شرح أسماء الله الحسنى
-81 البديع
أولا / المعنى اللغوي
البديع: من أبدعتُ الشيءَ: اخْتَرعته؛على غير مِثالٍ.
وبدعَ الشيءَ يبدعُه بَدْعاً: أنْشأه وبدأه، وشيءٌ بدعٌ؛ بالكسر، أي: مُبتدعٌ، وهذا بَديعٌ من فعل فُلانٍ، أي: مما يتفرّدُ به، ومعنى المُبدع المُنشئ والمُحدث ما لم يَسبقه إلى إنشاء مثله؛ وإحداثه أحد، ولذلك سُمِّي المبتدع في الدين مُبتدعاً، لإحْداثه فيه ما لم يسبقه إليه غيره، وكل من فعل ما لم يسبق إليه يقال له: أبدعت. ولهذا قيل لمن خالف السنة والجماعة: مبتدع؛ لأنه يأتي في دين الإسلام، ما لم يسبقه إليه الصحابة والتابعون رضي الله عنهم.
ثانيا / المعنى في حق الله تعالى
هو الذي لا مِثْلَ له ولا شبيه، يقال: هذا شيءٌ بديع، إذا كان عديمَ المِثْل، فيكون على هذا من صفات الذات.
أوأنه بمعنى المُبْدع، الذي فَطرَ الخَلْق ابتداءً؛ لا على مِثَالٍ سبق، كما قال سبحانه: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) أي: خالقُها ومُبْدعها، فهو سبحانه الخَالق المُخْترع؛ لا عن مثالٍ سابق؛ فيكون مِنَ صفات الفعل.
ما الفرق بين البديع والخالق؟
الخالق الذي خلق المخلوقات من العدم.
والبارئ هو الذي هيأ الخلق ويسره لما خلق له.
والمصور الذي جعل لكل مخلوقٍ هيئة وصورة مختلفة تميزه عن غيره.
وأما البديع فهو الذي أبدع الخلق على غير مثال ولا اقتداء بسابق.
ثالثا / ورود الاسم في القرآن والسنة
اسم الله “البديع” ورد في القرآن الكريم في آيتين منَ الكتاب العزيز:
في قول الله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [البقرة: 117].
وقوله: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام:101].
وعن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا يعني: ورجل قائم يصلي، فلما ركع، وسجد، وتشهد دعا، فقال في دعائه: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: تدرون بما دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.) رواه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، وذكره الألباني في صحيح سنن أبي داوود.
رابعا / تأملات في رحاب الاسم الجليل
الله سبحانه وتعالى بديع السماوات والأرض، فهو الذي خلق السماوات والأرض على غير صورة سابقة، ومن دون أن يعلِّمه أحد، ابتدع ذوات الأشياء، وابتدع صفات الأشياء وابتدع خصائص الأشياء، وابتدع أحجامها، وأشكالها، وألوانها، وحركتها، وسكونها، وابتدع الإنسان، وما حوله من حيوان، وما حوله من نبات، وأشكال لا تُعدّ ولا تُحصى.
إن التفكر والتأمل في خلق الكون من أهم الواجبات الموكلة إلى المسلم؛ ليرى عظمة الخالق في إبداع السماوات والأرض، فلولا عظمة الخالق في ترتيب وتنسيق جميع موازين الكون ومقاييسها لاختلت الحياة وفسدت، فهذه المجرات والكواكب والشمس والقمر والنجوم، قال تعالى عنها: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12]، كل له وظيفة ودورانه الخاص، فالأرض تدور حول الشمس بنظام معين وبمقدار مناسب، فلو زاد أوقل هذا المقدار لحدثت الكوارث والمصائب، هذا من عظمة الخالق في خلق الكون وإبداعه.
تفكَّر في خلق البحار والمحيطات والأنهار وما فيها من كائنات بحرية حية، منها ما توصَّل الإنسان إلى معرفته، ومنها لم تعرف بعد، كل منها له وظيفته الخاصة من طعام وشراب وطاعة لله -عز وجل-، تجد في هذه المحيطات بعض المواد التي تشفي من الأمراض، وأيضا تجد فيها كائنات تفيد في تنقيتها وحمايتها من التلوث، وتفكَّر في خلق الجبال وقوتها وصمودها وأنها تخر خاشعة من خشية الله، وتفكر في السهول والوديان وتكوينها والصحارى الممتدة وما فيها من عظمة الخالق في الإبداع.
والإبداع: أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق، فالله -عز وجل- قد أبدع هذا الكون بكل ما فيه على غاية الحسن والإحكام من غير مثال سابق، فالله تبارك وتعالى تسمى بهذا الاسم لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها، قال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنعام:101).
قال ابن جرير -رحمه الله-: “فمعنى الكلام فسبحان الله أنى يكون لله ولد، وهو مالك ما في السماوات والأرض، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية، وتقر له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه. وهذا منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته“.
فالله -عز وجل- هو بديع السماوات والأرض، كل ما في الأرض من بشر وشجر وحجر ودواب، وكل ما في السماوات من نجم وكوكب، وشمس وقمر، وأجرام وأفلاك، وملك وجان، كل ذلك قد أوجده الله تعالى فأبدع في خلقه، على أفضل ما يكون من صورة، وأكمل ما يكون من هيئة، قال تعالى: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50]، وقال -سبحانه-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4].
مظاهر وصور الإبداع في خلق الله:
يقول الشيخ راتب النابلسي: ومظاهر وصور الإبداع في خلق الله في الكون كثيرة تفوق العد والحصر، ولو نظرنا إلى مثال واحد هو “الإنسان” فعلى وجه الأرض يعيش أكثر من سبعة مليارات من بني آدم، عدد مهول ضخم!! لكن أبدع الخالق في خلقهم فلكل واحد من هؤلاء البشر بصمة أصابع لا تتشابه مع الآخر، ونغمة صوت لا تتطابق مع الآخر، ورائحة جسد تميزها بعض الحيوانات مثل الكلاب البوليسية لا تتشابه مع الآخر، وقرنية عين لا تتشابه مع الآخر، أليس هذا هو الإبداع الرباني والقدرة الإلهية الشاملة؟
أما الإنسان لو أراد مثلاً أن يرسم وجهاً لغرض ما مباح، فلو كلَّفنا رسَّاما أن يرسم وجهاً يرسم وجه اثنين.. ثلاثة مختلفة عن بعضها، وبعد ذلك ينضب الإبداع من ذهنه وتأتي رسوماته متشابهة، ومهندسو السيارات يصممون أشكال السيارات، مرة خطوط منحنية، مرةً خطوط متعامدة، مرةً خطوط انسيابية، وبعد حين يعودون إلى الشكل السابق فإبداعهم له حد وينتهي عنده!!. وهذا مثال في مخلوق واحد وهو الإنسان، فما بالك بعالم الحيوانات والطيور والحشرات والنبات، ملايين الأنواع في كل عالم منهم، لا تتشابه مع بعضها البعض!!.
قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )[ البقرة:117]
يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيرهذه الآية: بعد أن بين الله تبارك وتعالى.. أن قولهم اتخذ الله ولدا هو افتراء على الله.. أراد الحق أن يلفتنا إلي بعض من قدراته.. فقال جل جلاله: {بديع السماوات والأرض}.. أي خلق السماوات والأرض وكل ما فيها من خلق على غير مثال سابق.. أي لم يكن هناك سماء أو أرض أو ملائكة أو جن أو إنسان.. ثم جاء الله سبحانه وتعالى وأوجد متشابها لهم في شكل أو حجم أو قدرة.. أي أنه سبحانه لم يلجأ إلي ما نسميه نحن بالقالب. إن الذي يصنع كوب الماء يصنع أولا قالبا يصب فيه خام الزجاج المنصهر.. فتخرج في النهاية أكواب متشابهة.. وكل صناعة لغير الله تتم على أساس صنع القالب أولا ثم بعد ذلك يبدأ الإنتاج.. ولذلك فإن التكلفة الحقيقية هي في إعداد القالب الجيد الذي يعطينا صورة لما نريد.. والذي يخبز رغيفا مثلا قد لا يستخدم قالبا ولكنه يقلد شيئا سبق.. فشكل الرغيف وخامته سبق أن تم وهو يقوم بتقليدهما في كل مرة.. ولكنه لا يستطيع أن يعطي التماثل في الميزان أو الشكل أو الاستدارة.. بل هناك اختلاف في التقليد ولا يجود كمال في الصناعة.
وحين خلق الله جل جلاله الخلق من آدم إلي أن تقوم الساعة.. جعل الخلق متشابهين في كل شيء.. في تكوين الجسم وفي شكله في الرأس والقدمين واليدين والعينين.. وغير ذلك من أعضاء الجسم.. تماثلا دقيقا في الشكل وفي الوظائف.. بحيث يؤدي كل عضو مهمته في الحياة.. ولكن هذا التماثل لم يتم على قالب وإنما تم بكلمة كن.. ورغم التشابه في الخلق فكل منا مختلف عن الآخر اختلافا يجعلك قادرا على تمييزه بالعلم والعين.. فبالعلم كل منا له بصمة إصبع وبصمة صوت يمكن أن يميزها خبراء التسجيل.. وبصمة رائحة قد لا نميزها نحن ولكن تميزها الكلاب المدربة.. فتشم الشيء ثم تسرع فتدلنا على صاحبه ولو كان بين ألف من البشر.. وبصمة شفرة تجعل الجسد يعرف بعضه بعضا.. فإن جئت بخلية من جسد آخر لفظها. وإن جئت بخلية من الجسد نفسه اتحد معها وعالج جراحها.
وإذا كان هذا بعض ما وصل إليه العلم.. فإن هناك الكثير مما قد نصل إليه ليؤكد لنا أنه رغم تشابه بلايين الأشخاص.. فإن لكل واحد ما يميزه وحده ولا يتكرر مع خلق الله كلهم.. وهذا هو الإعجاز في الخلق ودليل على طلاقة قدرة الله في كونه. والله سبحانه وتعالى يعطينا المعنى العام في القرآن الكريم بأن هذا من آياته وأنه لم يحدث مصادفة ولم يأت بطريق غير مخطط بل هو معد بقدرة الله سبحانه.. فيقول جل جلاله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22)} سورة الروم.
هذا الاختلاف يمثل لنا طلاقة قدرة الله سبحانه في الخلق على غير مثال.. فكل مخلوق يختلف عمن قبله وعمن بعده وعمن حوله.. مع أنهم في الشكل العام متماثلون.. ولو أنك جمعت الناس كلهم منذ عهد آدم إلي يوم القيامة تجدهم في صورة واحدة.. وكل واحد منهم مختلف عن الآخر.. فلا يوجد بشران من خلق الله كل منهما طبق الأصل من الآخر.. هذه دقة الصنع وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: {بديع}.. والدقة تعطي الحكمة.. والإبراز في صور متعددة يعطي القدرة.. ولذلك بعد أن نموت وتتبعثر عناصرنا في التراب يجمعنا الله يوم القيامة.. والإعجاز في هذا الجمع هو أن كل إنسان سيبعث من عناصره نفسها وصورته نفسها وهيئته نفسها التي كان عليها في الدنيا. ولذلك قال الحق سبحانه: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)} سورة ق.
إذن الله سبحانه وتعالى بطلاقة قدرته في الإيجاد قد خلقنا.. وبطلاقة قدرته في إعادة الخلق يحيينا بعد الموت.. بشكلنا ولحمنا وصفاتنا وكل ذرة فينا.. هل هناك دقة بعد ذلك؟.
لو أننا أتينا بأدق الصناع وأمهرهم وقلنا له: اصنع لنا شيئا تجيده. فلما صنعه قلنا له: اصنع مثله. إنه لا يمكن أن يصنع نموذجا مثله بالمواصفات نفسها؛ لأنه يفتقد المقاييس الدقيقة التي تمده بالمواصفات نفسها التي صنعها. إنه يستطيع أن يعطينا نموذجا متشابها ولكن ليس مثل ما صنع تماما. لكن الله سبحانه وتعالى يتوفى خلقه وساعة القيامة أو ساعة بعثهم يعيدهم بمكوناتهم نفسها التي كانوا عليها دون زيادة أو نقص. وذلك لأنه الله جل جلاله لا يخلق وفق قوالب معينة، وإنما يقول للشيء: كن فيكون.
ويقول في تفسير قوله تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام:101].
وما دام سبحانه بديع السموات والأرض، وهو بقدرته الذاتية الفائقة خلق السموات والأرض الأكبر من خلق الناس، إذن فإن أراد ولدًا لطرأ عليه هذا الابن بالميلاد، ولا يمكن أن يسمى ولدًا إلا إذا وُلد، وسبحانه منزه عن ذلك، ثم لماذا يريد ولدًا، وصفات الكمال لن تزيد بالولد، ولم يكن الكون ناقصًا قبل ادّعاء البعض ان للحق سبحانه ولدًا، إن الكون مخلوق بذات الحق سبحانه وتعالى، والناس تحتاج إلى الولد لامتداد الذكرى، وسبحانه لا يموت؛ مصداقًا لقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88].
والبشر يحتاجون إلى الإنجاب ليعاونهم أولادهم، وسبحانه هو القوي الذي خلق وهو حي لا يموت؛ لذلك فلا معنى لأن يُدّعى عليه ذلك وما كان يصحّ أن تناقش هذه المسألة عقلا، ولكن الله- لطفا بخلقه- وضّح وبين مثل هذه القضايا.
يقول جل وعلا: {وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ}. وماذا يريد الحق من الصاحبة؟ إنه لا يريد شيئًا، فلماذا هذه اللجاجة في أمر الألوهية؟.
فلا الولد ولا الصاحبة يزيدان له قدرة تخلق، ولا حكمة ترتب، ولا علما يدبر، ولا أي شيء، ومجرد هذا اللون من التصور عبث، فإذا كان الشركاء ممتنعين، والقصد من الشركاء أن يعاونوه في الملك؛ إله يأخذ ملك السماء، وإله آخر يأخذ ملك الأرض. وإله للظلمة، وإله للنور. مثلما قال الاغريق القدامى حين نصّبوا إلهًا للشر. وإلهًا للخير، وغير ذلك. والحق واحد أحد ليس له شركاء يعاونونه فما المقصود بالولد والصاحبة؟ أعوذ بالله! ألا يمتنع ويرتدع هؤلاء من مثل هذا القول: {وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فسبحانه هو الخالق للكون والعليم بكل ما فيه ولا يحتاج إلى معاونة من أحد. اهـ.
خامسا / ثمرات الإيمان بهذا الاسم الجليل
1- الإيمان بأنَّ الله عزّ وجل هو: (البَديع) الذي أوْجدَ الأشياء بصُورةٍ مُخترعة، على غير مثالٍ سَبق، فهو سُبحانه المُبْدع للسموات والأرض؛ والمُخْترع لهما، والـمُوجِد لجميعِ ما فيهما.
2- وإذا كان كذلك، فكلُّ مَنْ في السماوات والأرض مِنْ إيجاده وخَلْقه وإبْداعه، وكلهم لله عبد خاضعٌ له، قال سبحانه: (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) (مريم: 93 – 95). وإذا ثبتَ أنَّ كلَّ ما في السماوات والأرض؛ مِنْ إيجاده وإبْداعه، ثبتَ أنه داخلٌ في عبادِه ومُلكه، فيستحيل أنْ يكونَ ولداً له.
3- الدُّعاء بهذا الاسم، فعن أنس رضي الله عنه أنه قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ ورجل يُصلي؛ فقال: اللهمَّ أسْألك بأنّ لك الحَمدُ؛ لا إله إلا أنتَ؛ الحنَّانُ المنَّانُ؛ بديعُ السماوات والأرض، يا ذا الجَلال والإكْرام، يا حيّ يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:” دعَا الله باسْمهِ الأعْظم؛ الذي إذا دُعي به أجابَ، وإذا سُئل به أعْطَى”.
4-التفكر في الكون وما فيه من نعم ومخلوقات، وفي مظاهر الإبداع فيه، وما تورثه في قلب العبد من إيمان وتسليم بوحدانية الله -عز وجل- وقدرته، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191]
5- حظ المؤمن من اسم الله البديع الإبداع في الدنيا، وترك الابتداع في الدين؛ فيبدع في التفاعل مع الكون ويبدع في الزراعة والصناعة،وسائر المجالات، ويعمر الأرض بإبداعه بما فيه خير البشرية.