هذا ابنُ خير عبادِ الله كـلـهِـمُ
حجَ هشام بن عبد الملك، فطافَ بالبيتِ وأرادَ استلامَ الْحَجَر فلم يقدر، فنُصِب له مِنبَرٌ فجلس عليه؛ فبينا هو كذلك إذْ أَقْبَلَ عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في إزارِ ورِدَاء، وكان أحسنَ الناس وَجْهاً، وأعطرهم رائحة، وأكثرَهم خشوعاً، وبين عينيه سَجادة، كأنها رُكبة عنز، وطاف بالبيت، وأتى ليَسْتَلم الحجرَ، فتنحّى له الناسُ هيبة وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً؛ فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن الَّذي أكرمه الناس هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام؟ فقال هشام: لا أعْرفه، لئلا يَعْظُمَ في صدور أهل الشام؛ فقال الفرزدق وكان حاضراً:
هذا ابنُ خير عبادِ الله كـلـهِـمُ هذا النقيُّ التقيُ الطاهرُ العَـلَـمُ
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وطأتُـه والبيتُ يعرفُه والحل والـحَـرَمُ
إذا رأتْه قريشٌ قـال قـائلُـهـا: إلى مكارم هذا ينتهي الـكـرَمُ
يكادُ يُمْسِكُهُ عِـرْفـانَ راحـتـهِ رُكنُ الحطيم إذا ما جاء يستـلـم
*****************
مُشتقَّة من رسول اللّه نَبْـعَـتُـهُ طابتْ عناصِرُه والخِيم والـشِّـيَم
يُنْمَى إلى ذِرْوة العزّ التي قصُرت عن نَيْلها عَرَبُ الإسلامِ والعَجَـمُ
*****************
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جـاهِلَهُ بجدِّه أنبياءُ الـلّه قـد خُـتِـموا
اللَّهُ فـضّـله قِـدْماً وشـرّفَهُ جرى بذَاك له في لَوْحـهِ الـقَلَمُ
مَنْ جدُهُ دانَ فَضْـلُ الأنـبـياء لهُ وفَضْلُ أمّـته دانَتْ لـه الأُمَمُ
عَمَ البريّةَ بالإحسان فانـقـشعتْ عنها الغيابةُ والإملاقُ والـظُلمُ
*****************
ويقول الشيخ عائض القرني :
هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم وعلى هداهم يا موفق فاهتدِ
واحفظ وصية أحمد في صحبه واقطع لأجلهم لسان المفسدِ
عرضي لعرضهموا الفداء وإنهم أزكى وأطـهر من غمام أبردِ
فالله زكاهم وشرّف قـدرهم وأحلهم بالديـن أعلى مقعدِ
شهدوا نزول الوحي بل كانوا له نعم الحماة من البغيض الملحدِ
بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم في نصرة الإسلام دون ترددِ
ما سبهم إلا حقيرٌ تـافـهٌ نذلٌ يشوههم بحقدٍ أســودِ
لغبارُ أقدام الصحابة في الردى أغلى وأعلى من جبين الأبعـدِ
ما نال أصحابَ الرسول سوى امرء تمت خسارتـه لسوء المقصدِ