خير الناس أنفعهم للناس
من أهم صفات المؤمن فعل الخير كله للعباد، سواء كان هذا الخير مالاً كالصدقة والإطعام وسقاية الماء وسداد الديون، أو جاهاً كما في الإصلاح بين المتخاصمين ، والشفاعة وبذل الجاه، أو علماً يعلمه، أو سائر المصالح التي يحتاجها الناس ، كحسن المعاملة وإماطة الأذى وعيادة المرضى، ونصرة المظلوم ، وصلة الأرحام ، وحسن الجوار ..الخ ..
قال الله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون”[الحج:77]
فقوله “وافعلوا الخير” أمر يشمل كل خير فالعبادة تفجر في قلبك الرحمة، ودليل الرحمة فعل الخير.
وقال تعالى: “لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس”النساء:114
وقال عن أصفيائه (.. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ..) (الأنبياء:73) .
و إغاثة الملهوف من شيم الأنبياء الكرام ، انظر إلى فعل موسى عليه السلام كما صوره القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[القصص: 23، 24].
يقول ابن القيم – رحمه الله – : وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى و استدفعت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه)
وكل واحد منا عليه كل صباح ثلاثمائة وستين صدقة مقابل ثلاثمائة وستين مفصل من مفاصله كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم –( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقةٌ منه على نفسه . قال أبو ذر : يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟
قال – صلى الله عليه وسلم – :(لأن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماع زوجتك أجر ) ،
قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به ؟
قلت : نعم ،
قال : فأنت خلقته ؟
قال : بل الله خلقه ،
قال : فأنت هديته ؟
قال : بل الله هداه ،
قال : فأنت ترزقه ؟
قال : بل الله كان يرزقه ،
قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فان شاء الله أحياه وان شاء الله أماته ولك أجر ) والحديث صححه الألباني – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة .
والأجر في نفع المسلمين عظيم فقد جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )
زاد ابن أبي الدنيا ( ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب
والمعنى :من نَفََّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس( فرج و أزال وكشف) نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والجزاء من جنس العمل (ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) سترته فلم تظهر عيبه ، من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه.
(من نَفَّسَ عن مسلم كربة ) وكربة نكرة ما نوعها ؟ شرطية والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم يعني أي كربة صغيرة أو كبيرة ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )
( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) يعني من كان ساعيا في قضاء حاجة أخيه فان الله سيقضى حاجته .
وفي الحديث تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره و إشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية.
وفيه أيضا فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك.
وفضل الستر على المسلمين وفضل إنظار المعسر وفضل المشي في حاجة المسلمين .
وفي حديث آخر : (أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل) (حسنه الألباني) رقم: 176 في صحيح الجامع .
وربما فاق من خدم الصائمين في السفر فذهب بالأجر والثواب لان نفعه إحسان تعدى إليهم والى غيرهم كما قال – عليه الصلاة والسلام – لما قام المفطرون وابتعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا قال (ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) ضربوا الخيام نصبوها سقوا الإبل ، الصوام سقطوا فلم يقووا على العمل .
( ذهب المفطرون بالأجر ) لماذا ؟ نفعهم تعدى إلى غيرهم .
والسلف كانوا لا يرون لأنفسهم فضلا على صاحب الحاجة بل يرون الفضل لصاحب الحاجة الذي علقها بهم .
قال ابن القيم – رحمه الله – في وصف شيخ الإسلام ابن تيمية : كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس .
كان علي زين العابدين بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، (فلم يعرف من يأتيهم بالخير إلا حينما انقطع بوفاته)
ويكفينا أن السعي في نفع الخلق كان من صفات النبي – صلى الله عليه وسلم – و أخلاقه ، فقد استدلت خديجة على أن ما حصل في غار حراء لا يمكن أن يكون شرا لخُلُقْ النبي – عليه الصلاة والسلام – قالت : كلا فو الله لا يخزيك الله أبدا فو الله إنك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .)
(و تصل الرحم) ،الإحسان إلى الأقارب بالقول والفعل .
(تحمل الكَلَّ ..) الكَلّ اصله الثقل( وهو كل على مولاه) ويدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء أما قولها و تكسب المعدوم تكسب غيرك المال المعدوم أو تعطيه إياه تبرعا ، تَقْري الضيف تكرمه يقال للطعام المقدم للضيف قِراً.
(وتعين على نوائب الحق) جمع نائبة وهي الحادثة ما يحدث في الناس من المصائب.
وقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – كل مسلم يستطيع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع أن ينفعه فقال ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم .
تعليم الناس
من أعظم العبادات المتعدية النفع أيها الإخوة إن لم تكن أعظمها على الإطلاق تعليم الناس العلم.. الدين.. الشريعة.. وثواب من علم الناس الخير عظيم جدا ومن ذلك أن له مثل ثواب من عمل بذلك العلم كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من علم علما فله اجر من عمل به لا ينقص من اجر العامل ) رواه ابن ماجه وهو حديث حسن .
و في البخاري ( خيركم من تعلم القران وعلمه )
الجامع بين تعلم القران وتعليمه مكمل لنفسه مكمل لغيره في نفع ذاتي ونفع متعدٍ ولذلك داخل في قوله – تعالى – (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) .
الدعوة إلى الله تقع في أمور ومن ذلك تعليم القرآن .
وكانت المكافأة للذي يعلم الناس الخير عظيمة جدا حتى أن الله تعالى جعل أهل السماوات و أهل الأرض يستغفرون لمن يعلم الناس الخير وألهم الله – تعالى – أنواع الحيوان الكبير والصغير منها من النملة إلى الحوت الاستغفار للعالِم فقال – عليه الصلاة والسلام – ( إن الله وملائكته و أهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير )حديث حسن .
يا أخي كم نوع من السمك في البحار ؟ كم سمكة ؟
كم نوع من البهائم كم نوع من الحيوانات ؟
كم نوعا من الطيور ؟ كم واحد ؟ كلها تدعو لمن يعلم الناس الخير ، لماذا ؟
لأن نفعه يصل إلى الآخرين نفع متعدٍ .
لو قال قائل لماذا تستغفر الحيوانات للعالم ؟
فالجواب : أولا : كرامة من الله لمن حمل العلم الشرعي بين جنبيه .
ثانيا : أن نفع العالم قد تعدى حتى انتفعت به الحيوانات لأن العالم يقول للناس : (حد شفرتك و أرح ذبيحتك) ولا تذبحها بحضرة الأخرى واسقها ماءا وارفق بها ( وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة )
ويقول للناس (في كل ذات كبد رطبة اجر) حتى لو سقيت قطة فلك أجر ، شكرت الحيوانات هذا التعليم النافع لها لهذا المعلم فألهمها الله الاستغفار له دائما ، أهل السماوات و أهل الأرض .
الإصلاح بين المتخاصمين :
من أعظم النفع المتعدي الإصلاح بين المتخاصمين (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:114)
وقال – صلى الله عليه وسلم – ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح .
( افضل الصدقة إصلاح ذات البين ) حديث صحيح .
وعن ابن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ) رواه البزار بإسناد جيد
أوجه النفع كثيرة جدا :
والنبي – عليه الصلاة والسلام – حتى يعلمنا مجالات أخرى أيضا في قضية نفع الناس ونفع الخلق قال ( من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ،وذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا انه لا حق لأحد منا في فضل) . رواه مسلم .
ومن ذلك إقراض المسلم (ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقة مرة ) قال الألباني صحيح .
وإذا كان معسرا أنظره فإن الله يتجاوز عنك يوم القيامة ويقول لملائكته : نحن أحق به من هذا منه . ( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه ) رواه مسلم .
و( من أراد أن تستجاب دعوته وان تكشف كربته فليفرج عن معسر ) قال الهيثمي : رواه احمد ورجاله ثقات .
ولما سُئِل النبي – عليه الصلاة والسلام – أي الأعمال افضل قال ( إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة ) حديث حسن
وهكذا فأبواب الخيرات كثيرة جدا نسأل الله أن ينفع بنا دائما وأن يستعملنا ولا يستبدلنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
خاتمة مرفق بحث علمي بعنوان :
مساعدة الآخرين تعالج التوتر النفسي د . عبد الدائم كحيل
النبي يوصي بمساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم
أحاديث كثيرة جاء بها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يؤكد فها على أهمية التعاون ومساعدة الآخرين ومدّ يد العون لهم. حتى إن النبي الكريم اعتبر أن الإيمان لا يكتمل حتى تحب لأخيك ما تحبه لنفسك!! واعتبر أن الذي ينام وجاره جائع وهو يعلم فهو ناقص الإيمان، ومن زاره ضيف ولم يكرمه فهو ناقص الإيمان…
يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) [صحيح الألباني 7384]. ويقول أيضاً: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) [صحيح الألباني 7988].
هذا حديث عجيب ندرك من خلاله مدى اهتمام النبي بمساعدة الآخرين وحب الخير لهم، حتى إن النبي اعتبر أن أي عمل تقوم به تفرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا أو تستر عليه عيباً أو تقضي له حاجة… فإن الله سيعطيك من الأجر أضعاف ما قمت به في الدنيا.
يقول النبي الأعظم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) [رواه البخاري ومسلم]. إن إكرام الضيف هو سنة يحبها الله ورسوله وإن الله يعطي عليها أجراً عظيماً. والإسلام لم يأمر بمساعدة الآخرين فحسب، بل بكفّ الأذى عنهم وعدم إيذائهم.
والآن وبعدما رأينا كيف اهتم الإسلام بهذا الجانب الاجتماعي وحافظ على سلامة المجتمع وتماسكه وانتشار المحبة والود والعطف والتراحم بين المؤمنين، نسأل: هل هناك من إعجاز علمي أو فوائد طبية ونفسية لمثل هذا العمل؟!
دراسة علمية تؤكد أن مساعدة الآخرين تعالج التوتر النفسي
أكد الخبراء في مجال علم النفس أن مساعدة الآخرين من شأنها أن تخفف توتر الأعصاب، حيث إن الانخراط في معاونة الآخرين يحفز إفراز هرمون “الإندورفين”، وهو هرمون يساعد على الشعور بالراحة النفسية والنشوة.
ويؤكد المدير السابق لمعهد “النهوض بالصحة” في الولايات المتحدة الأمريكية “آلان ليكس” أن معاونة الآخرين تساعد على تقليل حدة الضغط العصبي، حيث إن مساعدة الفرد للآخرين تقلل من تفكيره بهمومه ومشاكله الشخصية ومن ثم يشعر بالراحة النفسية.
وأشار الباحث إلى ضرورة توافر ثلاثة شروط أساسية عند مساعدة المرء للآخرين للتمتع بالجوانب الإيجابية للمساعدة، وهي أن تكون المساعدة منتظمة، وأن يتاح اتصال شخصي بين الشخص “المساعد” وطالب المساعدة وأن يكون طالب المساعدة خارج نطاق المعارف أو العائلة أو الأصدقاء.
ويؤكد الخبير أن الإنسان ليس مجبراً على مساعدة الغرباء، وهو حرّ تماماً في اتخاذ قرار المساعدة من عدمه وأن تلك الحرية تعد أمراً مهما للحصول على النتائج النفسية المرغوبة من مساعدة الآخرين. وعلى العكس من ذلك يكون الشخص “مجبراً” على مساعدة الأصدقاء والأقارب.
الاكتئاب هو مرض العصر، ملايين الإصابات سنوياً نجدها وبخاصة في العالم غير الإسلامي، منها ما يؤدي للانتحار أحياناً. ولكن الإسلام حرص على المؤمن وأمره بحب الخير ومساعدة الآخرين، لأن الله تعالى يعلم أن هذا العمل يعالج الاكتئاب ويرفع النظام المناعي لدى الإنسان… فانظروا معي إلى عظمة هذا الدين… ألا يستحق أن يُتَّبَع!
وفي دراسات علمية سابقة تبين أهمية التسامح والعفو عن الآخرين وعدم الغضب… كل ذلك يؤدي إلى تحسين كفاءة النظام المناعي لدى الإنسان وبالتالي وقايته من مختلف الأمراض. ويمكن القول إن أي عمل خير تقوم به يمكن أن يساهم في تحسين الحالة النفسية ورفع مستوى النظام المناعي وإعطاء جسمك جرعة مناعية إضافية ضد الأمراض وبخاصة التوتر النفسي.
إن الإسلام عندما اهتم بأعمال الخير إنما جاء هذا التشريع لمصلحة الإنسان والمجتمع وللفوز بثواب الدنيا والآخرة. ولذلك نجد آيات كثيرة تحض المؤمن على التعاون وتقديم الخدمات للآخرين مجاناً ودون مقابل. وانظروا كيف أن هذا الباحث وبعد تجارب كثيرة تبين له أن أفضل أنواع المساعدة عندما لا تطلب أجراً أو شكراً على مساعدتك، ومن هنا ندرك أهمية قوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) [الإنسان: 8-99].
اللهم اجعل أعمالنا كلها خالصة ابتغاء مرضاتك وخوفاً من عقابك ومحبّة بخاتم أنبيائك عليه الصلاة والسلام.