الله أكبر!! سقط الطاغية وتحررت سوريا
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد !!
أهنئ جميع المسلمين وأخص إخواننا بسوريا بزوال ملك هذا الطاغية، سفاح الشام.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب عليه الخزي والصغار في الدنيا والآخرة، هو وكل من أعانه على سفك دماء المسلمين الأبرياء طوال هذه السنوات الصعبة العسيرة التي مرت على إخواننا بسوريا.
تأملت هذه الآية الكريمة: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۗ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (سورة الأنعام: 45)، التي خُتمت بالحمد لله( والحمد لله رب العالمين)، فهلاك الظالمين نعمة من الله عز وجل؛ فالحمد لله رب العالمين على زوال ملط الطاغية.
فعلوا ما فعلوا بشعوبهم للبقاء، وفي النهاية رحلوا إلى مزبلة التاريخ.
كانت آخر ثورات الربيع العربي ثورة سوريا، لكن كانت أصعبها وأطولها وأشقها.
عانى إخواننا بسوريا من التشريد والتقتيل والاعتقال، ورأينا مشاهد ورُويت حكايات خاصة في هذا السجن العجيب، سجن “صيدنايا”.
والله، إن الدمع ليتقلص في العين من قسوة ما نسمع، فما بالكم بمن عاين وعايش؟
رأينا شيباً كباراً خرجوا بعد فتح هذا السجن …وكانوا قد دخلوه في سن الشباب خلال أحداث حماة في سنة 1982م، إلى يومنا هذا لم يروا الضوء ولم يروا نسيم الحرية إلا في هذه الأيام الماضية.
أحد الشباب أول ما خرج ورأى السماء بكى من الفرح، وقال: لي أربع سنين لم أرَ السماء أبداً، وقال بأنه له أربعة أيام لم يأكل ولم يشرب شيئاً، تركوه في الزنزانة الانفرادية ، وهربوا كالفئران المذعورة.
حسبنا الله ونعم الوكيل:
وقصص النساء والاغتصاب، واللواتي أنجبن في السجون، والأطفال الذين سُجنوا، والشباب في سن الثانية عشر والثالثة عشر، وحكايات طويلة وكبيرة يندى لها جبين الإنسانية.
والله، أنا لا أدري هؤلاء الزبانية كانوا بشراً فعلاً مثلنا؟ أم كانوا قطيعاً من الذئاب والوحوش؟؟!!!
فعلوا هذا ببني جنسهم حرصاً على إبقاء هذا الفاشل على كرسيه؟
هناك مقطع مشهور لشاب يدفنونه حياً ويقولون له: “قل لا إله إلا بشار”. لا حول ولا قوة إلا بالله.
هل وصل الجنون لهذا الحد؟ “لا إله إلا بشار”! إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد قرأت الكثير والكثير عن الأنظمة الفاشية الظالمة، ولكن والله يا إخواني ما سمعناه عن سجن “صيدنايا” وأخبار المعتقلين شيء لا يُتصور.
والله يا إخواني، أشياء البكاء والتألم عليها لا يكفي.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم الشهداء الذين قضوا نحبهم ظلماً في هذه السجون، وأن يشفي الله تعالى المرضى الذين أصابهم ما أصابهم من الألم والعذاب النفسي والضرر وفراق الأهل. … والله الكلمات تتزاحم على فميمن هول ماسمعناه فقط خلال الأيام الماضية… نسأل الله أن يعوضهم خيراً، ونسأل الله أن يرد كل من أصابته صدمات نفسية أو عصبية إلى رشده. اللهم آمين.
وأن يعوض الله أهلنا بسوريا خيراً عن صبرهم وعن مصابهم في هذه السنوات الماضية.
فرعون سوريا:
وأنا أقرأ يا إخواني الأرقام، تذكرت فرعون الذي ضرب القرآن المثل به في الطغيان: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (سورة القصص: 4-5).
قضية فلسطين القضية الكبرى للأمة. عدد الفلسطينيين على مستوى العالم اللاجئين7 مليون.
عدد إخواننا بسوريا تشير الإحصائيات الرسمية إلى 13مليون.
أخرجهم طاغية الشام، وشردهم في البلاد.
الإحصائيات الأولية للقتلى حوالي نصف مليون، القتلى بالبراميل المتفجرة والهجوم بالطيران وكل هذه الأدوات التي استخدمها هذا الفاجر ومن عاونه. نصف مليون، مئات الآلاف من المختفين لا يعرف أهاليهم أين هم، هل هم أحياء أم هم أموات.
والله، أحد الإخوة من سوريا قال لي : ابن عمي أخذنا عزاءه وماتت أمه بعد أسبوعين من خبر وفاته كمداً وحزناً… خرج شيخاً، شيبة كبيرة في الـستين من عمره. له43 سنة في السجن، أخذوا عزاءه على أنه ميت. لا إله إلا الله.
أحد الإخوة من الأردن ذكر أن ابنه ذهب إلى دمشق للتقديم في الجامعة، فقبضوا عليه بتهم جاهزة وسجنوه، سبحان الله العظيم، هذا كان في الثمانينات. الولد خرج الآن فاقد الذاكرة، لا يعي شيئاً، لا يدرك شيئاً. كل ما يستطيع أن يتذكره قال: أنا من إربد فقط. لا يتذكر شيئاً.
شاب فلسطيني نفس الكلام، ذهب ليقدم في الجامعة، خرج من السجن في سن الـ67 سبحان الله.
أنا أرى أن هذه النفسيات نفسيات سادية…. يعني لم يعدمهم ولم يفرج عنهم، إنما تركهم هكذا تحت ضغط القهر والتعذيب والتجويع ومصادرة أي حرية في أي شيء.
أحد الإخوة الذين كانوا معتقلين قال: الصلاة ممنوعة نهائياً. نحن مراقبون 24ساعة. إذا حصل وشك الحارس في أنك كنت تتوضأ أو أردت الصلاة، فإن لم يكن عقوبتك القتل فهي الضرب العنيف بتكسير الأيدي والأرجل وخمسة أضلاع لئلا تعاود هذه الجريمة المنكرة في عرف هؤلاء الوحوش.
قال: كنا نصلي بأعيننا، مجرد الحركات فقط. لو شك الحارس أنك تصلي أو تومئ بالركوع والسجود، يدخل فينهال عليك ضرباً.
وقال: ما كان مسموحاً لنا بمعرفة أي حارس ولا ضابط ولا مسؤول لأن منتهى بصرنا رُكبة الحارس. رُكبته فقط.
من يرفع بصره انتهت حياته مباشرة، يُصوَّب عليه بالسلاح ويُقتل. أعوذ بالله، أعوذ بالله.
سبحانك ربي ما أحلمك على هؤلاء الطغاة الظلمة.
صدق الله حينما تكلم عن فرعون قال: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ} (سورة القصص: 39). لولا هؤلاء الأنجاس، لولا هؤلاء الوحوش، لولا هؤلاء الساديين ما ساد هذا الفاجر الظالم. سبحان الله.
فأقول يا إخواني إن فرعون سوريا أقبح وأشد من فرعون موسى الذي ذُكر في القرآن.
على الأقل فرعون موسى كان يقتل الأبناء الذكور عاماً ويتركهم عاماً.
وكان يُبقي النساء للخدمة، يستحيي نساءهم، يعني يُبقيهم على الحياة.
هذا وجنوده وزبانيته وأعوانه لم ينجُ من أذاهم لا صغير ولا كبير، ولا رجل ولا امرأة، ولا شاب ولا شيخ.
الكل ناله من الأذى ما ناله. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فكان هذا السفاح وأعوانه شراً على شعبه بسوريا من فرعون. لعنه الله عليه وعلى كل فرعون.
وأنا على يقين أن هذه الأنظمة الظالمة حينما تزول بأمر الله عز وجل، وفي الوقت الذي يقدره الله ستنكشف فضائح وفضائح، الله بها عليم.
رحل اللعين، رحل البائس، رحل الفاشل، رحل السفاح، وبقيت سوريا حرة أبية آمنة.
بقيت سوريا بأهلها وأمنها وأمانها، وأعاد الله عليهم الفرحه بالنصر والتمكين وتحققت ثورتهم التي ابتدؤوها من عام2011.
لكل شيء نهاية، ولكل ظالم نهاية، ومهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر.
وأشد ساعات الليل حلكة وسواداً هي الساعة التي يعقبها طلوع الفجر.
طوفان الأقصى هو طوفان للمنطقة كلها:
من يستعجل النهاية نقول له: لا تتعجل، فإن الشام أرض الملاحم، هي الأرض المباركة.
الملائكة باسطة أجنحتها على الشام، فطوبى للشام وأهلها. (كما قال النبي صلى الله عليه وسلم)
والشام هي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، انقسمت الشام إلى هذه الدول بعد اتفاقية “سايكس بيكو” المعروفة عام1916م ، والتي كان فيها تقسيم ولاية الشام التابعة للخلافة العثمانية بين فرنسا وبريطانيا كما هو معلوم تاريخياً.
ومن يومها وضعت النزاعات ووُضع الشقاق والخلاف إلى يومنا هذا في هذه الأراضي.
لكن الأحداث تتسارع، والأمور تتغير، وسنة الله تعالى (سنة التدافع) التي تكلمنا عنها في خطبة سابقة تعمل.
سلط الله ظالماً على ظالم…. حزب اللات فعل ما فعل بأهل السنة فكسر الله جناحه على يد إسرائيل. ثم بعد ذلك أزال الله عون روسيا لهذا اللعين البائس، وانشغلت بأوكرانيا، فانكسرت شوكة إيران في سوريا، وانكسرت شوكة روسيا، وبقي عارياً وحيداً.
لم نسمع في التاريخ أن نظاماً كان يبدو بمنتهى القوة والظلم والطغيان ينهار في خمسة أيام فقط.
طبعاً هي ليست خمسة أيام كما يظن البعض، بل هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
هذا النظام منذ 14 عام تقريباً وهو يعاني، لكنه كان كالمريض الذي يضخون الدماء في جسمه لعله يبقى.
وما زال يضعف ويضعف حتى كانت نهايته. وفر بشار كالفأر المذعور ولم تبقَ له باقية.
دخل الثوار إلى قصوره، وإلى غرف نومه ومطبخه، رأوا طعاماً يكفي لإطعام سوريا كلها.
رأوا ترفاً وبذخاً وأشياء، سبحان الله، تبين لنا كيف أن هؤلاء الفجرة الظلمة يعيشون بعيداً عن الناس.
يعاني الناس، يجري ما يجري للناس، لكنهم باقون على كراسيهم.
وحولهم الأعوان من الجنود الظلمة والفجرة الذين يعينونهم على الظلم.
لولا هؤلاء الأعوان ما بقي هؤلاء الظلمة، لكن سبحان الله، أخسر الخاسرين من باع آخرته بدنيا غيره. فلا ربح دينه، ولا ربح دنياه، ولا ربح آخرته. {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (سورة هود: 18) وأعوانهم.
كان الحجاج الثقفي سفاكاً للدماء، وكان يرى أن أهم عمل يقوم به لتثبيت دعائم الدولة الأموية أن يقتل كل من يشك فيه.
رأى أحد العلماء رجلاً أمسكوا به وقتلوه بتهمة أنه يحاول نقض البيعة للخليفة. فقال في نفسه مناجياً ربه: “يا رب، إن حلمك على هؤلاء الظالمين أضر بالمظلومين.”
فرأى الرجل في ليلته رؤيا أنه في الجنة، ورأى الرجل الذي قُتل يتقلب في نعيمها، وسمع الصوت يقول له: “حلمي على الظالمين أسكن المظلومين أعلى عليين.”
فالله سبحانه وتعالى قضى بحكمته هذه الابتلاءات، وهذا الأمر الذي نالوا به الشهادة الذين صبروا وثبتوا في مواجهة هذا الطاغية، ونالوا الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى. فكل من أفنى وقدم حياته في وجه هذا الظالم نحسبه عند الله من الشهداء، وكل من سُجن ظلماً ولقي الله عز وجل إما بالتجويع، وإما بالأذى، وإما بإطلاق الرصاص، نقول هو عند الله شهيد.
كلنا سنموت، ولكن شرف الله تعالى هؤلاء الشهداء بهذه الميتة الشريفة التي صنعها الله لهم وكتب لهم بها الأجر العظيم.
فيما حدث عظة وعبرة:
أقول للجميع: إخواني، فيما حدث عظة وعبرة.
كلنا نؤمن بحكمة الله وعدل الله التام، وأن كل ظالم لا بد لظلمه من نهاية، وأن كل حاكم حكم شعبه بالحديد والنار سيأتي اليوم الذي يضعف فيه ويفر، ولا ينفعه ملكه بشيء أبداً.
سبحان من يغير ولا يتغير.
الظلم لن يدوم، والقوة لن تدوم، والطغيان وظلم الأبرياء وحصارهم لن يدوم.
هذا الذي حدث هو نذير لكل حكام المنطقة، كلهم عروشهم زائلة، وظلمهم له نهاية، والمسألة مسألة وقت حتى تنكشف الأمور، فإن الله يهيئ المنطقة لأمر يطويه الله تعالى في صفحة الغيب القريب.
وأنا لا أريد أن أستعجل الأمور، كما فعل البعض الآن على الفيسبوك واليوتيوب، يتكلمون عن ظهور المهدي والملحمة الكبرى وهذه الأشياء. نقول: الأمور كلها بيد الله، يظهرها الله تعالى وقتما يشاء وفي الوقت الذي يريد.
لكننا الآن ننشغل بإخواننا في سوريا، ونهنئهم بفرحتهم وأمنهم وأمانهم وتحرير أسراهم.
ثم بعد ذلك فليبحثوا عن مشاكلهم وعلاجها، وتأمين القوت والمأوى وعودة اللاجئين، إلى آخر هذه المشاكل الكبيرة.
ماذا بعد؟
أرى أن نترك الأمر لأولي الأمر في هذا المكان.
والبعض يقول: “أنا قلق على سوريا، أنا خائف على سوريا.” نقول: هذا التصريح الذي كثر على ألسنة السياسيين هو تصريح بالخوف من نجاح سوريا.
والله يا إخواني، صدقوني، هؤلاء يخافون أن تنجح التجربة في سوريا، لأن نجاحها سيكون بعد ذلك سبباً للكثير من الأحداث التي ربما تتكرر، كما حدث في تونس، وتلتها مصر، ثم ليبيا وهكذا.
وإن كانت الثورات لم تتم وأُجهضت، لكن هذا كله إنما هو من الإعلام المغرض، من صهاينة العرب الذين يروجون هذه السخافات.
والله العظيم، إنهم لا يخافون الآن أن تنجح الثورة بمعنى النجاح التام، بل يخافون أن تتحد سوريا، يخافون أن تكون سوريا في أمن وأمان.. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (سورة يوسف: 21).
فليفرح إخواننا بسوريا، ولنهنئهم، ولنسعَ في تضميد جراحهم، ونعزّيهم في شهدائهم، ونقول لهم: أعانكم الله على ما أنتم مقبلون عليه.
وأردد مع نبي الله موسى: {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (سورة الأعراف: 129).
فاللهم انصر أهل الحق في سوريا، وانصر أهل الحق في غزة، وانصر أهل الحق في كل مكان.
وفرّج كرب كل مكروب.
اللهم فرّج كرب كل مكروب،
وفك أسر كل مأسور،
وأذِن يا رب العالمين بأن تبسط رحمتك وسكينتك على هذه المنطقة التي تعاني من الدماء والأشلاء والشهداء.
اللهم إنا في أمانك وأمنك وحفظك وعنايتك.
فاللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،
وأذِن بفرج منك قريب، يا أرحم الراحمين.