من الأموال التي تجب فيها الزكاة
ثانياً : زكاة الثروة التجارية
أباح الله للمسلمين أن يشتغلوا بالتجارة ويكسبوا منها بشرط ألا تكون فى سلعة محرمة مع عدم إهمال عنصر الأخلاق فى معاملاتهم كالأمانة والصـدق والنصح ولا تلهيهم مشاغل التجارة ومكاسبهم عن ذكر الله ، وأداء حقه سبحانه وتعالى .
والفقهاء يسمون الثروة التجارية عروض التجارة.
والعروض جمع ( عَرْض ) وهو ما خالف النقدين من متاع الدنيا وأثاثهـا بخـلاف (العَرَض) فهو حطام الدنيا ومتاعها إذن ما عدا النقدين مما يعد للتجارة على اختلاف أنواعه مما يشمل الآلات ، الأمتعة ، الثياب ، المأكولات ، الحيـوانات ، العقـارات .. الخ فهي معدة للتجارة .
وعرفها بعضهم بتعريف أوضح قال هي :ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح .
الدليل على وجوبها :
قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم )البقرة 267 أي من التجارة .
وما رواه أبو داود عن سمره بن جندب ( كان رسول الله يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع ) والأمر هنا يدل على الوجوب فى الآية والحديث .
وما أحوج التجار إلى تطهير أنفسهم وأموالهم وتزكيتها بالزكاة فإن طرائق كسبهم لا تسلم من الشوائب ، وشبهات لا يسلم منها إلا الورع الصدوق الأمين وقليل ما هم ، وخاصةً فى هذا العصر .
روى الترمذي وقال حديث حسن صحيح ( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق )
وفى لفظ أخر للإمام أحمد بسند جيد ( إن التجار هم الفجار قالوا : يا رسول الله أليس قد احل الله البيع ؟ قال بلى ، ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون )
شروط الزكاة فى مال التجارة
1ـ أن يكون المال معداً للبيع والشراء من أجل الربح ، فما يشترى للاقتناء فلا يعتبر تجـارة ولو أشترى أحد شيئاً ثم رأى ربحاً فباعه فلا يعتبر تجارة فالإعداد للتجارة يتضمن عنصرين: عملاً ونيَّة، فالعمل هو البيع والشراء، والنيَّة هي قصد الربح؛ فلا يكفي في التجارة أحد العنصرين دون الآخر.
على سبيل المثال : رجل اشترى سيارة ليركبها ناوياً أنه إن وجـــد فيها ربحاً باعها فهذه السيارة لا زكاة فيها ، وذلك بخـــلاف من يشترى سيارات يتاجر فيها ، فالعبرة فى النية بالأصل فمـــــا أصلــــه التجــارة ففيه الزكاة وما أصله الاقتناء والاستعمال الشخصي فليس بتجارة .
2ـ مرور الحول : عام هجري كامل .
3ـ بلوغ النصاب : 85 جم ذهب والراجح اعتبار كمال النصاب فى آخر الحول فقط لأنه يتعلق بالقيمة وتقويم العَرْض كل وقت يشق فاعتبر آخر الحول هو وقت الوجوب وهو رأى مالك والشافعي .
ـ وكل مال زاد خلال العام الهجري ثمرة للمال الأصلي فى التجارة يضاف إليه، وما كان هدية أو غير ذلك فلا يضاف وإنما يكون مستقبلاً فى تقدير زكاته عن التجارة.
كيف يزكى التاجر ثروته التجارية ؟
التاجر لا تخلو تجارته من :
1- أن تكون الثروة التجارية فى صورة بضائع معروضة للبيع.
2- نقود سائلة ناتجة عن التجارة .
3- ديون له عند بعض العملاء غير ميئوس منها ( أما الميئوس منها فقد سبق بيان حكمه )
4- ديون عليه للآخرين .
5- مصاريف إدارية كإيجار أو أجور عمال .. الخ .
كيف يخرج الزكاة ؟
إذا حــــل موعـد الزكاة عليه أن يضم ماله بعضه إلى بعض رأس المال والأرباح والبضاعة الباقية والديون المرجوة .
كيف يحسب البضاعة ؟
بسعر الجملة فى السوق عند إخراج الزكاة بمعنى لو اشترى شيئاً فى أول العام جملته 10جنيه وفى آخر العام زادت جملته إلى 12 جنيه يحسبه على السعر الأخير 12 جنيه وكذلك لو قل إلى 7 جنيه يحسبه كذلك على 7 جنيه المهم السعر عند إخراج الزكاة .
ثم يقوم بعد ذلك يخصم الديون التي عليه والمصاريف المتعلقة بالعمل فإذا بلغت نصاباً 85 جم ذهــب أخرج من ذلك كله ربع العشر يعنى على 1000 جنيه : 25 جنيه .
وإذا خسر فى التجارة ولم يحقق أرباحاً هل يخرج الزكاة ؟
نعم إذا بلغ الباقي بعد الخسارة نصاباً مثال ذلك :
رجل بدأ مشروعاً تجارياً بـ 10 آلاف جنيه وبعد الجرد النهائي تبين أن الناتج فيه خسارة 3 آلاف جنيه فحينئذ يزكى عن الـ 7 آلاف الباقية إما إذا لم يبلغ نصاباً فلا زكاة فيه حينئذ .
ملحوظة:لا يدخل فى التجارة قيمة المكان المعد كالدكان ولا مباني الشركة ولا الأثاث ولا الآلات أو الموازين أو الأرفف أو الفتارين المعدة للعرض .
هل يخرج التاجر زكاته من عين السلعة أم قيمتها ؟
فى ذلك أقوال لأهل العلم :
أبو حنيفة والشافعي فى قول عنه أن التاجر مخير بين إخراج الزكاة من قيمة السلعة وبين الإخراج من عينها فمثلاً إذا كان تاجر ثياب يجـوز أن يخرج من الثياب نفسها كما يجوز أن يخرج من قيمتها نقوداً .
أحمد والشافعي فى قولٍ آخر عنه قالا بوجوب إخراج الزكاة من قيمة السلعـة لا مـن عينها لأن النصاب فى التجارة معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها كالعين فى سائر الأموال .
وقد رَجُح هذا الرأي الأخير خاصة فى هذه الأيام نظرا لمصلحة الفقير فإنه يستطيع بالقيمة أن يشترى ما يلزم له أما عين السلعة فقد لا تنفعه ، فقد يكون فى غنى عنها فيحتاج إلى بيعها بثمن بخس وهذا الرأي هو المتبع ويمكن العمل بالرأي الأول كأن يعلم التاجر أن الفقير فى حاجة إلى عين السلعة فقد تحققت منفعته بها .
والمسألة دائرة على اعتبار المصلحة وليس فيها نص وهذا ما رجحه ابن تيميه فى الفتاوى .