فقه البيوع :3-الخيار في البيع

تاريخ الإضافة 15 أغسطس, 2023 الزيارات : 6190

فقه البيوع :3-الخيار في البيع

تعريف الخيار:

هو طلب خير الأمرين من الإمضاء أو الإلغاء، وهو أقسام نذكرها فيما يلي:

أولا / خيار المجلس:

إذا حصل الايجاب والقبول من البائع والمشتري وتم العقد فلكل واحد منهما حق إبقاء العقد أو إلغائه ماداما في المجلس أي محل العقد، ما لم يتبايعا على أنه لا خيار.
فقد يحدث أن يتسرع أحد المتعاقدين في الايجاب أو القبول، ثم يبدو له أن مصلحته تقتضي عدم إنفاذ العقد، فجعل له الشارع هذا الحق لتدارك ما عسى أن يكون قد فاته بالتسرع.
روى البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» أي أن لكل من المتبايعين حق إمضاء العقد أو إلغائه ماداما لم يتفرقا بالابدان، والتفرق يقدر في كل حالة بحسبها، ففي المنزل الصغير بخروج أحدهما، وفي الكبير بالتحول من مجلسه إلى آخر بخطوتين أو ثلاث، فإن قاما معا أو ذهبا معا فالخيار باق.
والراجح أن التفرق موكول إلى العرف، فما اعتبر في العرف تفرقا حكم به وما لا فلا.

ثانيا / خيار الشرط:

خيار الشرط هو أن يشتري أحد المتبايعين شيئا على أن له الخيار مدة معلومة وإن طالت إن شاء أنفذ البيع في هذه المدة وإن شاء ألغاه، ويجوز هذا الشرط للمتعاقدين معا ولأحدهما إذا اشترطه.

والأصل في مشروعيته: ما جاء عن ابن عمر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار».
أي لا يلزم البيع بينهما حتى يتفرقا، إلا إذا اشترط أحدهما أو كلاهما شرط الخيار مدة معلومة.
ومتى انقضت المدة المعلومة ولم يفسخ العقد لزم البيع.
ويسقط الخيار بالقول كما يسقط بتصرف المشتري في السلعة التي اشتراها بوقف أو هبة  لأن ذلك دليل رضاه.
ومتى كان الخيار له فقد نفذ تصرفه.

ثالثا / خيار العيب:

يحرم على الإنسان أن يبيع سلعة بها عيب دون بيانه للمشتري.
1- فعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه» رواه أحمد .
2- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».

حكم البيع مع وجود العيب:

ومتى تم العقد وكان المشتري عالما بالعيب فإن العقد يكون لازما ولا خيار له لأنه رضي به.
أما إذا لم يكن المشتري عالما به ثم علمه بعد العقد فإن العقد يقع صحيحا، ولكن لا يكون لازما، وله الخيار بين أن يرد المبيع ويأخذ الثمن الذي دفعه إلى البائع وبين أن يمسكه ويأخذ من البائع من الثمن بقدر ما يقابل النقص الحاصل بسبب العيب، إلا إذا رضي به أو وجد منه ما يدل على رضاه، كأن يعرض ما اشتراه للبيع أو يستغله أو يتصرف فيه.

ما حكم  عبارة ( البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل )  التي يكتبها بعض أصحاب المحلات التجارية؟

بيع السلعة بشرط ألا ترد ولا تستبدل لا يجوز لأنه شرط غير صحيح لما فيه من الضرر والتعمية ولأن مقصود البائع بهذا الشرط إلزام المشتري بالبضاعة ولو كانت معيبة واشتراطه هذا لا يبرؤه من العيوب الموجودة في السلعة لأنها إذا كانت معيبة فله استبدالها ببضاعة غير معيبة أو أخذ المشتري أرش العيب .

ولأن كامل الثمن مقابل السلعة الصحيحة وأخذ البائع الثمن مع وجود عيب أخذ بغير حق .

ولأن الشرع أقام الشرط العرفي كاللفظي وذلك للسلامة من العيب حتى يسوغ له الرد بوجود العيب تنزيلاً لاشتراط سلامة المبيع عرفاً منزلة اشتراطها لفظاً .

رابعا / خيار الغبن في البيع والشراء:

الغبن قد يكون بالنسبة للبائع، كأن يبيع ما يساوي خمسة بثلاثة.
وقد يكون بالنسبة للمشتري، كأن يشتري ما قيمته ثلاثة بخمسة.
فإذا باع الإنسان أو اشترى وغبن كان له الخيار في الرجوع في البيع وفسخ العقد، بشرط أن يكون جاهلا ثمن السلعة ولا يحسن المماكسة، لأنه يكون حينئذ مشتملا على الخداع الذي يجب أن يتنزه عنه المسلم.
فإذا حدث هذا كان له الخيار بين إمضاء العقد أو إلغائه.
ولكن هل يثبت الخيار بمجرد الغبن؟ قيده بعض العلماء بالغبن الفاحش، وقيده بعضهم بأن يبلغ ثلث القيمة، وأطلقه البعض بمجرد الغبن.
وإنما ذهبوا إلى هذا التقييد لأن البيع لا يكاد يسلم من مطلق الغبن، ولان القليل يمكن أن يتسامح به في العادة.
وأولى هذه الاراء أن الغبن يقيد بالعرف والعادة.
فما اعتبره العرف والعادة غبنا ثبت فيه الخيار، وما لم يعتبراه لا يثبت فيه.
وهذا مذهب أحمد ومالك، وقد استدلا عليه بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: ذكر رجل – اسمه حبان بن منقذ – للنبي صلى الله الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال: «إذا بايعت فقل: لا خلابة».
زاد ابن اسحاق في رواية يونس بن بكير وعبد الاعلى عنه: «ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فاردد».
فبقي ذلك الرجل حتى أدرك عثمان وهو ابن مائة وثلاثين سنة، فكثر الناس في زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئا، فقيل له: إنك غبنت فيه، رجع، فيشهد له رجل من الصحابة بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد جعله بالخيار ثلاثا، فترد له دراهمه.
وذهب الجمهور من العلماء إلى أنه لا يثبت الخيار بالغبن لعموم أدلة البيع ونفوذه من غير تفرقة بين ما فيه غبن وغيره.
وأجابوا عن الحديث المذكور: بأن الرجل كان ضعيف العقل، وإن كان ضعفه لم يخرج به عن حد التمييز، فيكون تصرفه مثل تصرف الصغير المميز المأذون له بالتجارة، فيثبت له الخيار مع الغبن، ولان الرسول، صلى الله عليه وسلم، لقنه أن يقول: لا خلابة، أي عدم الخداع، فكان بيعه وشراؤه مشروطين بعدم الخداع، فيكون من باب خيار الشرط.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 277 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم