فقه الصلاة 11- ما يباح فعله في الصلاة

تاريخ الإضافة 4 يونيو, 2023 الزيارات : 4264

ما يباح فعله في الصلاة

المباح : هو مالا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، يعنى يستوي فيه الفعل والترك

ويباح في الصلاة ما يأتي:

1 – البكاء والتأوه والأنين سواء أكان ذلك من خشية الله أم كان لغير ذلك كالتأوه من المصائب والأوجاع ما دام عن غلبة بحيث لا يمكن دفعه:

لقول الله تعالى: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) . والآية تشمل المصلي وغيره.

وعن عبد الله بن الشخير قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه.

أي أن صدره صلى الله عليه وسلم يغلي من البكاء من خشية الله فيسمع له صوت كصوت القدر حين يغلي فيه الماء.

 

وعن عائشة رضي الله عنها في حديث مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، قالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه وإنه إذا قرأ القرآن بكى: قالت: وما قلت ذلك إلا كراهية أن

يتأثم الناس بأبي بكر أن يكون أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف) رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والترمذي وصححه.

يتأثم الناس بأبي بكر : أي يتشاءم الناس به ويتجنبونه كما يتجنبون الإثم.

إنكن صواحب يوسف : أي أن عائشة مثل صاحبة يوسف في كونها أظهرت خلاف ما في الباطن فكما أن صاحبة يوسف دعت النسوة وأظهرت أنها تريد إكرامهن بالضيافة مع أن قصدها الحقيقي هو أن ينظرن إلى جمال يوسف فيعذرنها في محبته فكذلك عائشة فإنها أظهرت أن صرف الإمامة عن أبيها أنه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه مع أن مرادها الحقيقي ألا يتشاءم الناس به.

وفي تصميم الرسول صلى الله عليه وسلم على صلاة أبي بكر بالناس مع أنه أخبر أنه إذا قرأ غلبه البكاء دليل على الجواز.

وصلى عمر صلاة الصبح وقرأ سورة يوسف حتى بلغ إلى قوله تعالى (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) فسمع نشيجه رواه البخاري ، والنشيج: رفع الصوت بالبكاء

وفي رفع عمر صوته بالبكاء رد على القائلين بأن البكاء في الصلاة مبطل لها إن ظهر منه حرفان سواء أكان من خشية الله أم لا.

وقولهم إن البكاء إن ظهر منه حرفان يكون كلاما غير مسلم فالبكاء شئ والكلام شئ آخر.

(2) الالتفات عند الحاجة:

روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يصلي وهو يلتفت إلى الشعب. قال أبو داود: وكان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس.

وعن أنس بن سيرين قال: رأيت أنس بن مالك يستشرف لشئ (يرفع بصره إليه) وهو في الصلاة، ينظر إليه. رواه أحمد.

فإن كان الالتفات لغير حاجة كره تنزيها، لمنافاته الخشوع والاقبال على الله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلفت في الصلاة فقال: (اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود.

الاختلاس: أخذ الشئ بسرعة، أي إن الشيطان يأخذ من الصلاة بسبب الالتفات.

هذا كله في الالتفات بالوجه أما الالتفات بجميع البدن والتحول به عن القبلة فهو مبطل للصلاة اتفاقا، للإخلال بواجب استقبال القبلة.

(3) قتل الحية والعقرب والزنابير :

ونحو ذلك من كل ما يضر وإن أدى قتلها إلى عمل كثير: فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب) رواه أحمد وأصحاب السنن. الحديث حسن صحيح.

اقتلوا الأسودين: يطلق على الحية والعقرب لفظ الأسودين تغليبا، ولا يسمى بالأسود في الأصل إلا الحية.

(4) المشي اليسير لحاجة:

فعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه. ووصفت أن الباب في القبلة. رواه أحمد

ومعنى أن الباب في القبلة، أي جهتها. فهو لم يتحول عن القبلة حينما تقدم لفتح الباب وحينما رجع إلى مكانه.

ويؤيد هذا ما جاء عنها أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا استفتح إنسان الباب فتح الباب ما كان في القبلة أو عن يمينه أو عن يساره ولا يستدبر القبلة.رواه الدارقطني.

وأما المشي الكثير فقد قال الحافظ في الفتح: أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة المفروضة يبطلها.

(5)حمل الصبي وتعلقه بالمصلي:

فعن أبي قتادة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وأمامة بنت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم على رقبته فإذا ركع وضعها وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته ) رواه أحمد والنسائي وغيرهما.

وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاة العشي (الظهر أو العصر) وهو حامل (حسن أو حسين) فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها، قال:إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت في سجودي.

فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك؟ قال: (كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) رواه أحمد والنسائي والحاكم.

قال النووي: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم.

وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة.

وهذا التأويل فاسد لان قوله يؤم الناس صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة.

قال: وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة.

وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لان الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه لكونه في معدته، وثياب الأطفال تحمل على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا.

والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها.

(6) إلقاء السلام على المصلي ومخاطبته وأنه يجوز له أن يرد بالاشارة على من سلم عليه أو خاطبه:

فعن جابر بن عبد الله قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا، ثم كلمته فقال بيده هكذا (أشار بها) وأنا أسمعه يقرأ ويومئ برأسه.

فلما فرغ قال: (ما فعلت في الذي أرسلتك فإنه لم يمنعني من أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي؟) رواه أحمد ومسلم.

وعن عبد الله بن عمر عن صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت فرد علي إشارة، وقال: لا أعلمه إلا قال إشارة بإصبعه: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي.

ويستوي في ذلك الإشارة بالإصبع أو باليد جميعها أو بالإيماء بالرأس فكل ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(7) التسبيح والتصفيق:

يجوز التسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا عرض أمر من الأمور، كتنبيه الإمام إذا أخطأ وكالإذن للداخل أو الإرشاد للأعمى أو نحو ذلك.

فعن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من نابه شئ في صلاته فليقل: سبحان الله، إنما التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

(8) الفتح على الإمام:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن فتح المؤتم على إمامه إذا أرتج عليه في القراءة وهو في الصلاة ورده إذا غلط في القراءة إلى الصواب مشروع إجمالا ، وبه قال جمع من الصحابة والتابعين كعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عمر رضي الله عنهم ، وعطاء ، والحسن ، وابن سيرين وابن معقل ، ونافع بن جبير .

واستدلوا بأن ابن عمرروى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي: (أشهدت معنا؟) قال: نعم.

قال: (فما منعك أن تفتح علي؟) رواه أبو داود وغيره ورجاله ثقات. وبحديث المسور بن يزيد المالكي رضي الله عنه قال : { شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقرأ في الصلاة ، فترك شيئا لم يقرأه فقال له رجل : يا رسول الله تركت آية كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا أذكرتنيها } .

(9) حمد الله عند العطاس أو عند حدوث نعمة:

فعن رفاعة بن رافع قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى.

فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من المتكلم في الصلاة؟) فلم يتكلم أحد، ثم قال الثانية فلم يتكلم أحد، ثم قال الثالثة فقال رفاعة: أنا يا رسول الله، فقال: (والذي نفس محمد بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها) رواه النسائي.

(10) السجود على ثياب المصلي أو عمامته لعذر:

فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها. رواه أحمد بسند صحيح. فإن كان لغير عذر كره.

(11) القراءة من المصحف:

تفصيل حكم القراءة من المصحف في الصلاة:

1- في الفريضة لا يشرع القراءة من المصحف في الصلاة لأن السنة المحفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراءة عن ظهر قلب ولم ينقل عن أحد منهم القراءة من المصحف ولأن معيار التفضيل في الإمامة الحفظ والإتقان للقرآن لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (وليؤمكم أكثركم قرآنا). رواه البخاري.

وقد كره أهل العلم ذلك ولم يرخصوا فيه وذهب أبو حنيفة إلى بطلان الصلاة بذلك وإن كان الصواب صحة الصلاة مع الكراهة.

فمن كان حافظا فليقرأ ومن لم يكن حافظا فليقرأ ما تيسر له ولو من قصار السور وليكرر تلك السور ولا حرج عليه في ذلك وينبغي عليه أن يجتهد في حفظ قدر أكبر من السور ليتمكن من أداء الفريضة من غير نظر إلى المصحف.

2- في النافلة فلا حرج ولا بأس في القراءة من المصحف لا سيما في قيام رمضان لأن النفل في الشريعة مبناه على التخفيف ولأن المقصود في النفل الإطالة وكثرة القيام والقراءة من المصحف يحقق ذلك لمن لم يكن حافظا ولما يترتب على ذلك من سماع القرآن ولما في ذلك من التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم لأنه قد يصعب وجود حفاظ في بعض البلاد والناس متشوقون لسماع القرآن وختمه في مواسم الخير ولأنه ثبت عن عائشة رضي الله عنها: (أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان وكان يقرأ من المصحف). ذكره البخاري في صحيحه معلقا.

وسئل الزهري: (عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف فقال: كان خيارنا يقرءون في المصحف). وقد رخص المالكية والشافعية والحنابلة في ذلك. قال أحمد : (لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف . قيل له : في الفريضة قال : لا , لم أسمع فيه شيئا). وهذا القول أعني التفريق بين الفريضة والنافلة هو القول الموافق للأدلة والمقاصد الشرعية ولا ينبغي أن يسهل للناس ويرخص لهم في الفريضة لأن ذلك يفضي إلى تفريط الناس بالحفظ وعدم الاهتمام بشروط الإمامة المعتبرة.

ما حكم حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح؟

ما حكم القراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ ؟ وما حكم متابعة المأموم الإمام بالنظر في المصحف عند القراءة بحجّة إصلاح خطأ الإمام، أو من أجل زيادة الفهم والتدبُّر والخشوع؟ وهل ترون هناك بأساً فيما إذا خصّص الإمام أحد المأمومين ليحمل المصحف ليصلح الأخطاء التي قد يقع فيها؟

الجواب: للشيخ ابن جبرين : لا أرى بأساً في حمل المصحف خلف الإمام، ومتابعته في القراءة لهذا الغرض، أو للفتح عليه إذا غلط، ويغتفر ما يحصل من حركة القبض وتقليب الأوراق، وترك السنة في قبض اليسار باليمين، كما يغتفر ذلك في حقّ الإمام الذي يحتاج إلى القراءة في المصحف، لعدم حفظه للقرآن، ففائدة متابعة الإمام في المصحف ظاهرة، بحضور القلب لما يسمعه، وبالرقة والخشوع، وبإصلاح الأخطاء التي تقع في القراءة من الأفراد، ومعرفة مواضعها، كما أن بعض الأئمة يكون حافظاً للقرآن فيقرأ في الصلاة عن ظهر قلب، وقد يغلط ولا يكون خلفه من يحفظ القرآن فيحتاج إلى اختيار أحدهم ليتابعه في المصحف، ليفتح عليه إذا ارتج عليه، ولينبهه إذا أخطأ، فلا بأس بذلك، إن شاء الله. اهـ كلام العلامة ابن جبرين .

(13) شغل القلب بغير أعمال الصلاة:

فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضى الأذان أقبل، فإذا ثوب بها (أقيمت) أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظن الرجل لا يدري كم صلى، فإن لم يدر أحدكم ثلاثا صلى أم أربعا فليسجد سجدتين وهو جالس) رواه البخاري ومسلم

وقال البخاري: قال عمر: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة.

ومع أن الصلاة في هذه الحالة صحيحة مجزئة فإنه ينبغي للمصلي أن يقبل بقلبه على ربه ويصرف عنه الشواغل بالتفكير في معنى الآيات والتفهم لحكمة كل عمل من أعمال الصلاة فإنه لا يكتب للمرء من صلاته إلا ما عقل منها.

فعند أبي داود والنسائي وابن حبان عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها)

وروى أبو داود عن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه) .

وروى مسلم عن عثمان بن أبي العاص قال، قلت: يا رسول الله إن الشيطان

قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال صلى الله عليه وسلم: (ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا) قال: ففعلت فأذهبه الله عني.

(14) حكم إغلاق الهاتف المحمول (الجوال أو الموبيل ) في الصلاة:

يجوز إغلاق الهاتف المحمول في الصلاة منعا للتشويش على المصلين ، ويراعى أن يكون ذلك بأقل حركة ممكنة ،ولو احتاج إلى عدد من الحركات لإغلاقه فلا بأس للحاجة إليها، والأولى أن يتم إغلاقه قبل الشروع في الصلاة ، بل قبل دخول المسجد ، خاصة أن اللافتات التي تتضمن التنبيه إلى إغلاقه متوفرة في المساجد ، لتذكر الناسي، فإذا نسي حامله ودخل الصلاة ثم سمع صوته فعليه أن يبادر بغلقه منعا لإيذاء المصلين ، وحفاظا على الخشوع في الصلاة ،وقد جاء في كتب الفقهاء أن الحركة في الصلاة لحاجة لا تفسدها وقد مر بنا حديث عائشة ، أنها استفتحت الباب ، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة حتى فتح لها . وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة .

فما دامت الحاجة قائمة إلى غلق المحمول في الصلاة جاز إغلاقه.

والله أعلم.

(15) ما حكم بلع البلغم في الصلاة؟

البلغم طاهر ، لما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : (مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ ؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا) وَوَصَفَ الْقَاسِمُ – أحد رواة الحديث – فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ .

قال ابن قدامة رحمه الله :”ولو كانت نجسة لما أمر بمسحها في ثوبه وهو في الصلاة ولا تحت قدمه . ولا فرق بين ما يخرج من الرأس والبلغم الخارج من الصدر” انتهى .

وقال أيضاً :”البلغم أحَدُ نَوْعَيْ النُّخَامَةِ  أَشْبَهَ الْآخَرَ  ولَوْ كَانَ نَجِسًا نَجُسَ بِهِ الْفَمُ … وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم – مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ – شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ” انتهى باختصار .”المغني” (1/415) .

وبلعه في الصلاة ليس له حكم الطعام والشراب ؛ لأنه ليس طعاما ولا شرابا ولا في معنى الطعام والشراب .

وحيث إن البلغم طاهر ، وليس بطعام ولا بشراب ، ولا في معناهما : فإذا بلعه المصلي وهو في الصلاة فصلاته صحيحة ، وخاصة إذا غلبه ، ولم يتمكن من إخراجه في منديل ونحوه .

والمشروع : أن الرجل إذا أصابه الزكام أو أراد أن يبصق أو ابتدره البلغم فله أن يخرج  منديله أو نحوه ، ويمسح به  .

(16 )التثاؤب في الصلاة :

أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين ، وذكر تعالى أن من أعظم صفاتهم أنهم ( فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يسعى لإلهاء المصلي في صلاته ، وقد ابتلى الله المؤمنين بذلك ، ومن طرق إلهاء الشيطان للمصلي إشغاله لفكره ، ووسوسته له في صلاته ، ومنها : تسلطه عليه بالتثاؤب حتى يشغله بها عن صلاته ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التثاؤب من الشيطان ، وأَمرنا أن نرد التثاؤب ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، فإذا غلبنا التثاؤب فقد أَمرنا أن نضع أيدينا على أفواهنا ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ – [وفي رواية : فِي الصَّلاةِ] فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ ) رواه مسلم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال : ” ها ” ضحك الشيطان ) رواه البخاري ومسلم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” قال ابن بطال : إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة  أي : أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً ، لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه ، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب .

وقال ابن العربي : قد بينَّا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته , وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى المَلَك لأنه واسطته , قال : والتثاؤب من الامتلاء ، وينشأ عنه التكاسل ، وذلك بواسطة الشيطان , والعطاس من تقليل الغذاء ، وينشأ عنه النشاط ، وذلك بواسطة المَلَك .

وقال النووي : أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه , والمراد : التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك ، وهو التوسع في المأكل .

قوله : ” فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ” أي : يأخذ في أسباب رده , وليس المراد به أنه يملك دفعه ، لأن الذي وقع لا يرد حقيقة , وقيل : معنى (إذا تثاءب) أي : إذا أراد أن يتثاءب … .

وأما الأمر بوضع اليد على الفم فيتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب فيغطى بالكف ونحوه ، وما إذا كان منطبقا حفظا له عن الانفتاح بسبب ذلك .

وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه مما يحصل ذلك المقصود , وإنما تتعين اليد إذا لم يرتد التثاؤب بدونها , ولا فرق في هذا الأمر بين المصلي وغيره , بل يتأكد في حال الصلاة كما تقدم ، ويستثنى ذلك من النهي عن وضع المصلي يده على فمه .

ومما يؤمر به المتثائب إذا كان في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى يذهب عنه لئلا يتغير نظم قراءته ” انتهى . ” فتح الباري ” ( 10 / 612 ) .

ومن أراد التخلص من التثاؤب في الصلاة فعليه بالدخول فيها بجد ونشاط وعزيمة قوية ، وليعلم أن الشيطان له عدو فليتخذه عدوا ، وليحاول رده ما استطاع ، فإن غلبه فليضع يده على فيه .

هل يضع يده اليمنى أم اليسرى؟

استحب غير واحد من أهل العلم أن يكون باليد اليسرى ؛ لأنه من باب دفع الأذى ، وقاعدة الشريعة : تقديم اليمين في كل ما كان من باب الكرامة ، وتقديم الشمال في كل ما كان من باب المهانة .

وذكروا أن ذلك يكون بوضع ظهر كفه اليسرى على فمه ؛ لأنه من باب دفع الشيطان ، فيكون دفعه بباطنها ، فإن كظمه باليمنى حصل أصل السنة ، وحينئذ يكون بوضع باطنها على الفم .

والذي يظهر أن الأمر في هذا واسع ، ولم تأت السنة بتعيين اليسرى أو اليمنى في كظم التثاؤب ، فضلا عن التفصيل المذكور ، وهو كونه بباطن اليد أو ظهرها ، فمتى حصل ذلك باليد اليمنى أو اليسرى ، حصلت السنة .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان عندما يتثاءب يضع يده اليمنى أم يده اليسرى أم يضعهما معاً على فمه الطاهر؟

فأجاب : “لا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على فمه إذا تثاءب ، وإنما ورد ذلك من قوله حيث أمر صلى الله عليه وسلم الرجل عند التثاؤب – يعني : أو المرأة – أن يكظم – يعني : يمنع فتح فمه ما استطاع – فإن لم يستطع فليضع يده على فمه ، ويضع اليد اليمنى أو اليسرى ، المهم أن لا يبقي فمه مفتوحاً عند التثاؤب” انتهى .”فتاوى نور على الدرب” (13/61) .

تلخيص بقية الأعمال المباحة في الصلاة:

لخص ابن القيم بعض الأعمال المباحة التي كان يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال:

– وكان صلى الله عليه وسلم يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة فإذا سجد غمزها بيده فقبضت رجلها وإذا قام بسطتها.

– وكان يصلي على المنبر  ويركع عليه فإذا جاءت السجدة نزل القهقرى فسجد على الأرض ثم صعد عليه ، وكان لمنبره صلى الله عليه وسلم ثلاث درجات، وكان يفعل ذلك ليراه المصلون خلفه فيتعلمون الصلاة منه.

وكان يصلي إلى جدار فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها (يدافعها) حتى لصق بطنه بالجدار، ومرت من ورائه.

وكان يصلي فجاءته جاريتان من بني عبد المطلب قد اقتتلنا فأخذهما بيده فنزع إحداهما من الاخرى وهو في الصلاة ، ولفظ أحمد فيه: فأخذتا بركبتي صلى الله عليه وسلم فنزع بينهما أو فرق بينهما ولم ينصرف

وكان ينفخ في صلاته وأما حديث (النفخ في الصلاة كلام) فلا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما رواه سعيد في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله – إن صح – وكان يبكي في صلاته، وكان يتنحنح في صلاته.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنت فإن وجدته يصلي تنحنح فدخلت وإن وجدته فارغا أذن لي.ذكره النسائي وأحمد، ولفظ أحمد: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخل من الليل والنهار وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح.

رواه أحمد وعمل به فكان يتنحنح في صلاته ولا يرى النحنحة مبطلة للصلاة

– وكان يصلي حافيا تارة ومنتعلا أخرى.

كذا قال عبد الله بن عمر، وأمر بالصلاة بالنعل مخالفة لليهود، وكان يصلي في الثوب الواحد وفي الثوبين تارة، وهو أكثر.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم