شروط صحة الصلاة قبل الدخول فيها
الشرط كما عرفه علماء الأصول ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجودا ولا عدما، كالوضوء للصلاة، فإنه يلزم من عدمه عدم الصلاة ولا يلزم من وجوده وجودها ولا عدمها.
والمقصود هنا الشروط التي تتقدم الصلاة ويجب على المصلي أن يأتي بها بحيث لو ترك شيئا منها تكون صلاته باطلة وهي خمسة:
(1)العلم بدخول الوقت:
ويكفي غلبة الظن، فمن تيقن أو غلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة، سواء كان ذلك باختيار الثقة، أو أذان المؤذن المؤتمن، أو الاجتهاد الشخصي أو أي سبب من الأسباب التي يحصل بها العلم ، فإذا صلى قبل دخول وقت الصلاة أعاد .
(2) الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر :
لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا) ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول) رواه الجماعة إلا البخاري.
الغلول : السرقة من الغنيمة قبل قسمتها.
(3) طهارة البدن والثوب والمكان :
الذي يصلى فيه من النجاسة الحسية، متى قدر على ذلك، فإن عجز عن إزالتها صلى معها، ولا إعادة عليه.
أما طهارة البدن فلحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه) رواه الدارقطني وحسنه.
وعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: (توضأ واغسل ذكرك) رواه البخاري وغيره.
وأما طهارة الثوب، فلقوله تعالى: (وثيابك فطهر) سورة المدثر آية: 4.
وعن جابر بن سمرة قال: سمعت رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: (نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله) رواه أحمد وابن ماجه بسند رجاله ثقات
وعن معاوية قال: (قلت لأم حبيبة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى) رواه أحمد وأصحاب السنن، إلا الترمذي.
من صلى وعليه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة هل يعيدها ؟
للعلماء ثلاثة أقوال :
1-مالك : صلاته باطلة وعليه الإعادة إذا علم بالنجاسة في الوقت ولا إعادة عليه بعد الوقت .
2-الشافعي ورواية عن أحمد : صلاته باطلة وعليه الإعادة ولو بعد الوقت لأنه فقد شرطا من شروط صحة الصلاة فبطلت ولزمه الإعادة .
3-صلاته صحيحة ولا إعادة عليه : وبه قال ابن عمر وعطاء وسعيد بن المسيب ومجاهد وأبو ثور وإسحق والشعبي والنخعي والأوزاعي وهو رواية عن أحمد واختاره ابن المنذر وحجتهم :
أ-أنه لم يعلم بالنجاسة وقد قال الله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) وفي الحديث قال الله قد فعلت ) رواه مسلم
ب-حديث أبي سعيد الخدري بينما رسول الله يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا .
فقال رسول الله : إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا ، وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ) رواه أبو داود وصححه الألباني
فإن النبي هنا بنى على ما مضى من صلاته حتى أتمها ولو كانت باطلة لاستأنفها من أولها .
وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه فلحديث أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به.
فقال صلى الله عليه وسلم: (دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) رواه الجماعة إلا مسلما.
السجل: هو الدلو إذا كان فيه ماء. والذنوب: الدلو العظيمة الممتلئة ماء.
ولأهل العلم في هذه النصوص قولان :
الأول / قول جمهور العلماء :
إن هذه النصوص فيها الأمر باجتناب النجاسة والأمر بالشئ نهي عن ضده ، والنهي في العبادات يقتضي الفساد؛ فاستدل بذلك على الشرطية .
الثاني /قول الشوكاني : إن هذه النصوص تدل على وجوب طهارة الثوب والبدن لكن إذا صلى شخص مباشرا للنجاسة ، أو حاملا لها فهو آثم وصلاته صحيحة ، لأن هذه النصوص ليس فيها ما يفيد نفي ذات الصلاة أو صحتها ؛ بخلاف الطهارة من الحدث ،ولا يستلزم الواجب أن يكون شرطا (السيل الجرار 1/157،158)
إذن بعض أهل العلم يرى أن التنزه من النجاسة في الثوب والبدن والمكان ليس شرطا وإنما هو واجب.
ما الفرق؟
إذا كان شرطا فإن الصلاة لا تصح إلا بوجود هذا الشرط، وإذا قيل إنه واجب تصح مع الإثم ،وهذا يشابه من صلى في ثوب حرير فهو عاص للبسه الحرير ولكن صلاته صحيحة ،فلو استبدلنا في المسألة الثوب الحرير بالثوب النجس لصار الحكم واحد
* مسألة1 :امرأة معها طفل يلبس الحفاظة و بال الطفل فيها، أو تبرز، فحملته المرأة وهو كذلك فما حكم الصلاة؟
إن كانت النجاسة لا تخرج إلى يد المرأة فصلاتها صحيحة؛ لأن النجاسة متعلقة بالطفل و ليست متعلقة بالأم، والفقهاء يمثلون لهذه المسألة بمثال:
لو أن الإنسان صلى وبيده حبل متصل بنجس، فللعلماء قولان :
الأول : لا تصح صلاته؛ لأن النجاسة متصلة به.
الثاني : الصلاة صحيحة إذا كان يسجد ويصلي في مكان طاهر فلا يضر اتصاله بحبل بهذه النجاسة، وهذا هو الأرجح.
*مسألة 2 : إذا كان المكان نجسا وفرش عليه فرشا طاهرا فهل الصلاة صحيحة أو لا؟
الصلاة صحيحة؛ ولكن تكره ،صحيحة لأنه لم يباشر النجاسة، وتكره لقرب النجاسة، ولكن الذي يظهر –والله أعلم- أنه إذا لم يباشر النجاسة وكان الفراش صفيقا حاجزا للنجاسة فإنها تصح بلا كراهة.
مسألة 3 : إذا لم يجد إلا مكانا نجسا أو ثوبا نجسا ؟ولا يستطيع تطهيره فما الحكم؟
يصلي فيهما ولا إعادة عليه، وبعض أهل العلم يقول: يصلي ويعيد؛ إذا وجد مكانا طاهرا أو ثوبا طاهرا، ولكن الأرجح –والله أعلم- أنه فعل ما استطاع ولم يتمكن ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
(4) سترة العورة:
حد العورة من الرجل:
العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ والسرة والركبة فقد اختلفت فيها الأنظار تبعا لتعارض الآثار فمن قائل بأنها ليست عورة ومن ذاهب إلى أنها عورة.
اختلف العلماء في حد عورة الرجل:
أولاً: ذهب ابن حزم وداوود وأهل الظاهر وابن أبي ذئب والطبري إلى القول بأن العورة هما السوأتان فقط، أي القبل والدبر دون غيرهما من الأعضاء، وروي عن احمد مثل هذا وكذلك عن مالك واستدلوا بما يلي:
1. بقوله تعالى: «لباساً يواري سوءاتكم». وبقوله «بدت لهما سوءاتهما»، وبقوله «ليريهما سوءاتهما».
2. عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على حاله ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه. فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟ فقال: (يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه) رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقا.
3. ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله غزا خيبراً فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب رسول الله وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى في زقاق خيبر، وان ركبتي لتمس فخذ النبي ، ثم حسر الازار عن فخذه، حتى انظر الى بياض فخذ النبي » البخاري
قال ابن حزم: فصح أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة لما كشفها الله عز وجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهر المعصوم من الناس، في حال النبوة والرسالة ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة، في حال الصبا وقبل النبوة، ففي الصحيحين عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له عمه العباس: يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة؟ قال فحله وجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه، فما رئي بعد ذلك اليوم عريانا.
4. وعن مسلم عن أبي العالية البراء قال: إن عبد الله ابن الصامت ضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: (صل الصلاة لوقتها) إلى آخر الحديث.
قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله، من أبي ذر أصلا بيده المقدسة؟ ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبو العالية.
وما يستحل لمسلم أن يضرب بيده على قبل إنسان، على الثياب ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة.
ثانياً: وذهب الحنفية الى القول بأن عورة الرجل ما بين السرة الى الركبة، والسرة ليست من العورة بخلاف الركبة، ثم حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ، وفي الفخذ أخف منه في السوأة، حتى ينكر عليه في كشف الركبة برفق، وفي الفخذ بعنف، وفي السوأة يضرب إن اصر.
ثالثاً: ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة في القول الراجح عندهم إلى أن عورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه، وليست السرة، ولا الركبتان من العورة، ولكن يجب ستر الجزء الملاصق منهما لهما لتمام سترها الواجب.
واستدل الجمهور بهذين الحديثين:
1 –عن محمد بن جحش، قال: مر رسول اللّه على معمر، وفخذاه مكشوفتان، فقال: “يا معمر، غط فخذيك؛ فإن الفخذين عورة”رواه أحمد، والحاكم، والبخاري في “تاريخه”، وعلقه في “صحيحه“.
2 وعن جَرْهَدٍ ، قال: مر رسول اللّه ، وعليَّ بُرْدة، وقد انكشفت فخذي، فقال: “غط فخذيك؛ فإن الفخذ عورة” رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن، وذكره البخاري في “صحيحه” معلقاً.
قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جَرْهَد أحوط. أي؛ حديث أنس المتقدم أصح إسناداً.
قال ابن القيم : وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشـفهما لكونهما عورة مخففـة.
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” ( 32 / 57 ) : ” اختلف الفقهاء في اعتبار فخذ الرجل عورة ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن فخذ الرجل عورة , ويجب سترها .
وذهب جماعة من العلماء ومن بينهم عطاء وداود , ومحمد بن جرير وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية – وهو رواية عن أحمد – إلى أن الفخذ ليس من العورة ” انتهى .
قال ابن بطال رحمه الله : ” احتج بحديث أنس ، وحديث زيد بن ثابت من قال : إن الفخذ ليست بعورة ؛ لأنها لو كانت عورة يجب سترها ما كشفها النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ، ولا تركها مكشوفة بحضرة أبى بكر وعمر .
فيكون معنى قوله : ( الفخذ عورة ) ، على المقاربة والجوار ، وقد أجمعوا أن من صلى منكشف القبل والدبر ، أن عليه الإعادة ، واختلفوا فيمن صلى منكشف الفخذ ، فدل أن حكمه مخالف لحكم القبل والدبر ؛ لاختلاف المعنى فى ذلك .
فإن قال قائل : لم غطى النبى صلى الله عليه وسلم ركبته حين دخل عليه عثمان بن عفان ؟ قيل : قد بَيَّن النبى صلى الله عليه وسلم ، معنى ذلك بقوله : ( ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء ) ” انتهى بتصرف يسير من ” شرح صحيح البخاري لابن بطال ” ( 2 / 33 – 34 ) .
وقال ابن حجر رحمه الله : ” ومما احتجوا به – أي القائلون : بأن الفخذ ليس بعورة – قول أنس رضي الله عنه في هذا الحديث : ( وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه و سلم ) إذ ظاهره أن المس كان بدون الحائل ، ومس العورة بدون حائل لا يجوز ، وعلى رواية مسلم ومن تابعه في أن الإزار لم ينكشف بقصد منه صلى الله عليه وسلم ، يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك ؛ لأنه وإن جاز وقوعه من غير قصد ، لكن لو كانت عورة لم يُقر على ذلك ؛ لمكان عصمته صلى الله عليه و سلم ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 1 / 481 ) – ترقيم الشاملة – .
هذا هو ما استدل به كل من الفريقين، وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين، وإن كان الأحوط في الدين أن يستر المصلي ما بين سرته وركبته ما أمكن ذلك.
قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط: أي حديث أنس المتقدم أصح إسنادا.
ما حكم لبس البنطلون للرجال هل هو من التشبه بالكفار ؟
التشبه بالكفار المنهي عنه هو: ما كان تشبها فيما اختصوا به من شعائر دينهم وعاداتهم كلبس الصليب، والاحتفال بليلة عيد الميلاد الكريسماس . أما ما كان الأمر فيه مشتركاً عمله بين المسلمين والكفار، من أكل ولبس، ومنه لبس البنطلون، فهذا خارج نطاق التشبه ، إلا أن يلبس على هيئة يختص بها الكفار أو كان لباسا يميزهم ، مثل طاقية اليهود ، فيكون حينئذ تشبها . والله أعلم.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة بالكفار المنهي عنها فأجابوا : ” المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها : مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات ، وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات ، كمشابهتهم في حلق اللحية … أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من اللباس ، فالأصل في أنواع اللباس الإباحة ، لأنَّهُ من أمور العادات ، قال تعالى : ( قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الآية ، ويستثنى من ذلك ما دلَّ الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال ، والذي يصف العورة لكونه شفافاً يُرى من ورائه لون الجلد ، أو ككونه ضيقاً يحدد العورة ، لأنه حينئذ في حكم كشفها , وكشفها لا يجوز ، وكالملابس التي هي من سيما الكفار فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم ، وكلبس الرجال ملابس النساء , ولبس النساء ملابس الرجال , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال .
وليس اللباس المسمى بالبنطلون مما يختصُّ بالكفار ، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول ، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في اللباس ، وإن كان ذلك موافقاً لعادة غيرهم من المسلمين ، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألاَّ يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات ” انتهى . ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 3 / 307 – 309 ) .
كشف الرأس في الصلاة:
روى ابن عساكر عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه . و الحديث ضعفه الألباني
لكن الصلاة بغير عمامة لا حرج فيها ؛ لأن الرأس ليس بعورة ، ولا يجب ستره في الصلاة ، سواء كان المصلي إماماً أو منفرداً أو مأموماً ، ومعلوم أن المحرمين بالحج من الذكور يصلون كاشفي الرؤوس ؛ لكونهم ممنوعين من سترها حال الإحرام ، فعلم بذلك أن كشف الرأس في الصلاة لا حرج فيه ولم يرد دليل بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة.
حكم الصلاة بالثوب الأبيض مع ظهور الملابس الداخلية من الجلباب :
حتى يكون الثوب ساتراً لا بد أن يحجب لون البشرة ، فإن ظهر لون البشرة من تحته ، فإنه لا يعد ساتراً .
قال ابن قدامة في “المغني” (1/337) : ” والواجب الستر بما يستر لون البشرة ، فإن كان خفيفا يَبِينُ لونُ الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه ؛ لأن الستر لا يحصل بذلك ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (2/148) :
” إذا كان الثوب الذي على البدن يبين تماما لون الجلد فيكون واضحا ، فإن هذا ليس بساتر ، أما إذا كان يبين منتهى السروال من بقية العضو فهذا ساتر ” انتهى
والثوب الأبيض الذي يلبسه الناس اليوم متفاوت بحسب نوع القماش ، فبعضه يستر لون البشرة ، وبعضه رقيق يظهر من ورائه لونها ، والضابط في تحديد الساتر من غيره هو أنه إذا كان الناظر إلى لابسه لا يستطيع تمييز لون بشرته : بياضها من حمرتها من سوادها فيعد حينئذ ساترا مجزئا ، ولا حرج من الصلاة فيه ولو بغير سروال طويل .
أما إذا أمكن الناظر تمييز لون بشرة لابسه ، فهذا ثوب شفاف لا يعد ساترا ، ولا تجزئ الصلاة فيه .
حد العورة من المرأة:
بدن المرأة كله عورة يجب عليها ستره، ما عدا الوجه والكفين قال الله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ، أي ولا يظهرن مواضع الزينة، إلا الوجه والكفين، كما جاء ذلك صحيحا عن ابن عباس وابن عمر وعائشة، وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) رواه الخمسة إلا النسائي
والمقصود بالحائض هنا من بلغت سن الحيض أي البالغة، والخمار غطاء الرأس.
هل يصح انكشاف قدم المرأة في الصلاة ؟
للعلماء قولان:
1-ستر قدمي المرأة في الصلاة واجب تبطل صلاتها إذا صلت وهما مكشوفان وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي ودليلهم: حديث أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ فقال: نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها” والحديث رغم ضعفه إلا أنهم حسنوه لشواهده
والدرع : القميص.
وبما روى ابن عمر أن رسول الله قال:”لا ينظر الله لمن جر ثوبه خيلاء” فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:”يرخين شبراً” فقالت: إذاً تتكشف أقدامهن، قال:”فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه” رواه الترمذي
2-وخالفهم في ذلك أبو حنيفة –رحمه الله– وقال: سترهما ليس بواجب فلا تبطل صلاتها لو صلت وهما مكشوفان واحتج بقياسهما على الكفين ولأنهما يغسلان في الوضوء ويظهران غالباً.
واختار هذا القول ابن تيمية في الفتاوى(22/72)
وقال الشيخ ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (2/161) : ” وليس هناك دليل واضح على هذه المسألة ، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه والكفان والقدمان . وقال : إن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كُنَّ في البيوت يَلْبَسْن القُمُص ، وليس لكل امرأة ثوبان ، ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه ، فتكون القدمان والكفان غير عورة في الصلاة ، لا في النظر ، وبناء على أنه ليس هناك دليل تطمئن إليه النفس في هذه المسألة فأنا أقلد شيخ الإسلام فيها ، وأقول : إن هذا هو الظاهر ، إن لم نجزم به ، لأن المرأة حتى وإن كان لها ثوب يضرب على الأرض فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدميها ” انتهى
ويمكن أن يقال:
إن تغطية القدمين في الصلاة ورد على وجه الندب والاستحباب لا على وجه الحتم والإيجاب، فلا تكون القدمان من العورة الواجب سترها، يقوي هذا التأويل أن الحاجة تدعو إلى كشف القدمين، إذا مشت حافية؛ لعدم تيسير ما تلبسه في قدميها، ثم إن الاشتهاء لا يحصل بالنظر إلى القدم كما يحصل بالنظر إلى الوجه، فإذا لم يكن الوجه عورة مع كثرة الاشتهاء فالقدم أولى أن لا يكون عورة.
وعليه: فلا يجب على المرأة ستر القدمين ، ولكن الأولى سترهما . والله أعلم.
ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون في بيتها؟
تكاد تتفق عبارة الفقهاء بأن ما يستر العورة تصح به الصلاة بشرط ألا يصف لون البشرة من بياض أو حمرة أو سواد ،وأما إن كان كثيفا لكنه ضيق فلم يرد ما يفيد حرمته .
قال ابن مفلح (تلميذ شيخ الإسلام) في المبدع (1|359) عن الستر في الصلاة: «إذا وصف بياض الجلد أو حمرته، فليس بساتر. وإذا ستر اللون ووصف الخلقة –أي حجم العضو–، صحت الصلاة فيه، لأن البشرة مستورة. وهذا لا يمكن التحرّز منه، وإن كان الساتر صفيقاً».
وقال النووي في المجموع (3|170): «قال أصحابنا يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يُشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي يُظهر بعض العورة من خلله. فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والإلية ونحوهما، صحت الصلاة فيه لوجود الستر».
وفي المغني (1|651): «فإن كان خفيفاً يُبَيِّن لون الجلد من ورائه -فيُعلم بياضه أو حمرته- لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. وإن كان يستر لونها ويصِف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرّز منه، وإن كان الساتر صفيقاً».
وينبغي أن يلاحظ حرمة خروج المرأة به في الشارع لأن من شروط الحجاب الشرعي ألا يصف ولا يشف بالإضافة أن فيه تشبه بالرجال .
إذا انكشف من العورة يسير منها ما الحكم ؟
نص أحمد وأبو حنيفة أن الصلاة لا تبطل
واستدلوا بحديث عمرو بن سلمة قال : ….فانطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة فقال يؤمكم أقرؤكم وكنت أقرأهم لما كنت أحفظ فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء فكنت إذا سجدت تكشفت عني فقالت امرأة من النساء واروا عنا عورة قارئكم فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به فكنت أؤمهم وأنا بن سبع سنين أو ثمان سنين)رواه أبو داود و صححه الألباني.
(5) استقبال القبلة:
اتفق العلماء على أنه يجب على المصلي أن يستقبل المسجد الحرام عند الصلاة.
لقول الله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (البقرة آية 144)
وعن البراء قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم صرفنا نحو الكعبة) رواه مسلم.
حكم المشاهد للكعبة، وغير المشاهد لها:
المشاهد للكعبة يجب عليه أن يستقبل عينها، والذي لا يستطيع مشاهدتها يجب عليه أن يستقبل جهتها، لان هذا هو المقدور عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح
بم تعرف القبلة؟
كل بلد له أدلة تختص به يعرف بها القبلة.
ومن ذلك المحاريب التي نصبها المسلمون في المساجد، وكذلك بيت الإبرة (البوصلة)
حكم من خفيت عليه:
من خفيت عليه أدلة القبلة، لغيم أو ظلمة مثلا وجب عليه أن يسأل من يدله عليها، فإن لم يجد من يسأله اجتهد وصلى إلى الجهة التي إليها اجتهاده، وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، حتى ولو تبين له خطؤه بعد الفراغ من الصلاة، فإن تبين له الخطأ أثناء الصلاة استدار إلى القبلة ولا يقطع صلاته.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الله قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها.
وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، متفق عليه.
ثم إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة لزمه إعادة الاجتهاد إذا أراد
صلاة أخرى، فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني، ولا يعيد ما صلاه بالأول.
متى يسقط الاستقبال ؟
استقبال القبلة فريضة، لا يسقط إلا في الأحوال الآتية:
(1) صلاة النفل للراكب: يجوز للراكب أن يتنفل على راحلته، يوميء بالركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وقبلته حيث اتجهت دابته.
فعن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به. رواه البخاري ومسلم
وعند أحمد ومسلم والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله(
(2) صلاة المكره والمريض والخائف: الخائف والمكره والمريض يجوز لهم الصلاة لغير القبلة إذا عجزوا عن استقبالها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) .
وفي قول الله تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) قال ابن عمر رضي الله عنهما: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، رواه البخاري.