(4) دخول مكة ، الطواف ، السعي

تاريخ الإضافة 18 مايو, 2023 الزيارات : 4777

(4) دخول مكة ، الطواف ، السعي

ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام :

يستحب لدخول مكة ما يأتي :

1 – الاغتسال : فعن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان يغتسل لدخول مكة .

2 – أن يبادر إلى البيت بعد أن يدع أمتعته في مكان أمين ، ويدخل من باب السلام  ويقول: ” أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، بسم الله ، اللهم صل على محمد وآله وسلم ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ” .

3 – إذا وقع نظره على البيت ، رفع يديه وقال : ” اللهم زد هذا البيت تشريفا ، وتعظيما ، وتكريما ، ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه ، أو اعتمره ، تشريفا وتكريما وتعظيما ، وبرا “

4-ولا يخلو حال الداخل إلى المسجد الحرام من حالين :
الأول : أن يدخله بقصد الطواف ، سواء كان للحج أو العمرة أو تطوعاً :

فهذا أول ما يبدأ به الطواف ، ولا يشرع له البدء بركعتي تحية المسجد قبل الطواف ، إذ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من أصحابه ، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء ، ولم يخالف في ذلك إلا أفراد ، منهم ابن عقيل من الحنابلة – كما نقله عنه ابن تيمية في “شرح عمدة الفقه” – .
ويستثنى من ذلك ما إذا منع مانعٌ كالزحام الشديد عن البدء بالطواف ، فيصلي ركعتين تحية المسجد ، وينتظر حتى ينجلي الزحام ليشرع في الطواف .

الثاني : أن يدخله بقصد الصلاة أو الجلوس أو حضور حلق العلم أو الذكر أو قراءة القرآن أو غيرها من العبادات :
فيستحب له أن يصلي ركعتي تحية المسجد ؛ لعموم حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) أخرجه البخاري ومسلم
وأما ما يرويه الناس من حديث ( تحية البيت الطواف ) فليس له أصل في كتب السنة ، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أصلا ، فلا يجوز نسبته إليه قال الشيخ الألباني في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (رقم/1012) :
” لا أعلم له أصلا وإن اشتهر على الألسنة ، وأورده صاحب ” الهداية ” من الحنفية بلفظ :
قلت – أي الشيخ الألباني – :

ولا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه ، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا ، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه ، فلا يقبل إلا بعد ثبوته ، وهيهات ، لا سيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم ، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ، ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .

5- ثم يقصد إلى الحجر الأسود ، فيقبله بدون صوت . فإن لم يتمكن استلمه بيده وقبله . فإن عجز عن ذلك ، أشار إليه بيده .

6- ثم يقف بحذائه ويشرع في الطواف .

الطواف

كيفيته :

1- يبدأ الطائف طوافه مضطبعا محاذيا الحجر الأسود مقبلا له أو مستلما أو مشيرا إليه ، كيفما أمكنه ، جاعلا البيت عن يساره ، قائلا : ” بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ” .

2 – فإذا أخذ في الطواف ، استحب له أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى ، فيسرع في المشي . ويقارب الخطا ، مقتربا من الكعبة .

ويمشي مشيا عاديا في الأشواط الأربعة الباقية .

فإذا لم يمكنه الرمل ، أو لم يستطع القرب من البيت لكثرة الطائفين ، ومزاحمة الناس له ، طاف حسبما تيسر له .

ويستحب أن يستلم الركن اليماني ، ويقبل الحجر الأسود أو يستلمه في كل شوط من الأشواط السبعة .

3 – ويستحب له أن يكثر من الذكر والدعاء ، ويتخير منهما ما ينشرح له صدره ، دون أن يتقيد بشئ أو يردد ما يقوله المطوفون .

فليس في ذلك ذكر محدود ، الزمنا الشارع به .

وما يقوله الناس : من أذكار وأدعية في الشوط الأول والثاني ، وهكذا ، فليس له أصل .

ولم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ من ذلك ، فللطائف أن يدعو لنفسه ، ولإخوانه بما شاء ، من خيري الدنيا والآخرة .

واليك بيان ما جاء في ذلك من الأدعية :

1 – إذا استقبل الحجر قال : ” اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك ، بسم الله والله أكبر “

. 2 – فإذا أخذ في الطواف قال : ” سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ” . رواه ابن ماجه .

3 – فإذا انتهى إلى الركن اليماني دعا فقال : ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ” . رواه أبو داود

4 – قال الشافعي : وأحب – كلما حاذى الحجر الأسود – أن يكبر ، وأن يقول في رمله : ” اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وسعيا مشكورا ” 

ويقول في الطواف عند كل شوط : ” رب اغفر وارحم ، واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار “

وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه كان يقول بين الركنين : ” اللهم قنعني بما رزقتني ، وبارك لي فيه ، واخلف علي كل غائبة بخير ” أي اجعل لي عوضا حاضرا عما فاتني. رواه سعيد بن منصور

قراءة القرآن للطائف :

لا بأس للطائف بقراءة القرآن أثناء طوافه ، لأن الطواف إنما شرع من أجل ذكر الله تعالى ، والقرآن ذكر .

فضل الطواف:

روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ينزل الله كل يوم على حجاج بيته الحرام ، عشرين ومائة رحمة : ستين للطائفين وأربعين للمصلين ، وعشرين للناظرين ” ضعفه الألباني

5 – فإذا فرغ من الأشواط السبعة صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، تاليا قول الله تعالى : ” واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ” 

وبهذا ينتهي الطواف .

ثم إن كان الطائف مفردا سمى هذا الطواف طواف القدوم ، وطواف التحية ، وطواف الدخول .

وهو ليس بركن . ولا واجب . وإن كان قارنا ، أو متمتعا ، كان هذا الطواف طواف العمرة ، ويجزئ عن طواف التحية والقدوم . وعليه أن يمضي في استكمال عمرته ؛ فيسعى بين الصفا والمروة .

أنواع الطواف :

( 1 ) طواف القدوم

( 2 ) وطواف الافاضة

( 3 ) وطواف الوداع

وسيأتي الكلام عليها في مواضعها

( 4 ) وطواف التطوع .

وينبغي للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة ويكثر من طواف التطوع ، والصلاة في المسجد الحرام فإن الصلاة فيه خير من مائة الف ، فيما سواه من المساجد .

وليس في طواف التطوع رمل ولا اضطباع .

وللطواف شروط وسنن وآداب نذكرها فيما يلي :

شروط الطواف :

1 – الطهارة من الحدث الاصغر والاكبر والنجاسة.

وللعلماء في الطهارة من الحدث الأصغر قولان :
الأول : قَول جمهورِ العلماء :
يَحْرُمَ على المُحْدِثِ الطَّوافُ بالبيتِ، سواء كان هذا الطَّواف نُسُكاً في حَجٍّ، أو عُمْرَةٍ أو تَطَوُّعاً، والدَّليل على ذلك:
1 ـ أنه ثَبَتَ عنِ النبيِّ (أنَّه حين أراد الطَّواف تَوَضَّأ ثمَّ طاف) والحديث متفق عليه.
2 ـ حديث صفيَّة لمَّا قيل له: إِنَّ صَفِيَّة قد حاضَتْ، وظنَّ أنها لم تَطُفْ للإِفاضة فقال: «أحابستناهي؟». متفق عليه والحائِضُ معلوم أنَّها غيرُ طاهِرٍ.
3 ـ حديث عائشة أنَّ النبيَّ قال لها حين حاضت: «افعلي ما يفعل الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبيت» متفق عليه
4 ـ قوله : «الطَّواف بالبيت صلاة؛ إِلا أنَّ الله أباح فيه الكلام؛ فلا تَكلَّموا فيه إِلا بخير» الترمذى.


الثاني :قول ابن حزم وأبو حنيفة وابن تيمية: إِنَّ الطَّوافَ لا تُشْتَرطُ له الطَّهارة، ولا يَحْرُمُ على المُحْدِثِ أنْ يَطُوفَ، وإِنَّما الطَّهارة فيه أَكْمَل.
واسْتَدَلُّوا: بأنَّ الأَصْلَ بَراءة الذِّمَّة حتى يقوم دليلٌ على تحريمِ هذا الفِعْل إِلاَّ بهذا الشَّرط، ولا دليلَ على ذلك، ولمْ يَقُل النبيُّ يوماً من الدَّهْر: لا يقبل الله طَوَافاً بغيرِ طهور، أو: لا تطوفوا حتى تطَّهَّروا.
وإِذا كان كذلك فلا نُلْزِم الناس بأمرٍ لم يكن لنا فيه دليلٌ بَيِّنٌ على إِلزامهم، ولا سيَّما في الأحوالِ الحرِجَة كما لو انتقضَ الوُضُوءُ في الزَّحْمَةِ الشَّديدةِ في أيَّامِ الموسِمِ، فَيَلْزمه على هذا القَوْلِ إِعَادَةُ الوُضُوء، والطَّوافِ مِنْ جديد.


وأجابوا عن أدلَّة الجمهوربما يلي:

أنَّ فِعْلَ النبيِّ المجرَّد لا يدلُّ على الوُجُوبِ، بل يَدلُّ على أنَّه الأفضل، ولا نِزاع في أنَّ الطَّوافَ على طَهَارة أفضل؛ وإِنَّما النِّزاع في كَوْنِ الطَّهارة شَرْطاً لصِحَّة الطَّواف.

وأمَّا حديث عائشة: «افْعَلي ما يفعل الحاجُّ…» إلى آخره، وقوله في صفيَّة: «أحابِسَتنا هي؟». فالحائض إِنما مُنِعَتْ مِنَ الطَّواف بالبيت، لأنَّ الحيض سَبَبٌ لمنْعِها من المُكْثِ في المسجد، والطَّواف مُكْثٌ.

وأيضاً: فالحيض حَدَثٌ أكبر، فلا يُسْتَدلُّ بهذا على أنَّ المحدِثَ حَدَثاً أصغرَ لا يجوزُ لَهُ الطَّواف بالبيت، وأنتم توافقون على أنَّ المحدِثَ حدثاً أصغر يجوز له المُكْثُ في المسجد، ولا يجوز للحائض أن تَمْكُثَ، فَمَنَاطُ حُكْمِ المنْعِ عندنا هو المُكْثُ في المسجد.
وأمَّا حديث: «الطَّواف بالبيت صلاة» فَيُجَاب عنه:
1 ـ أنَّه موقوفٌ على ابن عباس، ولا يَصِحُّ رفعه للنبي .
2 ـ أنَّه مُنْتَقَضٌ، لأنَّنا إِذا أخذنا بِلَفْظِهِ، فإِنَّه على القواعِد الأصوليَّة يقتضي أنَّ جميعَ أحكام الصَّلاة تَثْبُتُ للطَّواف إِلاَّ الكلام، لأن مِنَ القواعد الأصولية:
أنَّ الاستثناء مِعيار العُمُوم، أي: إِذا جاء شيء عام ثم استثني منه، فكلُّ الأفراد يتضمَّنه العموم، إلا ما اسْتُثْنِيَ، وإِذَا نظرنا إلى الطَّواف وجدناه يُخالِفُ الصَّلاة في غَالِبِ الأحكام غير الكلام، فهو يجوز فيه الأكلُ، والشُّربُ، ولا يجب فيه تكبير ولا تسليم، ولا قراءة، ولا يبطل بالفعل ونحوه، وكلامه يكون مُحْكَماً لا يمكن أن يَنْتَقِضَ، فلمّا انْتَقَضَ بهذه الأمور ووجدنا هذه الاستثناءات علمنا أنَّ هذا لا يصحُّ من قول الرسول .

وهذا أحد الأوجه التي يُسْتَدَلُّ بها على ضَعْفِ الحديث مرفوعاً، وهو أن يكون متخلخلاً، لا يمكن أن يَصْدُرَ من النبيِّ .
وهذا كلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 21/161/ 157باختصار )وأما الطواف فلا يجوز للحائض بالنص، والإجماع‏،وأما الحدث ففيه نزاع بين السلف،
وقد ذكر عبد الله بن الإمام أحمد في المناسك بإسناده عن النخعى، وحماد بن أبي سليمان‏:‏ أنه يجوز الطواف مع الحدث الأصغر، وقد قيل إن هذا قول الحنفية، أو بعضهم‏…….‏ وأما الطواف فلا أعرف الساعة فيه نقلا خاصًا عن الصحابة، لكن إذا جاز سجود التلاوة مع الحدث، فالطواف أولى، كما قاله من قاله من التابعين‏.‏…..

وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء ……..والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلا، فإنه لم ينقل أحد عن النبي لا بإسناد صحيح، ولا ضعيف، أنه أمر بالوضوء للطواف، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة، وقد اعتمر عُمَرَا متعددة، والناس يعتمرون معه، فلو كان الوضوء فرضًا للطواف لبينه النبي بيانًا عامًا، ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه، ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ‏.‏ وهذا وحده لا يدل على الوجوب، فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة، وقد قال‏:‏‏(‏إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر‏)‏ فيتيمم لرد السلام‏.‏

وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما خرج من الخلاء وأكل وهو محدث قيل له‏:‏ ألا تتوضأ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏ما أردت صلاة فأتوضأ‏)‏‏.‏

يدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة، وأن وضوءه لما سوى ذلك مستحب ليس بواجب‏.‏ وقوله :‏ ‏(‏ما أردت صلاة فأتوضأ‏)‏ ليس إنكارًا للوضوء لغير الصلاة، لكن إنكار لإيجاب الوضوء لغير الصلاة؛ فإن بعض الحاضرين قال له‏:‏ ألا تتوضأ‏؟‏ فكأن هذا القائل ظن وجوب الوضوء للأكل، فقال ‏:‏ ‏(‏ما أردت صلاة فأتوضأ‏)‏ فبين له أنه إنما فرض الله الوضوء على من قام إلى الصلاة‏.‏

والحديث الذي يروى‏:‏ ‏(‏الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير‏)‏، قد رواه النسائي، وهو يروى موقوفًا ومرفوعًا، وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفًا ويجعلونه من كلام ابن عباس لا يثبتون رفعه، وبكل حال فلا حجة فيه؛ لأنه ليس المراد به أن الطواف نوع من الصلاة كصلاة العيد، والجنائز؛ ولا أنه مثل الصلاة مطلقًا، فإن الطواف يباح فيه الكلام بالنص والإجماع، ولا تسليم فيه، ولا يبطله الضحك والقهقهة، ولا تجب فيه القراءة باتفاق المسلمين، فليس هو مثل الجنازة، فإن الجنازة فيها تكبير وتسليم، فتفتح بالتكبير، وتختم بالتسليم‏.‏
وهذا حد الصلاة التي أمر فيها بالوضوء، كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم‏)‏، والطواف ليس له تحريم، ولا تحليل، وإن كبر في أوله، فكما يكبر على الصفا والمروة، وعند رمى الجمار، من غير أن يكون ذلك تحريمًا، …..ولا يعرف نزاعًا بين العلماء أن الطواف لا يبطل بالكلام والأكل والشرب والقهقهة، كما لا يبطل غيره من مناسك الحج بذلك‏.‏ وكما لا يبطل الاعتكاف بذلك‏.اهـ‏

ومن كان به نجاسة ، لا يمكن إزالتها ، كمن به سلس بول وكالمستحاضة التي لا يرقا دمها ، فإنه يطوف ولا شئ عليه باتفاق .

روى مالك : ان عبد الله بن عمر جاءته امرأة تستفتيه ، فقالت : إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت ، حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء ،  فرجعت ، حتى ذهب ذلك عني ، ثم أقبلت ، حتي إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء ، فرجعت ، حتى ذهب ذلك عني ، ثم أقبلت ، حتى إذا كنت عند باب المسجد ، هرقت الدماء . فقال عبد الله بن عمر : إنما ذلك ركضة من الشيطان ، فاغتسلي ، ثم استثفري بثوب ، ثم طوفي .

هل يجوز للحائض أن تطوف بالبيت إذا حان وقت الرحلة وما زال الدم ينزف؟

لما حاضت صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها وكانت طافت طواف الإفاضة قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صفية قد حاضت، قال: (أحابستنا هي؟ أمؤخرتنا هي؟)، أي: ستسبب لنا تأثيراً لكل القافلة، ثم استدرك وقال: (ألم تكن طافت طواف الإفاضة؟)، قالوا: بلى، قال: (فلتنفر إذاً).

إذا كانت المرأة الحائض طافت طواف الإفاضة سقط عنها طواف الوداع، وفي هذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( رخص للحائض أن تنفر إذا هي طافت طواف الإفاضة )، أما إذا لم تكن الحائض قد طافت طواف الإفاضة فقد قال الرسول لـعائشة لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج إلا أن تطوفي بالبيت) يعني: لا تطوفي بالبيت مادمت حائضاً.

فالأصل: أن الحائض لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، فالمرأة الحائض لا يجوز لها أن تطوف أثناء مدة الحيض، ولكن هناك ضرورات تجيز للحائض أن تطوف وهي حائض فمثلاً: هناك وقت محدد لإقلاع الطائرة، والرفقة كلها ستنطلق، فماذا تصنع هذه الحائض؟

هذه المسألة أول من طرقها بصورة مفصلة  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وملخص فتواه : جواز أن تطوف المرأة المضطرة  وهي حائض،  فعليها أن  تفعل ما تقدر عليه من مناسك الحج ، ويسقط عنها ما تعجز عنه من الشروط والواجبات ، كما يسقط عنها طواف الوداع بالنص ، وكما يسقط عنها فرض طهارة الجنب إذا عجزت عنها لعدم الماء ، أو مرض بها ، وكما يسقط استقبال القبلة في الصلاة إذا عجز عنه ، وكما يسقط فرض القيام والقراءة والركوع والسجود إذا عجز عنه المصلي ، وكما يسقط فرض الصوم عن العاجز إلى بدله وهو الإطعام . ونظائر ذلك من الواجبات والشروط التي تسقط بالعجز عنها إما إلى بدل أو مطلقا .

وقد علم أن وجوب ذلك جميعه مشروط بالقدرة ، كما قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )وقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).

2 – ستر العورة :

لحديث أبي هريرة قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع ، في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : ” لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ” . رواه الشيخان .

3 – أن يكون سبعة أشواط كاملة . فلو ترك خطوة واحدة ، في أي شوط ، لا يحسب طوافه . فإن شك بنى على الاقل ، حتى يتيقن السبع . وإن شك بعد الفراغ من الطواف فلا يلزمه شئ .

4 – أن يبدأ الطواف من الحجر الاسود ، وينتهي إليه .

5 – أن يكون البيت عن يسار الطائف (وهذا شبه مستحيل لنظرا للأعداد الكبيرة من الطائفين) فلو طاف ، وكان البيت عن يمينه ، لا يصح الطواف . لقول جابر رضي الله عنه : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتى الحجر الاسود فاستلمه ، تم مشى عن يمينه فرمل

6 – أن يكون الطواف خارج البيت . فلو طاف في الحجر لا يصح طوافه ، والحجر : هو حجر إسماعيل ، ويقع شمال الكعبة ، يحوطه سور على شكل نصف دائرة وليس الحجر كله من البيت ، بل الجزء الذي هو من البيت قدره ستة أذرع : نحو ثلاثة أمتار .

والله أمر بالطواف بالبيت ، لا في البيت ، فقال : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) . ويستحب القرب من البيت ، إن تيسر .

7 – موالاة الطواف : عند مالك وأحمد . ولا يضر التفريق اليسير ، لغير عذر ، ولا التفريق الكثير ، لعذر . وذهبت الحنفية ، والشافعية : إلى أن الموالاة سنة . فلو فرق بين أجزاء الطواف تفريقا كثيرا ، بغير عذر ، لا يبطل . ويبني على ما مضى من طوافه .

روى سعيد بن منصور ، عن حميد بن زيد قال : رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، طاف بالبيت ثلاثة أطواف أو أربعة ، ثم جلس يستريح ، وغلام له يروح عليه ، فقام فبنى على ما مضى من طوافه .

وعند الشافعية والحنفية : لو أحدث في الطواف ، توضأ وبنى ولا يجب الاستئناف ، وإن طال الفصل .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يطوف بالبيت ، فأقيمت الصلاة فصلى مع القوم ، ثم قام ، فبنى على ما مضى من طوافه .

كذلك إذا أُقيمت الصلاة، أو حضرت جنازة، فإنه يُصلِّي ثم يبني فيكمل الباقي من الأشواط ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)

سنن الطواف

1 – استقبال الحجر الاسود ، عند بدء الطواف مع التكبير والتهليل ، ورفع اليدين : كرفعهما في الصلاة ، واستلامه بهما بوضعهما عليه ، وتقبيله بدون صوت ، ووضع الخد عليه ، إن أمكن ذلك ، وإلا مسه بيده وقبلها أو مسه بشئ معه وقبله ، أو أشار إليه بعصا ونحوها . وقد جاء في ذلك أحاديث ، واليك بعضها : قال ابن عمر رضي الله عنهما : استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر واستلمه ، ثم وضع شفيته يبكي طويلا ، فإذا عمر يبكي طويلا .فقال : ” يا عمر ، هنا تسكب العبرات ( الدموع ) ” . رواه الحاكم

وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي البيت ، فيستلم الحجر ويقول : ” بسم الله والله أكبر ” . رواه أحمد .

وروى البخاري ، ومسلم ، عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر فقبله . فقال : إني أعلم أنك حجر لا تضر ، ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .

المزاحمة على الحجر :

ولا بأس في المزاحمة على الحجر على أن لا يؤذي أحدا .

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : ” يا أبا حفص إنك رجل قوي ، فلا تزاحم على الركن ، فإنك تؤذي الضعيف ، ولكن إن وجدت خلوة فاستلم ، وإلا فكبر وامض ” . رواه الشافعي في سننه .

( 2 ) الاضطباع : فعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فاضطبعوا أرديتهم تحت آباطهم ، وقذفوها على عواتقهم اليسرى . رواه أحمد

” الاضطباع ” هو جعل وسط الرداء تحت الابط الايمن ، وطرفيه على الكتف الايسر .

وهذا مذهب الجمهور . وقالوا في حكمته : إنه يعين على الرمل في الطواف .

2 – الرمل :وهو الاسراع في المشي مع هز الكتفين وتقارب الخطا

فعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الاسود إلى الحجر الاسود ثلاثا ، ومشى أربعا . رواه مسلم .

ولو تركه في الثلاث الاول لم يقضه في الاربعة الاخيرة . والاضطباع والرمل خاص بالرجال في طواف العمرة ، وفي كل طواف يعقبه سعي في الحج . وعند الشافعية : إذا اضطبع ورمل في طواف القدوم ثم سعى بعده ، لم يعد الاضطباع والرمل في طواف الافاضة . وإن لم يسع بعده ، وأخر السعي إلى ما بعد طواف الزيارة اضطبع ورمل في طواف الزيارة . أما النساء ، فلا اضطباع عليهن – لوجوب ستزهن – ولا رمل ، لقول ابن عمر رضي الله عنهما : ليس على النساء سعي  بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة . رواه البيهقي .

حكمة الرمل :

والحكمة فيه ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد وهنتهم ( أضعفتهم) حمى يثرب فقال المشركون : إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى ، ولقوا منها شرا ، فأطلع الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوه ، فأمرهم أن يرملوا الاشواط الثلاثة ، وأن يمشوا بين الركنين ، فلما رأوهم رملوا ، قالوا : هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم ؟ هؤلاء أجلد منا ( أقوى ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ولم يأمرهم أن يرملوا الاشواط كلها إلا إبقاء عليهم . رواه البخاري ، ومسلم

ولقد بدا لعمر رضي الله عنه أن يدع الرمل بعد ما انتهت الحكمة منه ، ومكن الله للمسلمين في الارض ، إلا أنه رأى إبقاءه على ما كان عليه في العهد النبوي . لتبقى هذه الصورة ماثلة للاجيال بعده . قال محب الدين الطبري : وقد يحدث شئ من أمر الدين لسبب ثم يزول السبب ولا يزول حكمه . فعن زيد بن أسلم . عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : فيم الرملان اليوم ، والكشف عن المناكب ؟ وقد أطأ ( ثبت) الله الاسلام ، ونفى الكفر وأهله ، ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3 – استلام ( أي المسح باليد ) الركن اليماني : لقول ابن عمر رضي الله عنهما : لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمس من الاركان إلا اليمانيين . وقال : ما تركت استلام هذين الركنين – اليماني ، والحجر الاسود – منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ، في شدة ، ولا في رخاء . رواهما البخاري ، ومسلم .

وإنما يستلم الطائف هذين الركنين ، لما فيهما من فضيلة ، ليست لغيرهما . ففي الركن الاسود ميزتان :

إحداهما : أنه على قواعد إبراهيم عليه السلام .

وثانيتهما : أن فيه الحجر الاسود الذي جعل مبدءا للطواف ومنتهى له .

وأما الركن اليماني المقابل له ، فقد وضع أيضا على قواعد إبراهيم عليه السلام . روى أبو داود عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه أخبر بقول عائشة رضي الله عنها : ” إن الحجر بعضه من البيت ” . فقال ابن عمر : والله إني لاظن عائشة إن كانت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني لاظن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك استلامهما ، إلا أنهما ليسا على قواعد البيت ، ولا طاف الناس وراء الحجر إلا لذلك .

والامة متفقة على استحباب استلام الركنين اليمانيين ، وعلى أنه لا يستلم الطائف الركنين الاخرين 

وروى ابن حبان في صحيحه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطا ” . صححه الألباني

صلاة ركعتين بعد الطواف :

يسن للطائف صلاة ركعتين بعد كل طواف سواء كان الطواف فرضا أو نفلا
، عند مقام إبراهيم ، أو في مكان من المسجد . فعن جابر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة ، طاف بالبيت سبعا ، وأتى المقام فقرأ : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) . فصلى خلف المقام ثم أتى الحجر فاستلمه . رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .

والسنة فيهما قراءة سورة ” الكافرون ” بعد ” الفاتحة ” في الركعة الاولى ، وسورة ” الاخلاص ” في الركعة الثانية . فقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما رواه مسلم ، وغيره .

وتؤديان في جميع الاوقات ، حتى أوقات النهي .

فعن جبير بن مطعم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت ، وصلى أية ساعة شاء ، من ليل ، أو نهار ” . رواه أحمد

ولو صلى المكتوبة بعد الطواف أجزأته عن الركعتين ، وهو الصحيح عند الشافعية والمشهور من مذهب أحمد .

المرور أمام المصلي في الحرم المكي

يجوز أن يصلي المصلي في المسجد الحرام ، والناس يمرون أمامه ، رجالا ونساء ، بدون كراهة ، وهذا من خصائص المسجد الحرام .

فعن كثير بن كثير بن المطلب بن وداعة ، عن بعض أهله ، عن جده

أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي بني سهم ، والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة . قال سفيان بن عيينة : ” ليس بينه وبين الكعبة سترة ” . رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

طواف الرجال مع النساء 

روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ، قال : كيف تمنعهن ، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قال : قلت : أبعد الحجاب أم قبله ؟  قال : أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب . قلت : كيف يخالطن الرجال ؟ قال : لم يكن يخالطن الرجال ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة (  أي ناحية منفردة ) من الرجال لا تخالطهم .

فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين .

قالت : انطلقي . . . عنك ، وأبت .

فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ، ولكنهن كن إذا دخلن البيت ، قمن ، حتى يدخلن وأخرج الرجال .

وللمرأة أن تستلم الحجر عند الخلوة ، والبعد عن الرجال .

فعن عائشة رضي الله عنها : أنها قالت لامرأة : لا تزاحمي على الحجر ، إن رأيت خلوة فاستلمي ، وإن رأيت زحاما فكبري وهللي إذا حاذيت به ، ولا تؤذي أحدا .

ركوب الطائف :

يجوز للطائف الركوب ، وإن كان قادرا على المشي ، إذا وجد سبب يدعو إلى الركوب . فعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن  . رواه البخاري ، ومسلم .

” المحجن ” : عود معقود الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته .

وعن جابر رضي الله عنه قال : طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ليراه الناس ، وليشرف ، وليسألوه ، فإن الناس غشوه ( ازدحموا عليه) .

استحباب الشرب من ماء زمزم :    

وإذا فرغ الطائف من طوافه ، وصلى ركعتيه عند المقام ، استحب له أن يشرب من ماء زمزم . ثبت في الصحيحين : أن رسول صلى الله عليه وسلم ، شرب من ماء زمزم ، وأنه قال : ” إنها مباركة . إنها طعام طعم وشفاء سقم  ” .

ومعنى ” طعام طعم ” : أي أنه يشبع من شربه

وأن جبريل عليه السلام غسل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائها ليلة الاسراء .

وروى الطبراني في الكبير ، وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” خير ماء على وجه الارض ماء زمزم ، فيه طعام الطعم ، وشفاء السقم ” . الحديث .

آداب الشرب منه :

يسن أن ينوي الشارب عند شربه الشفاء ونحوه ، مما هو خير في الدين والدنيا . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ماء زمزم لما شرب له ” .

وعن سويد بن سعيد قال : رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتى ماء زمزم واستسقى منه شربة ، ثم استقبل الكعبة ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ماء زمزم لما شرب له ، وهذا أشربه لعطش يوم القيامة ، ثم شرب ” . رواه أحمد

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته تستشفي شفاك الله ، وإن شربته لشبعك ،   أشبعك الله ، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله ، وهي هزمة ( حفرة ) جبرائيل وسقيا  الله إسماعيل ” . رواه الدار قطني

أي أخرجه الله لسقي إسماعيل في اول الامر

ويستحب أن يكون الشرب على ثلاثة أنفاس ، وأن يستقبل به القبلة ، ويتضلع منه تضلع ” : أي امتلا شبعا وريا حتى بلغ الماء أضلاعه ، ويحمد الله ، ويدعو بما دعا به ابن عباس . فعن أبي مليكة قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : من أين جئت ؟ . . قال : شربت من ماء زمزم . قال ابن عباس : أشربت منها كما ينبغي ؟ قال : وكيف ذاك يا ابن عباس ؟ قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة ، واذكر الله ، وتنفس ثلاثا ، وتضلع منها ، فإذا فرغت فاحمد الله . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم ” . رواه ابن ماجه

وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شربت من ماء زمزم قال : اللهم إني أسألك علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء .

استحباب الدعاء عند الملتزم :

وبعد الشرب من ماء زمزم ، يستحب الدعاء عند الملتزم . فقد روى البيهقي عن ابن عباس ، أنه كان يلزم ما بين الركن والباب ، وكان يقول : ما بين الركن والباب يدعى الملتزم ، لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله إياه .

وروي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم .

استحباب دخول الكعبة وحجر إسماعيل 

روى البخاري ، ومسلم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة (كان ذلك عام الفتح) ، هو وأسامة بن زيد ، وعثمان ابن طلحة ، فأغلقوا عليهم ، فلما فتحوا ، أخبرني بلال : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة ، بين العمودين اليمانيين . وقد استدل العلماء بهذا على أن دخول الكعبة ، والصلاة فيها سنة . وقالوا : وهو وإن كان سنة ، إلا أنه ليس من مناسك الحج ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : أيها الناس إن دخولكم البيت ليس من حجكم في شئ . رواه الحاكم بسند صحيح .

ومن لم يتمكن من دخول الكعبة ، يستحب له الدخول في حجر إسماعيل والصلاة فيه فإن جزءا منه من الكعبة .

روى أحمد بسند جيد ، عن سعيد بن جبير ، عن عائشة قالت : يا رسول الله ، كل أهلك قد دخل البيت غيري ! فقال : ” أرسلي إلى شيبة  فيفتح لك الباب ” ، فأرسلت إليه . فقال شيبة : ما استطعنا فتحه في جاهلية ، ولا إسلام ، بليل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” صلي في الحجر فإن قومك استقصروا عن بناء البيت ، حين بنوه ” .

” استقصروا ” : أي تركوا منه جزءا وهو الحجر .

السعي بين الصفا والمروة

حكمه :

الجمهور على أن السعي ركن من أركان الحج . بحيث لو ترك الحاج السعي بين الصفا والمروة ، بطل حجه ولا يجبر بدم ، ولا غيره .

واستدلوا بهذه الادلة :

1 – روى البخاري عن الزهري قال عروة : سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها : أرأيت قول الله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة . قالت : بئسما قلت يا ابن أخي : إن هذه لو كانت كما أولتها عليه ، كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما . ولكنها أنزلت في الانصار : كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل ،  فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة . فلما أسلموا ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك . قالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بى الصفا والمروة ، فأنزل الله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) الآية . قالت عائشة رضي الله عنها : وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لاحد أن يترك الطواف بينهما .

2 – وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون – يعني بين الصفا والمروة – فكانت سنة ، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة .

ملحوظة : كل باب من أبواب الحرم له مأذنة إلا باب الصفا له مأذنتين .

شروطه : يشترط لصحة السعي أمور :

1 – أن يكون بعد طواف .

2 – وأن يكون سبعة أشواط .

3 – وأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ( يقدر طوله 420 مترا ) .

4 – وأن يكون السعي في المسعى ، وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة .

لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، مع قوله : ” خذوا عني مناسككم ” . فلو سعى قبل الطواف ، أو بدأ بالمروة وختم بالصفا ، أو سعى في غير المسعى ، بطل سعيه .

ولا يشترط لصحة السعي أن يرقى على الصفا والمروة .

ولا تشترط الموالاة في السعي  .

فلو عرض له عارض يمنعه من مواصلة الاشواط ، أو أقيمت الصلاة ، فله أن يقطع السعي لذلك ، فإذا فرغ مما عرض له ، بني عليه وأكمله .

فعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يطوف بين الصفا والمروة ، فأعجله البول ، فتنحى ودعا بماء فتوضأ ، ثم قام ، فأتم على ما مضى . رواه سعيد بن منصور .

كما لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي .

قال في المغني : قال أحمد : لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح ، أو إلى العشي

الطهارة للسعي :

ذهب أكثر أهل العلم : إلى أنه لا تشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة – حين حاضت – : ” فاقضي ما يقضي الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي ” . رواه مسلم .

وإن كان المستحب أن يكون المرء على طهارة في جميع مناسكه فإن الطهارة أمر مرغوب شرعا .

المشي والركوب فيه :

يجوز السعي راكبا وماشيا ، والمشي أفضل . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما يفيد أنه صلى الله عليه وسلم مشى ، فلما كثر عليه الناس وغشوه ركب ليروه ويسألوه .

قال أبو الطفيل لابن عباس رضي الله عنهما : أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا ، أسنة هو ؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة . قال : صدقوا وكذبوا . قال : قلت : وما قولك : صدقوا وكذبوا ؟ . . . قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون هذا محمد ، هذا محمد ، حتى خرج العواتق من البيوت قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه ، فلما كثر عليه الناس ركب . رواه مسلم

” العواتق ” : جمع عائق وهي البكر البالغة ، سميت بذلك لأنها عتقت من الابتذال والتصرف الذي تفعله الطفلة .

والمشي والسعي أفضل .

والركوب ، وإن كان جائزا ، إلا أنه مكروه إلا من عذر

وعللوا ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بكثرة الناس وازدحامهم عليه ، وغشيانهم له . وهذا عذر يقتضي الركوب .

استحباب السعي بين الميلين :

يندب المشي بين الصفا والمروة ، فيما عدا ما بين الميلين ، فإنه يندب الرمل بينهما والمشي فيما سواه . فإن مشى دون أن يسعى جاز . فعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يمشي بين الصفا والمروة . ثم قال : إن مشيت ، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي . وإن سعيت ، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى ، فأنا شيخ كبير . رواه أبو داود

وهذا الندب في حق الرجل . أما المرأة فإنه لا يندب لها السعي ، بل تمشي مشيا عاديا . روى الشافعي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت – وقد رأت نساء يسعين – : أما لكن فينا أسوة ؟ . . . ليس عليكن سعي (أي ما عليكن إلا المشي)

ويستحب الرقي على الصفا والمروة ، والدعاء عليهما بما شاء من أمر الدين والدنيا ، مع استقبال البيت .

فالمعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم : أنه خرج من باب الصفا . فلما دنا من الصفا قرأ : ” ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) . أبدأ بما بدأ الله به ” فبدأ بالصفا فرقي عليه ، حتى رأى البيت . فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ثلاثا ، وحمده و قال : ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ” ثم دعا بين ذلك ، وقال مثل هذا ، ثلاث مرات .

ثم نزل ماشيا إلى المروة ، حتى أتاها ، فرقي عليها ، حتى نظر إلى البيت ، ففعل على المروة ، كما فعل على الصفا .

وعن نافع قال : سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – وهو على الصفا يدعو – يقول : اللهم إنك قلت : ( ادعوني أستحب لكم ) وإنك لا تخلف الميعاد ، وإني أسألك – كما هديتني للإسلام – أن لا تنزعه مني حتى تتوفني وأنا مسلم 

الدعاء بين الصفا والمروة :

يستحب الدعاء بين الصفا والمروة ، وذكر الله تعالى ، وقراءة القرآن . وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في سعيه ” رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم ” . وروي عنه : رب اغفر وارحم ، إنك أنت الأعز الأكرم ” .

وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة ، ويحل المحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير إن كان متمتعا ، ويبقى على إحرامه إن كان قارنا ؛ ولا يحل إلا يوم النحر ، ويكفيه هذا السعي عن السعي بعد طواف الفرض ، إن كان قارنا . ويسعى مرة أخرى ، بعد طواف الإفاضة إن كان متمتعا . ويبقى بمكة حتى يوم التروية .

ماذا يفعل لو شك في عدد الأشواط ؟

هذا أمر من السهل معرفته لأن الأشواط في الصفا فردية 1،3،5،7 وفي المروة زوجية 2،4،6 فلو مثلا شك وهو في الصفا هل هو في الشوط الثالث أم الرابع نقول له أنت في الثالث ، ولو شك وهو في المروة هل هو في الشوط السادس أم السابع نقول له بل في السادس … وهكذا


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 241 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم

جديد الموقع