ما معنى قوله تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)

تاريخ الإضافة 3 فبراير, 2022 الزيارات : 722
ما معنى قوله تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)
 ما معنى قوله تعالى: ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [النور : 3 ]؟
الجواب :
الغرض الذي سيقت له الآية: تبشيع الزنا وبيان حكم نكاح الزناة.
ومناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر حد الزناة، بشَّع شأن الزنا وبيَّن حكم نكاح الزناة.
والمراد بـ(النكاح) في الآية التزويج، فالمعنى: لا يتزوج الرجل الفاجر المسافح إلا فاجرة مثله، أو مشركة أخس منها، ولا تتزوج المرأة الفاجرة المسافحة إلا رجلًا فاجرًا مسافحًا أو مشركًا أخس منه.
وهذا خبر بمعنى النهي؛ أي: لا تُزوِّجوا الفاجر إلا الفاجرة، ولا تزوجوا الفاجرة إلا فاجرًا.
فإن قيل: ظاهر هذا يدل على أنه يجوز أن ينكح الزاني المسلم مشركة، وأن تنكح الزانية المسلمة مشركًا، مع أنه لا نزاع عند أهل العلم في أنه لا يجوز أن ينكح مسلم مشركة ولو كان زانيًا، كما أنه لا يجوز أن ينكح مشرك مسلمة ولو كانتْ زانية؟
فالجوابُ: أنَّ هذا كان جائزًا في أول الأمر حتى نَزَلَ قوله: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾ [البقرة: 221] الآية، وكذلك قوله: ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 10]، وكذلك قوله: ﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [الممتحنة: 10]، فنُسخ هذا الجواز، وحُرِّم نكاح المسلم للمشركة والعكس.
وقد اختلف أهلُ العلم في حكم نكاح الزاني من العفيفة، ونكاح العفيف من الزانية:
فذهب أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البَغِي، ما دامت كذلك، حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة، واستدل بهذه الآية وبقوله تعالى:﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]، وبقوله: ﴿ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ﴾ [النساء: 24]، وقد نسب هذا القول إلى أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وعائشة، والحسن، وإبراهيم النخعي، وبعض الشافعية، وقد روي أن محدودًا في الزنا تزوج غير محدودة، ففرَّق بينهما علي رضي الله عنه.
وكما أنه لا يجوز عقد العفيف على الزانية ولا الزاني على العفيفة، فكذلك إذا زنا أحد الزوجين فرق بينهما إذا كان الآخر عفيفًا.
وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وكثير من الفقهاء إلى أنه يجوز أن ينكح الزاني العفيفة، وأن تنكح الزانية العفيف، وحملوا النكاح في الآية على الوطء، أو على أن الآية منسوخة بقوله بعدها: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ [النور: 32]، على أن الزانية دخلت في أيامى المسلمين، أو أن النفي في الآية على معنى لا يليق، فيكون للتنزيه.
ورُدَّ بأن أكثر استعمال لفظ النكاح في لسان الشرع بمعنى العقد، حتى قال الزجاج وغيره: إنه لم يرد في كتاب الله إلا بمعنى العقد، ولو سلمنا أن النكاح في الآية بمعنى الوطء، لأدى ذلك إلى خلو الكلام من الفائدة؛ إذ يكون معناه: الزاني لا يزني إلا بزانية، والزانية لا تزني إلا بزانٍ.
وأما قوله: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ [النور: 32]، فلا يصح جعله ناسخًا لهذه الآية؛ لأنه عامٌّ، وما في هذه الآية خاص، والعام لا ينسخ الخاص. وحمل النفي على معنى لا يليق مردود بقوله: ﴿ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
وقوله: ﴿ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3] يدل على أن المراد العقد؛ لأن تحريم الزنا ثابت قبل ذلك، فالإشارة راجعةٌ إلى النكاح المفهوم من قوله: (ينكح)، والمراد بـ(المؤمنين) الكَمَلة في وصف الإيمان؛ لأنَّ مَن زنا لا يكون كاملًا فيه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن))، وهذه الجملة لتقرير ما قبلها.
فإن قيل: فما الفرق بين قوله: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴾، وقوله: ﴿ وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾؟
فالجواب: أن الجملة الأولى تدل على وصف الزاني بكونه لا يباح له نكاح العفيفة، وأنه ينكح الفواجر، والجملة الثانية تدل على وصف الزانية بكونها لا ينكحها العفيف، وإنما ينكحها الزناة، فهما معنيان مختلفان؛ إذ لا يلزم من وصف الزاني بصفة أن تتَّصف به الزانية. وإنما عبر بالخبر وأراد النهي في قوله: ﴿ لَا يَنْكِحُ ﴾؛ لأن إيراد النهي في صورة الخبر أبلغ وآكد، فإن قولك: رحمك الله أو يرحمك الله، أبلغ من قولك: ليرحمك الله.
الأحكام:
1 – لا يجوز أن يتزوج فاسق عفيفة.
2 – لا يجوز أن يتزوج عفيف فاسقة.
3 – إذا زنا أحد الزوجين فرق بينهما إذا كان الآخر عفيفًا.
4 – يجوز أن يتزوج الرجل بمن زنا بها.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 354 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم