إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء
قحط الناس في أواخر مدة الناصر ، فأمر القاضي منذر بن سعيد للخروج للاستسقاء ، فتأهب لذلك واستعد وصام بين يديه (أي قبله ) ثلاثة أيام واستغفر الله من ذنبه وأحصى حقوق الناس عليه فردها وسألهم السماح منها وخرج ، وخرج معه الناس جميعا ، رجالا ونساء وولدانا .
وقال لصديق له من خواص الخليفة وهو خارج ، اذهب فانظر ما يصنع أمير المؤمنين ؟.فعاد يقول : ما رأيناه قط أخشع منه في يومنا هذا ، إنه لمنتبذ (وحيد)،حائر، لابس أخشن الثياب، مفترش التراب قد رمى منه على رأسه وعلى لحيته يبكي ويستغفر ويقول يا رب هذه ناصيتي بين يديك فإن أذنبت أتراك تعذب الرعية بذنبي وأنت أحكم الحاكمين وأنت قادر علي لن يفوتك شيء مني …
فتهلل وجه القاضي وقال لغلامه : اذهب فاحمل المِمطَر (المشمع )فقد أذن الله بالسقيا ، إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء …
وقام يدعو والناس يضجون بالدعاء والتوبة والاستغفار فما انصرف حتى امتلأت السماء بالغيوم وبلل الناس المطر .
رحم الله منذر بن سعيد وكل من اتخذ الحق شعارا وأقام للدين منارا .