خاطرة في عقيقة مولود ” وكان أبوهما صالحا”

تاريخ الإضافة 11 يناير, 2023 الزيارات : 610

” وكان أبوهما صالحا”

سأتكلم معكم اليوم في موضوع هام يقلق الكثير منا، وهو موضوع الخوف الكبير على مستقبل الأولاد ودينهم.

والمسألة لها أبعاد كثيرة، لكن سآخذ البعد الإيماني فقط، المطلوب منك كأب تخاف على أولادك أمرين، أن تتقي الله وأن تطعمهم من حلال.  

امرأة عمران:

ذكر لنا رب العالمين نموذج مريم ابنة المرأة الصالحة امرأة عمران، هذه البنت التي جاءت إلى الدنيا يتيمة مات أبوها، وأمها نذرتها لله عز وجل، فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا، وأوكل بها نبيا كريما من أنبيائه وهو رسول الله زكريا عليه السلام، وكفلها زكريا، وجعلها الله تعالى وابنها المسيح عيسى ابن مريم آية للعالمين، فببركة نية الأم لما قالت: (ربي إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم)

ولما وضعتها تألمت، وليس الألم هنا بسبب أنها كانت تتمنى أن يكون المولود ذكرا كما هو حال كثير من الناس يقول: أريد ذكرا يحمل اسمي، كلا كلا فهي كانت تريد أن تجعلها في خدمة بيت الله، وكان هذا في بني إسرائيل أن ينذروا أبناءهم لخدمة بيت المقدس حتى إذا بلغ الطفل يخير بين أن يبقى أو أن يخرج من بيت الله، فهذه نية صالحة للمرأة الصالحة امرأة عمران نوتها قبل الميلاد فجعل الله تعالى فيها بركة عظيمة، وتأمل بين قوسين قول الله تعالى (والله أعلم بما وضعت)، أنت لا تدري أين الخير؟ أهو في ذكر؟ أم في أنثى؟

وهذه الجاهلية ما زالت موجودة في بعض الأسر وبعض العائلات، قصة ولد ذكر ولد أنثى … (والله أعلم بما وضعت) أنت لا تدري أين الخير.

 لما مات أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكور عيره بعض المشركين وقالوا عليه إنه ابتر، والأبتر هو الرجل الذي ينقطع ذكره ليس له أولاد ذكور، فرب العالمين أعطى لنا مشهد اجتماع الأمة على نبيها على حوض الكوثر، قال: (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر) يعني مبغضك وكارهك هو الأبتر.

 أين الذين عيروا النبي أنه لم يعش له ذكور؟

أين هم؟ ليس لهم ذكر، ومن هو رسول الله؟ في مكانته وقدره، حينما يوقف العباد بين يدي الله رب وتحشر الأمة كلها بين يديه فيسقيهم بيده الشريفة من حوضه صلوات ربي وسلامه عليه.

إذن أنت لا تدري أين الخير في ذكر أم في أنثى؟ (والله أعلم بما وضعت)  الله أعلم ذكر أم أنثى.

” وكان أبوهما صالحا” :

المشهد الثاني في القرآن الكريم مشهد في قصة موسى والخضر،  المشهد الثالث في القصة  بعد خرق السفينة وقتل الغلام،  سيدنا موسى والخضر نزل بقرية وكانوا أهل لؤم وبخل،  ومن لؤمهم وبخلهم أنهم امتنعوا عن إطعامهم شيئا أو حتى أن يسقوهم شربة ماء،  وطبعا في القديم كان هذا الأمر مألوفا وهو ضيافة الغرباء، حتى المشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام كان مشهورا عندهم ضيافة الغريب،  وهذا من خصالهم وأخلاقهم الطيبة.

فهذه القرية أهل لؤم وبخل، بخلوا بشربة ماء على موسى والخضر،  وهم لا يعلمون أن أمام أعينهم كليم الله موسى ونبيه الخضر،  عليهما السلام،  وبينما كان سيدنا موسى يمشي مع الخضر وجدا جدارا مائلا،  يكاد أن ينهدم وحده.

فقال لموسى ساعدني لهدمه وبنائه،  قال له موسى أنا لن أسألك لماذا هدمت ولماذا بنيت؟  لكن ما المانع أن نأخذ عليه أجرا ؟

( لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك)

 في التفسير ماذا قال؟

وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما،  لأنه في قديم الزمان ما في بنوك ولا خزائن،  هذا الرجل والد اليتيمين،  خاف عليهما من أهل القرية فوضع الكنز وبنى عليه الجدار، فإذا انهدم الجدار سيستولون على الكنز،  والأولاد صغار.

  سبحان الله!!! ، يرسل الله نبيه وكليمه موسى -عليه السلام – رسول بني إسرائيل ونبيه الخضر-عليه السلام – لإعادة الجدار والحفاظ على كنز الغلامين اليتيمين، لماذا هذه الكرامة الكبيرة أن ربنا يسخر رسول ونبي لخدمة غلامين يتيمين مجهولين لا نعرف ما اسمهما؟

قال: ( وكان أبوهما صالحا) هذا هو التفسير، وكان أبوهما صالحا، هذا هو الذي ينفع الذرية يا إخواني، قال تعالى : ( وَلۡیَخۡشَ ٱلَّذِینَ لَوۡ تَرَكُوا۟ مِنۡ خَلۡفِهِمۡ ذُرِّیَّةࣰ ضِعَـٰفًا خَافُوا۟ عَلَیۡهِمۡ فَلۡیَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلۡیَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا سَدِیدًا) [النساء : 9]

وكان سعيد ابن المسيب إمام التابعين إذا صلى قيام الليل أطال في صلاته وقال لابنه وهو نائم والله ما أطيل إلا من أجلك، ماذا يقصد؟ رجاء أن يجعل الله بصلاتي هذه بركة عليك.

 الأمر الثاني : اطعم أولادك من حلال:

إن العبرة ليس بكم ستترك لأولادك،  كثرة المال أو الميراث أو التركة،  اترك هذه لعلم الله أرزاق يسوقها الله،  لا شك في ذلك،  وكل واحد من أولادك له رزق لن يتخلف ولن يتأخر عنه، أهم شيء أن تطعمهم من حلال، عندما تأكل من حلال ربنا يجعل لك بركة فيك،  وبركة في اهلك،  وبركة في أولادك ، وبركة في حياتك وبركة في عمرك، وبركة في وقتك، وبركة في مالك،  لأنك تأكل حلال،  الدم الذي يجري في العروق دم حلال،  اللقمة الحلال فيها شفاء، واللقمة الحرام فيها داء .

كم من أناس تركوا لأولادهم ملايين فكانت وبالا وخسارة عليهم، وكم من آباء تركوا لأولادهم التربية الصالحة والعمل الطيب والرزق الحلال فكانوا سادة للدنيا.

يا إخواني لا أريد الإطالة عليكم فهذين أو هذان أمران ينبغي أن ننتبه إليهما في معادلة المحافظة على الأولاد والخوف على مستقبل الأولاد :

1- اتق الله عز وجل (وكان أبوهما صالحا)

2- أطعم أولادك من حلال

 أخيرا/ لا تنسى الدعاء دائما لهم (اللهم أصلح لنا في ذرياتنا ) و(ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين)

اللهم احفظ لنا أولادنا وربهم على عينك، واحفظهم من أصدقاء السوء، واجعلهم ذخرا لنا في الدنيا والآخرة.

 

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 352 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم