أبواب الصدقة التي لا ينتبه لها الشيخ علي الطنطاوي
من أبواب الصدقة ما لا ينتبه له أكثر الناس مع أنه هَيِّن..من ذلك:
– التساهل مع البيَّاع الذي يدور على الأبواب يبيع الخُضَر أو الفاكهة أو البصل، فتأتي المرأة تناقشه وتُسَاوِمه على الفرنك، وتُظهِر «شطارتها» كلها، مع أنها قد تكون من عائلة تملك مئة ألف، وهذا المسكين لا تساوي بضاعته التي يدور نهاره ليبيعها، لا تساوي كلها عشر ليرات ولا يربح منها إلا ليرتين! فيا أيها النساء أسألُكُن بالله، تساهَلْنَ مع هؤلاء البيّاعين، وأعطوهم ما يطلبون، وإذا خسِرَتَ الواحدة منكنّ ليرةً فلْتَحسبها صدقة؛ إنها أفضل من الصدقة التي تُعطى للشحاد.
– ومن أبواب الصدقة أن تفكر معلمة المدرسة حينما تكلف البنات شراء ملابس الرياضة مثلاً، أو تصر على شراء الدفاتر الغالية والكماليات التي لا ضرورة لها من أدوات المدرسة، أن تفكر أن من التلميذات من لا يحصل أبوها أكثر من ثمن الخبز وأجرة البيت…الخمس الليرات أو العشر، سهلة على المعلمة ولكنها صعبة على كثير من الآباء.
والخلاصة يا سادة: إن مَن أحب أن يُسخّر الله له مَن هو أقوى منه وأغنى، فليُعِنْ من هو أضعف منه وأفقر، وليضع كلٌّ منا نفسه في موضع الآخر، وليحبّ لأخيه ما يحب لنفسه.
إن النِّعَم إنما تُحفَظ وتدوم وتزداد بالشكر، وإن الشكر لا يكون باللسان وحده.
ولو أمسك الإنسان سُبحةً وقال ألف مرة: «الحمد لله»، وهو يَضِنُّ بماله إن كان غنياً، ويبخل بجاهه إن كان وجيهاً، ويظلم بسلطانه إن كان ذا سلطان، لا يكون حامداً لله، وإنما يكون مرائياً أو كذّاباً.
من كتاب (مع الناس)