قصة جبلة بن الأيهم مع عمر
كان جَبَلَة بن الأَيْهم آخر أمراء بني غسان، من قبل هرقل، وكان الغساسنة يعيشون تحت إمرة دولة الروم، وكان الروم يحرضونهم دائما على غزو الجزيرة العربية، خاصة بعد نزول الإسلام، ولما انتشرت الفتوحات الإسلامية، وتوالت انتصارات المسلمين على الروم، أخذت القبائل العربية في الشام تعلن إسلامها فبدا للأمير الغساني أن يدخل الإسلام هو أيضا، فأسلم وأسلم ذووه معه، وكتب إلى الفاروق يستأذنه في القدوم إلى المدينة، ففرح عمر بإسلامه وقدومه، فجاء إلى المدينة وأقام بها زمنا والفاروق يرعاه ويرحب به، ثم بدا له أن يخرج إلى الحج.
وفي أثناء طوافه بالبيت الحرام وطيء إزاره رجل من بني فزارة فحله، فغضب الأمير الغساني لذلك، وهو حديث عهد بالإسلام، فلطمه لطمة قاسية هشمت أنفه ، وأسرع الفزاري إلى أمير المؤمنين يشكو إليه ما حل به، وأرسل الفاروق إلى جبلة يدعوه إليه.
وسأله عمر فأقر بما حدث فقال له عمر: ماذا دعاك يا جبلة لأن تظلم أخاك هذا فتهشم أنفه؟ فأجاب بأنه قد ترفق كثيرا بهذا البدوي (وأنه لولا حرمة البيت الحرام لأخذت الذي فيه عيناه) فقال له عمر: لقد أقررت، فإما أن تُرضي الرجل وإما أن أقتص منك!!
فدهش جبلة بن الأيهم مما قال عمر فقال: وكيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك؟
فقال عمر: إن الإسلام قد سوى بينكما.
فقال الأمير الغساني، لقد ظننت يا أمير المؤمنين أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية.
فقال الفاروق: دع عنك هذا فإنك إن لم ترض الرجل اقتصصت منك.
فطلب جبلة من الفاروق أن يمهله ليفكر في الأمر، فأذن له عمر بالانصراف.
وفكر جبلة بن الأيهم ووصل إلى قرار، وهوأن يغادر مكة في جنح الظلام، وفر إلى القسطنطينية فوصل إليها وهناك تنصر، وندم بعد ذلك على هذا القرار أشد الندم.
وفي هذه القصة نرى حرص الإسلام على مبدأ المساواة؛ فالإسلام قد سوى بين الجميع، ولابد لهذه المساواة أن تكون واقعا حيا ليس مجرد كلمات توضع على الورق.