هل الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف ؟
استمعت لدرس فضيلتكم على اليو تيوب عن الصراط هنا :
ولاحظت أنك لم تذكر ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أدق من الشعرة وأحد من السيف ، فالسؤال هو: هل هذا الحديث صحيح ؟
ولو صح فما معناه وكيف يمر عليه الناس وهو بهذا الشكل ؟وجزاكم الله خيرا
الجواب :
القول بأن (الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف ) ذكر مرة موقوفا ومرات مرفوعا بأسانيد لم تخلو من وهن .
الموقوف : هو قول الصحابي ، والمرفوع ما رواه الصحابي ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالإضافة لمنافاته للأحاديث الأخرى من قيام الملائكة على جنبتيه ، وكون الكلاليب والحسك فيه ، وإعطاء كل من المارين عليه من النور قدر موضع قدميه .
وحمل الإمام القرافي هذا الوصف على المجاز لا الحقيقة فقال : وقد جرت العادة بضرب دقة الشعر مثلا للغامض الخفي ، وضرب حد السيف لإسراع الملائكة في المضي لامتثال أمر الله ، وإجازة الناس عليه .
ومما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف الصراط :
( فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ وَكَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ، مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ،هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ..) رواه البخاري
وورد أيضا ” وَتُرْسَلُ الأمَانَةُ وَالرَّحِمُ ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالا ، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ، قَالَ[حذيفة بن اليمان] قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ،ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ ،وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ ، يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ، فَلا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا قَالَ ،وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ ،فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ ،وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ ” رواه مسلم
هذا هو الصراط، وهذه أوصافه حسب ما ذكر عنه صلى الله عليه وسلم في الروايات الصحيحة .
أما ما زاد عن ذلك من كونه “أدق من الشعر وأحد من السيف”فلم يرد في حديث صحيح،وصحة الحديث شرط أساسي للإيمان بهذا الوصف،مادام لم يذكر في القرآن الكريم؛ إذ الأمور الغيبية متوقفة على الخبر،لأنه المسلك الوحيد للإيمان بها.