” ألا تحبون أن يغفر الله لكم ” (خطبة مفرغة)

تاريخ الإضافة 20 January, 2024 الزيارات : 8438

( ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ )

هذا السؤال جاء في سياق قول الله تعالى : ” وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ “. وهذه الآية نزلت بعد الحادثة التي كانت في شأن عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق حينما رمتها ألسنة النفاق بالإفك ، وبرأها الله جل وعلا من فوق سبع سماوات.

هنالك من المسلمين من وقع في هذا البلاء وخاض فيها وخاض في الإفك ، وكان منهم مسطح بن أثاثة ؛ مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر الصديق ، نشأ يتيما وهاجر إلى المدينة فكان أبو بكر رضي الله عنه متكفلا به وبالإنفاق عليه…. لكن لما علم الصديق رضي الله عنه أن مسطح فيمن خاضوا في ابنته عائشة أقسم أن يقطع عنه النفقة.

وكان مسطح وعدد من الذين وقعوا في عائشة أقيم عليهم الحد العقوبة ، عقوبة القذف أقيمت عليهم ، فأراد الله جل وعلا أن يرطب القلوب وأن يؤلف بينها فنزل موجها ومبينا لنا أنه لا يمنعنكم إن أبدى أحد إليكم سوءا أن تقطعوا خيرا بذلتموه لله.

(ولا يأتل) آلى يعني أقسم يمينا بالله أو حلف فالله تعالى يقول لا يقسم أحد من أولي الفضل.

طبعا قوله (ولا يأتل أولو الفضل ) هذه منقبة عظيمة للصديق رضي الله عنه. فالله جل في علاه منح هذا الوسام الرفيع للصديق ، وإن رغمت أنوف فعائشة ابنة الصديق مبرأة من فوق سبع سماوات ، وأبوها بشهادة القرآن الكريم وحي منزل من الله من أهل الفضل.

وأهل الفضل هنا الذين جعل الله تعالى في أخلاقهم خصالا طيبة تسع الناس .

 ومعنى ( السعة ) يعني من وسع الله عليهم بالمال فهو من أهل الفضل ، ومن أهل السعة الذين وسع الله عليهم بالأموال.

فالله تعالى ينهى أن يكون هؤلاء الذين من الله عليهم بالمال ممن يمنعون نفقاتهم عمن يحسنون إليهم بسبب إساءتهم.

 يا إخواني ضعوا أنفسكم مكان الصديق…. رجل أنت تحسن إليه وتعطيه….. رباه من صغره إلى أن صار رجلا…. لم يقطع النفقة ولا المال عنه…. لم يسئ إليه بل امتدت يد الإحسان من فضل الله عليه من صغره إلى كبره…. فقابل كل هذا نكرانا وإساءة وخاض في عرض ابنتك. ماذا تفعل ؟

أقل شيء أن أقطع بري عنه، أن أقطع علاقتي به وحق لي ذلك.

أي نفسية تعلو فوق حظوظ النفس البشرية حينما يناديها الله: “…أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ … “ فيرد مجيبا : بلى يا رب.

هل تستطيع في مثل هذا الموقف بل أقل منه أن تتجاوز عن الإساءة إستجابة لأمر الله : “…أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ … “.

هل تستطيع أن تعلو عن الأنانية، أن تعلو عن إساءة غيرك، أن تكون أنت من أهل الفضل، من أهل الكرم الأخلاقي فتجعل إساءة غيرك إحسانا إليهم؟ هكذا ارتقى الصديق رضي الله عنه ، بل أعاد النفقة وضاعفها رغبة في أن يغفر الله له.

الله اكبر!

يا إخواني، الله تعالى شاء أن تكون هذه النوعيات قدوات لنا حتى نتأسى بها.

 رب العزة خلقنا نحب أنفسنا، كلنا نحب ذواتنا ونحب من يحسن إلينا وربما لا ننس الجميل أبدا ولا نستشعر أي حرج في أن نقول فلان فعل كذا وفلان جزاه الله عني خيرا، نستشعر معنى الإحسان . … لكن الإساءة شيء قاس على النفس !!!

فأنت جئت بعد إحساني إليك فأسأت يكون وقع المسألة أصعب…. وهذا ابن خالته فصارت أصعب وأصعب يعني قريبي وأحسن إليه ثم يخوض في عرض ابنتي؟!

أنا لا أتكلم عن خوض في عرض، أنا أتكلم عن مناقشة صغيرة بين اثنين يدوم بعدها الفراق لسنين.

أتكلم عن مسألة أو موقف أسيء الفهم في بعض كلماته أو في النقل من فلان إلى فلان فتصير القطيعة لشهور.

أتكلم عن أسرة خربت بسبب كلمة قيلت في ساعة غضب بين زوج وزوجة استمرت حياتهم عشرة، خمسة عشر، عشرين سنة…. ينخرب البيت في كلمة واحدة مع العجلة وشدة غضب وسرعة التصرف طبعا تصرف موتور خرب البيت وخربت الدنيا و…، و….، إلى آخره.

أتكلم يا إخواني عن مواقف كثيرة جدا بيننا كانت تحتاج إلى سعة صدر، كانت  تحتاج إلى احتواء، كانت تحتاج إلى لحظة هدوء، أن أراجع نفسي. يعني أنا وأنت بيننا من العلاقة والمحبة والود والمواقف الطيبة الكثير، بسبب موقف تافه تبيعني وتهجرني لشهور أوسنين؟

بيننا وبين بعضنا من الرحم ما أوصانا الله تعالى به بسبب تصرف بشري بحت في ساعة غضب، سوء فهم، سوء ظن أقطع العلاقة بيني وبين أرحامي مدى العمر ؟

بل ربما هناك من يورث هذه العداوة لأولاده ويقول : إياكم أن فلان يزورني أو يمشي في جنازتي، أو، أو إلى آخره.

لا حول ولا قوة إلا بالله.

الله يربينا يا إخواني. نعلو على حظوظ النفس وأن نعلم أن النفس الأنقى والأرقى والأفضل هي التي تعفو وتصفح.

ولاحظ التعبير القرآني رائع جدا: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ …). طيب العفو نعرفه، أن تترك المؤاخذة على الإساءة. أنا عفوت عن فلان يعني لا أؤاخذه على إساءته أنا سامحتك.

الصفح هو أن تنسى الإساءة يعني لا يأت يوم أو لحظة وأقول لك هل تذكر، نسيت؟

هذا طبعا إيذاء…. فأظل طوال العمر أو كلما استدعى الموقف أن أذكره بما مضى، أذكره وأقول له كذا وكذا وكذا ، وأنا الذي أحسنت وأنا عملت بأصلي ، وأنا أكرم منك ، وأنا وأنا حتى يود الطرف الآخر لو أنك عاقبته أفضل من منك (بتشديد النون)عليه طوال العمر.

هذا إخواني يحدث حتى مع الشركاء الأزواج للأسف…. الزوج عنده “ريكورد” لزوجته فأول ما تحصل المشكلة يأتي بالتاريخ….. يقول لها هل تذكرين سنة كذا وتذكرين سنة كذا ، ولما أنجبت طفلنا الأول الذي سنه عشرين سنة الآن ،  ولما أنجبت إبنتنا ……

والزوجة نفس الحال عندها ما شاء الله صحيفة ملآنة للزوج ؛ فتقول له : أنت نسيت أيام الخطوبة؟ لا إله إلا الله!

“وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ …” القلب يكون سليم ما فيه شيء.

عفوت عفوت لكن القلب الأسود الذي يقول أنا عفوت وهو ممتلئ حقد وهو يكن العداوة وهو يضمر الشر، هذا لا يحبه الله عز وجل.

إذا كنت ما زال في قلبك شيء، صارح به…. لكن تجلس في جلسة صلح  وتقول لأ خلاص والأمور انتهت ….. وهو سبحان الله يحمل في قلبه الغدر ويتمنى أن يقوم على صاحبه كما يقوم الوحش بالانقضاض على فريسته.

يعني ينتهز الفرصة حتى يقضي على صاحبه. لا إله إلا الله.

أين العفو يا أخي؟

يقول لك أنا استحيت من الرجال.

أين الصفح ؟

يقول لك لا لم أستطع هؤلاء ناس كذا وكذا وكذا…(يسبهم ويلعنهم)

( وليعفوا وليصفحوا…)  ما الثمن؟ ما الثمن يا إخواني؟

(ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟) هذا هو المقابل يا إخواني.

من يرد هذه الدعوة ؟

ألا للحض على الفعل. ألا ترغبون ؟

هل ترغبون فعلا ؟

بلى يا رب.

إذن فاعف عمن ظلمك وأساء إليك. سامح، اصفح، اجعل قلبك أبيض، لا تكن دائما حمال للإساءات والعداوات.

الإنسان لن يتسع صدره ولن يتسع حتى وقته ولا عمره إلى أن يعادي الناس كلها.

ولو ابتغيت صديقا بلا عيب لن تجد أحدا.

كلنا بشر، كلنا نخطئ، كلنا فينا نقص.

لو بحثت في الدنيا كلها عن واحد بلا عيب أو بلا نقص، أنت مخطئ لن تجد.

ولو ظللت تقاطع كل إنسان يصدر عنه أي شيء يخالف ما تحب فلن تصاحب أحدا.

فعامل الناس بالعفو كما قال الله لنبينا صلى الله عليه وسلم : ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ “.

ما معنى ( خذ العفو) ؟ يعني لن يكون الناس مثاليين إلى أعلى درجات المثالية فتعاملهم بهذا الشكل ولا تحكم على الناس على أنهم ملائكة معصومين لا يخطئون وليس فيهم عيب ولا إساءة.

خذ العفو يعني ما كان من أخلاق الناس. تعامل مع الناس بهذا الشكل. ليس المقصود هنا أنك تعيش منافق ولا أنك تعيش كما يقولون : (كن نملة تأكل سكر!!!) 

لا… المقصود هنا أنه لا يوجد إنسان يخلو من العيب ، وليس هناك مجتمع يخلو من العيوب ، لكن في عيوب عن عيوب تفرق، في مسائل عن مسائل تفرق.

لو أن كل اثنين اختلفا تخاصما وتهاجرا لخربت الدنيا.

الإمام الشافعي لما اختلف مع أحد العلماء في عصره في مسألة فقهية، قال بعد أن انتهت المناظرة يعني الجدال بينهم هذا بحجة وهذا بحجة، أمسك الشافعي بيدي وقال : “وما عليك لو اختلفنا في مسألة لكن لا تختلف قلوبنا”

إيه المشكلة !

أنا وأنت عندنا إختيار فقهي، أنت من المذهب الفلاني من المدرسة الفلانية تأخذ عن الشيخ فلان… جزاك الله خيرا.

ما المشكل لو اختلفنا في مسألة لكن لا تختلف قلوبنا. لا إله إلا الله !

ما المشكلة لو تعددت وجهات النظر في موضوع بينك وبين زوجتك وحاولنا التقريب بين المسافات.

ما المشكلة لو تنازلت قليلا حتى تدوم الحياة.

رب العزة يا إخواني أشار في القرآن إلى مسألة بسيطة جدا جدا، مسألة فطام الطفل الصغير.

أول الأمر قال تعالى  : ” وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ). سنتين طيب يا رب إذا أحببنا أن يكون أقل من سنتين قال : ” فَإِنْ أَرَادَا “ الزوج والزوجة ” فِصَالًا “ أن الولد ينفصل عن أمه يعني بالفطام،  ماذا قال؟  ” عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ … “.

الحياة الزوجية ليست استبداد يا إخواني، واحد يستقل برأيه. إما رأيي وإما الطلاق.

إما أن تسمعي كلامي وإما أن تذهبي لأهلك. إما… أو…

لا ليست الحياة الزوجية نعم أو لا.

الحياة الزوجية عن تراض منهما وتشاور هذا في فطام الطفل فما بالكم بما هو أكثر من ذلك، مصير الأولاد، مصلحة البيت… ما المانع أن نقرب المسافات، ما المانع أن تتنازل أو يا أختي تتنازلي قليلا حتى تلتقي وجهات النظر.

لكن والله يا إخواني كثير من المشاكل التي تأتيني سببها كما يقولون ركوب الرأس يعني أنا ورأيي وإلا الطلاق.

وهي نفس الحكاية عند مع عند … ثم ماذا؟

 خراب البيت، ضياع الأولاد، تشرد وضياع الأسرة. سبحان الله !

فالله تعالى جعل مقابل ذلك : ” وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا “. من اللطائف الجميلة للشيخ الشعراوي في تفسيره يقول مثلا: لو أنك جاءك أحد أبناءك يشكو إليك أن أخاه قد ضربه فأخذت المضروب وطمأنته وهدأته ثم جئت بقطعة من الحلوى شوكولاته أو شيء وقلت للآخر: أنت لن تأخذ مثلما أخذ أخوك. يقول : هنا يتمنى الطفل الذي ضرب أنه يكون المضروب…. خلاص أخذ الحنان من الوالد وأخذ الحلوى.

هنا رب العزة سبحانه وتعالى يقول لك أبشر يا من عفوت، أبشر يا من صفحت إن أجرك عند الله ” …فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ…” .

والله يا إخواني هذه غالية. والله عظيمة

” …فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ…”. لو تنازلت قليلا وصرت لين الجانب لزوجتك، لأخيك، لرحمك، لصديقك، لله عز وجل أبشر برضا الله سبحانه وتعالى.

والله يا إخواني كثير من الناس ما شاء الله عليه تغبطه في صلاته، تغبطه في عبادته، تغبطه في كل شيء إلا في هذه النقطة تجده عجيب عصي صعب، لماذا يا أخي ؟

يقول لك أنا هكذا.

غير لله الذي تسجد له، غير، لن.(فعل أمر من اللين)

رب العزة قال لمن هو خير منك : ” وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ “. ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ  “ لنت من اللين ” وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ …” .

إخواني، فالله سبحانه وتعالى دعانا قال  ” ألا تحبون أن يغفر الله لكم “

غدا إن شاء الله ليلة النصف من شعبان ليلة الخامس عشر، وهذه الليلة صح فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :  (إن الله تبارك وتعالى يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. )

المشرك عافانا الله، نسأل الله أن يجعلنا من أهل التوحيد.

المشاحن هي المشكلة، يعني إيه مشاحن؟

مشاحن من الشحناء كأن في شحن في الصدور. مواقف، كلمات أدت إلى أني قفلت منك، لم يعد لك قبول عندي.

فالتشاحن سببه الخصام، سببه السب، سببه العداوة، سببه النميمة، سببه التنافس الدنيوي، سببه اختلاف وجهات النظر فيؤدي ذلك إلى ضيق في الصدر بهذا الشخص… ويؤدي هذا ربما إلى تطور أني أشن عليه أني ممكن أفضح أسراره وأهتك أستاره وأشهر به أمام الناس،.

طبعا هذه من صفات النفاق نسأل الله العافية…. النبي قال : (وإذا خاصم فجر)

هذه من ألد أنواع الخصومة أنك لما تعادي شخص تهتك الستر الذي بينك وبينه سواء الشخص هذا صديق أو زوجة .

لأن بعض الناس هكذا…. يقول لك لا أنا لازم أتكلم….. يا أخي هذه أسرار بيوت…. يا أخي هذه أعراض….. يقول لك لا أنا لا أسكت… يا أخي، اتق الله. صن لسانك…. هذه أم أولادك…. يا أختي هذا أبو أولادك. لا حول ولا قوة إلا بالله.

ظلمني… ظلمتني… أتركها لله. أسكت لله. “… فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ …” بإحسان … يا قوم اسمعوني بإحسان وليس تشهير وليس تجريح وليس خوض في أعراض. لا حول ولا قوة إلا بالله.

إذن يا إخواني هذه مسألة مهمة أنك تترك الشحناء.

يا إخواني بعض العلماء لفت لفتة جميلة جدا قال أما تعلمون أن سلامة الصدر جزء من نعيم الجنة ؟ سبحان الله كيف هذا ؟ قال، قال تعالى : ” وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ… “. هل تريد أن تعيش سليم الصدر تتمتع بجزء من نعيم أهل الجنة ؟ لأن مع ضيق الصدر والله تضيق بك الحياة. والله تصير الحياة جحيم لا يطيب لك طعام ولا شراب ولا نوم لأن الشخص الذي يحقد يعني فيه خصومة أو عداوة دائما مترقب متربص ضيق الصدر ضيق النفس، دائما يتوقع السوء يتوقع الشر… لا إله إلا الله!

طيب ما أنا أصلح ما بيني وبين غيري وأعيش هانئا سالما. سبحان الله العظيم !

فمرة كان في صلح بين شخص وزوجته السابقة واتفقنا على بعض الأمور…. مع ذلك قال لا أنا سأفعل وأفعل وأشتكي وأذهب… قلت له يا أخي بكم تشتري راحة بالك؟ وبكم تشتري سلامة صدرك؟

وبكم تشتري أنك تبدأ حياة جديدة بدون يعني أشياء تعكر عليك  هذه الحياة ؟

يعني هي ظلمت، هي أساءت، طيب أنت أحسن. طيب هي أخذت أكثر من حقها طيب أنت تعفو.  … لا إله إلا الله!اشتر نفسك.

يا إخواني الناتج عن الحقد والكمد وهذه الأشياء كلها أمراض الله بها عليم.

لكن تعال على الجانب الآخر( وليعفوا وليصفحوا) قيمتك عند الله ترتفع هذه واحدة.

ثانية أنك تتمتع براحة البال.

الثالثة الإنسان دائما يشعر بالسعادة اللا شعورية عندما يحسن إلى غيره وعندما يحب الخير لمن حوله وهذا ما أراده منا الإسلام. ” … وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا …”. وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم :  (خير الناس أنفعهم للناس) و( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.)

بعض الأطباء النفسيين في أوروبا جعلوا من ضمن البرامج العلاجية للمرضى النفسيين أنه يذهب ويقدم بعض الهدايا للأطفال اليتامى، للمرضى، للمحتاجين الذين هم من أصحاب الإعاقة وقالوا : إن هذا سبحان الله يفرز هرمون معين في الجسم يؤدي إلى شعور بالسعادة. سبحان الله !

يعني أنت حينما ترى بسمة على وجه غيرك أنت سبب فيها أنت تفرح أنت تسعد.

طيب أنا لماذا أكتب على نفسي الشقاء ؟

لماذا أنا مصر على أن الحياة تكون كلها تعاسة ومشاكل؟ سبحان الله العظيم. 

فرب العزة علمنا يا إخواني قال : ” وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ … “. ففرصة ونحن إن شاء الله نستقبل هذه الليلة وهي ليلة تحويل القبلة فعظم الله شأنها وجعل من بركتها مغفرته مغفرة تشمل كل عباده المؤمنين إلا صنفين مشرك ومشاحن…. فأنت من أهل التوحيد فكن من أهل سلامة الصدر وادع بدعاء الذين آمنوا حينما دعوا ” وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ “.

وحتى تكتمل الصورة إذا أردت أن تصلح ما بينك وبين غيرك فرفض فقد أديت ما عليك. قال صلى الله عليه وسلم( وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. ) هذه واحدة

الثانية، يجوز أن تخاصم وأن تهجر من هجرته لله. … ليس من المعقول أن الإنسان سيعيش بدون أن يكون هناك مخالف أو فيه معادي يعني ليس هناك حق كامل وليس هناك باطل كامل… فيه حق وفيه باطل…. فهناك مثلا ظالم…. هناك من يصد عن سبيل الله…. هناك من يتفنن في ايذائك وعداوتك….. هناك من إذا عاملته كانت المعاملة كلها بلاء وكلها شر وكلها مصيبة….. فهجر هؤلاء لله لا حرج فيه.

الأحاديث الواردة في القطيعة والخصام والعفو كلها في مسألة العداوة الدنيوية العداوة التي لها سبب دنيوي ، أما من كانت معرفته كما قلت بلاء أنه يظلمك، أنه يسيء إليك، أنه لا يترك شرا إلا وأوصله إليك، ضرر إلا وكان سببا فيه فهؤلاء البعد عنهم غنيمة.

وهذا كما قال عبد الله بن المبارك الناس ثلاثة فمنهم من هو كالداء لا تحبه بحال (الداء هو المرض) ومنهم من هو كالهواء لا تستغني عنه بحال ومنهم من هو كالدواء إذا احتجته وجدته.

ففيه داء وفيه دواء وفيه هواء. هؤلاء هم الناس.

فالذي هو كالدواء والذي هو كالهواء الحمد لله.

أما الذي هو كالداء تهجره أو تقاطعه لسبب ديني، لسبب شرعي لأنه لا يقصر في عداوتك وخصامك أو ظلمه للعباد أو إساءته أو ما شابه ذلك .

فهنا يا إخواني هذا لك الحق في قطيعته ولك الحق في خصامه وهجره لله عز وجل.

أما العداوات الدنيوية فكلها قابلة للحل وقابلة للتصالح وقابلة للتنازل ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يطهر قلوبنا وأن يصلح ذات بيننا وأن لا يجعل للشيطان حظا في كلامنا وفي أفعالنا بيننا وبين إخواننا.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 May, 2024 عدد الزوار : 989 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

أحدث المقالات

“لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ… “

حقوق آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-

فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

الرد المبين على منكري سنة النبي الأمين

ماذا كتب مايكل هارت عن الرسول في كتابه الخالدون مئة؟

قدر الحبيب النبي عند الرب العلي

لماذا نحتفل بميلاد الرسول ؟

محمد النبي الإنسان

يا محب الرسول عليك بخمسة أمور

“وإنك لعلى خلق عظيم”

الرسول صلى الله عليه وسلم كأنك تراه

جوانب العظمة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-

الرسول القدوة

شمس محمد تسطع على العالم محمد الغزالي

مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة

كيف ربى الرسول أتباعه على العزة والكرامة

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

الاشتياق إلى النبي للشيخ محمد المنجد

أنت مع من أحببت

ما الحكمة في أن رسول الله كان أميا ؟

كيف ربى الرسول أصحابه ؟

شرح حديث “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان”

سبيل الوصول إلى محبة الرسول

خصائص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

وسراجا منيرا

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

خصائص النبي محاضرة للشيخ المنجد

 (24) Towards Salvation of the Heart. Part (3)