من كلام السلف عن الحلم والغضب
قال عبد الله بن مسعود: انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه وأمانته عند طمعه وما علمك بحلمه إذا لم يغضب وما علمك بأمانته إذا لم يطمع
وقال علي بن يزيد: أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زماناً طويلاً ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً
كما أن سلمان لما شتم قال: إن خفت موازيني فأنا شر مما تقول وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول.
فقد كان همه مصروفاً إلى الآخرة فلم يتأثر قلبه بالشتم.
وكذلك شتم الربيع بن خثيم فقال: يا هذا قد سمع الله كلامك وإن دون الجنة عقبة إن قطعتها لم يضرني ما تقول وإن لم أقطعها فأنا شر مما تقول .
وسب رجل أبا بكر رضي الله عنه فقال: ما ستر الله عنك أكثر
وقالت امرأة لمالك بن دينار: يا مرائي فقال: ما عرفني غيرك!
وسب رجل الشعبي فقال: إن كنت صادقاً فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر الله لك.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تذهب ماء وجهك بالمسألة ولا تشف غيظك بفضيحتك واعرف قدرك تنفعك معيشتك.
وقال أيوب: حلم ساعة يدفع شراً كثيراً.
وقال رجل لعمر رضي الله عنه: والله ما تقضي بالعدل ولا تعطي الجزل فغضب عمر حتى عرف ذلك في وجهه.
فقال له رجل:يا أمير المؤمنين ألا تسمع إلى الله تعالى يقول ” خذ العفو أمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ” فهذا من الجاهلين فقال عمر: صدقت فكأنما كانت ناراً فأطفئت.
وقال محمد بن كعب: ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق وإذا قدر لم يتناول ما ليسله.
وجاء رجل إلى سلمان فقال: يا عبد الله أوصني قال: لا تغضب قال لا أقدر قال: فإن غضبت فأمسك لسانك ويدك.
فضيلة الحلم قال عمر رضي الله عنه: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم.
وقال علي رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك وأن لا تباهي الناس بعبادة الله وإذا أحسنت حمدت الله تعالى وإذا أسأت استغفرت الله تعالى.
وقال الحسن: اطلبوا العلم وزينوه بالوقار والحلم.
وقال أكثم بن صيفي: دعامة العقل الحلم وجماع الأمر الصبر.
وقال أبو الدرداء: أدركت الناس ورقا لا شوك فيه فأصبحوا شوكاً لاورق فيه إن عرفتهم نقدوك وإن تركتهم لم يتركوك قالوا: كيف نصنع قال: تقرضهم عنعرضك ليوم فقرك.
وقال علي رضي الله عنه: إن أول ما عوض الحليم عن حلمه جهله وصبر هو شهوته ولا يبلغ ذلك إلا بقوة العلم وقال معاوية لعمرو بن الأهتم: أي الرجال أشجع قال: من رد جهله بحلمه.
قال: أي الرجال أسخى قال: من بذل دنياه لصلاح دينه.
وقال أنس بن مالك في قوله تعالى ” فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ” إلى قوله ” عظيم ” هو الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت كاذباً فغفر الله لك وإن كنت صادقاً فغفر الله لي.
وقال بعضهم: شتمت فلاناً من أهل البصرة فحلم علي فاستعبدني بها زماناً.
وقال معاوية لعرابة بن أوس: بم سدت قومك يا عرابة قال: يا أمير المؤمنين كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم.
فمن فعل فعلي فهو مثلي ومن جاوزني فهو أفضل مني ومن قصر عني فأناخير منه.
وسب رجل ابن عباس رضي الله عنهما فلما فرغ قال: يا عكرمة هل للرجل حاجة فنقضيها فنكس الرجل رأسه واستحى.
وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: أشهد أنك من الفاسقين فقال: ليس تقبل شهادتك.
وعن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أنه سبه رجل فرمى إليه بخميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم
فقال بعضهم: جمع له خمس خصال محمودة: الحلم وإسقاط الأذى وتخليص الرجل مما يبعد من الله عز وجل وحمله على الندم والتوبة ورجوعهإلى مدح بعد الذم اشترى جميع ذلك بشيء من الدنيا يسير
وقال رجل لجعفر بن محمد إنه قد وقع بيني وبين قوم منازعة في أمر وإني أريد أن أتركه فأخشى أن يقال لي: إن تركك له ذل فقال جعفر: إنما الذليل الظالم.
وقال الخليل بن أحمد: كان يقال من أساء فأحسن إليه فقد جعل له حاجز من قلبه يردعه عن مثل إساءته .
وقال رجل لمالك بن دينار: بلغني أنك ذكرتني بسوء قال أنت إذن أكرم علي من نفسي إني إذا فعلت ذلك أهديت لك حسناتي.
وقال بعض العلماء الحلم أرفع من العقل لأن الله تعالى تسمى به(يشير إلى اسم الله الحليم).
وقال رجل لبعض الحكماء: والله لأسبنك سباً يدخل معك في قبرك فقال: معك يدخل لا معي.
ومر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام بقوم من اليهود فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له: إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال: كل ينفق مما عنده.
وقال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عند الحرب ولا الأخ إلا عند الحاجة إليه.
وقال محمود الوراق:
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ** وإن كثرت منه علي الجرائم
فأما الذي فوقي فأعرف قدره ** وأتبع فيه الحق والحق لازم
وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ** إجابته عرضي وإن لام لائم
وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا ** تفضلت إن الفضل بالحلم حاكم
شتم رجل خالد بن الوليد فالتفت له وقال : هي صحيفتك … فاملأها بما شئت
وقال رجل لسالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: وكان قد تزاحما في منى فالتفت الرجل إلى سالم فقال : إنني لأظنك رجل سوء!
قال: ما عرفني إلا أنت!
وقيل : لا تتخذ قراراً وأنتَ في شدّة غضبك ، ولا تقطع وعداً وأنتَ في شدّة فرحك
الغضبُ يعمي العقل فتريّث ، والفرح يغرقك في نشوته فتمهّل