
بالهنا والشفا، والله أكوابي نظيفة وزي الفل .
كان الموظف الشاب يشرب الشاي وهو يراقب عروق وجهها تنتفض وهي تحكي منفعلة وكان مندهشا وهي تقول لا تتعجب أنا فقيرة آه لكن هناك من هو أفقر منى، أنا معاشي من زوجي الله يرحمه 300 جنيه (40 دولار)جبت بمائتين وخمسين منهم هذه البطاطين ، ويدبرها الله لي لغاية آخر الشهر بالخمسين .
تفقد الشاب الغرفة فوجدها لا تتسع لأكثر من شخصين سرير صغير يتحمل بصعوبة جسدها النحيل، لمبة فى السقف وتليفزيون بإيريال معلق على شباك المنور، تليفون موبايل قديم يبدو أنه نافذتها الوحيدة مع الحياة، وإبتسامة دافئة كبيرة تكشف عن زمن بعيد لم تعرف فيه أبعد من هذه الغرفة ومن هذا المكان .
لكن يا حاجة كريمة، احتمليني ولا تفهميني خطأ، ألست أولى بثمن الخمسة بطاطين بسبب ظروفك .
فقالت وهي تضرب بيدها على طرف السرير يا ابني ما رأيته في التليفزيون يقطع القلب
ناس عريانة مرمية في الشوارع من غير بيت ولا غطاء، أنا فقيرة لكن لست غلبانة هم غلابة ، أنا ربنا ساترني في غرفة أقفل بابها تدفأني وأنام ؛ هم ماعندهم لا باب ولا غرفة، يا ابني خد البطاطين وتوكل على الله ، توصل بالسلامة وشرفتني يا ابني !!!
وذهب الموظف بأغلى خمسة بطاطين إلى مقر بنك الطعام وحكى لهم بدموعه قصة الحاجة كريمة، وكرمها ووجهها الصافي الصادق وكلماتها البريئة الحقيقية ، هذه المرأة العجوز التي نساها الزمن لم يهملها الله برحمته فرزقها الحب والبساطة والكرم ، تحب الله وتعيش في أمانة وفي وعده الحق لها بانه لن ينساها .
قرر زملاؤه أن يفعلوا أي شيء لهذه المرأة، إقترحوا معاشا شهريا معونة عاجلة، البحث عن شقة صغيرة لها، سرير أكبر، ثلاجة بها طعام، فسحة في مكان جميل، لكن موظف البنك الذي ذهب لها
قال لهم بثقة من عرفها عن قرب يعلم أنها سترفض كل شيء .
فى النهاية وصلوا إلى حيلة، إتصلوا بها على أنهم من شركة التليفونات التي تحمل أحد أرقامهم، أبلغوها أنها فازت بجائزة مالية كبيرة، فقالت لهم دون أن تهتز من فرحة أو مفاجأة
عارفين بتوع بنك الطعام، اإتبرعوا لهم بالفلوس كلها، قولوا لهم اشتروا بطاطين كثيرة لبتوع السيول، لا أحد يموت من الجوع … لكن في ناس كثير تموت من البرد .
قال تعالى :{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } الحشر: 9