حوار عبادةَ بن الصامت مع المقوقس

تاريخ الإضافة 2 July, 2024 الزيارات : 4202

حوار عبادةَ بن الصامت مع المقوقس

عندما حاصر عمرو بن العاص حصن “بابليون” أرسل عبادةَ بن الصامت على رأس وفد من المسلمين إلى المقوقس ليحاوره.
وكان عبادُ بنُ الصَّامِتِ أسودَ؛ فلمَّا ركِبُوا السُّفُنَ إلى المُقَوْقَسِ، ودخلوا عليه تقَدَّمَ عبادةُ؛ فهابه المُقَوْقَسُ لسواده، فقال: (نَحُّوا عَنِّي هذا الأسودَ، وقَدِّمُوا غَيْرَهُ يُكَلِّمُنِي).
فقالوا جميعا: إنَّ هذا الأسودَ أفضلنا رأيَا وعلمًا، وهو سيِّدُنا وخيرنُا، والمُقدَّمُ علينا، وإنما نرجع إلى قوله ورأيه، وقد أَمَّرَهُ الأميرُ دُوننا بِمَا أَمَّرَهُ به، وأَمَرَنَا بأن لا نُخالفَ رأيه وقوله.
قال: وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسودُ أفضلَكم؟ وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم.
قالوا: كلَّا! إنه وإن كان أسودَ كما ترى فإنه من أفضلنا موضعا، وأفضلنا عقلًا ورأيًا، وليس يُنْكَرُ السَّوادُ فينا.
فقال المقوقس لعبادة: تقدم يا أسود، وكلمني برفق؛ فإني أهاب سوادك، وإن اشتدَّ كلامُك عليَّ ازْدَتُّ لذلك هيبةً.
فتقدَّم إليه عبادةُ فقال: وإن فيمن خَلَّقْتُ من أصحابي ألفَ رجلٍ أسودَ كلُّهم أشدُّ سوادًا مني وأفظعُ منظرًا.
ولو رأيتهم لكنتَ أهيبَ لهم منك لي، وأنا قد ولَّيْتُ وأدْبَرَ شبابي، وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعا، وكذلك أصحابي، وذلك أنا إنما رَغْبَتُنَا وهِمَّتُنَا الجهادُ في الله، واتِّبَاعُ رِضْوَانِه، وليس غزوُنا عدوَّنا ممن حارب اللهَ لرغبةٍ في دُنيا، ولا طلبا للاستكثار منها؛ إلا أن الله قد أحلَّ ذلك لنا، وجعل ما غَنِمْنَا من ذلك حلالا، وما يبالي أحدُنا أكان له قِنْطَارٌ من ذهبٍ، أم لا يملك دِرْهَمًا؛ لأن غايةَ أحدِنا من الدنيا أكلةٌ يأكلها يسُدُّ بها جَوْعَتَهُ لليلِه ونهارِه، وشَمْلَةٌ يَلْتَحِفُهَا؛ فإنْ كان أحدُنا لا يملك إلا ذلك كفاه، وإن كان له قنطارٌ من ذهبٍ أنفقه في طاعة الله، واقتصر على هذا الذي بيده، ويُبَلِّغُهُ ما كان في الدُّنيا؛ لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاءها ليس برخاء؛ إنما النعيم والرخاءُ في الآخرةِ، وبذلك أمرَنا رَبُّنَا، وأمرَنا به نَبِيُّنَا، وعهد إلينا أن لا تكون هِمَّةُ أحدنا من الدنيا إلا ما يُمسكُ جوعتًهُ، ويسترُ عورتَهُ، وتكونُ همتُّهُ وشُغلهُ في رضاء ربِّهِ وجهاد عدوه.
فلما سمع المقوقسُ ذلك منه قال لمن حوله:هل سمعتم مثل كلام هذا الرجلِ قَطُّ؟ لقد هِبْتُ مَنْظَرَهُ، وإن قولَه لأهيبُ عندي من منظره، إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض، ما أظنُّ مُلْكَهُمْ إلا سيغلبُ على الأرض.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 May, 2024 عدد الزوار : 985 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

أحدث المقالات

“لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ… “

حقوق آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-

فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

الرد المبين على منكري سنة النبي الأمين

ماذا كتب مايكل هارت عن الرسول في كتابه الخالدون مئة؟

قدر الحبيب النبي عند الرب العلي

لماذا نحتفل بميلاد الرسول ؟

محمد النبي الإنسان

يا محب الرسول عليك بخمسة أمور

“وإنك لعلى خلق عظيم”

الرسول صلى الله عليه وسلم كأنك تراه

جوانب العظمة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-

الرسول القدوة

شمس محمد تسطع على العالم محمد الغزالي

مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة

كيف ربى الرسول أتباعه على العزة والكرامة

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

الاشتياق إلى النبي للشيخ محمد المنجد

أنت مع من أحببت

ما الحكمة في أن رسول الله كان أميا ؟

كيف ربى الرسول أصحابه ؟

شرح حديث “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان”

سبيل الوصول إلى محبة الرسول

خصائص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

وسراجا منيرا

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

خصائص النبي محاضرة للشيخ المنجد

 (24) Towards Salvation of the Heart. Part (3)