فقه الطهارة: 10 -فقه التيمم

تاريخ الإضافة 7 أكتوبر, 2023 الزيارات : 6941

فقه الطهارة: 10 -فقه التيمم

تعريفه:

المعنى اللغوي للتيمم: القصد.

والشرعي: القصد إلى الصعيد، لمسح الوجه واليدين، بنية استباحة الصلاة ونحوها.

دليل مشروعيته:

ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فلقول الله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا) النساء آية 43

وأما السنة، فلحديث أبي أمامة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده طهوره) رواه أحمد.

وأما الإجماع، فقد أجمع المسلمون على أن التيمم مشروع، بدلا من الوضوء والغسل في أحوال خاصة.

اختصاص هذه الأمة به:

وهو من الخصائص التي خص الله بها هذه الأمة.

فعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي :

1. نصرت بالرعب مسيرة شهر

2. وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل

3. وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي

4. وأعطيت الشفاعة

5. وكان النبي يبعث في قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة) .

رواه الشيخان.

سبب مشروعيته:

روت عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة؟

فجاء أبو بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم على فخذي قد نام، فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده خاصرتي فما يمنعني من التحرك إلا مكان النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي، فنام حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله تعالى آية التيمم (فتيمموا) قال أسيد بن حضير:

ما هي أول بركاتكم يا آل أبي بكر!! فقالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته) .رواه الجماعة إلا الترمذي.

الأسباب المبيحة له :

يباح التيمم للمحدث حدثا أصغر أو أكبر، في الحضر والسفر، إذا وجد سبب من الأسباب الآتية  :

أ- إذا لم يجد الماء، أو وجد منه ما لا يكفيه للطهارة، لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى بالناس، فإذا هو رجل معتزل فقال: (ما منعك أن تصلي؟) قال: أصابتني جنابة، ولا ماء. قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) رواه الشيخان.

وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين) رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

لكن يجب عليه – قبل أن يتيمم – أن يطلب الماء من جيرانه ،أو من رفقته، أو ما قرب منه عادة، فإذا تيقن عدمه، أو أنه بعيد عنه، لا يجب عليه الطلب.

ب – إذا كان به جراحة أو مرض، وخاف من استعمال الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء، سواء عرف ذلك بالتجربة أو بإخبار الثقة من الأطباء، لحديث جابر رضي الله عليه قال، خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال. إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده) رواه أبو داود

(العي) الجهل.

ج – إذا كان الماء شديد البرودة، وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه ولو بالأجر، أولا يتيسر له دخول الحمام، لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: (يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟) .

فقلت: ذكرت قول الله عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) النساء آية: 39 ، فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله ولم يقل شيئا. رواه أحمد

وفي هذا إقرار، والإقرار حجة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل.

فائدة :في إحدى الليالي شديدة البرد كان العز بن عبدالسلام نائمًا بالليل في الكلاسة -وهي زاوية في الجامع الأموي في دمشق- وبها سكن للطلاب وللناس حينذاك- فاحتلم في تلك الليلة فاستيقظ، وذهب بسرعة وكانت هناك بركة في طرف المسجد شديدة البرودة،  فخلع ثيابه ونزل في تلك البركة واغتسل في الماء البارد، ثم خرج ، وذهب ونام ، فاحتلم مرة أخرى ، فاستيقـظ وفعل مثل ذلك، حتى أصيب بالحمى، فلما عاده بعض إخوانه نصحه أنه لو كان يعلم بجواز التيمم ما أصابته الحمى ، فأخذ كتاب التنبيه في فقه الشافعي، وجلس عليه حتى حفظه، ثم بعد ذلك ظلَّ يطلب العلم حتى أصبح أعلم أهل زمانه.

د – إذا كان الماء قريبا منه، إلا أنه يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله أو فوت الرفقة، أو حال بينه وبين الماء عدو يخشى منه، سواء كان العدو آدميا أو غيره، أو كان مسجونا، لأن وجود الماء في هذه الأحوال كعدمه.

هـ – إذا احتاج إلى الماء حالا أو مآلا (مستقبلا )لشربه أو شرب غيره، ولو كان كلبا غير عقور، أو احتاج له لعجن أو طبخ وإزالة نجاسة غير معفو عنها، فإنه يتيمم ويحفظ ما معه من الماء.

عن علي رضي الله عنه أنه قال – في الرجل يكون في السفر، فتصيبه الجنابة، ومعه قليل من الماء، يخاف أن يعطش -: يتيمم ولا يغتسل. رواه الدارقطني.

قال ابن تيمية: ومن كان حاقنا عادما للماء، فالأفضل أن يصلي بالتيمم غير حاقن من أن يحفظ وضوءه ويصلي حاقنا.

الصعيد الذي يتيمم به:

ما هو الصعيد الطاهر ؟ قولان للفقهاء :
الأول : قول الشافعي والحنابلة : الصعيد التراب ولا يجزئ غيره
واحتج هؤلاء بقوله‏:‏ ‏{فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 6‏]‏، قالوا: «من» للتَّبعيض، ولا تتحقَّق البعضيَّة إِلا بغبار يَعْلق باليد، ويُمْسَح به الوجه واليدان، والصخر لا يعلق لا بالوجه ولا باليد

واحتجوا بأن ابن عباس قال‏:‏ الصعيد الطيب تراب الحرث، واحتجوا بقول النبي ‏:‏ ‏(‏جعلت لي الأرض مسجدًا وجعلت تربتها طهورًا‏)‏ قالوا‏:‏ فعم الأرض بحكم المسجد، وخص تربتها ـ وهو ترابها ـ بحكم الطهارة‏.‏

الثاني : قول مالك وأبي حنيفة وابن حزم واختيار ابن تيمية : الصعيد وجه الأرض مطلقا سواء الحصباء والجبل والرمل والتراب والبلاط والسيراميك والرخام ،كما يجوز عندهم التيمم بالغبار فلو ضرب بيده على سجادة أو ثوب أو سرج حصان فارتفع غبارا لصح ذلك

واستدلوا بــ :
1-
عموم قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] ، والصَّعيد: كلُّ ما تصاعد على وجه الأرض، وقوله تعالى‏:‏ ‏{صَعِيدًا}‏ يعم كل صاعد، بدليل قوله تعالى‏:‏ ‏{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا}‏ ‏[‏الكهف‏:‏8‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 40‏]‏‏.‏ والله سبحانه يَعْلَم أنَّ النَّاس يطْرُقون في أسفارهم أراضي رمليَّة، وحجريَّة، وتُرابيَّة، فلم يخصِّص شيئاً دون شيء.

2 ـ قد ثبت أن الرسول تيمم من الجدار ولا شك أنه من اللبن الذي لا غبار فيه ففي الصحيحين من حديث أبي الجهم بن الحارث ( أن النبي لقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام )

3- أن النبيَّ ، في غزوة تبوك مَرَّ برِمالٍ كثيرة، ولم يُنقل أنَّه كان يحمِل التُّراب معه، أو يصلِّي بلا تيمُّم.

4-أن النبي قال‏:‏ ‏(‏جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏فعنده مسجده وطهوره‏)‏، فهذا يبين أن المسلم في أي موضع كان عنده مسجده وطهوره‏.‏

ومعلوم أن كثيرًا من الأرض ليس فيها تراب حرث، فإن لم يجز التيمم بالرمل كان مخالفًا لهذا الحديث،

وأما قولهم إِن «من» تبعيضيَّة فالجواب عنه أن «من» ليست تبعيضيَّة بل لابتداء الغاية فهي كقولك: سرت من مكَّة إِلى المدينة، وهذا وإِن كان خلاف الظَّاهر إِلا أنَّه الموافق لِسُنَّة النَّبيِّ حيث لم يكن يَدَعْ التيمُّم في مثل هذه الحال.

ومما يُبيِّن هذا أن آية «النِّساء»، ليس فيها «من»، قال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] ، وآية «النساء» سبَقت آية «المائدة» بسنوات.

وأيضاً: في حديث عمَّار رضي الله عنه الذي رواه البخاري: أن النَّبيَّ لما ضَرَبَ بكفَّيهِ الأرض نَفَخَ فيهما، والنَّفْخُ يُزيل الغبار، وأثر التُّراب.

هل يجوز التيمم بالخشب ؟

مذهب المالكية :يجوز التيمم على الخشب والحشيش إذا لم يوجد غيرها ويجوز التيمم على الجليد ،وهو الثلج المجمد من الماء على وجه الأرض أو البحر؛ لأنه أشبه بجموده الحجر ، فالتحق بأجزاء الأرض.

كما يجوز التيمم بالغبار ، بأن ضرب يده على ثوب أو لبد أو بساط أو سرج ، فارتفع غباراً.

يقول البعض :ما الحكمة من التعفير بالتراب مع أن التراب غير منظف ،وربما يحمل من الجراثيم ما يضر؟
شرع التيمم رفعا للحرج والمشقة ولعل الشيطان يلبس على المصلي بأن صلاته باطلة أو غير مقبولة ولو شاء الله لضيق علينا ولكنه بنا رؤوف رحيم ، وفي التيمم إظهار لكمال العبودية لله ،إذ يقوم العبد بتنفيذ أمر الله فالمسلم يسمع ويطيع متيقنا أن الله لا يأمر بشئ عبثا بل أمره كله حكمة ،وبالتيمم نتعلم التواضع لله والتذلل له حين يُؤمر النظيف الأنيق أن يعفر وجهه بالسجود لله أو بالتيمم .

وبقي أن نعرف أننا لا نحمل التراب – كما يظن البعضبل إننا نضرب على صعيد الأرض وننفخ في كفنا – هكذا فعل النبي – وهذا التراب ليس فيه جراثيم ضارة بل هو مطهر منها كما في حديث ولوغ الكلب في الإناء .

كيفية التيمم:

على المتيمم أن يقدم النية.

ثم يسمي الله تعالى، ويضرب بيديه الصعيد الطاهر، ويمسح بهما وجهه وكفيه .

ولم يرد في ذلك أصح ولا أصرح من حديث عمار رضي الله عنه قال: أجنبت فلم أصب الماء فتمعكت في الصعيد (تمرغت) وصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما كان يكفيك هكذا) وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض (وتنفخ فيهما) ثم مسح بهما وجهه وكفيه) . رواه الشيخان.

ففي هذا الحديث، الاكتفاء بضربة واحدة، والاقتصار في مسح اليدين على الكفين، وأن من السنة لمن تيمم بالتراب، أن ينفض يديه وينفخهما منه، ولا يعفر به وجهه.

ما يباح به التيمم:

التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء فيباح به ما يباح بهما، من الصلاة ومس المصحف وغيرهما، ولا يشترط لصحته دخول الوقت، وللمتيمم أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل، فحكمه كحكم الوضوء، سواء بسواء، فعن أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين. فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير) رواه أحمد والترمذي وصححه.

سننه :

1- التسمية في أوله كالوضوء
2- تقديم اليمنى على اليسرى من اليدين في المسح .

3- النفخ في كفيه إن كان يتيمم من تراب (كما في حديث عمار السابق )

4- الموالاة، كالوضوء لأن كلاً منهما طهارة عن حدث
5- الدعاء في أوله كما في الوضوء
(اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي)والشهادتان بعده وقول (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين).
6- يسن صلاة ركعتين عقبه قياساً على الوضوء

7- السواك .

نواقضه:

1- كل ما ينقض الوضوء، لأنه بدل منه.

2- وجود الماء لمن فقده ، فإذا حضر الماء بطل التيمم.

3-  زوال المانع بالقدرة على استعمال الماء ، لمن عجز عنه (المريض )

لكن إذا صلى بالتيمم، ثم وجد الماء، أو قدر على استعماله بعد الفراغ من الصلاة، لا تجب عليه الإعادة ، وإن كان الوقت باقيا، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجد الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا له ذلك، فقال للذي لم يعد: (أصبت السنة وأجزأتك صلاتك) وقال للذي توضأ وأعاد: (لك الأجر مرتين) رواه أبو داود والنسائي.

مسألة : إذا حضر الماء أثناء الصلاة هل يتم صلاته أم يقطعها ؟

قولان للفقهاء :
الأول : قول أبي حنيفة وأحمد وابن حزم : يقطع الصلاة ويلزمه استعمال الماء ثم يستأنف الصلاة من أولها وحجتهم :
1-
حديث (الصعيد الطيب وضوء المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك ) رواه الترمذي وحسنه الألباني وهذا واجد للماء ويقدر على استعماله فبطل تيممه كالخارج من الصلاة .
2-
ولأن التيمم طهارة ضرورة فبطلت بزوال الضرورة .

الثاني :قول مالك والشافعي : يمضي في صلاته ولا يقطعها وحجتهم :
1-
قوله تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم )محمد 33 . فلا يجوز أن يخرج من الصلاة لذلك .
2-
أن للطهارة وقتا وللصلاة وقتا وهو حينئذ متلبس بالصلاة فخرج من فرض الطهارة بالتكبير للصلاة فلا يخرج من الصلاة لطهارة مضى وقتها وإنما يمضي في صلاته وهذا هو الراجح
.
مسألة : من ضاق عليه الوقت بحيث لو طلب الماء للوضوء أو سخن الماء البارد للغسل فات وقت الصلاة ..فهل له أن يتيمم ؟

قولان للفقهاء :

الأول :الشافعية والحنابلة وأبو يوسف :لا يجوز له التيمم وإن فات الوقت لحديث (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)

الثاني :قول مالك وأبي حنيفة وابن حزم واختيار ابن تيمية : يشرع له التيمم والصلاة قبل خروج الوقت قال ابن تيمية :وأصح أقوال العلماء أنه يتيمم لكل ما يخاف فوته كالجنازة وصلاة العيد وغيرهما مما يخاف فوته فإن الصلاة بالتيمم خير من تفويت الصلاة .
وهذا هو الراجح وخاصة أن التيمم إنما شرع لإدراك وقت الصلاة .

مسألة : من استيقظ من نومه جنبا وقد ضاق وقت الصلاة فهل يتيمم لإدراك الوقت ؟
قولان للفقهاء :
الأول :قول مالك والأوزاعي والثوري وابن حزم : يتيمم ويصلي في الوقت .

الثاني :مذهب الجمهور الشافعي وأبي حنيفة وأحمد واختيار ابن تيمية :يغتسل ويصلي ولو بعد خروج الوقت ،وهو الراجح

قال ابن تيمية : (وأمر النائم من حين يستيقظ، فإنه حين النوم لم يكن مأمورًا بالصلاة، فلهذا كان النائم إذا استيقظ قرب طلوع الشمس يتوضأ ويغتسل، وإن طلعت الشمس عند جمهور العلماء ـ كالشافعى وأحمد وأبى حنيفة، وإحدى الروايتين عن مالك ـ بخلاف من كان مستيقظًا والوقت واسع، مثل الذى يكون نائمًا في بستان أو قرية والماء بارد يضره، والحمام بعيد منه إن خرج إليه ذهب الوقت، فإنه يتيمم ويصلى في الوقت، ولا يؤخر الصلاة بعد خروج الوقت‏.)
وإذا تيمم الجنب أو الحائض لسبب من الأسباب المبيحة للتيمم وصلى، لا تجب عليه إعادة الصلاة.

ويجب عليه الغسل مرة واحدة متى قدر على استعمال الماء، فمن كان فاقدا للماء أو قام بعمل جبيرة أو عملية جراحية فإنه يتيمم ، فإذا وجد الماء أو زال العذر فعليه أن يغتسل مرة واحدة وإن تعدد تيممه من الحدث الأكبر ، لحديث عمر رضي الله عنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: (ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟) قال: أصابتني جنابة ولم أجد ماء. قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) ثم ذكر عمران: أنهم بعد أن وجدوا الماء أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال: (اذهب فأفرغه عليك) ، رواه البخاري.

المسح على الجبيرة ونحوها:

مشروعية المسح على الجبيرة والعصابة: يشرع المسح على الجبيرة ونحوها مما يربط به العضو المريض.

لأحاديث وردت في ذلك، وهي وإن كانت ضعيفة، إلا أن لها طرقا يشد بعضها بعضا ، وتجعلها صالحة للاستدلال بها على المشروعية.

من هذه الأحاديث حديث جابر: أن رجلا أصابه حجر، فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه، هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات.

فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر بذلك فقال: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتمم ويعصر أو يعصب على جرحه، ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده) ، رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني وصححه ابن السكن.

وصح عن ابن عمر، أنه مسح على العصابة.

حكم المسح:

حكم المسح على الجبيرة الوجوب، في الوضوء والغسل، بدلا من غسل العضو المريض أو مسحه.

متى يجب المسح: من به جراحة أو كسر وأراد الوضوء أو الغسل، فله حالات :

حالات الجرح :

1-أن يكون مكشوفا ولا يضره الغسل ففي هذه الحالة يجب عليه غسله .
2
– أن يكون مكشوفا و يضره الغسل  ، ولا يضره المسح فيجب المسح دون الغسل .
3
– مكشوفا ويضره الأمران – الغسل أو المسح – فهنا يتيمم له .
4
– مستورا بلزقة أو شاش محتاج إليه فهنا يمسح ويغنيه عن غسل العضو .

هل يشترط تقدم الطهارة عليها ؟

اشترط الشافعية والحنابلة أن توضع الجبيرة على طهارة ، وإلا وجبت الإعادة للصلاة ، لأن المسح على الجبيرة أولى من المسح على الخف للضرورة فيها ، ويشترط لبس الخف على طهارة وضوء وغسل .

ولم يشترط الحنفية والمالكية وضع الجبيرة على طهارة ،ومن وضعها على غير طهارة لا يعيد الصلاة وذلك دفعا للحرج .
وهذا هو المعقول لأن الغالب على وضعها عنصر المفاجأة ، واشتراط الطهارة وقتئذ فيه حرج وعسر
.

سُئِلَ ابن تيمية عن رجل أرمد فلحقته جنابة، ولا يقدر أن يتطهر بماء مسخن، ولا بارد، ويقدر على الوضوء، فما يصنع ‏؟‏

فأجاب ‏: الحمد للّه ‏ إذا كان به رمد، فإنه يغسل ما استطاع من بدنه‏.‏ وما يضره الماء ـ كالعين وما يقاربها ـ ففيه قولان للعلماء ‏:‏
أحدهما ‏:‏ يتيمم، وهو مذهب الشافعي وأحمد‏.‏
والثاني‏:‏ ليس عليه تيمم، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، لكن غسل أكثر البدن الذي يمكن غسله واجب باتفاقهم‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

وَسئل ـ رَحمه اللّه ـ عن التيمم إذا كان في يده جراحة، وتوضأ وغسل وجهه، فهل يلزمه أن يتيمم عند غسل اليدين‏؟‏ أم يكمل وضوءه إلى آخره‏؟‏ ثم بعد ذلك يتيمم‏؟‏ وإن كانت الجراحة مشدودة‏:‏ فهل يلزمه أن يحل الجراح‏.‏ ويغسل جميع الصحيح‏؟‏ أم يغسل ما ظهر منها، ويترك الشد على حاله‏؟‏
فأجاب‏:‏ الحمد للّه، هذه المسألة فيها نزاع، هما قولان في مذهب أحمد وغيره‏.‏ والصحيح أن له أن يؤخر التيمم حتى يفرغ من وضوئه، بل هذا الذي ينبغى أن يفعله إذا قيل‏:‏ إنه يجمع بين الوضوء والتيمم، فإن مذهب أبي حنيفة ومالك‏:‏ أنه لا يحتاج إلى تيمم‏.‏ ولكن مذهب الشافعي وأحمد‏:‏ أن يجمع بينهما – وإذا جبرها(يعني وضع جبيرة ) مسح عليها، سواء كان جبرها على وضوء أو غير وضوء‏.‏
وكذلك إذا شد عليها عصابة، ولا يحتاج إلى تيمم في ذلك، هذا أصح أقوال العلماء‏.‏ واللّه أعلم‏.

صلاة فاقد الطهورين

من عدم الماء والصعيد بكل حال يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه، وهذا كمن حبس في مكان نجس ، أو كان في الطائرة وأراد أن يتيمم لمرضه وحضور صلاة لا تجمع مع غيرها كصلاة الصبح  ، أو كان مريضا في مستشفى يعجز عن الحركة ولا يجد من يعينه على الوضوء أو التيمم .

لما رواه مسلم عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير. جزاك الله خيرا، فو الله ما نزل بك أمر قط، إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين منه بركة، فهؤلاء الصحابة صلوا حين عدموا ما جعل لهم طهورا، وشكوا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره عليهم، ولم يأمرهم بالإعادة: قال النووي: وهو أقوى الأقوال دليلا.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 241 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم

جديد الموقع