عظمة الله رب العالمين: 3- حديث ” إنَّ اللهَ لا ينامُ ، ولا ينبغي له أن ينامَ ….”

تاريخ الإضافة 24 ديسمبر, 2024 الزيارات : 29

عظمة الله رب العالمين

3- حديث ” إنَّ اللهَ لا ينامُ ، ولا ينبغي له أن ينامَ ….”

روى الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.”

 (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)

لأنه سبحانه وتعالى لا يصيبه أعياء ولا تعب. نحن – البشر – ننام طلبًا للراحة، ولا نستطيع أن نواصل الحياة بدون نوم. خلقنا الله هكذا: ننام فتزودنا الراحة ونستعد ليوم جديد.

أما رب العالمين جل جلاله، فإنه لا يصيبه تعب ولا أعياء ولا مرض ولا حاجة إلى النوم. حتى في آية الكرسي قال الله تعالى: “لا تأخذه سنة ولا نوم.” (سورة البقرة، الآية 255)

والسِّنة هي أول النوم (النعاس)، فلا يصيبه غفوة ولا نوم عميق. لا تأخذه سنة ولا نوم. والنوم صورة مصغرة من الموت.

النبي صلى الله عليه وسلم، لما سئل: “أينام أهل الجنة؟” قال: “لا، النوم أخو الموت.”

فهذا النوم موت، وهو لا يليق بالله عز وجل. إذاً: “إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام.”

(يخفض القسط ويرفعه)

القسط هو ميزان العدل. كل شيء عند الله بميزان:

“وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم.” (سورة الحجر، الآية 21)

فالمراد هنا ما ينزل من الله سبحانه وتعالى من الأرزاق التي قسمها لعباده. فكل هذه الأرزاق بقدر وبعلم الله.

“يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.” (سورة الرعد، الآية 26)

ليس هناك شيء واحد نال رزقه لأنه “محظوظ”، وهذا حُرم لأنه “منحوس.” هذه أوهام الناس. كل واحد يصيبه ما كتب له. مرورك في شارع ليس صدفة. وجودك في مكان ليس صدفة. ولادتك في مدينة معينة لعائلة معينة ليس صدفة. رزقك بسبب عملك الفلاني ليس صدفة. زواجك من فلانة ليس صدفة. كل شيء عند الله بقدر.

إذاً: “يخفض القسط” إشارة إلى ما ينزله من الأرزاق المقسومة على عباده. و”يرفعه” إشارة إلى ما يُرفع إليه من أعمال العباد فيجازيهم بها.

فالله تعالى لا يظلم مثقال ذرة.

(يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل)

الملائكة هي التي تتولى رفع هذه الأعمال في العرض اليومي. كما في الحديث:

“يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فيجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر.” (صحيح البخاري)

فيسأل الله تعالى الذين باتوا فينا – وهو سبحانه وتعالى أعلم -: “كيف تركتم عبادي؟”
فيقولون: “أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون.”

إذاً: يُعرض عمل النهار في صلاة العصر، ويُعرض عمل الليل في صلاة الفجر.

“يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل.”

والمقصود هنا أنه ليس هناك ما يشغله سبحانه وتعالى عن تدبير ملكه وأمور خلقه. فكل شيء عند الله بحساب وبمقدار.

لما سأل رجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “كيف يُحاسب الله الناس جميعًا في ساعة واحدة؟”
قال: “كما يرزقهم جميعًا في ساعة واحدة.”

فالمسألة هنا ليست متعلقة بقدراتك البشرية. الله تعالى له القدرة على ذلك بما لا يحيط به علم.

ومن باب الفائدة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن هناك العرض اليومي، وهناك العرض الأسبوعي، وهناك العرض السنوي:

  • العرض اليومي: يرفع عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل.
  • العرض الأسبوعي: تُعرض الأعمال على الله عز وجل يومي الاثنين والخميس.
  • العرض السنوي: يكون في شهر شعبان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وأحب أن يُرفع عملي إلى الله وأنا صائم.” (رواه النسائي)

(حجابه النور)

أي أن لله عز وجل حجابًا من نور.

(لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.)

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من جلال الله وعظمته لو انكشف هذا الحجاب:“لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.”

ومعنى سبحات وجهه سبحانه وتعالى أي جلاله وعظمته. فمن جلال الله وعظمته، إذا نُزع هذا الحجاب لاحترق جميع خلقه ما انتهى إليه بصره من خلقه، يعني جميع الخلق، لأن الله لا يخفى عليه شيء ولا يخفى عليه أحد:“لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.” (سورة الأنعام، الآية 103)

وهذا أصح ما ورد في تفسير سؤال أبي ذر للنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله: “هل رأيت ربك؟” هذا في ليلة المعراج، لما اصطفى الله نبينا وتقدم إلى سدرة المنتهى.فقيل له: “هل رأيت ربك؟”قال: “نورٌ أنا أراه.” (صحيح مسلم)

أي: حجبه عنه حجاب النور. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ الله لأننا في الدنيا لم نُهيأ لهذا الأمر.

كما في قصة موسى مع رب العزة لما قال له:“ربي أرني أنظر إليك.”قال: “لن تراني.” (سورة الأعراف، الآية 143) فليس عندك إمكانيات أو قدرة لأن ترى رب العالمين. وضرب الله له مثلاً، قال:“ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني.”والجبل، لا شك، أنه أرْسَخ وأقوى وأمتن. لكن الجبل لما تجلى له رب العالمين اندك دكًا، ومن قوة الصوت، صعق موسى عليه السلام وخر موسى صعقًا.

إذاً، فالله تعالى له حجاب من نور. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “نورٌ أنا أراه.”

وفي يوم القيامة، سيُهيئ الله تعالى المؤمنين، ويجعل عندهم القدرة لرؤيته جل جلاله:“وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة.” (سورة القيامة، الآيتان 22-23)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تُضامون في رؤيته.” (صحيح البخاري)

فالتشبيه هنا لإمكانية الرؤية، وليس أن الله عز وجل كالقمر؛ فالله تعالى “ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.” (سورة الشورى، الآية 11)

إذاً، النبي يعلمنا هذه المعلومات عن عظمة الله رب العالمين:
“إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.”

نسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يثبتنا عليه إلى أن نلقاه.

اللهم آمين يا رب العالمين.

وجزاكم الله خيرًا.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 ديسمبر, 2024 عدد الزوار : 13977 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع