من كلام السلف عن المراقبة والمحاسبة

تاريخ الإضافة 17 أبريل, 2024 الزيارات : 17381

من كلام السلف عن المراقبة والمحاسبة

قال ابن المبارك لرجل : راقب الله تعالى فسأله عن تفسيره فقال كن أبدا كأنك ترى الله عز وجل .

وقال عبد الواحد بن زيد :إذا كان سيدي رقيبا على فلا أبالى بغيره

وقال أبو عثمان المغربي: أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريقة المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم

وقال أبو حفص: إذا جلست للناس فكن واعظا لنفسك وقلبك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله رقيب على باطنك .

وحكى أنه كان لبعض المشايخ تلميذ شاب وكان يكرمه ويقدمه فقال له بعض أصحابه كيف تكرم هذا وهو شاب ونحن شيوخ فدعا بعدة طيور وناول كل واحد منهم طائرا وسكينا وقال ليذبح كل واحد منكم طائره في موضع لا يراه أحد ودفع إلى الشاب مثل ذلك وقال له كما قال لهم فرجع كل واحد بطائره مذبوحا ورجع الشاب والطائر حي في يده !!!
فقال ما لك لم تذبح كما ذبح أصحابك ؟
فقال لم أجد موضعا لا يرانى فيه أحد إذ الله مطلع على فى كل مكان فاستحسنوا منه هذه المراقبة وقالوا حق لك أن تكرم.

وحكى أن زليخا لما همت بيوسف عليه السلام قامت فغطت وجه صنم كان لها فقال يوسف مالك أتستحيين من مراقبة جماد ولا أستحيى من مراقبة الملك الجبار
وحكى عن بعض الشبابأنه راود جارية عن نفسها فقالت له ألا تستحيى فقال ممن أستحيى وما يرانا إلا الكواكب قالت فأين مكوكبها

وقال رجل للجنيد بم أستعين على غض البصر فقال بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه

وقال محمد بن علي الترمذي : اجعل مراقبتك لمن لا تغيب عن نظره إليك وأجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمة عنك وأجعل طاعتك لمن لا تستغنى عنه وأجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه .

وقال سهل : لم يتزين القلب بشىء أفضل ولا أشرف من علم العبد بأن الله شاهده حيث كان

وسئل بعضهم عن قوله تعالى : (رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه) فقال معناه ذلك لمن راقب ربه عز وجل وحاسب نفسه وتزود لمعاده

وسئل ذو النون بم ينال العبد الجنة فقال بخمس استقامة ليس فيها روغان واجتهاد ليس معه سهو ومراقبة الله تعالى في السر والعلانية وانتظار الموت بالتأهب له ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسب .
وقد قيل :

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت ولكن قل على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب
وأن غدا إذا للناظرين قريب

وقال سفيان الثورى: عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافية وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء وعليك بالحذر ممن يملك العقوبة

وقال عبد الله بن دينار: خرجت مع عمر ابن الخطاب رضى الله عنه إلى مكة فعرسنا في بعض الطريق فانحدر عليه راع من الجبل فقال له يا راعى بعنى شاة من هذه الغنم فقال إنى مملوك
فقال قل لسيدك أكلها الذئب
قال فأين الله!!!!
قال فبكى عمر رضى الله عنه …. ثم غدا إلى المملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه وقال أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة وأرجو أن تعتقك في الآخرة.

وحكى عن بعضهم أنه قال مررت بجماعة يترامون وواحد جالس بعيدا منهم فتقدمت إليه فأردت أن أكلمه فقال ذكر الله تعالى أشهى فقلت وحدك فقال معي ربي وملكاي فقلت من سبق من هؤلاء فقال من غفر الله له فقلت أين الطريق فأشار نحو السماء وقام ومشى

وقال الحسن رحم الله تعالى عبدا وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر .

وفي حديث سعد حين أوصاه سلمان اتق الله عند همك إذا هممت .

وكان دعاء عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه اللهم أرني الحق حقا وارزقنى اتباعه وأرني الباطل باطلا وارزقنى اجتنابه ولا تجعله متشابها على فأتبع الهوى.

وقال عيسى عليه السلام الأمور ثلاثة أمر استبان رشده فاتبعه وأمر استبان غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فكله إلى عالمه

وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه يوما وقد خرج وخرجت معه حتى دخل حائطا(بستانا) فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في الحائط عمربن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أو ليعذبنك .

وقال الحسن في قوله تعالى ولا أقسم بالنفس اللوامة قال لا يلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه ماذا أردت بكلمتي ماذا أردت بأكلتي ماذا أردت بشربتي والفاجر يمضى قدما لا يعاتب نفسه .

وقال مالك بن دينار رحمه الله تعالى رحم الله عبدا قال لنفسه ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم ذمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان له قائدا .

وقال إبراهيم التيمي مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها فقلت لنفسي يا نفس أي شيء تريدين فقالت أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحاقلت فأنت في الأمنية فاعملي .

كما نقل عن توبة ابن الصمة وكان محاسبا لنفسه فحسب يوما فإذا هو ابن ستين سنة فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال يا ويلتي ألقى الملك بأحد وعشرين ألف ذنب فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب .

ويحكى أن حسان بن أبي سنان مر بغرفة فقال متى بنيت هذه ثم أقبل على نفسه فقال تسألين عما لا يعنيك لأعاقبنك بصوم سنة فصامه

وقال الحسن: أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم ما كانوا يفرحون بشىء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شىء منها أدبر ولهى كانت أهون في أعينهم من هذا التراب الذى تطئونه بارجلكم .

وقال أبو الدرداء لولا ثلاث ما أحببت العيش يوما واحدا الظمأ لله بالهواجر والسجود لله في جوف الليل ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر

وكان أبو مسلم الخولانى قد علق سوطا في مسجد بيته يخوف به نفسه وكان يقول لنفسه قومى فوالله لأزحفن بك زحفا حتى يكون الكلل منك لا منى فإذا دخلت الفترة( الكسل ) تناول سوطه وضرب به ساقه ويقول أنت أولى بالضرب من دابتى .
وكان يقول أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا كلا والله لنزاحمهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالا.

وقال القاسم بن محمد :غدوت يوما وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة رضي الله عنها أسلم عليها فغدوت يوما إليها فإذا هى تصلى صلاة الضحى وهى تقرأ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم وتبكى وتدعو وتردد الآية فقمت حتى مللت وهى كما هى فلما رأيت ذلك ذهبت إلى السوق فقلت أفرغ من حاجتى ثم أرجع ففرغت من حاجتى ثم رجعت وهى كما هى تردد الآية وتبكى وتدعو .

وقيل للحسن ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره .

و يقول الدكتور مصطفى السباعي “إذا همّت نفسك بالمعصية فذكرها بالله، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة قد انقلبت إلى حيوان.”

ومن أعجب المواقف التي قرأتها في سيرة الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى، يقول أحد تلامذته: كنت أتعجب من حياة الإمام! وكنت من عجبي به أتبعه في خلواته وجلواته، ثم رأيت منه عجباً، رأيت أنه يقف في اليوم مرات يخرج من جيبه رقعة فينظر إليها ثم يعيدها، يفعل ذلك في اليوم مرات، يقول: فازددت إصراراً في معرفة السر على الورقة، فما زلت خلف الإمام أتبعه، وألحظه في خلواته وجلواته حتى وقعت الورقة في يدي، فنظرت فيها فإذا مكتوب فيها…

يا سفيان ! اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل.

سبحان الله! سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه علم أن هذه النفس تغفل، فأراد أن يؤدبها وأن يربيها، فكتب هذه العبارة في هذه الورقة، فكلما همت نفسه بمعصية أو غفلت، أخرجها فنظر إليها وقرأها فتذكر الآخرة، وتذكر وقوفه بين يدي الله عز وجل

ويقول القاسم بن محمد : كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي: بأي شيء فُضِل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟!

إن كان ليصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو إنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج.

قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ علينا السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، فكانت هُنيهة -أي: لحظة من اللحظات- ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجهه رحمه الله تعالى وقد ابتلت لحيته من كثرة الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله عندما فقد السراج وصار إلى الظلمة ذكر القيامة فتأثر.
هكذا القلب عندما يتعلق بالله جل وعلا، وهكذا القلب المتعلق بالله، إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإذا رأى ناراً تذكر نار جهنم وسعيرها، وإذا رأى خضرة ونعيماً تذكر نعيم الجنة، فهو متعلق بالله دائماً.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1039 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع