أولا /الوصية في الفقه الإسلامي :
الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع .
حكمتها : الوصية قربة يتقرب بها الانسان إلى الله عز وجل في آخر حياته كي تزداد حسناته أو يتدارك بها ما فاته ، ولما فيها من البر بالناس والمواساة لهم .
دليلها :قال تعالى : {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} (البقرة:180) .
و قوله تعالى : {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (النساء:11) .
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت فيه ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده).
حكمها : لا يخفى على الجميع أن الموت قد يأتي فجأة والموت لا يفرق بين صغير ولا كبير ،فالوصية تجب إذا كان على الإنسان حق شرعي يخشى أن يضيع إن لم يوص به : مثل أن يكون عليه زكاة أو كفارة أو عنده أمانة أو عليه دين .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه )
وهناك الوصية الجائزة ببعض الأمور الإجرائية مثل وصيته أين يدفن ومن يغسله ومن يكفنه ومن يصلى عليه وأن يوصي أهله بتقوى الله والبراءة من البدع المتعلقة بما بعد الوفاة مثل النياحة ولطم الخدود والجزع والسخط خاصة إذا كانت هذه البدع مشهورة في بلده أو محيط عائلته .
وهناك أيضا الوصية الجائزة للغير بماله كأن يكون صديقا أو ذي رحم غير وارث أو جمعية خيرية أو مسجد …..الخ
وفي هذه الحالة لا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث ، فإن أوصى بالزيادة على الثلث فإن وصيته لا تنفذ إلا بإذن جميع الورثة ، ، فإن لم يجيزوا الزيادة كانت الوصية نافذة في حدود الثلث.
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ لما أراد أن يوصي (اَلثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ اَلنَّاسَ) رواه البخاري ومسلم.
ويشترط في الموصى له ألا يكون وارثا للموصي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : ” لا وصية لوارث ” . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه
والحكمة التشريعية في ذلك ألا يكون في تمييز أحد الورثة عن الآخر بمزيد من المال دافعا للشحناء والبغضاء وقطيعة الرحم .
ثانيا /الوصية في القانون الكندي :
بداية ينبغي أن نعلم أن هناك فرق بين كلمة الوصية في الفقه الإسلامي والقوانين الغربية بصفة عامة وهي أن الشرع لم يجز الوصية بأكثر من الثلث للموصي إلا بعد إجازة الورثة ، ثم تقسم التركة من خلال المقادير المحددة في كتاب الله على الورثة المستحقين .
أما القوانين الغربية فإنها على حد تعبيرهم تحترم إرادة الميت حتى ولو أوصى بكل تركته لغير ورثته فربما يوصي بها لعشيقته ويترك أولاده وربما يوصي بها لكلبه الوفي أو قطته الجميلة !!!
على سبيل المثال :
نشرت جريدة الشرق الأوسط في سبتمبر2007 أوصت ليونا هلمسلي، 87 سنة، وهي مليونيرة أميركية من نيويورك، كانت تملك مجموعة فنادق «هلمسلي»، وهي مجموعة فنادق راقية (خمسة نجوم) في نيويورك، وشيكاغو ومدن أخرى كبيرة.
أوصت برصد 12 مليون دولار لكلبتها ، وأوصت بدفن كلبتها إلى جوار قبرها وقبر زوجها، وذلك في ضريح كلف خمسين مليون دولار، خارج مدينة نيويورك. ورصدت ثلاثة ملايين دولار لتوضع في بنك إلى أجل غير مسمى، وتصرف أرباحها كل سنة لرعاية ونظافة وصيانة قبر الكلبة!!!!
والأمثلة في المجتمع الغربي كثيرة .
ومن الفروق أيضا التسوية بين الذكر والأنثى في الميراث ، أما الشرع الإسلامي فإنه يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين … لكن ما الحكمة في ذلك ؟
جعل الإسلام للذكر مثل حظ الأنثيين لما على الرجل من أعباء الزواج والنفقة على الزوجين والأبوين ، والمرأة تأخذ مهرا هو حق لها ، وينفق عليها ، ولكن هناك من الحالات التي يتساوى فيها الرجل والمرأة ، بل هناك من الحالات ما تأخذ المرأة أكثر من الرجل ، ولا بد من استحضار عدل الله تعالى في حكمه ، وألا يشكك في شرعه .
يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي : أمَّا التفاوت في الميراث بين الرجل والمرأة والذي جاء فيه قوله تعالى: ( يُوصيكم اللهُ في أولادِكم للذكَر مثلُ حظِّ الأنثيين)، (النساء 11) فالواضح أنه نتيجة للتفاوت بينهما في الأعباء والتكاليف المالية المفروضة على كل منهما شرعًا.
فلو افترضنا أبًا مات، وترك وراءه ابنًا وبنتًا، فالابن يتزوج فيدفع مَهرًا، ويَدخل بالزوجة فيدفع نفَقَتها، على حين تتزوَّج البنت فتأخذ مهرًا، ثم يَدخل بها زوجها، فيَلتزم بنفقتها، ولا يكلِّفها فِلْسًا، وإن كانت مِن أغنى الناس، ونفقَتها تقدَّر بقدْر حالِهِ من السَّعة والضيق، كما قال تعالى: ( لِينفِق ذو سعَةٍ مِن سَعتِه ). الطلاق 7
ثم تتزايَد أعباء الرجل ونفقاته، فهو يُنفق على أبنائه وبناته الصغار، وقد ينفق على أبويه الكبيرين إذا كانا مُعسرِين ويُنفِق على إخوته وأخواته الصغار إذا لم يكن لهم مورد، ولا عائل سواه، ويُنفق على الأقارب والأرحام بشروط معروفة، والمرأة لا يجِب عليها شيء من ذلك، إلا من باب مكارم الأخلاق.
على أن قاعدة تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليست مُطَّرِدة، ففي بعض الأحيان يكون نصيب الأنثى مثل نصيب الذكر، كما في حال ميراث الأبوين من أولادهما ممَّن له ولد، كما قال تعالى: (ولأبويه لكلِّ واحد منهُما السدُس ممَّا ترك إن كان له وَلد)،(النساء: 11)؛ وذلك لأن حاجة الأبوين في الغالب واحدة.
وكذلك حال الإخوة لأم إذا ورِثوا من أخيهم الذي لا والد له ولا ولد، وهو الذي يُورَث كلالة، كما قال تعالى: (وإنْ كان رجلٌ يُورَث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ فلِكلِّ واحد منهما السدُس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلُث) (النساء: 12) فهنا ترِث الأخت للأم ـ كالأخ للأم ـ السدُس، ويُشرَك الأكثر من الاثنين في الثلث بالتساوي بين الذكر والأنثى.
وهذا التساوي يُوجد في عدة حالات في الميراث معروفة لأهل الاختصاص.
بل هناك حالات يكون نصيب الأنثى فيها أعلى من نصيب الذكر، كما إذا ماتت امرأة وتَركت زوجها وأمَّها وأخوين شقيقين، وأختها لأم، فإن للأخت للأم السدس كاملاً، وللأخوين الذكرين الشقيقين السدس بينهما، لكل واحد منهما نصف السدس!.
وكذا لو ماتت المرأة وتركَت زوجَها وأختها شقيقتها، وأخًا لأب، فإن الزوج يأخذ النصف والأخت الشقيقة تأخذ النصف الباقي بعد الزوج، والأخ لأب لا يَرِث شيئًا؛ لأنه عَصَبة لم يَبق له شيء، فلو كان مكانه أخت فلها السدس يُعال لها به.
وعند ابن عباس ومَن وافقه: لو ماتت امرأة وتركت زوجًا وأبوين، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأب السدس، أخذًا بظاهر قوله تعالى: (فإن لم يكُن له ولد وورِثه أبواه فلأمه الثلث) (النساء: 11) أي ثلث التَّرِكَة كلها.
رَوى ابن حزم من طريق عبد الرازق عن ابن عباس أنه قال في زوج وأبوين: للزوج النصف، وللأم الثلث من جميع المال. ا هـ ملخصا
ولقراءة الفتوى كاملة على هذا الرابط : هنا
ولذلك ينبغي على المسلم الذي يعيش في الغرب أن يكتب وصيته وفقا للشريعة الإسلامية وله أن يعيد النظر فيها بين فترة وأخرى لوفاة فلان أو ميلاد ابن أو غير ذلك ، وطالما أن هذا حق كفله له القانون في هذه البلاد فعليه أن يأخذ به لأن عدم كتابة الوصية يؤدي إلى توزيع التركة وفقا للقانون الكندي الذي لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
فتحصل الزوجة مثلا على النصف والأبناء ذكورا وإناثا يأخذون نصيبهم بالتساوي
وينبغي أن تحتوى الوصية على التالي :
1- البيانات الشخصية أنا فلان الفلاني المقيم بمكان كذا أقسّم تركتي على النحو التالي :…………………………………
2- يقوم بكتابة فرضية التركة فمثلا أوصي لزوجتي بمقدار كذا ولأولادي الذكور ….ولأبي …. ولأمي ( طبعا وفقا للشريعة الإسلامية )
أو لو جهل كيفية التقسيم يكتب : أوصي بأن تقسم تركتي طبقا لمذهب كذا (الشافعي المالكي …)أو يراجع في تقسيمها الشيخ فلان ، أو أقرب مسجد لمنزلي
3- أوصي بإعفاء مصفي التركة من الضمان المالي والقسم وهو فلان فإن لم يكن موجود ففلان …(وذلك لتشجيعه على القيام بتصفية التركة )
4- إذا حدث ومت أنا وزوجتي في وقت واحد (عند وقوع حادث لاقدر الله ) فإني أوصي بأن يكون فلان (ويسمي أحد أقاربه أو من يرضاه ) أن يكون فلان هو الوصي على جميع أولادي القصر .
*** ترجع أهمية هذا البند أنه في حالة إذا لم يكتب فربما يكون مصير الأولاد مع أسرة غير مسلمة.
– طرق توثيق الوصية :
يوجد ثلاث طرق وهي :
أ- الوصية الخطية بأن تكتب بخط اليد بأي لغة ويوقع عليها .
ب- أن تكتب بالكمبيوتر مثلا وفي هذه الحالة لا بد من شاهدين يشهدان ويوقعان على صحة ما فيها .
ت- تسجيلها عند موثق (نوتير )أو بمعرفة محامي
أين تحفظ الوصية ؟
للشخص أن يحتفظ بها عنده ، أو عند أحد أصدقائه ، أو في خزانة خاصة بالبنك ، أو تسجيلها ، وعند الوفاة تراجع سجلات الوصايا ومن ثم تنفذ الوصية .
– الزوج يكتب وصية خاصة به ، والزوجة تكتب وصية أخرى، لأن القانون يفترض السرية في الوصية ولا يجوز للزوج ان يطلع على وصية زوجته والعكس ، وإذا حررت الوصيتين في ورقة واحدة تعتبر الوصية باطلة .
نموذج مقترح للوصية :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا ما أوصى به الفقير إلى عفو ربه ……………………………….
المقيم في مكان ……………………………………………………..
وهو في حالته المعتبرة شرعاً من كمال عقله وسلامة إدراكه ، أوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله ، وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله .
وأوصيكم بعدم النياح علي وعدم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية .
وأوصي أولادي أن يكثروا من الأعمال الصالحة فإن ذلكَ مما ينفعني بإذن الله تعالى.
وأوصيكم بأن تجعلوا من مالي مقدار ……………………………. لصالح …………………………………………………
ثم تقسم تركتي على النحو التالي ……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………
وأوصيكم بقضاء ديني من مالي وأن تردوا لكل ذي حق حقه ، كما أسأل كل من أسأتُ إليه بالقول أو الفعل أن يعفوا عني ويسامحني عسى الله أن يتوب علي .
وفيما يلي أوضح ما علي من دين :
اسم الدائن ……………………..قيمة الدين…………………………
عنوان الدائن …………………… رقم هاتفه …………………………..
أما ما لي من مال عند الغير فهو كالآتي :
اسم المدين ……………………..قيمة الدين ………………………..
عنوان المدين …………………….رقم هاتفه ………………
وأوصي بأن أدفن في مكان …………………
وأن يتولى …………………….تغسيلي وتكفيني ………………وأن يصلي على …………………
الموصي بما فيه : ………………………………………
التوقيع :
حررت هذه الوصية بحضور وشهادة :-
الشاهد الأول : …………………..والمقيم في مكان …………………….
ورقم هاتفه ……………………………
التوقيع :
الشاهد الثاني : ………………والمقيم في مكان ……………………
ورقم هاتفه …………………..
التوقيع :
حررت هذه الوصية في يوم……………………