السنن المهجورة (12) سنة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

تاريخ الإضافة 6 مايو, 2022 الزيارات : 381

السنن المهجورة (12) سنة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

من السنن المستحبة التي يحرص عليها عدد كبير من المسلمين هي قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من كل أسبوع.

ويبدأ وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، ومن كان أميًّا لا يقرأ، واستمع إليها مبتغيًا الأجر والثواب الوارد في فضلها حصل عليه بإذن الله، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور كما نص الفقهاء، أما من كان يحسن القراءة فعليه بقراءتها، ولا يكتفي بالاستماع إليها، لأن الأجر ورد على القراءة، وليس على الاستماع.

 

فضائل السورة  :

ورد في فضائل هذه السورة الكريمة عدة أحاديثُ ، تدلُّ على فضلِها ، وترغِّب في قراءتها ، وحسن تدبرها :

1-   عَنْ أَبِي الدّرْدَاءِ رضي الله عنه  أَنّ النّبِيّصلى الله عليه وسلم قَالَ: ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنَ الدّجّالِ ) رواه مسلم  

2-   وعنْه رضي الله عنهعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمأَنَّهُ قَالَ ( مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ) رواه الإمام أحمد

وعلى هذا فالوعدُ بالعصمة يتحقق لمن قرأ العشر الأول أو قرأ العشر الأواخر ، ففي الأمر سعةٌ إن شاء الله .

3-نزول السكينة: فقد كان صحابي يقرأ سورة الكهف وفي بيته دابّة، فجعلت تضطرب وتتحرّك، فتوجّه بالدعاء إلى ربّه بأن يسلّمه من الدابة، فإذا بسحابة قد غشيته، فروى ذلك لرسول الله، فبيّن له الرسول أنّ القرآن الكريم من أسباب حلول السكينة، أي إن السحابة هي السَّكينة والرحمة، ويقصد بذلك الملائكة، لِذا اضطربت الدابة لرؤيتهم، وهذا دليلٌ على فضل قراءة القرآن وأنه سببٌ لنزول الرحمات والسكينة وحضور الملائكة، روى الإمام مسلم في صحيحه: (قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).

4- وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ( مَنْ قَرَأَ سورةَ الكهفِ في يومِ الجُمُعَةِ أضاءَ له من النورِ ما بينَ الجُمُعَتَينِ ) رواه البيهقي وحسنه الألباني .

5-   وعن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نورٌ من تحت قدميه إلى عَنان السماء، يُضيء له يوم القيامة، وغُفر له ما بين الجمعتين “ رواه أبو بكر ابن مِرْدَوَيْه في تفسيره بإسناد لا بأس به

6-   وعن أبي سعيد رضي الله عنه(من قرأ سورة  الكهف  يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق)  صححه الألباني

ومن مجموع هذه الروايات نرى أن الثواب على سورة الكهف سيكون نورًا، وهذا النور يوم القيامة، وطوله يقدَّر بالمسافة التي بين قدَمَيِ القارئ ومكة أو عنان السماء، والعنان هو السحاب ، أي أن التقدير إما بالامتداد الأفقي، وإما بالامتداد الرأسي.

ومعنى إضاءة النور له فيما بينه وبين البيت العتيق المبالغة في ثواب تلاوتها بما تتعقله الأفهام وتتصوره العقول ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ نُورُ الْأَقْرَبِ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بِقَدْرِ نُورِ الْأَبْعَدِ عَنْهُ لَوْ جُمِعَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَطِيلًا . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ فِي النُّورِ سِيَّانِ ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ حُصُولِ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ بِحَيْثُ لَوْ جُسِّمَ لَكَانَ مِقْدَارُهُ مِنْ مَكَانِهِ إلَى الْبَيْتِ.

والثواب الثاني لقارئ الكهف يوم الجمعة هو مغفرة الذنوب التي وقعت بين الجمعتين، وهى الصغائر، ولعل هذا هو المراد بإضاءة النور ما بين الجمعتين، فنورُ الطاعة يمحو ظلام المعصية( إن الحسنات يُذْهِبْن السيئات ) هود  114
فَالْمُرَادُ بِالنُّورِ لَازِمُهُ وَهُوَ الْمَغْفِرَةُ وَالثَّوَابُ  .

ما السر في المداومة على قراءتها كل جمعة؟

وهذه السورة العظيمة من كتاب الله ذكر الله فيها أصول الفتن وبيّن فيها مصادر الشر والمحن ثم وضع للمسلم طريق النجاة من هذه الفتن ورسم له المخرج من هذه المحن.

والمحور العام الذي تدور حوله السورة هو الفتنة وكيفية النجاة منها:

فقد ذكر الله سبحانه في هذه السورة رؤؤس الفتن وأصولها فذكر:

أولاً / أعظم الفتن وأشدها وهي الفتنة في الدين:

حيث قص الله قصة أصحاب الكهف الذين فُتنوا في دينهم على يد ملك كافر أمرهم أن يتركوا دينهم وأن يرجعوا إلى دين آبائهم وأجدادهم فلم تخيفهم تهديداته ولم تغريهم إغرائته ولم تنفع معهم ضغوطاته ففروا بدينهم إلى الكهف ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾.

إن هذه الفتنة فتنة الدين يتعرض لها المسلمون اليوم في كل مكان بنسب مختلفة ودرجات متفاوته تختلف من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان

إن فتنة الدين فتنة عظيمة نسأل الله الثبات على دينه ولكن الله سبحانه وتعالى بيّن في سورة الكهف طريق النجاة من هذه الفتنة وذلك بالصبر وكثرة الذكر وبصحبة الصالحين والابتعاد عن العصاة والمجرمين ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.

ثانيا / فتنة المال :

وقص في ذلك قصة المؤمن والكافر صاحب الجنتين ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾ إن هذين الرجلين كانا رجلين مصطحبين وكان لكل منهما مال عظيم وكان أحدهما مؤمناً والآخر كافراً فأنفق المؤمن ماله في طاعة ربه وابتغاء مرضاته وأما الكافر فقد اتخذ له بساتين فيها أعناب ونخل تحف تلك الأعناب وزروع وثمار وأنهار سارحة حول تلك الثمار وهما الجنتان المذكورتان في الآية ﴿ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾ ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا -يعني كلتا الجنين أنتجت وأثمرت- وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا -أي ولم تنقص من ثمرهما شيئاً- وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ فبدلاً من أن يحمد الله على هذه النعم الوفيرة والمواهب الكبيرة أخذته العزة بالإثم وأخذه الغرور والفخر بماله وبستانه فتكبر على صاحبه وقال له ﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ ثم دخل بستانه ومزرعته وقد ملأ العجب نفسه فلما رأى اتساع مزرعته وكثرة مائها وجمال أشجارها وحسن نباتها ازداد غروراً وعجباً فقال ﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ إنها فتنة المال جعلته يتصور أن هذا المال سيبقى معه إلى قيام الساعة ﴿ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾.

لقد أعمى المال بصيرته فلم يميز بين الحقيقة والخيال ولا بين الواقع والمثال وما علم المسكين أن المال بلاءٌ وفتنة وأن الدنيا امتحان ومحنة ثم قال كلاماً أعظم وأخطر من قوله ﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ فماذا قال هذا الأحمق قال ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ نعوذ بالله من الغرور والخيلاء ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ أي إن كان هناك معاد إلى الله وآخرة _ فهو في شك من الآخرة وليس لديه اليقين التام بيوم القيامة ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ ظن أنه مثلما كان غنياً في الدنيا سيكون غنياً في الآخرة وظن أن الله سيعطيه في الآخرة جنة خير من جنته في الدنيا وصدق الله جل جلاله إذ يقول عن الإنسان ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾.

ولما أغتر هذا الجاهل بالدنيا وجحد الآخرة وأدعى أنه إن بعث يوم القيامة سيعطيه الله جنة خير من جنته قال له صاحبه ناصحاً له ومذكراً له ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ يقول له جحدت المعاد والبعث وأنت تعلم أن الله خلقك من أدوار متعددة وأطوار مختلفة ﴿ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ ثم أعلمه أنه يقول بخلاف ما يقول ويعتقد بعكس ما يعتقد فقال له ﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ ثم استمر معه في النصيحة فأخبره أن الأولى به عندما دخل جنته أن يقول مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ بدلاً من قوله عندما دخل جنته ﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ علمه أن الأولى به أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله ليعلمه أن الأمر بمشيئة الله إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها ﴿ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ إن ترني أفقر منك فأنا أرجوا من ربي أن يرزقني جنة خير من جنتك ﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ -يعني في الآخرة- خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا -أي على جنتك- حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ أي تراباً أملساً لا نبات فيه ﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا -يغور في باطن الأرض- فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴾ وفعلاً جاء العذاب من السماء فدمر جنته وخرب مزرعته وأتلف بستانه ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ -أحاط العذاب بجنته فأبادها ودمرها- فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ -فندم ندماً عظيماً على كفره وجحوده لنعمة ربه فقال ﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ ندم في وقت وقع فيه العذاب فلا ينفع فيه الندم ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ هذه هي الحقيقة وهذه هي النهاية التي يغفل الإنسان عنها وينساها في زحمة الأحداث والفتن يجحد نعمة الله وينسى أن الولاية والنصرة لله وحده ﴿ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾

ثم وضح الله طريق النجاة من هذه الفتنة فتنة المال وذلك بفهم حقيقة الدنيا واستشعار حقارتها ودناءتها واستشعار الحياة الحقيقية وهي الحياة الآخروية ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ ويقول سبحانه وتعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾

فاستشعار دناءة الدنيا وعظمة الآخرة هو المخرج من هذه الفتنة فتنة المال ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾.

ثالثا /  فتنة العلم والمعرفة:

ومثل لها بقصة موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام؛ حينما وقف موسى عليه السلام خطيباً في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه أن عبداً من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك.

إن موسى عليه السلام عندما سئل هذا السؤال من أعلم أهل الأرض أجاب إجابة يحسب أنها صائبة نظراً للقرائن والمميزات المتوفرة فيه حيث كان نبياً ورسولاً من أولي العزم من الرسل وكليم الله الذي كلمه تكليماً وصاحب المعجزات الكثيرة وهو الذي أنزل الله عليه التوراة فرأى موسى أن يجيب بقوله أنا فأراد الله سبحانه وتعالى أن يُعلّم موسى عليه السلام أن العلم أوسع من أن يدرك كله فالعلم واسع ومتشعب الاختصاصات ولا يمكن لبشر أن يحيط بكل العلوم والمعارف يقول الله ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ فمهما أوتي العالم من العلم فإن علمه يبقى محدوداً وقليلاً ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ ثم بيّن الله في نهاية هذه القصة طريق العصمة من هذه الفتنة فتنة العلم وذلك بالصبر على طلب العلم مع التواضع وعدم الغرور والاستكبار بالعلم ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾.

رابعا/ فتنة الجاه والسلطان :

وضرب على ذلك مثلاً بذي القرنين، وهو ملِك صالح مكن الله له في المشارق والمغارب، وجعله الله نموذجاً للحاكم الصالح، حتى لا يعتذر أحد أن الحكم لا يقوم إلا على البطش والجبروت، فأتى الله بحاكم صالح ينفذ منهج الله.

ثم أشار الله جل جلاله إلى المحرك الأساسي لهذه الفتن كلها إبليس لعنه الله ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾

إن الدجال سيجمع بين هذه الفتن الأربع حيث يفتن الناس في دينهم ومعه من الأموال بل معه جنتان يفتن بهما الخلق ولديه من العلم والجدل ما يصد به الناس عن الدين الحق ومعه من الرئاسة والمنصب شيئا كبيراً فالأرض كلها تخضع له عدا مكة والمدينة مما يجعل فتنته من أعظم الفتن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حفظ العشر الآيات الأولى من سورة الكهف عصم بإذن الله من هذه الفتنة القادمة فتنة المسيح الدجال، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال).

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 365 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم