ماحكم إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عرفة؟

يُسنُّ صيام يوم عرفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:”صيام يوم عرفة، أحتَسِب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده” أخرجه مسلم، ولكن يوم عرفة يوافق يوم الجمعة لهذا العام وقد ورد نهى عن إفراده بالصوم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:”لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده”. أخرجه البخاري ومسلم.

وكثير من الناس يريد أن يكتفي بصيام يوم الجمعة فقط ولا يستطيع صيام يوم قبله؛ نظراً لارتفاع درجة الحرارة وطول النهار، فهل يصح إفراد الجمعة بالصيام؟

والذي أرجحه جواز إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عرفة بلا حرج أو كراهة، وذلك لما يأتي:

1- جوَّز أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إفراد الجمعة بالصيام بلا كراهة، وقد رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا – أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَلاَ يُفْطِرُ.، وكذا عند المالكية لا يكره صومه؛ لأن مَحَل النَّهْيِ عِنْدَهم هُوَ مَخَافَةُ فَرْضِيَّتِهِ، وَقَدِ انْتَفَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِوَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

2- استثنى كثير من الفقهاء إفراد الجمعة بالصيام إذا وافق يوماً اعتاد صومه، أو يوماً له فضل كعرفة وعاشوراء ولم يتعمد صيامه دون فضل أو عادة؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تختصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيام إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم”. أخرجه مسلم.

فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم:”إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم”.

3- علة النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام كما قال الإمام النووي رحمه الله:”الصحيح أن علة الكراهة أنه يضعف عن القيام بالوظائف الدينية المشروعة فيه، أي من صلاة الجمعة وسوابقها ولواحقها ومن الاجتهاد في الدعاء يومه ليصادف ساعة الإجابة فيه” ولا شك أن فضيلة الصيام في يوم عرفة أعظم من مجرد التقوي بالفطر على شعائر وسنن الجمعة، فثبت تقديم صوم يوم عرفة على الفطر يوم الجمعة دون كراهة بالنظر لتلك العلة.

4- اتفق الفقهاء على أن النهي عن إفراد الجمعة بالصيام للكراهة التنزيهية، والكراهة تزول لأدنى حاجة.

والله أعلم

وكتبه د/خالد حنفي

رئيس لجنة الفتوى بألمانيا

والأمين العام المساعد للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث