [البقرة/34] رفض وتعالى عن الاستجابة لأمر الله ، فالله لم يجبر إبليس على الغواية ،إنما أقدره على أن يستجيب لأمر الله أو يرفض ، كما أن هناك الكثير من عصاة الجن والإنس وأيضا فيهم المؤمن والكافر ، وسعهم الله في ملكه وأقدرهم على طاعته أو معصيته ، ففينا أولياء الله وفينا أولياء الشيطان .

هذه مسألة مهمة جدا وإلا لو قلنا إن الإنس والجن مجبرين لا حول لهم ولا قوة وأن الشيطان كتب عليه أن يكون كذلك فأجبر على أن يكون كذلك ، فمعنى هذا أن السارق مطيع لله ، ولي من أولياء الله ، لماذا سرقت يا فلان ؟ والله قد جعل الله رزقي في جيوب الناس أنا أسرق طاعة لله ، وهذا كذب .
لماذا قتلت نفسا بغير حق ؟ لأن الله قدر أن يموت على يدي !! وهذا كذب !!!

ونفس الحال لو سألت أحدهم لماذا زنيت سيقول : إن الله قدر هذا علي !!

نقول له لا إن الله سبحانه وتعالى قال : -( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا )- [الإسراء/32]

إذن حتى يجعل الله للتكليف عاقبة وجزاء بالجنة أو النار جعل فينا القدرة على الفعل والترك ، على الخير والشر ، ليس هناك رسول أرسله الله جاء ليكره الناس على الإيمان بالله قال تعالى : -( لا إكراه في الدين )- [البقرة/256] فلو أراد الله ذلك لفعلها بذاته وجلاله قال تعالى : -( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )- [يونس/99] فالله سبحانه وتعالى قادر أن يجعلنا كالملائكة ، إنما أراد الله سبحانه وتعالى أن يعبد اختيارا لا اضطرارا ، أن تأتي إلى الله باختيارك بلا اضطرار لطاعته أوإكراه ، فمن أطاع الله من الإنس والجن أحبوا الله وعبدوه اختيارا ، تركوا الحرام والمعاصي والشهوات والكبائر والفواحش لله ، والذين كفروا أنظرهم الله وأمهلهم في هذه الدنيا ووسعهم في ملكه ويرزقهم كما يرزق المؤمنين ويعم الجميع بعطاء الربوبية الذي يتسع للمؤمن والكافر قال تعالى : -( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )- [الإسراء/20] لأن المجازاة تكون في الآخرة .

هل هناك حكمة من خلق إبليس ؟
نعم هناك حكمة ، فما من شيء قدره الله ووقع في كونه إلا لحكمة ، من الممكن أن نعلمها ، ومن الممكن أن نجهلها ، فإذا علمناها فهذا من فضل الله عز وجل ، وإذا جهلناها سلمنا لله الأمر أن له حكمة خفيت علينا ، أو كما يقول ابن القيم : تسيء الظن بنفسك وتحسن الظن بربك ، يعني أنا أجهل لماذا خلق الله كذا ؟ لماذا قدر الله كذا ؟

فجهلك بالحكمة لا يعني أنه ليس هناك حكمة ، فالحكمة موجودة لكنها خفيت عنك ، أراد الله أن تخفى حتى يكون العباد دائما على تسليم لأمره ، فنحن لا نعبد الأسباب ولا العقول ، إنما نعبد الله عز وجل .

ولذلك قدرالله سبحانه وتعالى عبادات مفهومة المعنى وعبادات غير مفهومة المعنى ، لأنك تفهم الحكمة من الأمر الفلاني كذا …ثم الأمر الآخر لم تفهم الحكمة منه ، لماذا ؟ حتى تسلم لأمر الله وتحقق معنى العبودية الكاملة لله .

 التربية العسكرية:

في جو الحرب والقتال الأمر لا يحتمل المناقشة وماذا وراء الأمر وفهم الأسرار العسكرية للجميع ، أول ما يتربى العسكري يتربى على الطاعة المطلقة الثقة في القيادة ، فإذا جاءه الأمر لا يناقشه بل ينفذه طواعية بلا نقاش ، فعنده ثقة في القيادة وتنفيذ للأوامر بدون نقاش ، وأحيانا خلال التدريب يأمرونه بأشياء يرفضها العقل أو يستحيل فعلها ، وهذا كله من باب التمرين على طاعة الأوامر ، حتى وإن كان عقله من داخله يرفضها ولا يقبلها ، هذا بالنسبة لفعل البشر مع البشر .

فالله سبحانه وتعالى يقدر أمورا لا يدرك العقل لها حكمة لتثق في ربك وأمره سبحانه وتعالى ، وتسلم له عز وجل ، وهذا معنى الإسلام ، فهو الاستسلام التام لأمر الله .

على سبيل المثال :

لماذا نصلي الظهر أربع ركعات ولم يكن ثلاثة ولا خمسة ؟

لماذا المغرب ثلاث ركعات ؟ وليس أربع ؟

لماذا الطواف بالكعبة سبعة أشواط وليس ستة أو عشرة ؟

لماذا السعي بين الصفا والمروة فقط وليس بغيرهما ؟

لماذا الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة وليس الخامس عشر أو العاشر من محرم أو رمضان ؟

هذا هو التسليم لأمر الله قد نبحث عن الحكمة فنهتدي إليها وقد نبحث ولا نهتدي فعلينا أن نسلم لله عز وجل وهذا معنى إسلام الوجه لله ، يعنى الانقياد التام لأمره سبحانه وتعالى .
وهذه مسألة مهمة لأن بعض الناس يقول : إما أن أفهم الموضوع من الناحية العقلية وإما لن أطيع الله !!!الله غني عنك وعن عبادتك .

معنى العبودية الكاملة لله:
إذا أطعت الله عز وجل فأنت قد حققت معنى العبودية الكاملة لله ، وإذا لم تطع الله لأن الامر يصطدم مع عقلك فاعلم أنك أسأت الظن بربك ، وهذا ما فعله إبليس ، فقد أمره الله بالسجود لآدم وكان عليه أن يستجيب لأمر الله لكنه رفض لأن عقله أحاله إلى مسألة أفضلية العنصر الذي خلق منه  -( قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )- [ص/76] فلا ينبغي للمخلوق من النار أن يسجد للمخلوق من الطين -هذا من وجهة نظر إبليس – فرفض أمر الله ولم يسلم له وتعالى عن الاستجابة لأمره ، والله سبحانه قادر في هذه اللحظة أن يهلك إبليس وينهيه من الوجود أو يأمر به إلى النار وبئس القرار ، لكن لتتم كلمة الله وهي أنه جعل في الإنس والجن الإيمان والكفر والقدرة على فعل أمره  سبحانه وتعالى أو تركه ، ولما قال إبليس  -(  أنظرني إلى يوم يبعثون )- [الأعراف/14] أمهله الله  -( قال إنك من المنظرين )- [الأعراف/15] ليتم معنى الابتلاء والاختبار في الدنيا .
أنت تريد الإمهال في الدنيا  -( قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا )- [الإسراء/63] 
وإبليس ليس هو سبب المعصية الوحيد ولا يملك القدرة لإجبار أحد على المعصية ، إبليس هو الدليل الذي يوسوس ويزين المعاصي  -(وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون )- [الأنعام/43] وهو الذي سيخطب في أهل النار غدا فيقول : -( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم )- [إبراهيم/22] فهو لا يستطيع إجبار أحد على المعاصي فقط يوسوس بالمعاصي ويزين الباطل.
قدر الله تعالى وجود إبليس لعدة حكم :
1- ظهور عبودية أنبيائه وأوليائه حينما يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم ويستعينون بالله في دفعه ودفع وساوسه ، ونحن نتعبد لله بقولنا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكان النبي يستفتح الصلاة بقوله: “أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه “
همزه: وساوسه ، ونفخه: الكبر، ونفثه: كل كلام قبيح أو شعر حرام.
2- ومن الحكم أن يعلم العباد أن الله  سبحانه وتعالى لما قدر وقوع إبليس ووسوسته بالمعاصي أن هذا من باب إظهار الشيء وضده ، كما يقولون في اللغة العربية وبضدها تتميز الأشياء ،فخلق الله النفس الطاهرة جبريل رسول الله من الملائكة الذي ينزل بالوحي على الرسل ، وقدر الله  سبحانه وتعالى خلق النفس الخبيثة إبليس الذي لا يعرف إلا المعصية ، وخلق الله السموات والأرض البياض والسواد الحرارة والبرودة ….الخ ، فخلق الشيء وضده لتتميز الأشياء فما كنا لنعرف الخير ووضوحه وصفاءه إلا بعد أن نرى الشر وظلمته وسواده.
3- ومن الحكم أننا ما كنا لنعرف الطاعة إلا بالمجاهدة لترك المعاصي والاستعانة بالله سبحانه وتعالى ، وإلا بمعرفة كلام الله حينما قال :  -(  لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين )- [يس/60] و قال تعالى :  -( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )- [فاطر/6] ومعرفة كلام الأنبياء والعلماء والاستجابة لتحذيرهم لنا من الشيطان.
4- ومن الحكم أن الله شرع التوبة لكل من عصى وشرد عن طريق الله وطاعته ،فمن هنا يأتي إبليس فيوسوس فيستجيب له من يستجيب ويزل من يزل ، ثم يلقي الله في قلبه نور الهداية والطاعة ويستشعر معنى التوبة والرجوع إلى الله عز وجل، ويستغفر الله ، فما كان لنا فعل ذلك ونحن على الطاعة الدائمة وهذا ما قاله النبي  -صلى الله عليه وسلم- حينما قال : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) وقال :  ” كل بني آدم خطاء, وخير الخطّائين التوابون”. 
والبعض للأسف يفهم من هذه الأحاديث أن معناها لابد من الوقوع بالمعاصي ، وهذا ليس مقصودا من الحديث ، بل المفهوم يامن أذنبت فقد شرع الله لك التوبة ، يامن بعدت عن الله واتبعت طريق الشيطان ارجع إلى طريق الرحمن ، تب إلى الله واستغفر ربك  -( واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما )- [النساء/106] 
والنفس أيضا أمارة بالسوء:
ولا ينبغي أن يغيب عنا أن الشيطان يوسوس بالمعصية والنفس أيضا أمارة بالسوء ، ففي رمضان مثلا تصفد مردة الجن والشياطين ، فالمعصية تستمر لأن في نفس أمارة بالسوء تميل للهوى تميل للباطل وتكره التكليف وتحب الشهوات والملذات ومن هنا نفهم معنى قول النبي  -صلى الله عليه وسلم- (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) والنبي  -صلى الله عليه وسلم- ذكر من كفارات الذنوب : إسباغ الوضوء على المكاره ،في عز البرد تتوضأ وتسبغ الوضوء والماء يصل للأعضاء كاملة وتلبس ملابسك وتأتي لصلاة الجماعة وهذا كله من المكاره ، ماالذي يضطرك لذلك ؟ أنت تبتغي وجه الله وترضيه بما تفعل.
وفي الحديث بقية أن شاء الله .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم