أفضل قصيدة في رثاء مصلوب
الوزير ابن بقية محمد بن محمد بن بقية قتله عضد الدولة صلبا ببغداد وذلك يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة سبع وستين وثلاثمائة
ورثاه أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري أحد العدول ببغداد بقصيدة
لم أر في مصلوب أحسن منها
علو فِي الْحَيَاة وَفِي الْمَمَات … بِحَق أَنْت إِحْدَى المعجزات
كَانَ النَّاس حولك حِين قَامُوا … وُفُود نداك أَيَّام الصلات
كَأَنَّك قَائِم فيهم خَطِيبًا … وَكلهمْ قيام للصَّلَاة
مددت يَديك نحوهم احتفاء … كمدكها إِلَيْهِم بالهبات
وَلما ضَاقَ بطن الأَرْض عَن أَن … يضم علاك من بعد الْمَمَات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا … عَن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك فِي النُّفُوس تبيت ترعى … بحفاظ وحراس ثِقَات
وتشعل عنْدك النيرَان لَيْلًا … كَذَلِك كنت أَيَّام الْحَيَاة
ركبت مَطِيَّة من قبل زيد … علاها فِي السنين الماضيات
وَلم أر قبل جذعك قطّ جذعاً … تمكن من عنَاق المكرمات
أَسَأْت إِلَى النوائب فاستثارت … فَأَنت قَتِيل ثار النائبات
وَكنت تجير من صرف اللَّيَالِي … فَعَاد مطالباً لَك بالترات
وصير دهرك الْإِحْسَان فِيهِ … إِلَيْنَا من عَظِيم السَّيِّئَات
وَكنت لمعشر سَعْدا فَلَمَّا … مضيت تفَرقُوا بالمنحسات
غليل بَاطِن لَك فِي فُؤَادِي … يُخَفف بالدموع الْجَارِيَات
وَلَو أَنِّي قدرت على قيام … بفرضك والحقوق الْوَاجِبَات
مَلَأت الأَرْض من نظم القوافي … ونحت بهَا خلاف النائحات
وَمَالك تربة فَأَقُول تسقى … لِأَنَّك نصب هطل الهاطلات
عَلَيْك تَحِيَّة الرَّحْمَن تترايا … برحمات غواد رائحات