هناك مسالة تثار في الإعلام ولا نفهم أبعادها وهي مسألة تجديد الدين ، تجديد الدين عبارة تطرح دائما في الإعلام ويتداولها الإعلاميون في هذه الفترة بالذات عن تجديد الدين ، وتجديد الخطاب الديني ، مواكبة الدين للعصر الحديث وآلياته ، فتعالوا بنا نتناول هذه المسألة بوضوح من خلال فهمنا لديننا العظيم .
أولا/ الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال :(إن الله يَبعث إلى هذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنة من يجدِّد لها دينَها) وهذا الحديث يبعث الأمل في النفوس؛ أن الدين يبقى دائما متجددا حيويا ، منتشرا باقيا ،وهذا وعد الله سبحانه وتعالى ألا يخلو زمان من قائم لله بحجة وهذا كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي وعد الله ) وكما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : أن معنى طائفة لا يلزم أن يكون دائما هم الذين يقاتلون وعندهم شجاعة في الحرب بل هذا يشمل كل التخصصات فيشمل من عنده شجاعة في الحرب والقتال ويشمل من كان فقيها ، أقول وكذلك من كان عنده خبرة في الطب أو السياسة أو الاقتصاد ….الخ من المجالات المتعددة في حياتنا الواقعية.
وعندنا أيضا في القرآن الكريم مصداق هذا قول الله سبحانه وتعالى -( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )- [الأعراف/181]
وقوله تعالى : -( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )- [آل عمران/104] نسأل الله أن نكون منهم .
إن الله يبعث :
ليس معناها أنه سينزل من السماء أو ينزل عليه الوحي ، إنما المقصود هنا العلماء ورثة الأنبياء والبعث هنا معناه أن يحيي الله بهؤلاء الرجال الدين؛ فيقضي الله تعالى بهم على البدع ويحيي السنن ، ويعيد الدين إلى نبعيه الصافيين بعيدا عما أصابه من شوائب أو أفكار هدامة أو باطلة كما سنفصل ، فيهيئ الله الأسباب ويهيئ الرجال لهذه المهمة الكبيرة .
على رأس كلِّ مائة سنة:
ورأس المائة ليس المقصود بها أول سنة من القرن الهجري كما يفهم البعض ، إنما رأس الأمر يكون بنهاية قرن وبداية قرن جديد ، وحتى مسألة التحديد الرسول قال ما قاله قبل بداية التقويم الهجري فهل نأخذ بتاريخ بعثته أم هجرته أم وفاته –صلى الله عليه وسلم- ؟ كل ذلك محتمل فهذا أمر كله خاضع لتدبير وتقدير الله سبحانه وتعالى أنه على رأس كل مائة سنة يكون هنالك رجال يصطفيهم الله سبحانه وتعالى فيجددون لهذه الأمة أمر دينها ، وطبعا البعض حينما يسمع كلمة تجديد الدين ينكرها تماما ، وهذا غير صحيح لأن تجديد الدين ورد بها الحديث (يجدد …) لكن السؤال الأهم :
ما هو التجديد الذي قصده رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؟
فليس كل التجديد مرفوض، وليس كل من يتكلم عن التجديد مردود .
لما أقول : عندنا مبنى أثريا عتيقا قمنا بتجديده ، ماذا يتبادر لذهنك حينما نقول تجديد هذا المبنى ؟
هل يتبادر لذهنك هدم المبنى كله وتأسيس مبنى ضخم على أحدث طراز ؟ أبدا تجديد المبنى أن تعيد ترميمه حتى يصير كأنه في ثوب جديد ، إعادته إلى هيئته الأولى ، وليس تبديد ولا هدم ولا تغيير ، فهناك فرق بين التجديد والتبديد والتبديل ، فالمبنى كما هو بشموخه و رمزيته ، لكننا نقوم بترميم الطريق الموصلة إليه ، الأبواب ، النوافذ ، الأشياء التي تحتاج للترميم والتجديد …الخ
التجديد ليس تغيير في الدين ولا تبديله لدين آخر ، فالتجديد معناه:
- أننا نطور في الوسائل لا الغايات
- نتعامل مع العصر بروح العصر لا بروح ألف سنة ماضية ، فالتطوير هنا أن نفكر بعقلية العصر ، ونتماشى مع واقع العصر
- أن نبحث فيما جد من قضايا في مسائل ديننا .
- ومع كل هذا نحن نصون في ديننا آيات الله المحكمة وفرائضه التي افترضها علينا والنواهي التي نهانا عنها ، فلا يعقل أن واحدا يقول: من التجديد إلغاء آية كذا ، كما قال البعض عن آية المواريث ، يخرج أحدهم ويقول أنا رأيي حذف هذه الآية !! أو تعليق العمل بها !!
من أنت ؟ جبريل عليه السلام لا يجرؤ على هذا ، محمد بن عبد الله لا يجرؤ على هذا ، فمن أنت حتى تقول نلغي هذه الآية أو تلك ؟ فليس هذا تجديد .
- ليس من التجديد أن يشكك أحد في القطعيات مثل : المواريث وقسمة الله لها .
- وليس من التجديد أن يقول أحدهم : خمس صلوات هذا كثير فاجعلوها ثلاثة !!
- أو كما حدث لبعض الرؤساء قديما قال : إن صيام رمضان يعطل الإنسان عن الإنتاج ونحن في حاجة للإنتاج ، ورحم الله العلامة الطاهر بن عاشور الذي قطع الله به هذه الفتنة أيامها وخرج على الإذاعة وتلا الآية -( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )- [البقرة/183] صدق الله وكذب الحبيب بورقيبة !!! (المصدر هنا ) فليس هناك جدال في هذه المسألة.
- القطعيات التي حرمها الله كالربا فهناك تشديد من الله في حرمته؛ فالربا هو الربا من أيام نبينا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
- الخمر محرمة تحريما قطعيا بلا جدال ولا كلام ، هذه مسائل لا تحتاج إلى إعادة صياغة مرة أخرى أو إعادة الرؤية والنظر ؛لأنها ثوابت وقطعيات .
الإجماع :
أيضا هنالك بعد الكتاب والسنة مسألة الإجماع ؛ الإجماع هو ما أجمعت عليه الأمة، والنبي –صلى الله عليه وسلم– قال : (لا تجتمع أمتي على ضلالة ) فكل ما اجتمعت عليه الأمة لا يصح لأحد أن يأتي بقول شاذ ليعدله أو يغيره أو يبدله ، فرب العزة قال : -( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )- [النساء/115] فقوله: (ويتبع غير سبيل المؤمنين) هذا موضع استدلال العلماء على الإجماع ،فلا تجديد في قطعيات ولا ثوابت ولا فيما أجمعت عليه الأمة .
الأخذ بالقرآن وترك السنة كلها:
أيضا ليس معنى التجديد ما يزعمونه من الأخذ بالقرآن وترك السنة كلها، هذا شيء عجيب والله ، فالقصة ليست قصة البخاري ولا مسلم ؛ القصة هي هدم للدين لكن بطريقة جزئية ، يعني أنا لا يعجبني الحديث الفلاني في البخاري أو مسلم ، فأنا من رأيي نأخذ القرآن فقط ، لأن السنة فيها الصحيح والضعيف ، لكننا يجب علينا الأخذ بالصحيح ، والقول بأن هذا الحديث صحيح أو ضعيف ليست لي ولا لك ، إنما هي للعلماء الذين أفنوا أعمارهم في تحقيق الأسانيد التي بها يتحقق السند المتصل من رسول الله –صلى الله عليه وسلم– إلى الراوي ، في سلسلة السند ستة رواة أو سبعة يقول الإمام البخاري حدثنا فلان ،حدثنا فلان….، وهكذا بسند متصل إلى رسول الله ، ولابد من عدالة الرواة والتأكد من المعاصرة والالتقاء بلا مانع من الرؤية باختلاف بين تاريخ الميلاد والوفاة لكليهما …. ، وهذه تفاصيل كثيرة يعرفها أهل الفن في مصطلح الحديث ، فاتصال السند دلالة على صحة الحديث ، ولو تتذكروا أني قلت من قبل : إن جاءني حديث صحيح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يستوي عندي أن يقوله رسول الله أمامي، أو يبلغني بسند صحيح ، الاثنين سواء ، إذا رأيت رسول الله يقول الحديث أمامي كما إذا سمعته من أحد العلماء؛ وقد ثبتت صحته ، فلا يعني وجود حديث ضعيف أن نرد الأحاديث كلها .
أيضا لا يعني التجديد كما يفهم البعض رد كلام العلماء فأي علم له أربابه ؛ له علماؤه ، ما في واحد قام من النوم فصار طبيبا يفهم في جميع الأمراض والعلاجات والأدوية ، ولا واحد يقوم من النوم إذا به مهندس، ولا واحد يحبس نفسه في خلوة بغرفة صار محاميا عنده اطلاع على كافة القوانين ، هذا كلام عجيب ، واحد حصلت له مشاكل في حياته اعتزل الدنيا إذا به يظهر على أنه مفكر إسلامي الله أكبر!! مفكر إسلامي يفكر بلا حدود ولا ضوابط ،ولا قيود ، وهذا شيء عجيب ، يتنكر لكل كلام العلماء السابقين .
أي واحد يقول مقولة طبية تعرض على الأطباء، والإخوة هنا أغلبكم يدرس الماستر(Master) أو الدكتوراة وتعرفون ما معنى بحث محكم في مجلة علمية يعني هذا البحث قبل نشره يعرض على أساتذة لنقده، وكشف ما فيه من بعض الخلل، أو الأخطاء لأنها أمانة فبعد قليل ستنال لقب دكتور، فلا بد من أساتذة هذا العلم أن يوافقوا على طرحك وتنظيرك ، لكن واحد يأتي ليشكك في كلام العلماء وجهدهم عبر القرون وهم الذين سافروا وسهروا وصنفوا، ومنّ الله تعالى عليهم بعلو الهمة والأمانة والصدق إلى غير ذلك ، ثم بجرة قلم تريد نسف جهودهم وتقول: أنا غير مقتنع بهذا وتبحث عن التجديد بشكل آخر أو برؤية جديدة بعيدا عن هذا الأمر ، فأي علم في الدنيا لا بد حتى تفهمه أن تدرسه من خلال أربابه ، من خلال متخصصين، لا يستطيع أحد أن يدرس القانون على يد طبيب ، أو طبيب يدرس الطب على يد مهندس … الخ
فأنا لما أدرس الشريعة أدرسها على يد المتخصصين في الشريعة ، إنما يأتي أحدهم ويقول: أنا أرد كل هذا وأتنكر للتراث لأنه فيه وفيه ….
الرؤية الجديدة العصرية !!!
مثلا أرسل أحد الإخوة مقطعا من هؤلاء الذين يعنون لهم أنه مفكر إسلامي اسمعوا يا إخواني ماذا قال ؟ قال : الله جعل للرجال في الجنة الحور العين ، والحور العين هذه صفة تصح للرجل وتصح للمرأة ثم قال حور جمع أحور، وعين جمع أعين ، فعندنا الحور العين للرجال ، وحورعين للنساء ، وهذا الفهم الجديد لآيات القرآن الكريم !!!
ثم يتابع قائلا : إن ابن نوح الذي رفض أن يركب معه السفينة ليس ابنه من صلبه بل هو ابن الخيانة واستشهد بالآية -( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما )- [التحريم/10] فهي خانت زوجها فأنجبت هذا الابن فلما قال نوح لله -( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين )- [هود/45] قال الله له -( قال يا نوح إنه ليس من أهلك )- [هود/46] وهذا فهم بعيد للآيات والآية فسرت معنى إنه ليس من أهلك بقوله -( قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح )- [هود/46] والقراءة الأخرى (عَمِل غيرَ صالح)على أن عمل فعل ماض ، والخيانة المشار إليها كما قال ابن عباس: ليست الخيانة الزوجية إنما الخيانة هنا بأن تبعت الكفر وتركت الإيمان .
آخر يقول : إن الخمر ليست حراما لأن الله سبحانه وتعالى قال: (فاجتنبوه) ومعناها وضع الشيء جانبا ، وضع الخمر بجانبه ، والقصد هنا لما تشرب الخمر خليها بجانبك وليست أمامك !! لماذا أيها العبقري ؟ قال من أجل الأطفال !!! طيب والأطفال ماذا سيفرق في عقليتهم إن كان كأس الأمر أمامك أو بجانبك ؟ ثم يتابع إن الذي حرمها هو عمر لأنه كان متشددا !!
عمر كان متشددا ؟؟!!! كلام عجيب ، ولو فهم اللغة العربية جيدا لعلم أن فاجتنبوه أقوى في الدلالة اللفظية من فلا تشربوه ، اجتناب الشيء أبلغ من لا تشربوه ، سبحان الله العظيم!!!
ثالث يقول : في قوله تعالى في وصف ورثة الفردوس -( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )- [المؤمنون5 /7] ماذا قال ؟ قال العادون جمع عادي ، وعادي شيء ( Normal ) فلو في علاقة خارج إطار الزواج فلا مشكلة حينئذ ، والصحيح أن عادون من الاعتداء من اعتدى على حدود الله عز وجل ، وليس كما يقول .
ومثل هذا كثير ، فالتجديد لا ينبغي أبدا أن يطرح على أنه تبديل لآيات القرآن أو نرد السنة النبوية أو فهم العلماء والتراث الكبير لهذه الأمة ، ثم نسمي كل هذا تجديد ، إنما التجديد هو رد الدين إلى أصوله ، إلى نبعيه الصافيين الكتاب والسنة ، أن نقرب الإسلام بصورة عصرية وهو ما يسمى بتطوير الخطاب الديني ، فيكون بصورة يفهمها الناس ، وهذا الفهم يختلف من بلد لبلد ومن ثقافة لثقافة ، فالخطاب مع العربي مغاير للخطاب مع الإنجليزي أو غيره ، وفي الآية -( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم )- [إبراهيم/4] ليبين لهم باللسان أقصد اللغة وفهم مفاتيح الشخصية التي تتحاور معها ، فالحوار مع الإنجليزي مثلا غير الحوار مع الصيني ، وهكذا .
المسائل العصرية التي جدت وتجد كل يوم تجتمع لها المجامع الفقهية والتي لا يفتي فيها عالم أو اثنين، إنما مجمع فقهي فيه عشرات العلماء يستعينون بكافة التخصصات ثم يخرجون علينا برأي فيه شبه إجماع للقضايا العصرية ، فهذا من تجديد الدين .
ما هو الدليل على أن السجائر حرام ؟
مثلا بعض الشباب سألني قائلا: أنت تقول السجائر حرام وليس هناك آية أو حديث يقولان إن السجائر حرام ؟
فقلت له : القرآن الكريم جاء كتابا مجملا وضع القواعد ثم يقوم العلماء بالقياس على هذه القواعد ، فالله سبحانه وتعالى وصف نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأنه -(يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)- [الأعراف/157] فالطيبات كلمة جامعة لكل طيب ،والخبائث تشمل كل خبيث ، فلو أردنا أن نضع السجائر ففي أي سلة نضعها ؟ الطيبات أم الخبائث ؟
لا شك في الخبائث ، هل يعقل أن رجلا أمسك بسيجارة وناولها ابنه قائلا خذ هذه مني ؟ لا يعقل أبدا .
هل خطر ببال أي مدخن عندما يمسك بالسيجارة أن يقول : اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه ؟
ما يحصل هذا هو بفطرته يعلم أن هذا خبيث وليس طيبا سبحان الله العظيم!!!
هل بعد الانتهاء من شرب السيجارة يقول : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ؟
فإذا كان العلماء في القديم يقولون إن السجائر مكروهة بسبب الإسراف في المال ؛فالآن كل المجامع الفقهية تقول بحرمة السجائر لأن الضرر المترتب على شربها ليس ظنيا بل ضرر قطعي ، قال به أطباء العالم ، وأزيدك من الشعر بيتا- كما يقولون- ، ما رأيك في اللحم ؟ حلال ، لو قال لك الطبيب: إن أكلك للّحم سيضر بك ويؤدي إلى كذا وكذا ، ماحكم أكل اللحم بالنسبة لك ؟ حرام لأن فيه إهلاك لنفسك .
مثال آخر واحد مريض بالسكر وقال الدكتور نسبة السكر عالية لا بد من إيقاف أي شيء يؤدي لرفع هذه النسبة وإلا ممكن تدخل في غيبوبة سكر أو كذا …. السؤال : ماحكم أكل السكر أو حلويات لهذا الشخص ؟ حرام لأن فيه قتل للنفس .
أنا أحاول أن أبسط الأمثلة فأنا لا أتكلم عن مسائل تحتاج في فهمها لجهد كبير ، فحينما ترى قواعد إجمالية للشرع ليس معنى هذا أن الشرع منقطع عن الواقع .
الربا هو الربا :
بعض الذين خرجوا قالوا لنا إن الشرع تكلم عن ربا الأفراد وليس عن ربا البنوك ، وبعضهم قال: الشرع تكلم عن الربا أضعافا مضاعفة فقط ، طيب اقرأ الآية -( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين )- [البقرة/278]
وقالوا : القرآن حرم الربا الذي فيه استغلال حالة الفقير ، لكن الربا الإنتاجي للاستثمار الإسلام لم يحرمه !! من أين لكم بهذا الكلام؟ والله سبحانه وتعالى يقول : -( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين )- [البقرة/278] فالربا بكل أشكاله وصوره هو الربا ، فلا ينبغي التجديد بمعنى التبديد أو التغيير للدين إلى دين آخر ، إنما كما قلت هو تطوير وتجديد في الوسائل ، رد الناس إلى النبعين الصافيين ، إلى ما كان عليه رسول الله وصحابته ، الاجتهاد فيما جد من قضايا معاصرة ، أما التشكيك في القرآن، أو رد السنة، وإجماع العلماء ورد التراث الكبير الذي خلفه لنا علماؤنا كله ؛ فهذا ليس تجديد وإنما هو تبديد كما قال الأديب الرافعي رحمه الله: ( هؤلاء يريدون تغيير الدين واللغة والشمس والقمر )
كلمة أخيرة :
علينا أن نساهم في نشر الصواب والحق ، لا في نشر الباطل والشبهات ، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الفيس بوك والواتس اب صارت الرسائل سريعة الانتشار عبر العالم كله ، ودائما الناس تحب نشر العجيب والغريب، وربما ننشر بعض المقاطع من باب الضحك والطرفة لكن ليس كل الناس يحسن الاستقبال، أو عنده سلامة الفهم والرؤية ، فدائما ما أقول لإخواني : “اذكر الخير فينتشر ودع الشر فيندثر “
عندك الخير كثير جدا آيات وأحاديث، وكلام العلماء، وفضائل الأعمال ، انشر هذا الخير كله لكن دعك من الشر لا تنشره ، لا يعقل أن نقول أن هناك شخص شذ عن ألف شخص أن نقول إن هؤلاء الألف شواذ ، واحد في الألف ما بالك بواحد في المليون ؟ فالبعض يضخم هذه المقاطع وينشرها وطبعا عندنا مجاهدي الواتس اب والفيس بوك يقول لك : إن لم تنشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك ، والآخر يقول لك: قل أقسم بالله العظيم أن أنشرها !!
كلا يا أخي انشر ما فيه فائدة للناس وتذكرة بالله وبرسوله والعمل الصالح، وابتعد عن مثل هذه المقاطع التي هدفها الأساسي منها تشويش الدين على الناس، وتشكيك الناس في الدين ،الآن أنت تأخذها على أنها طرفة فيما بعد ستكون عند البعض من الثوابت ، وهذه المسألة الآن استغلتها الحكومات في بعض السياسات المعينة عندما يريدون فرض شئ في اللاوعي على الناس لا يتقبلونه يقومون بعمل الكوميديا مذيع كوميدي ، الآن من البرامج الإخبارية الساخرة الأخبار في سياق كوميديا، ويكرر هذا الأمر مرات ومرات والناس تحب الضحك بعد مدة اللاوعي شحن بكل ما يريدون شحنك به بخلاف المذيع صاحب اللغة العصماء والفصاحة والوجه الجامد، فهذه لا تحبه أنت ولا تريد أن تسمع له تعالوا نسمع لفلان الكوميدي … فينشأ جيل شحن بكل ما يريدون شحن الناس به ، وهذا أمر في العالم كله الآن صارت من أكبر طرق الإقناع واستمالة الناس وتزييف وعيهم من خلال هذه البرامج الكوميديا التي يهدفون من خلالها تزييف الوعي فالمذيع الذي أمامك صاحب أجندة سياسية بنبرة كوميدية .