خمسة أمور لعلاج ضيق الرزق

تاريخ الإضافة 26 أكتوبر, 2025 الزيارات : 80

خمسة أمور لعلاج ضيق الرزق

نعاني جميعًا، خاصة من بعد أحداث كورونا وانتهاء هذا الوباء، من ارتفاع دائم في الأسعار.

والاقتصاديون يتكلمون عن التضخم ومشكلة التضخم وضعف القوة الشرائية للنقود، وارتفاع تكلفة الانتاج ؛ حتى صارت مشكلة عالمية في العالم كله.

والأسعار تزداد يومًا بعد يوم، وضيق الرزق عند كثير من الناس صار أزمة مؤرقة.

ونحن هنا في هذا المكان المبارك، ليس لنحلل الأمر اقتصاديًا، إنما لنتكلم عنه من الناحية الشرعية.

خمسة أمور لعلاج ضيق الرزق

ومن المؤكد أن المؤمن يعتقد أن الرزاق هو الله، وأن البركة تأتي من الله، وأن الله عز وجل قدَّر رزق كل واحد منا قبل أن يولد، وأنه لن يموت أحدنا إلا بعد أن يستكمل رزقه كاملًا تامًا مستوفيًا من الدنيا، قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) (سورة هود، الآية 6)

هذه اليقينيات نعم نحن نعلمها ونوقن بها، ، لكن الإنسان هو الإنسان، عنده ضعف وحاجة وعنده هم وعجلة، ودائمًا الحياة تقدحنا في معتركها وفتنها تتجاذبنا هنا وهناك.

ولذلك نود إعادة البوصلة مرة أخرى إلى الجهة الإيمانية بهذه الأسباب الخمسة:

أولا/ شكر الله على النعم:

إن كان الله قد منع، فإنه قد أعطى.

الله منع وأعطى، قبض وبسط.

والله قدَّر هذا في الدنيا؛ لأن الدنيا ليست دار النعيم، وليست دار توفية الأجور، (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) [سورة آل عمران، الآية 185] فالدنيا مبنية على النقص؛ هذا النقص هو الذي يدفعني ويدفعك إلى الحركة والسعي والعمل، ولو أن كل الناس في كفاية، وغنى، لفسدت الأرض كما قال الله عز وجل: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ) (سورة الشورى، الآية 27).

أيضا مسألة الضيق والسعة في الرزق مسألة نسبية، فما تعده أنت ضيقًا لو نظرت إلى من هو دونك ستجده سعة.

وانتقال الإنسان من مدينة إلى مدينة، أو من بيئة إلى بيئة أيضًا له عامل.

لكن المسلم يحمد الله دائمًا على ما رُزق قليلًا كان أو كثيرًا؛ لأن الله وعد من شكر بالمزيد: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (سورة إبراهيم، الآية 7).

وقال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها”.

فاللهم لك الحمد كثيرًا كما تنعم كثيرًا.

ثانيا/ التوكل على الله عز وجل:

أنت لست برزاق ، الرزاق هو الله، لكنه أجرى الرزق بمقادير.

ولذلك قال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) (سورة الملك، الآية 15).

إذًا، إذا ضاقت في مكان، فقد وسَّع الله عليك في مكان: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) (سورة العنكبوت، الآية 56).

فضيق في مكان، هناك مكان آخر، ضيق في مجال، هناك مجال ثان وثالث ورابع.

هناك من حبس نفسه في إطار محدد معين لا يفكر في غيره، لكن من الممكن هناك أفكار كما يسمونها “خارج الصندوق”، اخرج من الصندوق وفكر واسعَ وخذ بالأسباب متوكلًا على الله الرزاق.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “لو أنكم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا”. خِماصًا يعني بطونها فارغة أول النهار، فإذا خرجت سعيًا رزقها الله، فتعود بِطانًا أي ممتلئة البطن.

قصة عن شقيق البلخي :

وقد حكوا عن شقيق البلخي -وهو من أهل العبادة والزهد- أنه ودع صديقه إبراهيم بن أدهم، لسفره في تجارة عزم عليها، ولم يلبث إلا مدة يسيرة، ثم عاد، ولقيه إبراهيم، فعجب لسرعة إيابه من رحلته، فسأله عما رجع به قبل أن يتم غرضه، فقص عليه قصة شهدها، جعلته يغير وجهته ويلغي رحلته، ويعود قافلا.

ذلك أنه نزل للراحة في الطريق، فدخل خربة يقضي فيها حاجته، فوجد فيها طائرا أعمى كسيحا لا يقدر على حركة، فرق لحاله، وقال: من أين يأكل هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة؟ ولم يلبث أن جاء طائر آخر يحمل إليه الطعام ويمده به، حتى يأكل ويشبع، وظل يراقبه عدة أيام وهو يفعل ذلك، فقال شقيق: إن الذي رزق هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة لقادر على أن يرزقني! وقرر العودة.

وهنا قال له ابن أدهم: سبحان الله يا شقيق! ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى العاجز الذي ينتظر عون غيره، ولا تكون أنت الطائر الآخر الذي يسعى ويكدح ويعود بثمرة ذلك على من حوله من العمي والمقعدين؟! أما علمت أن النبي ﷺ قال: (اليد العليا خير من اليد السفلى) ؟.

فقام إليه شقيق وقبل يده وقال: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق!

خذ بالأسباب، توكل على الله، والله يجعلك اليد العليا وليس اليد السفلى، اليد المعطية وليست الآخذة. فالتوكل على الله أخذًا بالأسباب من أسباب علاج ضيق الرزق.

وما أصدقَ قول الشَّاعر:

تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ             وَلا تَرْغَبَنْ فِي العَجْزِ يَوْمًا عَنِ الطَّلَبْ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمٍ             وَهُزِّي إِلَيْكِ الجِذْعَ يَسَّاقَطِ الرُّطَبْ

وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ            هَزَّةٍ جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ

ثالثا/ صلة الرحم:

إن كان لك رحم، بدايةً من الوالدين مرورًا بالإخوة والأخوات، ثم من دونهم من بقية الأقارب، صِل رحمك. وصلة الرحم لا تكون بالمال فقط، صلة الرحم بالمال وبالتهنئة في الأفراح، والمواساة في الأحزان، والدعاء بالشفاء للمريض والسؤال عنه.

 وليس هناك في زماننا أكثر من وسائل التواصل المجانية لمن أراد أن يتواصل مع أهله في مشارق الأرض ومغاربها.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من سره أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه”.

إذًا، النبي وعد – وما ينطق عن الهوى – أن من وصل رحمه رزقه الله تعالى بسطة في الرزق.

وأن يُنسأ له في أثره: ليس المقصود هنا كما ظن البعض أنه بدلًا من أن يعيش ستين سنة سيعيش سبعين، إنما المقصود أن يموت يوم يموت وسيرته الطيبة باقية الأثر، إذا ذُكِر ذُكِر من أرحامه، ذُكِر من أقاربه، ذُكِر ممن أسدى إليهم معروفًا، ذُكِر بالخير؛ فهذا معنى يُنسأ له في أثره.

كثير من الناس يموتون وآخر عهدنا بهم أن ندفنهم وننساهم، لكن في ناس يموتون من عشرة وعشرين سنة ونذكرهم ونقول: فلان رحمه الله عليه كان من أفعاله كذا، وكان من آثاره كذا، وكان يفعل كذا.

فهذا معنى قول النبي: “ويُنسأ له في أثره”.

فصِل رحمك، إذا ضاقت عليك الأمور اتصل بوالدتك واطلب منها الدعاء، اطلب من والدك الدعاء، صِل رحمك من إخوتك وأخواتك واطمئن عليهم.

واجعل وِردًا من ضمن الأوراد العبادية التواصل مع ذوي الرحم بين الحين والآخر، فلا تقطع رحمك أبدًا، فإن الله وعد بأن من وصلها وصله الله.

ومعنى الصلة من الملوك، الصلة هي العطية أو الهدية الكبيرة، فأنت إذا وصلت الرحم وصلك الله عز وجل بعطائه وكرمه، بالبركة، بالتوفيق، بالإعانة، بالسداد.

فهذا سبب ثالث من أسباب علاج ضيق الرزق.

رابعا/ الإنفاق في سبيل الله:

قد يقول قائل: سبحان الله! تتكلم عن ضيق الرزق ثم تتكلم عن الصدقة! الصدقة تكون على ميسور الحال! نعم الصدقة على ميسور الحال وليس على ضيق الحال! لكن أود أن أقول لك: إن الله وعد فقال: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) (سورة سبأ، الآية 39).

وإمامنا الصادق صلى الله عليه وسلم قال: “ما نقص مال من صدقة”.

أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: “قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، أنفق أنفق عليك” رواه مسلم.

وقوله: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفًا” رواه الشيخان.

وقال – وهذا الحديث من العجائب يا إخواني والله -: “أفضل الصدقة يعني أعظم الصدقة أجرًا أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى”. سبحان الله! لماذا؟

 وأنا معي مال لما أنفق – يعني معي ألف أنفقت خمسة أو أقل – لا يؤثر، لا ألتفت إلى هذا المبلغ كثيرًا، لكن لما يكون معي عشرة فقط وأتصدق بخمسة، هذه ستُحدِث عندي أزمة لأني تصدقت بخمسين في المئة مما أملك، هذا على سبيل المثال.

لكن المعنى الإيماني هنا أن تنفق يقينًا بأن ما عند الله أكثر، وأن الله سيخلف عليك بالخير والبركة، فكأنه اختبار إيماني.

فهذا معنى قول النبي: “أن تصدق وأنت صحيح شحيح”،  تحاول تضيِّق في الميزانية، تراجع المصاريف، هذا الشهر نؤجل هذه إلى آخره، تخشى الفقر لأن المبلغ معك محدود، وتأمل الغنى.

فـأنت بذلك تحقق قول رسول الله: “ربَّ درهمٍ سبق مئة ألف درهم”، سبقه بأنه أنفق من قليل ما يملك ثقة بأن ما عند الله خير وأبقى، وأن الله وعد بالخَلَف.

خامسا/ التوبة والاستغفار:

الله عز وجل يقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (سورة الطلاق، الآيتان 2-3)، وعندنا الآيات أيضًا على لسان نبي الله نوح: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (سورة نوح، الآيات 10-12).

إذًا، وعد الله عز وجل من يُكثر من الاستغفار بأن يرزقه نعمة النسل والذرية، وأن يمده بالمال، وأن يرسل المطر الذي فيه الخير للبشرية كلها، هذا كله ببركة الاستغفار.

ومنذ فترة كنت قرأت منشورًا لأحد الإعلاميين أو الكُتَّاب يقول: نسمع المشايخ في خطب الجمعة يقولون إن سبب الغلاء هو الذنوب، وهذا خطاب ديني ساذج، ساذج يعني ليس له وزن. .. يعني ما علاقة غلاء الأسعار كأزمة اقتصادية ولها حلول اقتصادية بالذنوب؟ ثم يقول مستهزئًا: يعني لو أنا عصيت ربنا، البنزين سيرتفع في اليوم التالي؟ بسبب معصيتي!

وهذا الأسلوب الساخر يرجع إلى رِقَّة الدين في القلوب، ومن جهة أخرى الجرأة على السخرية من كل ما هو ديني بسبب وبدون سبب.

ليس المقصود أنك مجرد أنك قصَّرت في فريضة الفجر أو أنك اغتبت فلانًا أو وقعت في المعصية الفلانية أنك سبب لغلاء الأسعار، إنما هناك ذنوب بينك وبين ربك، وذنوب تؤثر على المجتمع حواليك، هذه الذنوب هي المؤثرة في الاقتصاد وفي الغلاء وفي الفساد.

 مثلًا لو أخذنا حديثًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من غشنا فليس منا”.

هاتوا أي اقتصادي أي سياسي يقول لنا: ما أثر معصية الغش على الاقتصاد سواء المحلي أو حتى الدولي؟ هذه المصيبة الكبيرة: الغش في المواد، الغش في الكواليتي (الجودة)، الغش في المقدار والكمية، الغش حتى في احتواء الأطعمة الآن على أشياء مسرطنة، الغش قديما: كان تاجرا يبيع الكيلو تسعمائة وخمسين جرامًا، الغش الآن صار له صوَر كبيرة.

هذا الغش كم يؤدي إلى العديد من الأمراض واختلال الأسواق وخراب الذمم وعدم شعور الناس بالأمان!  أنا لما أشتري طعامًا أشتريه لأسد جوعي، وفي نفس الوقت فيه فائدة على جسدي، فما بالنا وصلنا إلى مرحلة الآن كثرت فيها أمراض السرطان وانتشار السرطان بسبب هذه الأشياء الكيماوية التي توضع، واللعب في الجينات الوراثية للنباتات، وحتى في علف الحيوان، وهذا كله أليس فسادًا في الأرض؟

أليست معصية الغش بهذا الشكل تؤدي إلى أحداث كبيرة جدًا فيها فساد على مستوى الدول والأمم؟

لو مثلًا جريمة الرشوة، جريمة الرشوة أليست هذه معصية أدت إلى فساد كبير في من يتولى المناصب أو من يتولى المسؤوليات أو من يسمح بالفساد؟ ماذا لو عالجنا معصية الرشوة وأكل الحرام من المسؤولين؟ جريمة السرقة من المال العام، أليست هذه معصية كبيرة تُنهَب من ميزانيات الدول على مستوى العالم؟

لو تأملنا كثيرًا من الدول الناجحة اقتصاديًا، لرأينا أن أول اتجاه عندهم القضاء على الفساد.

الفساد يأكل أي ميزانية أكلًا.

مسؤول فاسد معناه أن الحاجة التي بألف تصير بعشرة، هذا غير المشاريع الوهمية، هذا غير المخصصات التي يأخذها بالكذب والتزوير.

تخيلوا أن في بعض الدول تم ضبط قضايا فساد فيها بثمانين مليار دولار! ثمانين مليار! هذا ما ضُبِط! فما بالك بما لم يُضبط!

حجم الفساد حجم كبير، وهذه معصية من المعاصي أدت إلى خلل في ميزانيات الدول وزيادة خط الفقر، وزيادة رأس المال عند أهل المال إلى غير ذلك.

لو تكلمنا عن معصية الظلم وعدم إقامة القوانين كما ينبغي: “إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد”.

فهذا النص النبوي يبين لنا ما يحدث في وقتنا الراهن في كثير من دول العالم للأسف الشديد .

 صورة الأسرى الفلسطينيين التي نشرت الأيام الماضية مثلًا في السجون وقد ربطوهم بأيديهم من الخلف وجعلوهم في الأرض، ووقف وزير الأمن الإسرائيلي يتكلم معهم بإهانة وسب …إلى آخره.

لو عكسنا الصورة وقلنا إن هؤلاء الأسرى إسرائيليون مثلًا، ماذا كان سيفعل العالم؟

الصورة الأولى مرت مرور الكرام عادي، يقولون عنه وزير متطرف، يعتذرون له، وزير متطرف نعمل له إيه؟ لكن لو أن هذا المشهد انعكس لن يهدأ العالم، لن يبيت العالم بسلام، سيتكلمون عن حقوق الإنسان وحقوق الأسرى والوحشية والإنسانية والهمجية والضمير العالمي والإنساني، يكيلون بمكيالين.

أيضا الاهتمام العالمي بالبحث عن رُفات جثث الجنود الإسرائيليين، في المقابل البحث عن مئات بل آلاف القتلى الشهداء من أهل غزة، أليس هذا كيلًا بمكيالين؟ العالم كله يُجنَّد للبحث عن رُفات حوالي تسعة عشر ، ولا يبالي بأن هناك مئات الآن يخرجون من تحت الأنقاض ممن ماتوا شهداء وليس لهم معالم، لا يُعرَفون من هؤلاء ؟ بسبب قوة التفجير والتدمير.

العالم لا يتحدث عن هؤلاء !!

تتصدر نشرات الأخبار: المقاومة تعلن العثور على رُفات جندي إسرائيلي! الله أكبر! إنجاز كبير! ويستخرجون مئات الجثث من الأطفال والنساء والمدنيين العُزَّل، العالم لا يبالي.

هذا هو الفساد المجتمعي الدولي الآن: “إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد”.

قانون ساكسونيا
هذا القانون من أغرب القوانين التى كانت موجودة في العالم،فبمقتضى ذلك القانون كان هناك تمييز في تنفيذ العقوبة بين المجرم من عامة الشعب والمجرم من طبقة النبلاء، ووُضع هذا القانون في ولاية سكسونيا، وهي إحدى ولايات ألمانيا القديمة، في القرن الخامس عشر، وكان القانون يعاقب كلا الطبقتين عامة الشعب الفقراء والنبلاء الاغنياء، بدون تحيز أوتفرقة، ولكن تختلف طريقة تنفيذ العقوية بين الطبقتين، وكان ينص قانون سكسونيا على معاقبة أفراد الطبقة الفقيرة عامة الشعب بتنفيذ عقوبة القاتل بقطع رأسه وفصلها عن جسده، اما النبلاء الاغنياء فيتم قطع رأس ظل القاتل بعد وقوفه فى الشمس.
وعندما يكون الحكم على الفقير من عامة الشعب بالجلد فإنه يتم تنفيذ الجلد عليه وسط جموع من الناس، أما تنفيذ الحكم بالنسبة لطبقة الاغنياء النبلاء فإنهم يقومون باحضار المتهم ويقف فى الشمس ويجلد ظله.

 فاشتهر بقانون “ساكسونيا”، وهذا هو قانون العالم الآن!

تأمل معي هذه المعصية: معصية المحاباة والتمييز بين جنس وجنس، وبين لون ولون، كم أفسدت في الأرض باستباحة الدماء في شرق العالم وغربه!

جريمة العنصرية والتمييز بين الأبيض والأسود كم خلقت من نزاعات وحروب أهلية وفساد وظلم وسجن وقَصْر وتهجير!

لو أردت أن أتكلم سأتكلم كثيرًا يا إخواني! فلما يجيء ساذج يقول: ما علاقة الذنوب بغلاء الأسعار؟

أقول لك: هناك ذنوب أثرها ليست كما بين العبد وربه، أن رجلا قصَّر في أمر إلهي خاص بعبادته، لكن أثرها ربما يؤثر على أمة بأكملها، بل على العالم أجمع.

الأغذية المسرطنة تؤثر على أطفال العالم كلهم، الرشوة والفساد في الميزانيات وفي الأموال العامة وفي الحكم يؤثر على العالم أجمع، الكيل بمكيالين يؤثر على العالم أجمع.

تحدث عن كل هذه الأشياء، ثم بعد ذلك تعال بنا لنتكلم، هذا الذي جَعَله الناس في الأرض وهذا الإفساد الذي للأسف الشديد انتشر انتشارًا كبيرًا، ألا يكن سببًا من أسباب ما نعاني منه الآن من غلاء وتضخم وضياع للثروات وهذه الأشياء كلها؟

إذًا، فلما نقول: توبوا إلى الله، ارجعوا إلى الله، استغفروا الله، هل هذا جانب الحقيقة؟

لما نقول للمرتشي: ارجع عن أكلك للرشوة، وللمفسد: ارجع عن إفسادك.

لما تعمل في مجال في مكان في وظيفة ورأيت فيه فسادًا، لا تسكت على هذا الفساد.

هذا الفساد سيمسك من لوَّثته أو من أذاه في زوجتك، في أولادك، في أبيك، في أمك، في أخيك، في حياتك!!

 هذه الأمور الخمسة لعلاج ضيق الرزق:

  1. شكر الله على نعمه، قليلًا كان أو كثيرًا، نحمد الله عز وجل على ما أعطى.
  2. التوبة والاستغفار، العودة إلى الله عز وجل.
  3. التوكل على الله، وأخذ الأسباب.
  4. صلة الرحم وبر الوالدين.
  5. الإنفاق في سبيل الله والصدقة.

هذه أسباب خمسة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا من واسع فضله وأن يجعلنا من أهل عافيته.

Visited 56 times, 2 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14311 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر