هل صح أن من أنبياء الله نبيا يسمى دانيال؟

تاريخ الإضافة 16 أغسطس, 2022 الزيارات : 701

هل صح أن من أنبياء الله نبيا يسمى دانيال؟

ذكر غير واحد من أهل العلم بالتاريخ والسير أن ” دانيال ” عليه السلام ، كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل ، وكان في زمن ” بختنصر ” الذي خرب بيت المقدس ، وقتل من قتل من بني إسرائيل ، وأحرق التوراة .

وذكروا أنه بشر بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وقَالَ دَانْيَالُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ وَذَكَرَ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِهِ ـ فَقَالَ: ” سَتَنْزِعُ فِي قَسِيِّكَ إِغْرَاقًا، وَتَرْتَوِي السِّهَامُ بِأَمْرِكَ يَا مُحَمَّدُ ارْتِوَاءً “.

فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِغَيْرِ تَعْرِيضٍ، وَتَصْحِيحٌ لَيْسَ فِيهِ تَمْرِيضٌ ” .

ثم ذكر شيخ الإسلام بشارتين لدانيال بالمسيح ، وبنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام ، ثم قال : ” فَهَذِهِ نُبُوَّةُ دَانْيَالَ فِيهَا الْبِشَارَةُ بِالْمَسِيحِ، وَالْبِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مِنْ وَصْفِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِالتَّفْصِيلِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ، وَقَدْ قَرَأَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمَّا فَتَحُوا الْعِرَاقَ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، مِنْهُمْ أَبُو الْعَالِيَةِ ” . انتهى من “الجواب الصحيح” (5/ 275-281) .

واشتُهر أن المسلمين لما فتحوا ” تستر ” عثروا عليه ، فأمر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الصحابة أن يدفنوه ، ويعمّوا على الناس قبره ؛ لئلا يفتنوا به .

روى ابن أبي الدنيا بسند حسن – كما في “البداية والنهاية (2/379) – عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: ” رَأَيْتُ فِي يَدِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ خَاتَمًا، نَقْشُ فَصِّهِ أَسَدَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ يَلْحَسَانِ ذَلِكَ الرَّجُلَ، قَالَ أَبُو بُرْدَة: هَذَا خَاتَمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ الَّذِي زَعَمَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَنَّهُ دَانْيَالُ، أَخَذَهُ أَبُو مُوسَى يَوْمَ دَفَنَهُ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عُلَمَاءَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ عَنْ نَقْشِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ، فَقَالُوا: إِنَّ الْمَلِكَ الَّذِي كَانَ دَانْيَالُ فِي سُلْطَانِهِ جَاءَهُ الْمُنَجِّمُونَ وَأَصْحَابُ الْعِلْمِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ يُولَدُ لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا غُلَامٌ يعورُ مُلْكَكَ وَيُفْسِدُهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ: وَاللَّهِ لَا يَبْقَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ. إِلَّا أَنَّهُمْ أَخَذُوا دَانْيَالَ فَأَلْقَوْهُ فِي أَجَمَةِ الْأَسَدِ، فَبَاتَ الْأَسَدُ وَلَبْوَتُهُ يَلْحَسَانِهِ، وَلَمْ يَضُرَّاهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَوَجَدَتْهُمَا يَلْحَسَانِهِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ عُلَمَاءُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ: فَنَقَشَ دَانْيَالُ صُورَتَهُ وَصُورَةَ الْأَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ ; لِئَلَّا يَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ” .

وروى ابن أبي شيبة (7/ 4) بسند صحيح، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا تُسْتَرَ قَالَ: ” فَوَجَدَ رَجُلًا أَنْفُهُ ذِرَاعٌ فِي التَّابُوتِ , كَانُوا يَسْتَظْهِرُونَ وَيَسْتَمْطِرُونَ بِهِ , فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِذَلِكَ , فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالنَّارُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ , وَالْأَرْضُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ , فَكَتَبَ أَنِ انْظُرْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي مُوسَى فَادْفِنُوهُ فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُكُمَا قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو مُوسَى فَدَفَنَّاهُ ” .

وروى ابن أبي شيبة (7/ 4) بسند صحيح عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: ” شَهِدْتُ فَتْحَ تُسْتَرَ مَعَ الْأَشْعَرِيِّ , قَالَ: فَأَصَبْنَا دَانْيَالَ بِالسُّوسِ , قَالَ: فَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا أَسَنُّوا أَخْرَجُوهُ فَاسْتَسْقَوْا بِهِ , وَأَصَبْنَا مَعَهُ سِتِّينَ جَرَّةً مُخَتَّمَةً … ”

وروى اليهقي في “دلائل النبوة” (1/ 381) عَنْ خالد بن دينار عن أبي الْعَالِيَةِ قَالَ: ” لَمَّا افْتَتَحْنَا تُسْتَرَ وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالِ الْهُرْمُزَانِ سَرِيرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ ، عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ لَهُ ، فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ، فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عَنْهُ ، فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ ، أَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، قَرَأَهُ، قَرَأْتُهُ مِثْلَ مَا أَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَذَا ” فَقُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: مَا كَانَ فِيهِ؟ فَقَالَ: ” سِيرَتُكُمْ، وَأُمُورُكُمْ، وَدِينُكُمْ، وَلُحُونُ كَلَامِكُمْ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ ” قُلْتُ: فَمَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ؟ قَالَ : ” حَفَرْنَا بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ دَفَنَّاهُ وَسَوَّيْنَا الْقُبُورَ كُلَّهَا، لِنُعَمِّيَهُ عَلَى النَّاسِ لَا يَنْبُشُونَهُ ” فَقُلْتُ وَمَا تَرْجُونَ مِنْهُ؟ قَالَ: ” كَانَتِ السَّمَاءُ إِذَا حُبِسَتْ عَلَيْهِمْ بَرَزُوا بِسَرِيرِهِ فَيُمْطَرُونَ ” قُلْتُ: مَنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونَ الرَّجُلَ؟ قَالَ: ” رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: دَانْيَالُ ” فَقُلْتُ : مُذْ كَمْ وَجَدْتُمُوهُ مَاتَ؟ قَالَ: ” مُذْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ ” فَقُلْتُ: مَا كان تغيّر شيئا؟ قَالَ:” لَا، إِلَّا شُعَيْرَاتٌ مِنْ قَفَاهُ، إِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُبْلِيهَا الْأَرْضُ، وَلَا تَأْكُلُهَا السِّبَاعُ”.

قال ابن كثير رحمه الله : ” وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى أَبِي الْعَالِيَةِ، وَلَكِنْ إِنْ كَانَ تَارِيخُ وَفَاتِهِ مَحْفُوظًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ فَلَيْسَ بِنَبِيٍّ، بَلْ هو رجل صالح ، لأن عيسى بن مَرْيَمَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ بِنَصِّ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ، وَالْفَتْرَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ، وَقِيلَ سِتُّمِائَةٍ، وَقِيلَ سِتُّمِائَةٍ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقَدْ يَكُونُ تَارِيخُ وَفَاتِهِ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ وَقْتِ دَانْيَالَ ، إِنْ كَانَ كَوْنُهُ دَانْيَالَ هُوَ الْمُطَابِقَ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَجُلًا آخَرَ، إِمَّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الصَّالِحِين،َ وَلَكِنْ قَرُبَتِ الظُّنُونُ أَنَّهُ دَانْيَالُ، لِأَنَّ دَانْيَالَ كَانَ قَدْ أَخَذَهُ مَلِكُ الْفُرْسِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَسْجُونًا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ طُولَ أَنْفِهِ شِبْرٌ.

وَعَنْ أَنَسِ ابن مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّ طُولَ أَنْفِهِ ذِرَاعٌ. فَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ” انتهى من “البداية والنهاية” (2/ 40) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وَلَمَّا ظَهَرَ قَبْرُ دَانْيَالَ بتستر كَتَبَ فِيهِ أَبُو مُوسَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ : إذَا كَانَ بِالنَّهَارِ فَاحْفِرْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا، ثُمَّ ادْفِنْهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَعَفِّرْ قَبْرَهُ، لِئَلَّا يَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ ” . انتهى من “مجموع الفتاوى” (15/ 154) . وينظر : “سيرة ابن إسحاق” (ص 66)، “تاريخ بغداد” (1/ 361)، “تاريخ دمشق” (8/ 32)، “المسالك والممالك” (ص 92)، “أعلام النبوة” (ص 66)، “أحسن التقاسيم” (ص417)، “الجواب الصحيح” (5/ 276) ، “هداية الحيارى” (2/ 375) ، “البداية والنهاية” (2/ 374) ، “سير أعلام النبلاء” (2/ 312) وينظر للفائدة السؤال رقم : (227688) . والله أعلم .

منقول من موقع الاسلام سؤال وجواب 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 353 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم