هل تغضبك كثرة الرسائل على الواتساب؟
هل انزعجت يوماً من شخص يرسل لك فيديوهات بأحجام كبيرة وصوراً مستفزة بشكل منتظم؟
هل مللت من مجموعات الواتساب المثيرة للغثيان من فرط المثالية والقصص الوهمية والصور غير المعبرة والنقاشات غير المثمرة؟
أياً كانت الإجابة، فأنا تزعجني وبشدة!
أعرف صديقاً لي، يمطرني بوابل من الفيديوهات والصور الدينية عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع؛ كي يريح ضميره الدعوي ويشعر أنه قد أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، ونصح الأمة على الواتساب، بينما يحاصرني مجموعة أخرى من الأصدقاء بكتيبة من الرسائل اليومية عن تنمية الذات والنكات السخيفة والمقاطع المضحكة والمقالب المبتذلة، بالإضافة إلى أنشودة “صباح الخير”، وترنيمة “مساء الخير”، وهؤلاء يشعرون بمسؤوليتهم في الحياة في إزعاج الآخرين.
لكنّ أحداً لم يستشِرني قبل أن يزعجني صباحاً ومساء، وقبل أن يعلن الحرب على جهازي النقال “المسكين” الذي يحتاج للتنظيف المستمر من هراء الحضارة البشرية على ذلك الكوكب المنكوب.
لا تلُمني في المبالغة، فأنا أشعر -حرفياً- بأن جهازي مُحتل من قِبَل نشطاء الواتساب الذين لا يكلّون ولا يملّون من فرض سياج أمني حولك وحول جهازك المسكين، ويجعلونك لا ترغب في النظر إلى شاشة الهاتف المشبعة بالزخارف والوجوه التعبيرية المستخدمة في غير موضعها الصحيح.
تكمن الخطورة هنا في إحساس الشخص من هؤلاء النشطاء بأنه قام بواجبه في توعية الآخرين على الواتساب دون القيام بذلك على أرض الواقع، وبذلك تتحول جميع قضايانا من الشارع إلى خنادق الواتساب المهملة التي لا يتلفت إليها سوى النفر القليل من البشر بسبب ما تسببه من إزعاج على مدار الساعة، ولا يشعر هؤلاء المجاهدون بالطمأنينة الداخلية إلا بعد القيام بغارات معلوماتية على الواتساب.
والأخطر من ذلك، استخدام الواتساب لتداول الإشاعات والخزعبلات والتخاريف اللامتناهية، ويسارع الواحد من هؤلاء بنقل الأخبار الزائفة والمصائب والكوارث وهو تتملكه مشاعر الفرحة ونشوة الانتصار؛ لأنه صاحب السبق في تداول أخبار كهذه.
أعود إليك -أيها القارئ المحاصر مثلي- وأسألك وأتمنى أن تجيب نفسك بصراحة:
– كم من مجموعات الواتساب التي انضممت إليها وقمت بتحويلها إلى الوضع الصامت بسبب الإزعاج أو فراغ المحتوى؟
– كم مرة فكرت في الانسحاب من مجموعات واتسابية هلامية لا طائل من وجودك فيها، ولكن منعك الحياء الاجتماعي؟
– كم من الأصدقاء يتسلّط على الواتساب الخاص بك وبالكاد تطلع على ما به من كلام فارغ؟
– كم مرة فقدت محتوى رسالة مهمة في وسط هذا الكم الهائل من الهراء البشري؟
الإجابة هي تلك النتيجة المؤسفة التالية:
نجح هؤلاء النشطاء في تحويل أشهر وأفضل تطبيق تواصل اجتماعي إلى صداع مزمن لا يمكن التخلص منه سوى بحذف التطبيق من جذوره والعيش منعزلاً عن الناس؛ كي يستريح هؤلاء المزعجون.
والحل:
تحتم عليّ المسؤولية الأخلاقية هنا أن أشجعك أن تنصح هؤلاء بالتوقف عن هذا العبث اليومي، أو أن تنسحب على الفور من هذه المجموعات الفوضوية، أو هنالك خيار آخر وهو المفضل لديّ:
أن تعطيهم “البلوك” حتى إشعار آخر.
أرجوكم استخدموا التكنولوجيا بشكل رشيد وراقٍ؛ كي لا يضيع مجهود من اخترعوها سُدى، وتعلموا ألا تنتهكوا خصوصيات الآخرين؛ لأن حياتنا اليومية مثقلة بالأعمال والمسؤوليات المتراكمة.
وأخيراً، أقول لمجاهدي الواتساب: “ارحموا اللي خلّفونا”.