بيوت تدخلها الملائكة وتطرد عنها الشياطين (خطبة مفرغة)
بيوت وبيوت :
ندخل بعض البيوت فنشعر بانشراح صدر وراحة نفسية ، وندخل بعض البيوت فنشعر بضيق وانقباض في الصدر، والبعض يرى في بيته أنه سكن وهدوء وراحة وطمأنينة فيبادر بالعودة إليه، والبعض يفر منه فرارا ويجد نفسه مضغوط نفسيا ولا يحب أن يرجع إليه إلا للنوم فقط.
ما السر في ذلك ؟
السبب أن هناك بيوت فيها الملائكة ، وبيوت فيها الشياطين ،هذه المسألة ليست من قبيل المبالغة إنما هي حقيقة ، فالملائكة خلقوا من نور لا يعرفون إلا طاعة الله -سبحانه وتعالى- -( يسبحون الليل والنهار لا يفترون )- [الأنبياء/20] فهم يحبون كل مكان فيه طاعة لله -سبحانه وتعالى- وهم ينتشرون في الأرض يبحثون عن الأماكن التي فيها طاعة لله كما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتواجدهم في الأرض ليس مرتبطا بالمساجد فحسب ؛فهم في المساجد معنا الآن والحمد لله ، وأيضا في بيوت المؤمنين حينما يكون في البيت طاعة لله ، فلما يكون البيت فيه ملائكة تجد فيه الطمأنينة والسكينة والراحة والهدوء .
وعلى العكس حينما يكون البيت خاليا من طاعة الله وذكره -سبحانه وتعالى- فلا شك أنه عند ذهاب الملائكة ستحل فيه الشياطين.
وما أدراك ببيت تسكن فيه الشياطين؟
كله ضغوط نفسية وعصبية ومشاكل وضيق صدر وعدم راحة وعدم أمان،مشاكل بين الزوجين ، خلافات بين الاولاد ، يقوم الطفل من نومه مفزوعا ، الزوجة تقوم على كابوس ….الخ
أنا لا أقصد بهذا الكلام تفخيم وتهويل الموضوع إنما هذه حقائق كل منا يشعر بها.
حينما تدخل بيت الله هل تشعر بالخوف؟
هل أحد منا دخل المسجد يوما فشعر برهبة أو خوف أو ضيق في الصدر؟
أبدا لم يحدث هذا، لأن الملائكة في هذا المكان فيشعر الداخل بالسكينة والطمأنينة.
حينما تدخل لمكان معصية تجد المكان تفوح منه رائحة مميزة ، وفيه صخب وجلبة وضغط نفسي التي تصيب الداخل للمكان بفعل المعاصي التي يعج بها ، فهذه حقيقة وإن لم نرها بأعيننا فإننا نلحظها بصدورنا أقصد أنه شيء نفسي -سبحان الله العظيم-
ولذلك أنصح إخواني ببعض النصائح حتى تكون بيوتنا مسكنا للملائكة.
وخاصة من ينتقل في السكن من بيت إلى بيت عليك ببعض النصائح فربما كان الساكن قبلك عنده كلب أو كان يضع تماثيل، أو كان فيه خمور، والملائكة كما سنذكر لا تدخل بيتا فيه كلب أو تمثال.
أولا / الأذان للصلاة :
تعلمون أننا في بلادنا الإسلامية الأذان يأتيك من كل من المساجد التي حولك أما هنا في الغرب فالأذان داخل المسجد فقط ، فعلينا أن نقوم نحن بالأذان أو أحد أبنائنا، أو عندنا بعض البدائل مثل برامج الأذان المختلفة على الكمبيوتر والهواتف الذكية تقوم بضبط المدينة ويؤذن للصلاة في بيتك خمس مرات ، وفي الحديث عَنْ أَبي هُريْرَةَ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “إِذا نُودِي بالصَّلاةِ، أَدْبرَ الشيْطَانُ ولهُ ضُرَاطٌ حتَّى لاَ يسْمع التَّأْذِينَ ، فَإِذا قُضِيَ النِّداءُ أَقْبَل، حتَّى إِذا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أَدْبَر، حَتَّى إِذا قُضِيَ التَّثْويِبُ (الإِقَامةُ)أَقْبلَ، حَتَّى يخْطِر بَيْنَ المرْءِ ونَفْسِهِ يقُولُ: اذْكُرْ كَذا، واذكُرْ كذا لمَا لَمْ يكن يذْكُرْ منْ قَبْلُ حَتَّى يظَلَّ الرَّجُلُ مَا يدرَي كَمْ صلَّى متفقٌ عَلَيْهِ.
(أَدْبرَ الشيْطَانُ ولهُ ضُرَاطٌ ) يعني من شدة فزعه من الأذان يجري لدرجة أنه لا يملك ريح بطنه.
ثانيا / الصلاة:
نعمر وننور بيوتنا بالصلاة فتكون بركة علينا وعلى أولادنا إن شاء الله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبوراً”. والمعنى لا تجعلوا البيوت مثل المقابر لا تصلون فيها؛ لأن المقابر لا يُصلى فيها، فنوّر كل مكان في بيتك بالصلاة فيه، وهذا في صلاة النافلة طبعا بالنسبة للرجال ، أو في صلاة الفريضة إذا تعذر عليك صلاتها بالمسجد لفوات وقت الجماعة ، والإمام الشافعي أفتى أن من أيقن أنه إذا جاء المسجد فلن يجد من يصلي معه فصلاته في البيت مع زوجته أولى.
ثالثا / تلاوة القرآن:
الملائكة تحب سماع كلام الله ، وأي مكان فيه تلاوة أو مدارسة لكتاب الله تتواجد فيه الملائكة ،وعندما تقرأ ارفع صوتك بالتلاوة حتى تسمع لك الملائكة .
وبالمناسبة رفع الصوت بالقرآن والترتيل يشعرك بحلاوة القرآن ويعينك على التدبر والفهم ،إنما القراءة بالعين فهذه لا تعتبر قراءة هذه نظر في المصحف ، التلاوة تكون بتحريك اللسان كما في قوله تعالى : -(لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه )- [القيامة16 /17] أو ممكن تقوم بتشغيل القرآن من خلال أي جهاز وتستمع إليه ومن الممكن تشغيل القرآن في البيت وأنت حاضر أو غائب خارج البيت .
وماذا عن الآية التي يقول فيها الله -سبحانه وتعالى- -( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )- [الأعراف/204] هذه في الصلاة قال الإمام أحمد : أجمع العلماء أن الإنصات في القراءة يكون في الصلاة ، “
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية يعني في الصلاة المفروضة .
وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان والقاص يقص فقلت : ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود ؟ قال : فنظرا إلي ثم أقبلا على حديثهما . قال : فأعدت ، فنظرا إلي وأقبلا على حديثهما . قال : فأعدت الثالثة ، قال : فنظرا إلي فقالا : إنما ذلك في الصلاة ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/204
فلا مانع من تشغيل القرآن بالسيارة ، أومع القيام ببعض الأعمال، فتسمع لبعضه وتغفل عن بعضه بسبب انشغالك بالطريق وما شابه ذلك، فالقرآن في أي مكان بركة والملائكة تنزل فتسمع للتلاوة كما في قصة أسيد بن حضير التالية :
عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ : ” أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِه ِ، إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ ، فَقَرَأَ ، ثُمَّ جَالَتْ (اضطربت)أُخْرَى ، فَقَرَأَ ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا ، قَالَ أُسَيْد ٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى ، فَقُمْتُ إِلَيْهَا ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا.
قَالَ : فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي ، إِذْ جَالَتْ فَرَسِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ ) ، قَالَ : فَقَرَأْتُ ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ ) ، قَالَ : فَقَرَأْت ُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ ) قَالَ : فَانْصَرَفْتُ ، وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا ، خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُج ِ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ ) رواه البخاري ومسلم
وكان أبو هريرة يقول: البيت إذا تلي فيه كتاب الله اتسع بأهله، وكثر خيره، وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لم يتل فيه كتاب الله ضاق بأهله، وقل خيره، وتنكبت عنه الملائكة، وحضره الشياطين.
وقال بعض السلف: إن البيوت التي يقرأ فيها القرآن لتضيء لأهل السماء كما تضيء السماء لأهل الأرض.
ويسن قراءة سورة البقرة في البيت :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا تَجْعَلُوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ» رواه مُسْلِمٍ
وقال عَبْدِ اللَّهِ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الشيطان يفرّ من البيت يُسْمَعُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. صححه الألباني
وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ولا يستطيعها الْبَطَلَةُ» «السحرة»)
وَالْبَطَلَةُ : السَّحَرَةُ، وَمَعْنَى لَا تَسْتَطِيعُهَا أَيْ لَا يُمْكِنُهُمْ حِفْظُهَا وَقِيلَ لَا تَسْتَطِيعُ النُّفُوذَ فِي قَارِئِهَا
وأما تقييد قراءة البقرة في كل ثلاثة أيام ، أو أن الشياطين لا تدخله ثلاثة أيام فقد وَرَد في ذلك حديث ضعيف ، وهو بِلفظ : (إن لكل شيء سناما ، وإن سنام القرآن سورة البقرة ؛ مَن قَرأها في بيته ليلا لم يَدخل الشيطان بيته ثلاث ليال ، ومَن قَرأها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام .) رواه ابن حبان . وقد أورده الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة بهذا اللفظ برقم 1349
وصحح الحديث بلفظ آخر ، وهو : ( إن لكل شيء سناماً ، وسنام القرآن سورة البقرة ، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تُقرأ ؛ خرج من البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة )
وجاء التقييد بثلاثة أيام في قراءة آخِر آيتين مِن سُورة البقرة ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله كَتَب كِتابا قبل أن يَخْلق السماوات والأرض بألْفَيّ عام ، فأنزل منه آيتين فَخَتَم بهما سورة البقرة ، ولا تُقْرآن في دارٍ ثلاث ليالٍ فَيَقْربها الشيطان .) رواه الإمام أحمد والترمذي و صححه الألباني.
ولا فرق أبدا بين أن تقرأها بنفسك أو تتلى من خلال أحد الأجهزة الصوتية .
المهم تحصن بيتك فيكون مهبط الملائكة وليس مأوى الشياطين .
رابعا / ذكر الله -سبحانه وتعالى- :
عن جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال : أدركتم المبيت والعشاء ” . رواه مسلم
واستحب العلماء إلقاء السلام حتى ولو كان البيت خاليا لأن بيت المسلم لا يخلو من الملائكة إن شاء الله كما في قوله تعالى : -( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون )- [النور/61] وضبطها الإمام النووي في كتاب الأذكار أن تقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
فراحة المؤمن في ذكر الله …. لا تضيع الوقت في فيلم ولا مسلسل إنما اجعلها في ذكر الله ، قال تعالى : -( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )- [الرعد/28] فكما أن حياة النبات بالماء فحياة القلوب المؤمنة بالذكر .
ومن الملائكة من ينزل من السماء ، يلتمسون حلق الذكر ، ومجالس العلم سواء في المساجد أو البيوت او قاعات الدراسة:
عن أَبي هريرة – رضي الله عنه – ، قَالَ : قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ ، فإذا وَجَدُوا قَوْمَاً يَذْكُرُونَ اللهَ – عز وجل – ، تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ – وَهُوَ أعْلَم – : مَا يقولُ عِبَادي ؟ قَالَ : يقولون : يُسَبِّحُونَكَ ، ويُكبِّرُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، ويُمَجِّدُونَكَ ، فيقول : هَلْ رَأَوْنِي ؟ فيقولونَ : لا واللهِ مَا رَأَوْكَ .
فيقولُ : كَيْفَ لَوْ رَأوْني ؟! قَالَ : يقُولُونَ : لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً ، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً .
فَيقُولُ : فماذا يَسْألونَ ؟ قَالَ : يقُولُونَ : يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ ، قَالَ : يقولُ : وَهل رَأَوْها ؟ قَالَ : يقولون : لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا .
قَالَ : يقول : فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا ؟ قَالَ : يقولون : لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصاً ، وأشدَّ لَهَا طَلَباً ، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟
قَالَ : يقولون : يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ ؛ قَالَ : فيقولُ : وَهَلْ رَأوْهَا ؟ قَالَ : يقولون : لا واللهِ مَا رَأوْهَا ، فيقولُ : كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا ؟! قَالَ : يقولون : لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً ، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً .
قَالَ : فيقولُ : فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم ، قَالَ : يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ : فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ : هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنه ، قال : قَالَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : ( لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ – عز وجل – إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ؛ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) رواه مسلم .
خامسا / لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب :
حكم اقتناء الكلب :
لا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب ، إلا إذا كان محتاجاً إلى هذا الكلب في الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع،وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز أن يقاس على هذه الثلاثة ما كان مثلها أو أولى ، كحراسة البيوت ، لأنه إذا جاز اقتناء الكلب لحراسة الماشية والزرع فجواز اقتنائه لحراسة البيوت من باب أولى .
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) .
فهذه الأحاديث تدل على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم ، والقيراط هو مقدار معلوم عند الله تعالى ، والمراد ينقص جزء من أجر عمله ، ومعنى هذا انه من كبائر الذنوب .
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب:
ففي الصحيحين عن أبي طلحة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة”.
وسبَب اِمْتِنَاعهمْ مِنْ بَيْت فِيهِ كَلْب لِكَثْرَةِ أَكْله النَّجَاسَات، وَلِقُبْحِ رَائِحَة الْكَلْب وَالْمَلَائِكَة تَكْرَه الرَّائِحَة الْقَبِيحَة، وَلِأَنَّهَا مَنْهِيّ عَنْ اِتِّخَاذهَا; فَعُوقِبَ مُتَّخِذهَا بِحِرْمَانِهِ دُخُول الْمَلَائِكَة بَيْته,وَاسْتِغْفَارهَا لَهُ، وَتَبْرِيكهَا عَلَيْهِ وَفِي بَيْته, وَدَفْعهَا أَذًى لِلشَّيْطَانِ.
وَالْمَلَائِكَة الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب أَوْ صُورَة هُمْ مَلَائِكَة يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيك وَالِاسْتِغْفَار, وَأَمَّا الْحَفَظَة فَيَدْخُلُونَ فِي كُلّ بَيْت, وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَم فِي كُلّ حَال, لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالهمْ وَكِتَابَتهَا.
سادسا / لا تدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل :
ويدل عليه الحديث السابق “لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة”.
وسَبَب اِمْتِنَاعهمْ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ صُورَة كَوْنهَا مَعْصِيَة ، وَفِيهَا مُضَاهَاة لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى, وَبَعْضهَا فِي صُورَة مَا يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه تَعَالَى.
والمراد الصورة المحرمة وهي ما كان من صور ذوات الأرواح وكان مصنوعًا بيد الإنسان، كتمثال مجسم، ويستثنى من ذلك لعب الأطفال وعرائس البنات، فقد جاءت الأدلة بالترخيص فيها ووجدت في أشرف بيت وهو بيت النبوة؛ كما كان في لعب عائشة رضي الله عنها.
والصور الفوتغرافية لاتدخل في هذا الامر .
سابعا / وجود الروائح الكريهة في البيت:
فقد ورد روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ فَغَلَبَتْنَا الْحَاجَةُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتِنَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسُ”.
فكل رائحة كريهة تنفر الملائكة وتبعدهم عن الإنسان وعن البيت، وكثير من الناس لا يبالي بهذه القضية، تجد رائحة بيوتهم كريهة نتنة، وربما انتشرت فيها رائحة سجائر الدخان الخبيثة, وما يقال في الدخان المحرم وأضراره المختلفة، ومنها رائحته الخبيثة، أعظم مما يقال في البصل أو الثوم.
وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهانا أن نقرب الثوم والبصل إلا بعد طبخها لما له من رائحة كريهة تتأذى منها الملائكة، فإن تأذي الملائكة برائحة الدخان المحرم أشد وهي من باب أولى.
فكن حريصًا أن يكون بيتك نظيفًا طيبًا، وأن تكون رائحتك طيبة حتى تصحبك الملائكة، فلقد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتطيب ورغبنا فيه، وكان الطيب من أحب الأشياء إليه.