الخطر في الإسلام المعتدل كما يراه البعض:
جاءتني، منذ سنوات، تلميذة لـ “برنارد لويس”، المستشرق الصهيوني الأكثر عداءً للعرب والمسلمين، وكل ما كانت تعمل معايا حديث وتوجه أسئلة، أكلمها وأجيبها بكلام وإجابة وسطية معتدلة، كما هو منهجي، الكلام والإجابات الطبيعية التي أقولها ومعروفة عني وفي كتبي، فإذا بها كلما يحدث هذا، تزداد توتراً !
ثم قَرَأْتُ لها، بعد أيامٍ مِن هذه الزيارة، مقالاً، تُرْجِم ونُشر في مجلة “السياسة الدولية”، التي تَصْدُر عن مؤسسة “الأهرام” المصرية، تقول فيه بالحرف الواحد :
“الخطر هو الإسلام المعتدل؛ لأن لديه مشروعاً قابلاً للتطبيق، أما الإسلام العنيف والمتطرف فهذا يسير في طريق مسدود” ! اهـ
إذن، أنا أقول، نحن أمام موقف لا يريد أنْ يَرَى ولا أنْ يُرَى حقيقة الإسلام، وإنما هو يريد الصورة التي يريدها ! …
وإلا، فقل لي : لماذا تُسَلَّطُ الأضواءُ على حركات العنف ؟! …
وأنا أسأل : ما هو حجم التيار المتشدد، التيار العنيف، التيار الذي يستخدم القوة واللي ضد الآخَر والذي يُكَفِّر ويقول بالجاهلية .. إلخ ؟
هذه شريحة محدودة، لكنْ تُسَلَّطُ عليها كلُّ الأضواء، لماذا ؟! وهل هذا نوعٌ من العَفَوِيَّة ؟!
يعني أنا لَمَّا يِبْقَى عندي جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا … وشلتوت والمراغي … ومصطفى عبد الرزاق ومحمد الغزالي .. وغيرهم .. تيار من المفكرين المجددين المجتهدين الوسطيين المعبرين عن ثقافة الإسلام وحقيقة الإسلام .. كل هؤلاء لا يُسَلَّطْ عليهم أي ضوء .. ويصبح – على سبيل المثال- عمر عبد الرحمن هو البطل وهو المفكر الذي تُسَلط عليه كل الأضواء !
كما الإعلام الآن، يُسَلِّطُ الأضواء على فيفي عبده، بينما لا يعرف الناس شيئاً عن الأفغاني ولا عن محمد عبده ولا عن التيار الفكري المذكور !
(د. محمد عمارة، عن حلقة سابقة معه، بعنوان “إعادة تقديم الإسلام”، في “برنامج الشريعة والحياة”، مع مُقَدّمِهِ آنذاك الأستاذ/ ماهر عبد الله، وأذيعت في 18/ 8/ 2002م)