فقه الصلاة 1- أهمية الصلاة وحكم تاركها وعلى من تجب؟

تاريخ الإضافة 7 أكتوبر, 2023 الزيارات : 7712

تيسير فقه الصلاة

أهمية الصلاة وحكم تاركها وعلى من تجب؟

الصلاة عبادة تتضمن أقوالا وأفعالا مخصوصة، مفتتحة بتكبير الله تعالى، مختتمة بالتسليم.

منزلتها في الاسلام:

وللصلاة في الإسلام منزلة لا تعدلها منزلة أية عبادة أخرى، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) ، وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، تولى إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج من غير واسطة.

قال أنس: (فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين) . رواه أحمد

وهي أول ما يحاسب عليه العبد:

نقل عبد الله بن قرط قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) رواه الطبراني.

وهي آخر وصية وصي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقة الدنيا، جعل يقول – وهو يلفظ أنفساه الأخيرة -: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم)

وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدين كله.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتنقضن عرى الاسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس قبالتي تليها ؛ فأولهن نقضا الحكم. وآخرهن الصلاة) رواه ابن حبان من حديث أبي أمامة.

 

وقد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة، أن أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، فقال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين، فإن خفتم فرجالا أو ركبانا، فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) سورة البقرة آية 238، 239.

 

حكم تارك الصلاة :
أولا : ترك الصلاة جحودا بها وإنكارا لها كفر وخروج عن ملة الإسلام، بإجماع المسلمين.

 

ثانيا :  أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده فرضيتها، ولكن تركها تكاسلا أو تشاغلا عنها، بما لا يعد في الشرع عذرا فللعلماء فيه قولان :

القول الأول :أنه كافر قولا واحدا وهو مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما واستدلوا بـ :

1 – عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) .رواه أحمد ومسلم

2 – وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) .رواه أحمد .

3 – وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم

القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) رواه أحمد والطبراني وابن حبان، وإسناده جيد.

وكون تارك المحافظة على الصلاة مع أئمة الكفر في الآخرة يقتضي كفره.

قال ابن القيم: تارك المحافظة على الصلاة، إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته.

فمن شعله عنها ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف.

4 – وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) رواه الترمذي والحاكم على شرط الشيخين

تنبيه : تارك الصلاة الذي اختلف الفقهاء على كفره من كان مصرا على تركها مع ادعائه الإيمان بها ، أما من يصلون تارة ويقطعون تارة فهؤلاء غير محافظين عليها وهم تحت الوعيد لكن لا يحكم بكفرهم ، فليس مناط التكفير في تركها الترك المؤقت ،إنما المقصود مطلق الترك بترك الصلاة جملة .

الأحكام المترتبة على القول بالتكفير :
1-
سقوط ولايته فلا يزوج أحدا من بناته أو يلي أموال يتامى .
2-
لا يرث ولا يورث لحديث الصحيحين (لا يرثن المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم)
3-
يمنع من دخول مكة .
4-
تحرم ذبيحته فلا يأكل منها مسلم.
5-
لا يصلى عليه بعد موته ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، وتحريم الدعاء له بالمغفرة والرحمة.
6-
تحريم زواجه بالمسلمات ،ويفسخ عقده من زوجته الحالية .
ولذا فلا ينبغي المبادرة بالتكفير لأي مسلم كان لخطورة الأحكام المترتبة عليه.

القول الثاني : أنه فاسق ويستتاب وهو قول أبو حنيفة، مالك، والشافعي، فإن لم يتب قتل حد عند مالك والشافعي وغيرهما.

وقال أبو حنيفة: لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك، وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) سورة النساء آية: 116

وكحديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لكل نبي دعوة مستجابة. فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة – إن شاء الله – من مات لا يشرك بالله شيئا)

مناظرة في تارك الصلاة:

ذكر السبكي في طبقات الشافعية أن الشافعي وأحمد رضي الله عنهما تناظرا في تارك الصلاة.

قال الشافعي: يا أحمد أتقول: إنه يكفر؟ قال: نعم.

قال: إذا كان كافرا فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

قال الشافعي: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه.

قال: يسلم بأن يصلي.

قال: صلاة الكافر لا تصح، ولا يحكم له بالإسلام بها.

فسكت الإمام أحمد، رحمهما الله تعالى.

حكم الزوجة التي لا تصلي :
الأصل أن يعظها الزوج وينصحها ويصبر عليها كما قال الله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )
لكن إن أصرت على ترك الصلاة هل يطلقها ؟
يرى الحنابلة طلاقها لكفرها (لأن تارك الصلاة عندهم كافر قولا واحدا)
والجمهور على أن الزوجة التي لا تصلي مرتكبة لكبيرة لكنها ليست كافرة طالما لم تجحد الصلاة وإمساكها أفضل من الكتابية وقد أحل الله الزواج من الكتابية.
حكم الزوج الذي لا يصلى :
نفس القولين السابقين عند الحنابلة أنه كافر فلا يحل لها أن تبيت معه ليلة واحدة .
وعند الجمهور أنه فاسق ،وعليها أن تنصحه برفق ولين وتسأل الله له الهداية .
وأفتى الأستاذ عبد الكريم زيدان بجواز طلب المرأة الخلع من زوجها إذا أصر على ترك الصلاة .

على من تجب الصلاة ؟

تجب الصلاة على المسلم العاقل البالغ، لحديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم (يبلغ) ، وعن المجنون حتى يعقل) رواه أحمد

رفع القلم  : كناية عن عدم التكليف.

صلاة الصبي:

والصبي وإن كانت الصلاة غير واجبة عليه، إلا أنه ينبغي لوليه أن يأمره بها، إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها، إذا بلغ عشرا، ليتمرن عليها ويعتادها بعد البلوغ.

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.

شرط العقل :
ما حكم المغمى عليه ؟ ثلاثة أقوال للفقهاء :
الأول : قول مالك والشافعي : لا يجب القضاء على المغمى عليه .

الثاني :قول أحمد إذا أغمي عليه وقت أو وقتين وجب عليه قضاؤهما لورود ذلك عن عمار بن ياسر .الثالث :قول أبي حنيفة :إذا كانت خمس صلوات فأقل قضاها ،أما إذا زادت على الخمس فلا يقضي .

 ورجح ابن عثيمين في (الشرح الممتع )أنه لا يقضي مطلقا لأن قياسه على النائم غير صحيح فالنائم يستيقظ إذا أوقظ أما المغمى عليه فإنه لا يشعر ، وأما قضاء عمار إن صح فإنه يحمل على الاستحباب أوالتورع .

حكم من زال عقله باختياره

مثل من أخذ حقنة البنج وما شابهها :  المغمى عليه ممن زال عقله لا يعقل ولا يفهم ، فالخطاب عنه مرتفع ، وإن كان غير مخاطب شرعا في وقتها فلا يجب عليه أدائها في غير وقتها ….. فإن أفاق وعقل في وقت يدرك فيه – بعد الطهارة- الدخول في الصلاة لزمه أداؤها (يعني الصلاة التي أدرك جزءا من وقتها يجب عليه أداءها)

وهل يقضي من أخذ دواء أو أعطي حقنة بنج ؟

هذا محل خلاف : فرق المالكية والشافعية بين السكر المتعدي به (كشارب الخمر) وزوال العقل بدواء مباح (كالبنج والحقن وغيرها) فقالوا بأن من زال عقله بشئ مباح فلا قضاء عليه لأنه معذور. ومن العلماء من قال بأن من زال عقله باختياره فعليه القضاء وإن كان بغير اختياره فلا قضاء عليه . أما من سكر أو نام عن الصلاة أو نسيها حتى خرج وقتها فيجب القضاء حينئذ .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 356 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم