شرح أسماء الله الحسنى 91- الجميل 

تاريخ الإضافة 24 ديسمبر, 2023 الزيارات : 469

شرح أسماء الله الحسنى

91- الجميل 

 أولا /المعنى اللغوي:

الجمال: الحُسُنُ ويكون في الفعل والخَلْق، والجمال: مصدر الجميل، والفعل: جَمُلَ. وقوله عز وجل: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: 6] أي: بهاءٌ وحسن.

ثانيا / وروده في السنة

ورد اسم الجميل في السنة النبوية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ، قالَ رَجُلٌ (في بعض الروايات يُقال إنه أبو بكر الصديق): إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم.

 ثالثا / المعنى في حق الله تعالى

الجميل جل جلاله أي حسن الأفعال، كامل الأوصاف، الذي أحسن كل شيء خلقه.

وقال ابن القيم في قصيدته النونية(214/2) :

وهو الجميلُ على الحقيقةِ كيف لا                وجـــــــــــمال سائر هذه الأكوان

من بعض آثـــار الجميل فربهــــــا                أَولى وأجـــــدر عند ذي العرفان

فجماله بالذات والأوصاف وال                  أفعـــال والأسمــــاء بالبرهـــــــان

لا شيء يشبه ذاتـــــه وصفاتـــــه              سبحانـــه عن إفـــك ذي البهتـان.

 

رابعا / تأملات في رحاب الاسم الجليل

اسم الله الجميل؛ من الجمال، وهو الحسن الكثير، والثابت له سبحانه من هذا الوصف هو الجمال المطلق، الذي هو الجمال على الحقيقة؛ فإن جمال هذه الموجودات على كثرة ألوانها وتعدد فنونها هو من بعض آثار جماله، فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل؛ فإن واهب الجمال للموجودات لا بد أن يكون بالغا من هذا الوصف أعلى الغايات.

وهو سبحانه الجميل بذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله:

أما جمال الذات؛ فهو ما لا يمكن لمخلوق أن يعبر عن شيء منه أو يبلغ بعض كنهه، وحسبك أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بجماله؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالا إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحا تكاد تطير له القلوب.

وأما جمال الأسماء؛ فإنها كلها حسنى، بل هي أحسن الأسماء وأجملها على الإطلاق؛ فكلها دالة على كمال الحمد والمجد والجمال والجلال، ليس فيها أبدا ما ليس بحسن ولا جميل.

وأما جمال الصفات؛ فإن صفاته كلها صفات كمال ومجد، ونعوت ثناء وحمد، بل هي أوسع الصفات وأعمها، وأكملها آثارا وتعليقات، لا سيما صفات الرحمة والبر والكرم، والجود، والإحسان، والإنعام. وأما جمال الأفعال؛ فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد؛ فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا جور ولا ظلم، بل كلها خير ورحمة ورشد وهدى وعدل وحكمة.

ولأن كمال الأفعال تابع لكمال الذات والصفات؛ فإن الأفعال أثر الصفات، وصفاته كما قلنا أكمل الصفات؛ فلا غرو أن تكون أفعاله أكمل الأفعال.

من آثار جمال الله: الجمال في الكون :

حينما قال النبي عليه الصلاة والسلام “لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر” قال بعض الصحابة يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنا فهل هذا من الكِبر؟ فقال له : (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطل الحق وغمط الناس) الكبر أن ترد الحق {أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ} أو تحتقر الناس، إنما الجمال وحب الجمال فالله جميل يحب الجمال.

إن المتجول في رياض القرآن يري بوضوح :‌ أنه يريد أن يغرس في عقل كل مؤمن و قلبه الشعور بالجمال المبثوث في أجزاء الكون من فوقه و من تحته و من حوله : في السماء‌ ، و الأرض ، و النبات ، و الحيوان ، والإنسان .

في جمال السماء يقرأ قوله تعالي : ( أَفَلَمُ يَنظرواُ إِلَى السَمَاءِ فَوُقَهمُ كَيُفَ بَنَيُنَهَا وَ مَا لَهَا مِن فروِجِ) سورة ق (6).

(وَلَقَدُ جَعَلُنَا فِي السَمَاءِ بروجَاَ وَزَيَنَهَا لِلنَاظِرِينَ) سورة (16).

وفي جمال الأرض و نباتها يقرأ : ( وَالُأَرُضَ مَدَدُنَهَا وَأَلُقَيُنَا فِيهَا رَوَسِيَ وَأَنبَتُنَا فِيهَا مِن كلِ زَوُجِ بَهِيِجِ) سورة ق (7).

(وَأَنزَلَ لَكم مِنَ السَمَاءِ مَاءَ فَأَنبَتُنَا بِه حَدَائِقَ ذَاتَ بَهُجَةِ ) سورة النمل(60) .

و في جمال الحيوان يقرأ ما ذكر ناه قبل عن الأنعام : ( وَ لَكمُ فِيهَا جَمَال‏‏ حِينَ ترِيحونَ وَ حِينَ تَسرَحونَ) سورة النحل (6) .

و في جمال الإنسان يقرأ: (وَ صَوَرَكمُ فَأَحُسَنَ صوَرَكمُ ) سورة التغابن(3) ، (الَذِي خَلَقَكَ فَسَوَك فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِ صوَرَةِ مَا شَاءَ رَكَبَكَ (8) ) سورة الانفطار.

إن المؤمن يري يد الله المبدعة في كل ما يشاهده في هذا الكون البديع ،و يبصر جمال الله في جمال ما خلق و صور ، يري فيه ( صنُعَ اللَهِ الَذِي أَتُقَنَ كلَ شَيُءٍ ) سورة النمل(33) ، ( الَذِي أَحُسَنَ كلَ شَيُءٍ‌ خَلَقَه, ) سورة السجدة(7).

و بهذا يحب المؤمن الجمال في كل مظاهر الوجود من حوله ؛ لأنه أثر جمال الله جل و علا .

ومن أجمل ما قرأت هذه القصيدة :

هو الحسنُ عنوان هذا الوجود
فسَرّح عيونك فيه طويلا
وقف وتأمّل مجالي الجمال
تجد كل ما في الوجود جميلا
ألم ترَ للفجر في صحوه
يشقّ الظلام قليلا.. قليلا
وينشر في الكون لون النهار
ويزرع في الصمت صوتا جليلا
يبث الحياة ويحيي الموات
ويقرع للنائمين الطبولا
فتنبعث الطير من عُشها
ترتل لله لحنا عليلا
تنبه في الروض شوق الحياة
وتوقظ وردا أطال المقيلا
فينشر في النسمات شذى
يرفّ إلى النائمين رسولا
هو الحسن يدعو الورى للفضاء
فشقوا الستور وفكّوا الكبولا
لمن خلق الله حسن الشروق
وأرسل فيه نسيما بَليلا

وبث على الورد قطر الندى
يروق العيون ويشفي الغليلا
تأمل دقائق حسن الوجود
بلونٍ على الله كان دليلا
ففي الزهر والورد لون بديع
يشوق العيون ويسبي العقولا
حدائق في صنعها بهجة
وآيات لون تنير السبيلا
هو الله أبدع هذا الوجود
فوشّى الجبال وحلّى السهولا
ومن كل لون أباح الغيوم
وأشرع للناهلين الأصيلا
كتاب جميل هو الكون فأقرأ
صحائف منه.. ورتله قيلا
وخذ من جمال الوجود صراطا
تحاذر عن دربه أن تميلا
فإن الجمال سبيل النجاة
ومن فارق الحسن ضلَّ السبيلا

 أعظم نعيم أهل الجنة:

عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]رواه مسلم في صحيحه.

ولأهل الجنة من ربهم مجلس يوم الجمعة يتنعمون فيه بالنظر إلى وجهه الكريم .
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتاني جبريل وفي يده كهيئة المرآة البيضاء ، فيها نكتة سوداء ، فقلت: ما هذه يا جبريل ؟ قال: هذه الجمعة … وهو سيد الأيام ، ونحن نسميه يوم المزيد ، قلت: يا جبريل، ما المزيد ؟ ، قال: ذلك أن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة يهبط الرب تبارك وتعالى عن عرشه إلى كرسيه ، وحف الكرسي بمنابر من نور فجلس عليها النبيون، وحفت المنابر بكراسي من ذهب فجلس عليها الشهداء، ويهبط أهل الغرف من غرفهم ، فيجلسون على كثبان المسك ، لا يرون لأهل الكراسي والمنابر عليهم فضلا في المجلس ، ويبدو لهم ذو الجلال والإكرام ، فيقول: سلوني، فيقولون: نسألك الرضا يا رب ، فيقول: رضائي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، ثم يقول: سلوني، فيقولون بأجمعهم : نسألك الرضا، فيشهدهم على الرضا، ثم يقول: سلوني ، فيسألونه حتى ينتهي كل عبد منهم ، ثم يفتح عليهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) .رواه الطبراني في “المعجم الأوسط” ورواه ابن أبي الدنيا في “صفة الجنة” من وجه آخر ، وزاد : ( … فليس إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة لا يزدادون نظرا إلى ربهم إلا ازدادوا كرامة ) وحسنه الألباني في “صحيح الترغيب” (3761) .

وقفة مع قوله تعالى:( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) [القيامة: 22، 23].

يقول الأستاذ سيد قطب: إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها ؛ كما يعجز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها؛ ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة ، حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم ! 

هذه الوجوه الناضرة . . نضرها أنها إلى ربها ناظرة . . إلى ربها . . ؟ ! فأي مستوى من الرفعة هذا ؟ أي مستوى من السعادة؟

إن روح الإنسان لتستمتع أحيانا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس ، تراها في الليلة القمراء . أو الليل الساجي . أو الفجر الوليد . أو الظل المديد . أو البحر العباب . أو الصحراء المنسابة . أو الروض البهيج . أو الطلعة البهية . أو القلب النبيل . أو الإيمان الواثق . أو الصبر الجميل . . إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود . . فتغمرها النشوة ، وتفيض بالسعادة ، وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة . وتتوارى عنها أشواك الحياة ، وما فيها من ألم وقبح ، وثقلة طين وعرامة لحم ودم ، وصراع شهوات وأهواء . .فكيف  كيف بها وهي تنظر – لا إلى جمال صنع الله – ولكن إلى جمال ذات الله ؟

ألا إنه مقام يحتاج أولا إلى مد من الله، ويحتاج ثانيا إلى تثبيت من الله ،  ليملك الإنسان نفسه ، فيثبت ، ويستمتع بالسعادة ، التي لا يحيط بها وصف ، ولا يتصور حقيقتها إدراك ! 

( وجوه يومئذ ناضرة . . إلى ربها ناظرة ) . . ومالها لا تتنضر وهي إلى جمال ربها تنظر؟!

إن الإنسان لينظر إلى شيء من صنع الله في الأرض من طلعة بهية ، أو زهرة ندية ، أو جناح رفاف ، أو روح نبيل ، أو فعل جميل فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه ، فيبدو فيها الوضاءة والنضارة  فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال مطلقا من كل ما في الوجود من شواغل عن السعادة بالجمال ؟

فما تبلغ الكينونة الإنسانية ذلك المقام ، إلا وقد خلصت من كل شائبة تصدها عن بلوغ ذلك المرتقى الذي يعز على الخيال ! كل شائبة لا فيما حولها فقط ، ولكن فيها هي ذاتها من دواعي النقص والحاجة إلى شيء ما سوى النظر إلى الله . . 

فأما كيف تنظر ؟ وبأي جارحة تنظر؟ وبأي وسيلة تنظر ؟ . . فذلك حديث لا يخطر على قلب يمسه طائف من الفرح الذي يطلقه النص القرآني ، في القلب المؤمن ، والسعادة التي يفيضها على الروح ، والتشوف والتطلع والانطلاق ! 

حكم قول جمال الطبيعة وغضب الطبيعة؟

الطبيعة في أصل اللغة: الطبع والسجية، ولكنها استعملت فيما يدل على المخلوقات التي يتألف منها الكون، فالطبيعة هي ما خلق الله تعالى بهذا الكون ولا تصرّف لها من ذاتها، فليس لها إرادة خاصة إلا بما أمرها الله به من إغراق أو هدم أو غيره ، كما قال: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) الزخرف/55، وآسفونا: أغضبونا.
وقال سبحانه: (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) العنكبوت/39، 40 .

وكل ما في الكون صنعة الله وخلقته وليست الطبيعة هي التي أوجدته، فيقولون “جمال الطبيعة”، يا لروعة الطبيعة! كلا، فالأصح أن نقول سبحان الله! سبحان الخالق العظيم، سبحان الذي أبدع وصور، تبارك الله أحسن الخالقين.

لكن إذا قصد أن هذا جمال ليس من صنعة الإنسان فهذا وجه مقبول؛ أما نسبة الجمال على أن الطبيعة هي التي أوجدته، فالطبيعة ليست بشخص أو بشيء اعتباري، نقول إنها هي التي تغير وتحول وتجمل وتزين، هذا غير صحيح.

ومن الخطأ القول في بعض الآيات الكونية كالزلازل والبراكين التي يرسلها الله، غضب الطبيعة، لأن هذا لفظ يشبه ما يعتقده الملاحدة من أن الطبيعة هي المتصرفة في الكون، فلا يجوز نسبة شيء للطبيعة كالغضب والهبة،  وذلك كفر لا شك فيه، فوجب الحذر من قولهم ، والبعد عن مشابهتهم .

خامسا / ثمار الإيمان بالاسم الجليل

1- محبة العبد لربه محبة تامة، وتعلّقه به، فالجميل يجذب الأنظار ويأسر القلوب، فكيف بالله تعالى الذي هو مصدر كل جمال في الكون، فالمؤمن إذا أدرك أن كل جمال في الوجود من آثار صنعته، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال، وهو رب العالمين جلَّ جلاله.

2- أن اسم الله الجميل يقتضي من العبد أن يكون على أجمل هيئة وأحسنها من غير إسراف ولا مخيلة، لأن الله تعالى يحب الجمال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: (إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )

3- الله تبارك وتعالى هو مجمل من شاء من خلقه ، واهب الجمال والحسن لمن شاء.

4- أمر الله تعالى بملازمة كل خلق جميل، وأوصى نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده بذلك في آيات عديدة. فقال سبحانه: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً) [المعارج: 5] أي صبرا لا شكوى فيه لأحد غير الله تعالى، ومثلها قوله تعالى: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [الحجر: 85]، وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: ” اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي ” [رواه أحمد].

5-الله سبحانه يحب التجمل في غير إسراف ولا مخيلة، ولا بطر ولا كبر، كما جاء في الحديث السابـق” إن الله جميل يحب الجمال” وقد قاله صلى الله عليه وسلم جوابا لمن قال له:” إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا” وبين أن مجرد فعل ذلك ومحبته لا يدخل في الكبر المذموم.

6-الشوق إلى الجنة وما فيها من نعيم وجمال، فكل نعيم وجمال في الدنيا لا يساوي شيئاً عند نعيم وجمال الآخرة، وكيف لا تشتاق نفسٌ إليها وفيها كل جمال بلغ الغاية في الحسن والجمال؟! وقد زينها الله وهيئها بكل جميلٍ لأهل طاعته، وأعظم جمالٍ فيها رؤية الجميل -سبحانه-, ولذة النظر إليه، (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 22، 23].

، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو الله ويقول: “وأسألك لذَة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك” (أحمد والنسائي).

7- الإسلام دين يهتم بالجمال والنظافة والتطهر،ومن ذلك: نظافة البَدَن، والأيدي، والأسنان، والأظافِر، والشَّعر، ونظافة المَلْبس، ونظافة الطعام والشَّراب، ونظافة الشوارع والبُيُوت والمُدُن، ونظافة المياه كالأنهار، والآبار، والعناية بالبيئة والخضرة والمناظر الطيبة التي فيها ما فيها من عناصر الجمال والتنسيق.

8 – ليس الجمال محصورًا في الجمال الجسدي المادي: لذلك الرجل جماله برجولته ، بفصاحته، جماله في أخلاقه، جماله في كرمه، جماله في تواضعه، جماله في رحمته، وكثير من النساء تتوهم أن كل قيمتها في جمال الجسدي، وهذا خطأ؛ فيجب أن نحرر مفهوم الجمال مما تراكم من أذهان الناس أنه جمال الشكل  فقط، ولذلك لما تكلم إنسان جميل الصورة ، أنيق الثياب ، تكلم كلاماً بذيئاً ، فقال له أحدهم : إما أن تتكلم وَفق ثيابك ، أو البس وَفق كلامك.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 74 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع