مجاهدة النفس

تاريخ الإضافة 20 يوليو, 2022 الزيارات : 9666
مجاهدة النفس
كلمة مجاهدة تعنى بذل الجهد والطاقة
النفس البشرية كالطفل تماما إ ن أدبتها وهذبتها ؛صلحت واستقامت ،وإن أهملتها وتركتها؛ خابت وخسرت،وهي بطبيعتها تميل إلى الشهوات والملذات والهوى وإذ لم يقيدها وازع ديني تأمر بالسوء والفحشاء فتنقاد إلى السقوط والهلاك وقد كان من وصايا الصديق رَضي الله عنه للفاروق حين استخلفه: إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك.
قال علي بن أبي طالب: جاهد نفسك على طاعة الله مجاهدة العدو عدوه، فإن أقوى الناس من قوى على نفسه، جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه.و إصلاح النفس يكون بالمجاهدة وإن جهاد النفس هو أعظم جهاد لأنه أصعب جهاد لأنك ستمنعها عن ما تريده من لذات وشهوات حرمها الله.
 الحقيقي
لابد من المجاهدة لإصلاح النفس الإنسانية (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
وعندما ذهب أحد الصالحين لزيارة “ابن تيمية” في السجن رق قلبه وبكى لحاله فما كان من “ابن تيمية” إلا أن قال له:
” أتبكي لحبسي. أتبكي لأسري؟!! إن المحبوس من حُبِس قلبه عن الله، وإن المأسور من أسره هواه، وشهوته”.
هذه سنة ماضية من بذل جهده واستفرغ وسعه في مجاهدة نوازعه الشريرة في مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء، في مواجهة شيطانه، في مواجهة أهوائه وشهواته لابد أن يصل إلى الهداية الربانية وقد قال عليه الصلاة والسلام( أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه ) صححه الالباني
الجهاد الحقيقي أن تجاهد هواك وألا تسترسل مع نزعات نفسك وأنانية نفسك وأهواء نفسك فإن من اتبع هواه فقد ضل وغوى.
( قال تعالى (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )
و (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الهوى شر إله عُبد في الأرض. ثم تلا قول الله تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله).
لابد من مجاهدة النفس
ولابد أن يسلك الإنسان طريقة إلى الله محطة محطة، ومرحلة مرحلة، حتى يصل إلى رضوان الله تبارك وتعالى .
وقبل المجاهدة ينبغي أن يغتسل الإنسان من ذنوبه، أن يتطهر من خطاياه، أن يقف مع نفسه وقفة صادقة ليحاسبها على ما اقترف من سيئات وما فرط فيه من حقوق لله، وللنفس وللناس ينبغي أن يقف هذه الوقفة ليصلح ما فسد ويقوَم ما أعوج ويطهر ما خبث، وليس هناك ذنب يستعصي على التوبة كل الذنوب قابلة للتوبة حتى الكفر، حتى الشرك بالله، حتى الإلحاد والجحود بالله عز وجل. إذا تاب الإنسان تاب الله عليه، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له )
والنفس الإنسانية هي أساس الإصلاح كله إصلاح الأسر، و إصلاح المجتمعات و إصلاح الأمم و إصلاح العالم كله، إذا صلحت الأنفس صلحت الحياة، البداية تبدأ من الفرد، إذا لم يصلح الفرد لن يصلح مجتمع، ولن تصلح حكومة، فالفرد إنما يصلح بإصلاح ذاته، الإنسان لا يقاد من أذنه كما تقاد البهيمة، وإنما يقاد من داخله من عقله، ويقاد من ضميره، لهذا كان إصلاح النفس البشرية هو أساس كل إصلاح وفق هذه السنة الإلهية التي قررها القرآن
(إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم) الرعد
ووفق ما قاله النبي صلي الله عليه وسلم (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)
هذا الكيان الداخلي هو حقيقة الإنسان، و ليست في هذا الدم واللحم، ليست في العظام والخلايا والأجهزة، هذه توجد عند الحيوانات، وربما كان الحيوان أضخم جسما من الإنسان وأوسع بطنا منه وأكثر أكلا” منه ولكن الإنسان الحقيقي في هذا الكائن الداخلي، الكائن الروحي، الكائن المعنوي الذي به صار الإنسان إنسانا، وكرمه الله على سائر المخلوقات وجعله في الأرض خليفة وحمله الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
أنواع النفوس
هناك النفس الأمارة بالسوء:
هي نوع من أنواع الأنفس التي تسيطر على صاحبها دائما و تدفعه إلى كل شيء يؤدى إلى معصية الله , فهي نفس لا تقاوم المعصية كما ذكر الله تعالى لنا فى كتابه الكريم “و ما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء”يوسف 53
النوع الثانى….النفس اللوامة:
فحين يرتكب الإنسان معصية تجعله يفكر كيف فعلت هذا و لماذا ..فهي النفس التي كلما تقع في سيئة يحدث لها نوع من الضيق و الشعور بالذنب و الشعور بخشية الله عز و جل , “,لا أقسم بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة. ) .
و لنلاحظ شيء عجيب جدا و هو علاقة يوم القيامة بالنفس اللوامة في القسم ؛ و ذلك لأن هذه النفس تذكر دائما يوم القيامة ، فمن علاج النفس لكي تتحول من نفس أمارة بالسوء إلى نفس لوامة أنها تذكر يوم القيامة فتقول لنفسك : ” أنت ستقابلين ربك ؛ أنت ستقفين بين يدي الله عز و جل”
النفس قابلة للتغير ولكن الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصدق وإصرار يحتاج إلى مجرد لحظة صدق ينوي معها أن يكمل حياته كلها لله عز وجل.
عن ربيعة الأسلمي رضَي الله عنه قال: “كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: سَلْ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: “أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: “فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ”.
وحُكِيَ أن ” زليخا ” لما خلت بيوسف – عليه السلام – قامت فغطت وجه صنم لها ، فقال يوسف عليه السلام : مالك ؟ أتستحين من مراقبة جماد ولا أستحي من مراقبة الملك الجبار ؟ .وأنشد بعضهم قائلاً :

إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل = خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبٌ
ولا تحسينَّ اللهَ يغفلُ ساعةً = ولا أنَّ ما تُخفي عليه بغيبُ
النوع الثالث :النفس المسولة
وحالها أن يتوب ويستمر على الاستقامة مدة ، ثم تغلبه الشهوات فى بعض الذنوب : فيقدم عليها عن صدق وقصد شهوة لعجزه عن قهر الشهوة ، إلا أنه مع ذلك مواظب على الطاعات وتارك جملة من الذنوب مع القدرة والشهوة ، وإنما قهرته هذه الشهوة الواحدة أو الشهوتان وهو يود لو أقدره الله تعالى على قمعها وكفاه شرها ، هذا أمنيته فى حال قضاء الشهوة عند الفراغ يتندم ويقول : ليتنى لم أفعله وسأتوب عنه وأجاهد نفسي فى قهرها ، لكنه تسول نفسه ويسوف توبته مرة بعد أخرى ويوما بعد يوم .
فهذه النفس هى التى تسمى ” النفس المسولة “ وصاحبها من الذين قال الله تعالى فيهم : ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخرَ سيئا ﴾ التوبة : 102
فأمره من حيث مواظبته على الطاعات وكراهته لما تعاطاه مرجو فعسى الله أن يتوب عليه ، وعاقبته مخطرة من حيث تسويفه وتأخيره ، فربما يختطف قبل التوبة ويقع أمره فى المشيئة فإن تداركه الله بفضله وجبر كسره وامتن عليه بالتوبة التحق بالسابقين ، وإن غلبته شقوته وقهرته شهوته فيخشى أن يحق عليه فى الخاتمة ما سبق عليه من القول فى الأزل.
النوع الرابع النفس المطمئنة : و هي التي عندها خوف و رجاء من الله راضية مستقرة ولقد سماها الله المطمئنة لأن كل الناس حيارى حولها عندهم مشاكل و قلق و لكنها مطمئنة .” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي” الفجر 27 
وقفات مع النفس
كيف نجاهد أنفسنا؟
1- إحياء حبّ الّله تعالى في القلب
حتّى يكون حبّه سبحانه أرقى من حبّ النّفس والأهل والولد والمال وذلك بالإكثار من النّظر في الكون المنظور والكتاب المقروء، ودوام الذّكر، والتّلذذ بالأوراد الإيمانية من صلاة في اللّيل وقيام في النهار.
2- إحياء الخوف من الّله تعالى في القلوب .
3- قوّة الإرادة والعزيمة على مواجهة النّفس واليقين أنّ العبد مهما كان ضعفه إذا لجأ إلى ربّه واستعان به أعانه .
4-لابد أن نتذكر الموت ولابد أن نتذكر الآخرة الجنة والنار، فالموت أشد ما قبله وأهون ما بعده، المشكلة ليست مشكلة الموت ولكن ما بعد الموت أشد.
ولو أنا إذا متنا تركنا = لكان الموت راحة كل حي.
ولكنا إذا متنا بعثنا = فنسأل بعدها عن كل شيء
إن بعد الموت بعثا، وإن بعد البعث حشرا، وإن بعد الحشر حسابا، وإن بعد الحساب ثوابا أو عقابا، جنة أو نارا، لابد أن نتذكر هذا كله .
وما معنى الجنة أو النار إنه ليس شيئا هينا أن تفقد الجنة أو تدخل النار!
الإنسان يحزن إذا خسر بعض المال أو بعض الصفقات فكيف إذا خسرت الجنة وكيف إذا دخلت النار.
جسمي على الشمس ليس يقوي
ولا على أهون الحرارة
فكيف يقوى على جهنم
وقودها الناس والحجارة
وكان عمر بن الخطاب يقرب المصباح من يديه ويضع أصابعه عليه فتلسعه نار السراج وهي نار ضعيفة خفيفة فيقول: يابن الخطاب ألك صبر على مثل هذه ؟؟!!
فكيف بنار الآخرة؟ ونار الدنيا جزء من سبعين جزء من نار الآخرة


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 277 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم