السنن المهجورة: 1- فضل إحياء السنن

تاريخ الإضافة 1 مارس, 2025 الزيارات : 3064

 1- فضل إحياء السنن

تعريفها:

يُقصد بإحياء السنن: تذكير المؤمنين بما سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شرعه لأمته من عبادات في أحوال مختلفة وغفل عنها الناس؛ فنبينها ونتواصى فيما بيننا بإحيائها.

فضل إحياء السنن:

 ورد في السنة النبوية ما يدل على حصول الأجر العظيم لمن أحيا السنن ونشرها، ومن ذلك:

  • أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث رضي الله عنه: (مَنْ أحْيا سُنَّةً من سُنَّتِي قدْ أُمِيتَتْ بَعدِي فإنَّ لهُ من الأجرِ مِثلَ مَنْ عَمِلَ بِها من غَيرِ أنْ يَنْقُصَ من أُجُورِهِمْ شيءٌ ومَنِ ابْتدَعَ بِدعةً ضَلالَةً لا يَرْضَاها اللهُ ورسولُهُ كان عليه مِثلُ آثامِ مَن عَمِلَ بِها لا يُنقِصُ ذلِك من أوزارِ الناسِ شيئًا) رواه الإمام الترمذي وحسنه
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا) سنن ابن ماجة
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» صحيح مسلم.
  • وأما حديث (من تمسك بسنتي عند فساد أمتي، فله أجر مئة شهيد.( وفي رواية: (فله أجر شهيد (فسنده ضعيف جدا.[1]

كيف نحيي السنن؟

إحياء السنن من أعظم القُربات التي يُحبها الله ورسوله ﷺ، ويُقصد بالسنن ما كان عليه النبي ﷺ من أقوال وأفعال وتقريرات، سواء كانت سننًا واجبة أو مستحبة، وإليكم شرح الوسائل الخمس التي نُحيي بها السنن:

  1. العلم بها
    لا يمكن للإنسان أن يُحيي سنة لا يعرفها، فلابد أولًا من التعلم والاطلاع على ما جاء به النبي ﷺ، وذلك من خلال قراءة كتب الحديث والفقه، وسماع العلماء، ومجالس العلم، ليكون على بصيرة بما يقول ويفعل.
  2. العمل بها
    بعد العلم تأتي الخطوة العملية، وهي الالتزام بهذه السنن في حياتنا اليومية، سواء كانت في العبادات أو المعاملات أو الأخلاق، فالسنة لا تُنشر بالكلام فقط، بل بالفعل والقدوة، كإحياء سنة السواك، أو سنن الأذكار، أو سنن الصلاة وغيرها.
  3. تعليمها للناس ونشرها بينهم قولًا وفعلًا
    المسلم لا يكتفي بتطبيق السنة على نفسه، بل يحمل همّ نشرها بين الناس، فيحدّثهم عنها، ويدعوهم إليها، ويُظهر تطبيقه لها أمامهم ليقتدوا به، وهذا يشمل الأهل والأصدقاء وزملاء العمل والمجتمع عمومًا.
  4. الحث على التمسك بها
    كثير من الناس يعلمون السنن ولكن يغفلون عنها أو يستهينون بها، وهنا تأتي أهمية التشجيع على الالتزام بها وبيان فضلها وأجرها، فالحثّ يوقظ الهمم ويقوّي العزائم، ويجعل السنة حية في واقع الناس.
  5. التحذير من مخالفتها
    مخالفة السنة قد تُميت معالم الدين، وقد تفتح باب البدع والانحراف، لذلك من واجب المسلم التحذير من ترك السنن، والتنبيه على ما يؤدي إلى ضياعها أو استبدالها بغيرها، مع بيان خطورة ذلك على الفرد والمجتمع.

فبهذه الوسائل الخمس تُبعث السنن من جديد، وتُحيى معالم الدين، ويُبعث في الناس حب الاقتداء بالنبي ﷺ، وتستقيم حياتهم على طريقه ومنهجه.

حجية السنة في التشريع :

 نريد ان نفرق  بين ما ورد دليله في السنة وما كان حكمه حكم السنة:
ما ورد دليله في السنة معناه أن له الحجية في التشريع و هذا ما قال العلماء عنه (حجية السنة)،  بمعني أنه كما أمر الله تعالي بأمر كذا ونهي عن كذا فقد ثبت من السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكذا ونهي عن كذا والرسول صلى الله عليه وسلم مُشرع بعد الله عز و جل و مُبلغ عن مراد الله من عباده، قال تعالي: ( من يُطع الرسول فقد اطاع الله) [النساء:80]
وقال أيضا: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7]
لأننا ابتلينا في زمننا هذا بمن ينكرون السنة وحجتهم في ذلك أن السنة فيها الصحيح والضعيف والمكذوب، وهذا حق أُريد بها باطل.

أي نعم كتب السنة فيها كل هذا لكن هذا لا يعني إهمال السنة كلها، ما المانع ان نأخذ ما صح وما ثَبُت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
لكن كلام رسول كلام له حجيته ويجب طاعته اذا كان واجبا ويُستحب طاعته اذا كان مستحبا كما سنبين.
فاذا ورد شيءٍ في السنة فهذا لا يعني أن حكمه أنه سنة ، يوجد فارق بين الاثنين:

فمثلا :ما الدليل علي أن صلاة الظهر أربع ركعات أو أن الصبح ركعتين أو أن المغرب ثلاثة؟

الدليل من السنة لأن هذا أمر ورد في القرآن مجملا حيث قال تعالى : (وأقيموا الصلاة ) [البقرة:43]،هذا أمر الله ، أما بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أنه بين أن العصر أربعا، وهكذا فهذا أمر ورد دليله في السنة.
أما بالنسبة لأمر في الشرع حكمه أنه سنة فهذا يدعونا أن نتعلم أن الأحكام التكليفية لها خمس درجات:

1- الوجوب:

الواجب أو الفرض الاثنان بمعني واحد عند جمهور الفقهاء، وهو ما أوجبه الله علي عباده، أو أمر من الشارع بإلزام، وكلمة الشارع بتعبير الفقهاء يقصد بها الله جل جلاله ثم رسوله صلى الله عليه وسلم ، لان الله يأمرنا وينهانا،  ورسول الله يبلغ إلينا ما أوحي إليه من ربه.

فالفرائض مثل: الصلوات الخمس وصوم رمضان ، والحجاب على المرأة المسلمة… الخ.

2- الاستحباب:

 وهو أمر من الشارع بغير إلزام؛ يُثاب فاعله ولا يُعاقب تاركه.

ويقال سنة ويقال مندوب ويقال مستحب كلها ألفاظ متقاربة في المعني .

مثل: ركعتي سنة الفجر، والسواك ، وصدقة التطوع …الخ.

3- الإباحة:

ثم بعد هذا درجة الإباحة ، وهي الأمر الذي يستوي فيه الفعل والترك، بمعني إذا فعلته لا إثم ولا عقاب واذا تركته فلا إثم ولا عقاب.

 مثل: ما أباح الله من الملابس والطعام والشراب والطيبات ، كل هذا من المباحات يستوي فيه من الفعل والترك.

4- الكراهة:

الكراهة المقصود بها: نهي من الشارع بغير إلزام.

 والأمور المكروهة منها:

 النهي عن افتراش الكلب في الصلاة بمعني بسط الذراعين عند السجود، ومنها طقطقة الأصابع في الصلاة….الخ.

5-التحريم:

التحريم هو نهي من الشارع بإلزام، كتحريم الخمر والربا والظلم وأكل مال اليتيم.

إحياء سنن النبي من دلائل محبته:

إحياء السنن من توابع محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالمسلم الحق يبحث عن كل ما فيه قربى الي الله عز وجل من خلال ما سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعندنا الرتبة الأولي المطالب بها جميع المؤمنين هي أداء الفرائض، قال تعالي في الحديث القدسي) :وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ)، ثم الرتبة الثانية ما زاد على الفرائض وهي: النوافل ، التطوع، قال :(وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها(

إذن فالأصل هو إتيان الفرائض ثم فعل السنن والمستحبات .
والرجل الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال: مَتَى السَّاعَة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَاذا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قال: حُبُّ الله ورَسُولِه، قال: “أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ”.

فمن صدق محبة النبي صلى الله عليه وسلم حب سنته والحرص عليها، والحرص علي نشرها، ودعوة الناس إليها، وأن نكون قدوة نهدي الناس ونأخذ بأيديهم لهدم البدع وإقامة السنن.

وكل سنة نحييها هي تذكير بأخلاقه، وعبادته، وتعاملاته، فحين نُحيي سننه في الطعام، واللباس، والذكر، والمعاملة، فإننا نُبقي سيرته حيّة في القلوب، ونُظهر محبتنا له من خلال أفعالنا، والتمسك بها هو طريق الهداية والنجاة في الدنيا والآخرة، ومن يوقن بذلك يكون حريصًا على إحيائها بكل طريقة ممكنة.

فكل من يُحيي سنة من سنن النبي ﷺ، يُثبت أنه يحبه حبًا صادقًا، ويشارك في إبقاء نوره وهديه حيًا في الأمة.

نسأل الله تعالي أن يجعلنا هداة مهتدين

لا ضالين ولا مُضلين اللهم أمين

 


[1] رواه الطبراني من حديث أبي هريرة، وذكره الشيخ الألباني في كتابه: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة المجلد الأول رقم: (326)، وحكم عليه بأنه ضعيف جدًّا، أما رواية الإفراد: فذكرها برقم: (327)، وحكم عليه بأنه ضعيف فقط.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 يناير, 2025 عدد الزوار : 14038 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين