قواعد وضوابط للفقه في الدين

تاريخ الإضافة 7 أكتوبر, 2023 الزيارات : 2549
قواعد وضوابط للفقه في الدين
 
1-جمع النصوص الواردة في المسألة والعمل بما تقتضيه الأدلة مجتمعة :
مثال: ما رواه مسلم عن أنس ” أن النبي نهى أن يشرب الرجل قائماً “فالبعض يهتم بهذا الحديث وحده ويفتي سريعاً بحرمة الشرب قائماً ويترك ما خرج في الصحيحين عن ابن عباس” أن النبي شرب من زمزم وهو قائم “
 
مثال آخر : حديث “لا تصوموا يوم السبت إلا فيما فرض عليكم “رواه أبو داوود
فينظر بعضهم إلى الحديث فيفتي سريعاً بحرمة صوم يوم السبت مطلقاً ويترك بقية الأحاديث مثل استحباب النبي صيام نبي الله داوود ،وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، والذي يصوم هكذا لا شك أنه سيأتي عليه يوم السبت فيصومه ،وكذلك حديث ” لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده “
فهذا يقتضي أيضاً صوم يوم السبت
والحاصل من ذلك كله أن من صام يوم السبت غير معظم له كاليهود فلا بأس بصيامه .
فلا بد من جمع النصوص الواردة في المسألة الواحدة والتأليف بينها جميعاً .
2-البحث عن الدليل قبل القياس والاجتهاد :
فقد يصول المرء ويجول بعقله ورأيه ويترك البحث عن الأدلة في المسألة أو كلام من سبقه من أهل الفتيا فيأتي كلامه مجانبا الصواب ولذلك قال سفيان الثوري ” التشديد يحسنه كل أحد إنما الرخصة من ثقة “
فلا يتسرع بالفتيا إلا بعد الرجوع للأدلة الشرعية .
3 – إمعان النظر في الدليل :
وهل يفيد وجوباً أو تحريماً أو كراهية أو استحباباً أو إباحة ،فمثلا :
حديث مسلم عن عائشة ” إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين ” فسريعاً من أول وهلة قد يقول البعض بحرمة الستائر !!!
وفي الحقيقة أن قوله (لم يأمرنا )لا يعادل (نهينا) ،فقوله (لم يأمرنا ) يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب ولا حرام .
4 – معرفة الفرق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول غيره :
كما قال الإمام مالك “كل الخلق يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر (ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم)
مثال ذلك : مسألة هل يجب السجود على الأنف مع الجبهة أم يكتفى بالجبهة ؟ويستحب السجود على الأنف معها ؟
ففى حديث البخاري “أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة –وأشار بيده على أنفه – واليدين والركبتين وأطراف القدمين “
فتفسير الجبهة بالإشارة باليد إلى الأنف ليس من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- أو فعله إنما كما عند البيهقي في السنن الكبرى قال سفيان :إلا أن ابن طاووس أخبرنا أن طاووس كان يقول بيده على جبهته وأنفه ؛ومن ثم فلا يجب السجود على الأنف ؛وإن كان يستحب وهذا رأي الجمهور.
 
5- المثبت مقدم على النافي :
فقد نقل عن عائشة أنها نفت أن النبي بال قائماً، لكن ورد عن حذيفة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بال قائماً وأنه شهد ذلك بنفسه ….فعائشة نفت ذلك على حسب علمها ،لكن حذيفة رأى ذلك بعينه فحكاه فالمثبت في الأحكام مقدم على النافي
6- الحرص على صحة الدليل وسلامته :
فمن أخذ بدليل ضعيف أو موضوع في المسألة فقد بنى بيوتاً في الهواء ،وقد تجد مفسراً يذكر حديثاً طويلا في تفسير آية لكن الحديث موضوع أو فقيهاً يصول ويجول في مسألة فقهية ويبني عليها أحكامه رغم أنه لا دليل صحيح فيما يقول .
 
7- معرفة إذا كان الحديث يقعد قاعدة أو هو واقعة عين :
فهناك أحاديث تقعد قواعد ،وأحاديث وقائع أعيان لا تتعدى إلى ما سواها (يعني حادثة حدثت ،وانتهت لا ينبني عليها حكم )
مثاله : حديث أبي هريرة حينما قال له النبي (اشرب يا أبا هريرة ، وما زال يقولها حتى قال : والله لا أجد له مسلكاً يا رسول الله) فيفهم شخص هنا استحباب الشبع ، ثم تجد أحاديث أخرى باستحباب الجوع مثل قول النبي-صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي تجشأ (تكرع ) في وجهه (كف عنا جشاءك فإن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع في الآخرة ) فهذه وقائع أحوال كلها أما القاعدة فهي :
(بحسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه وإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه )
ويلحق بهذه القاعدة أن ما فعله رسول الله نادرًاً يفعل نادراً والغالب يظل غالبا ً
ومثاله: الجمع بين الصلوات كما في حديث ابن عباس” أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-جمع بين الظهر والعصر ،والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر . قيل لابن عباس ماذا أراد بذلك ؟قال أراد ألا يحرج أمته “
فهذا قد فعله النبي نادراً فلا يكن أصلا في الصلاة، لأن الأصل فيها قوله تعالى : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) فالأصل فيها أن تصلى كل صلاة في وقتها إلا ما جاء الدليل بجوازه .
8- التأني في تنزيل الأحكام على الأشخاص :
فما ورد على العموم يبقى على عمومه فلا ينبغي أبداً أن نسمي في أحاديث اللعن والتكفير أشخاصاً بعينهم .
فقد ورد أن رسول الله لعن الخمر وشاربها ، ولكنه مع ذلك لما أتي بشارب خمر ولعنه بعض الصحابة قال لهم:“لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله “
ومن ذلك ما حدث من طبع كتب جمعت أحاديث الفتن والملاحم صحيحها وسقيمها فأنزلتها على الواقع وسمت أشخاصاً بعينهم وبمرور الوقت حدث عكس ما زعموا وتبين أن هذه الأحاديث لا تزال غيباً لم يأذن الله بوقوعه بعد .
9- تغير الفتوى حسب القرائن المحتفة بالسؤال :
مثال ذلك اللقطة ( الشئ الضائع من صاحبه يلتقطه غيره )فلو أن رجلا التقط 50 جنيهاً في مدينة كبيرة في حي كبير من أحيائها والناس فيه غادون رائحون بلا انقطاع فمثل هذا لا يقال له عرفها عاماً كاملا فاللقطة هذه من اليسير الذي لا ينشده أصحابه لمدة يوم واحد فضلا عن عام .
أما لو وجد هذه الــ 50 جنيه في حي فقير في بلد صغير فحينئذ سيكون المبلغ له قيمة أكثر ، فكل شئ يعرف بقدره.
10 – الضرورات تبيح المحظورات ، والضرورة تقدر بقدرها :
والضرورة هي التي يصل الإنسان فيها حد الهلاك المحقق فلا يجوز فعل المحظور إلا إذ وقعت ضرورة تجبر الإنسان على فعله ؛ كأن يضطر إنسان عليه دين إلى الاقتراض من البنك بالفائدة الربوية بعد نفاد كل طرق الخلاص من ذلك الأمر وبلغ به حداً فإما أن يدفع أو يسجن ففي هذه الحالة يقترض ولكن بالقدر الذي يحتاج إليه لا أكثر منه .
ونفس الأمر يقال في ذهاب المرأة إلى الطبيب أو تمريض المرأة للرجل فلا يباح إلا للضرورة.
11- اتباع الحق لا اتباع الرجال :
كما قال عليّ- رضي الله عنه – “لا تعرف الحق بالرجال وإنما اعرف الحق تعرف أهله ” فلا نتعصب لشخص أو جماعة أو مذهب فيعمينا ذلك عن الحق وإنما نزن الأقوال والرجال بميزان الحق والحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أولى الناس بها ولنا الأسوة في النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما قال شيطان لأبي هريرة أن آية الكرسي تنفعه عند النوم قال (صدقك الخبيث وهو كذوب )
12 – الورع لا يلزم الجميع :
فالبعض يبني الأحكام على الورع ويشدد على الناس تحت دعوى الأحوط ، وسد الذرائع رغم أن المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها وقد سبق قول سفيان الثوري ” التشديد يحسنه كل أحد إنما الرخصة من ثقة “
وللإنسان أن يأخذ بالورع في خاصة نفسه لكن لا يلزم الجميع به .
13 – لا حجة في قول الصحابي إ ذا عارض المرفوع والإجماع :
فالصحابة ليسوا معصومين من الخطأ، فإذا نِقل عن صحابي قولاًّ يخالف قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو الإجماع الذي اتفقت عليه الأمة فلا حجة فيه ، ولهذا لما كان ابن عباس في حلقة علم وحدث بحديث لرسول الله فقال بعضهم ولكني بلغني أن أبا بكر وعمر كانا يخالفان ذلك !!! فقال ابن عباس مغضباً يوشك أن تنزل عليكم نار من السماء فتحرقكم أقول لكم قال رسول الله ، وتقولون قال أبو بكر وعمر ؟!!
وينبغي إحسان الظن بالصحابة إذا ورد عن أحدهم ما يخالف قول رسول الله أو الإجماع فلعله لم يبلغه الحديث كما حدث لعمر حينما حدثه أبو موسى الأشعري بحديث الاستئذان ولم يكن عمر قد سمعه من قبل .
وكما أفتى ابن عباس وعليّ بأن المعتدة الحامل تعتد بأبعد الأجلين ولم يبلغهما أن رسول الله أفتى سبيعة الأسلمية بأن عدتها وضع حملها .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة بعنوان (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ) ينبغي أن تقرأ في هذا الموضوع
هذا الموضوع ملخص من كتابي تيسير الفقه للدكتور القرضاوي ومفاتيح الفقه في الدين للشيخ مصطفى العدوي
 
مصطلحات فقهية 
الأحكام الشرعية خمسة  :
1- الواجب : طلب من الشارع على وجه الالزام (كالصلوات الخمس ) يثاب فاعله، ويعاقب تاركه
2- المندوب : طلب من الشارع بغير إلزام (كالسواك ،والسنن الرواتب ) يثاب فاعله ،ولا يعاقب تاركه، ويسمى سنة ،ومستحب ، ونفل .
3- الحرام : نهي من الشارع على وجه الالزام (كشرب الخمر ) يعاقب فاعله ، ويثاب تاركه .
4- المكروه : نهي من الشارع بغيرإلزام، وفاعله لا يأثم وإن كان ملوماً ،وتاركه يمدح ويثاب إذا كان تركه لله .
والجمهور على أن المكروه نوع واحد ؛خلافاً للحنفية فعندهم المكروه نوعان : كراهة تنزيهية ، وكراهة تحريمية.
5 -المباح : ما لا يتعلق به أمر ولا نهي (فلا مدح ، ولا ذم على فعله أو تركه )مثل أكل ما شاء من الطعام الحلال.
مصطلحات حديثية واردة في الكتاب 
رواه الجماعة هم : أحمد /البخاري /مسلم / أبو داوود/ الترمذي / النسائي /ابن ماجة .
رواه الستة هم :المذكورون ما عدا أحمد .
رواه الخمسة : أحمد /أبو داوود/ الترمذي / النسائي /ابن ماجة .
رواه الأربعة أو أصحاب السنن : أبو داوود/ الترمذي / النسائي /ابن ماجة .
في الصحيحين ،رواه الشيخان ،متفق عليه : الثلاثة بمعنى واحد : البخاري ومسلم
وبعد هذه المقدمة ندخل إلى كتاب فقه السنة فاللهم يسر وأعن يا كريم


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 36 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع