فقه الزكاة : 8- زكـــاة الفطـــر

تاريخ الإضافة 21 مارس, 2024 الزيارات : 9775

زكـــاة الفطـــر

تعريفها :هي الزكاة التي تجب بالفطر في رمضان

حكمها :

واجبة على كل فرد من المسلمين ذكراً كان أم أنثى ، حراً كان أم عبدا،  صغيراً كان أم كبيرا ، وذلك بنص الكتاب والسنة  .

ومن ذلك : قوله تعالى ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) الأعلى 14،15

روى البيهقي عن نافع مولى ابن عمر أنه يقول نزلت هذه الآية في زكاة رمضان وقال أبى سعيد الخدري : كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) ثم يقسم الفطرة قبل ان يغدو إلى المصلى يوم الفطر

واستشكل البعض أن السورة مكية وأن زكاة الفطر إنما شرعت بالمدينة لكن قد يتأول هذا بأن الآية تدل على ذلك بالإشارة لا أن زكاة الفطر سبب نزولها بالمعنى الاصطلاحى .

وروى مسلم عن ابن عمر  ( أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حرٍ أو عبدٍ أو رجلٍ أو امرأةٍ أو صغيرٍ أو كبيرٍ صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير )

حكمة مشروعيتها :

والحكمة في ايجاب هذه الزكاة ما جاء عن ابن عباس قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ” رواه أبو داود

فهذه الحكمة مركبة من أمرين :

الأول: يتعلق بالصائمـين في شهر رمضان وما عسى أن يكون قد شابَ صيامهـم من لغو القول ورفث الكلام وجبراً لما يحدث فيه من غفلة أو إخلال ببعض الآداب وشبهها بعض الأئمة بسجود السهو .

قال وكيع بن الجراح : زكاة الفطر لشهر رمضان ، كسجدة السهو للصلاة تجبر نقصـان الصوم ، كما يجبر السجود نقصان الصلاة .

وأما الثاني : فيتعلق بالمجتمع وإشاعة المحبة والمسرة في جميع انحائه وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه ، فالعيد يوم فرح وسرور فينبغى تعميم الفرح والسرور على كل أبناء المجتمع فيفرح الجميع غنيهم وفقيرهم ، فكانت فرضية الزكاة ليشعر الفقير أن المجتمع لم يهمل أمره ولم ينسه فى أيام سروره ولهذا ورد فى الحديث ( أغنوهم فى هذا اليوم ) أخرجه البيهقى والدارقطنى عن ابن عمر

وكان من حكمة الشارع :أيضاً تقليل مقدار الواجب ـ كما سيأتي –  وإخراجه من غالب قوت الناس مما يـسهل عليهم ، حتى يشترك أكبر عدد ممكن من الأمة في هذه المساهمة الكريمة .

على من تجب ؟

على المسلم الحر الذى توفر لديه ما يخرج زكاة عنه وعمن يلى أمره زائداً عن قوته ، وقوت أولاده ، ولا يشترط اليسار فهي فرض على الفقير والغنى ، بل يستحب للفقيرين أن يتبادلاها حتى لا يحرما من الأجر ويخرجها الرجل عن نفسه وعمن تلزمه نفقته ويلى أمره بسبب القرابة كطفلة الفقير الذى عليه نفقته ، أما الأولاد الذكور العقلاء فلا يجب على الأب أن يخرج عنهم إلا إذا كانوا عاجزين عن الكسب أو لإشتغالهم بالدراسة .

متى تجب ؟

عند الحنفية : بطلوع فجر عيد الفطر لأنها قربة تتعلق بيوم الفطر فلا تتقدم عليه كالأضحية .

وعند الشافعي ومالك  وأحمد :  تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان لأنها تضاف إلى الفطر فتجب به .

وثمرة الخلاف :

في من ولد أو أسلم قبل الفجر من يوم العيد وبعد غروب الشمس في آخر يوم من رمضان وكـذلك المكلف الذى يموت فى هذا الوقت .

متى تخرج ؟

يجوز تعجيلهـا قبل العيد بيوم أو يومين عند جمهور الفقهاء في الصحيحين عـــن ابن عمر أن رسول الله أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة .

قال نافع : وكان ابن عمـــر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين وهذا قول الإمامين مالك واحمد .

وحمل الشافعي التقييد بـ ( قبل الصلاة ) على الاستحباب وقال بجواز إخراجها من أول شهر رمضان لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه ، فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها كزكاة المال بعد ملك النصاب وقال أبو حنيفة يجوز تعديلها من أول الحول لأنها زكاة فأشبهت زكاة المال

وقول مالك  وأحمد أقرب إلى تحقيق المقصود ، وهو إغناؤهم فى يوم العيد بالذات وإن كان بعض الحنابلة قال بجواز تعجيلها من بعد نصف الشهر فهذا القول أيسر على الناس وخاصة إذا كان من يتولى ذلك الجمعيات الخيرية المعنية بهذا الأمر ، فالزكاة حينئذ تحتاج إلى تنظيم

وتوزيع لتنال مستحقيها ولا يكفى ان يكون ذلك قبل العيد مباشرة ، فتوسيع الزمن له عامل كبير فى ضمان تحقيق الهدف الشرعى من الزكاة بحيث تشرق شمس العيد وقد وصل إليهم حقهم فيشعرون بفرحة العيد كما يشعر بها سائر الناس .

الواجب فيها :

صاع من القمح او الشعير او التمر أو الزبيب او الأقط ( اللبن المجفف ) أو الأرز ، أو السكر ، أو الزيت ، أو السمن ، أو المكرونة  … ألخ .

من غالب قوت البلد ، ومن الممكن التنويع فى الأقوات كلها .

مقدار الصاع

الأرز البلــــــــــــــــــــــــــدى = 2.150   كجم

تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر = 1.350   كجم

زبيــــــــــــــــــــــــــــــــــــب = 1.50      كجم

عدس بجبـــــــــــــــــــــــة  = 2.600    كجم

قمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــح = 2.176    كجم

مكرونة ، لوبيا ، عدس أصفر = 2      كجم

والحكمة من ذلك أمرين :

1- ان النقود كانت نادرة عند العرب .

2- تغير القدرة الشرائية للنقود من وقت لآخر والصاع يشبع عائلة

ليوم طعاماً في الغالب

حكم إخراج القيمة :

يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (ج 25، 82 ، 83 )

الأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير الحاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ، ولهذا قدر النبي صلى الله عليه وسلم الجبران بشاتين او عشرين درهماًَ ولم يعدل إلى القيمة .

ولأنه متى جوز إخراج القيمة مطلقاً فقد يعمد المالك إلى أنواع رديئة وقد يقع في  التقويم ضرر، ولأن الزكاة مبناها على المواساة ، وهذا معتبر فى قدر المال وجنسه ، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به .

ــ مثل أن يبيع ثمر بستان أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عُشر الدراهم يجزئه ولا يكلفه أن يشترى تمراً أو حنطة ، إذا كان قد ساوى الفقراء بنفسه ، ونص على جواز ذلك أحمد

ــ ومثل من يجب عليه شاه فى 5 من الإبل وليس عنده من يبيعه شاه ، فإخراج القيمة هنا كاف ،ولا يكلف السفر إلى مدينة أخرى ليشتري شاه.

ــ أو أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لأنها أنفع فيعطيهم إياها ، أو يرى الساعي ( عامل الزكاة ) إنها انفع للفقراء .

ــ ما نقل عن معاذ أنه كان يقول لأهل اليمن : ” أئتونى بخميص أو لبيس ( نوعان من الثياب ) أيسر عليكم وخير لمن فى المدينة من المهاجرين والأنصار  ا. هـ.  كلامه

وهذا كان في زكاة زرعهم ، وهذا ينطبق على زكاة الفطر وهذا الحديث ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم

وفى مصنف ابن أبى شيبة قال حدثنا وكيع عن قرة جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم .

ومثله عن الحسن البصرى قال : لا بأس ان تعطـى الدراهم فى صدقة الفطر .

يقول القرضاوي : فمن نظر إلى المقصد الشرعي ( أغنوهم فى هذا اليوم ) فالإغنـاء يتحقق بالطعام وربما كانت القيمة أفضل ، إذ كثرة الطعام عند الفقير تحوجـه إلى بيعها والقيمة تمكنه من شراء ما يلزمه من الأطعمة والملابس والدواء وسائر الحاجات .

لـمن تصرف ؟

اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطر علي قولين :

الأول: أن مصرفها هو مصارف الزكاة الثمانية ، وهو مذهب جمهور العلماء خلافا للمالكية .

وذلك لقوله تعالي: ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ” التوبة 6

فقالوا سماها النبي زكاة وهي فريضة واجبة فتصرف في مصارف الفريضة قال النووي في المجموع  : والمشهور في مذهبنا أنه يجب صرف الفطرة إلي الأصناف الذين يصرف إليهم زكاة المال .

وجوزها مالك وأبو حنيفة وأحمد وابن المنذر إلي واحد فقط قالوا ويجوز صرف فطره جماعة إلي مسكين واحد .

القول الثاني: أنها تصرف للمحتاجين (الفقراء والمساكين فقط)

وذلك للحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه بسند حسن عن ابن عباس :  ” فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر طهره للصائم عن اللغو والرفث وطعمه للمساكين” .

وقد علق الشوكاني على حديث ابن عباس فقال : وفيه دليل علي أن الفطرة تصرف في المساكين دون غيرهم من مصارف الزكاة .

وهذا مذهب المالكية واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم حيث قال في زاد المعاد :( ردا على من قال بصرفها للأصناف الثمانية )

” وكان من هديه تخصيـص المساكين بهذه الصدقة ، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك ، ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم ، بل أحد القولين عندنا أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة .

من لا تصرف له زكاة الفطر :

زكاة الفطر حكمها كزكاة المال فلا يجوز دفعها إلى كافر معاد للإسلام ولا محارب ولا مرتد ولا فاسق ولا غنى بماله او كسبه ولا لقادر على العمل ولا لوالد او ولد او زوجة  .

لمشاهدة الخطبة اضغط على الرابط التالي:

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 353 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم