العمل الصالح في أفضل أيام الدنيا (خطبة مفرغة)

تاريخ الإضافة 19 يونيو, 2023 الزيارات : 6582

العمل الصالح في أفضل أيام الدنيا 

هذا هو اليوم الأخير من شهر ذي القعدة ونستقبل غدا غرة شهر ذي الحجة ، نسأل الله أن يوفقنا في هذه الأيام المباركة إلى ما يحبه ويرضاه ، وأن يبلغنا في العام المقبل حج بيته الحرام .
إخواني فضل الله واسع … فلم يجعل الله فضله خاص بمكان دون مكان إنما خص الفضل بمكان وعممه في الزمان ؛ فإن كانت رحمة الله ومثوبته وفضله في بيته الحرام حيث أداء مناسك الحج والعمرة فإن الله جعل هذه البركة والمثوبة والفضل مع الزمان في هذه الأيام المقبلة فإن فاتتنا بركات المكان فلا تفوتنا بركات الزمان .

فضل العمل الصالح في هذه الأيام :

والنبي  صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «ما من أيّام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، – يعني أيّام العشر -، قالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
أحب العمل إلى الله أشارة لمضاعفة الأجر والثواب ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لازم المحبة مضاعفة المثوبة ، وقد فهم الصحابة ذلك فقالوا : ( ولا الجهاد في سبيل الله؟ ) لأنهم يعلمون أن للجهاد فضل عظيم لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟. رواه البخاري
فالصحابة يعلمون عظم هذا الأجر فقالوا: ” ولا الجهاد في سبيل الله؟ ” قال: ” ولا الجهاد في سبيل الله ” إلاّ في حالة واحدة : رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء». والمعنى هنا أن مضاعفة الأجر في هذه الأيام أمور يفوق إدراكاتنا .
الله تعالى منحنا من شهرين شهر رمضان ومنحنا عبادة الصيام ثم القيام …ومضى شهر رمضان بأيامه ولياليه الطيبة ، ثم ينعم علينا الآن بهذه العشر المباركة ؛ فالعمل الصالح فيها يحبه الله ، والعمل الصالح فيها مضاعف فيه الأجر والمثوبة من الله .

والعلماء يقولون : إن إبهام الأجر إشارة إلى عظمه .
عندما تحدد جائزة قدرها كذا عرفت قيمتها ولكن لما تجعلها مبهمة فهذا إشارة إلى أن تذهب فيها النفس إلى كل مذهب ، وتبدأ تتأمل وتأتيها الخواطر كم يكون الأجر ؟ كم يكون الفضل ؟
والأمر عندما يتعلق بالله جل وعلا فانظر إلى عطاء الكريم سبحانه وتعالى .
ومعنى أن العمل الصالح فيها من أحب الأعمال إلى الله في هذه الأيام معنى ذلك أن من يعمل هذا العمل الصالح هو حبيب لله تعالى .
فنحن لا نريد أن نقصر الصالحات على من لبس الإزار والرداء وذهب لحج بيت الله الحرام إنما الصالحات تعم الجميع زمانا .
في العشر من ذي الحجة نحن وضيوف بيت الله الحرام سواء في الأجر والفضل والمثوبة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى .
وكلمة الرسول : (ما من أيّام العمل الصالح فيها أحب إلى الله ) ليس المقصود كما يتبادر إلى أذهاننا أن العمل الصالح الشعائر التعبدية فقط ؛ بل إنك إذا جددت النية لكل عمل تعمله يكن لك فيه أجر .
العلماء قالوا : إن النية في العبادات شرط للصحة ، يعني إذا أردت الصلاة لا بد من النية للفريضة أو النافلة وهكذا ….إذا أردت الصيام نفس الكلام …الخ ، فالنية في العبادة شرط لصحة العبادة ، ولكن في العادة لتحصيل الثواب .
مثل تجديد النية في الطعام والشراب …في السعي على المعيشة …تجديد النية في الإنفاق على الأولاد … في كل عمل تعمله حتى وإن كان عملا فطريا بما تقتضيه فطرتك الإنسانية لو جددت النية فيه لك فيه أجر وسنذكر لذلك أمثلة .
إذن كل عمل صالح بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى لك فيه أجر من الله سبحانه .

1- عبادة الذكر :

فعلى رأس هذه الإعمال الرسول أوصانا بأسهل عبادة عبادة الذكر ، والرواية التي ذكرناها هي رواية الصحيح وفي رواية سنن البيهقي (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر .
ولو تأملنا الآيات الواردة في الحج لوجدنا أن فيها ذكر الله في أكثر من موضع :
“فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ “

و “فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا “

و”لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ “

و”وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ”
أكثر من موضع للحث على ذكر الله عزوجل وكأن هذه العبادة جعل الله تعالى شعارها المميز إقامة ذكر الله .
ولذلك من السنن المهجورة في هذه الأيام سنة التكبير المطلق من أول أيام العشر إلى آخر أيام التشريق ،هناك التكبير المقيد بالصلوات كما نعلم ، من فجر يوم عرفة إلى عصر رابع يوم العيد ( ثالث أيام التشريق ) لكن التكبير المطلق هذه سنة مهجورة كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، في السوق وفي منى وفي الحرم فهذه سنة نسعى لإحيائها ولو بين أنفسنا …سنة التكبير من أول هذه الأيام إلى آخر يوم من أيام التشريق .
فإقامة ذكر الله عزو وجل في هذه الأيام أمر مرغوب فيه، والذكر عبادة سهلة لا تحتاج لوضوء ولا استقبال قبلة … تذكر الله قائما وقاعدا ونائما تذكر الله على كل حال فيكون الذكر دائما حياة لقلبك .
كثير منا يشكو من الضيق والهم الغم والكآبة وضغوط الحياة ؛ نقول له خفف ذلك كله بالذكر .
السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي لما اشتكت أنها يجهدها العمل في بيتها ، والزوجة قديما كان العمل مجهدا …ليس كما الآن تفتح الحنفية تجد الماء ، وهناك أجهزة تساعدها في الطبخ والغسل …..لا لا السيدة فاطمة كانت تدق النوى بيدها لعلف الدابة … وتجلب الماء من البئر وكان معها الحسن والحسين بينهما عام فهما أشبه بتوأمين …إلى غير ذلك ؛ شكت إلى النبي تريد خادما فقال النبي : ” ألا أدلكما -الخطاب هنا لها ولزوجها علي رضي الله عنه-  قال : أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ؟

إِذَا أويتما للى فراشكما فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وكَبِّرَا أربعا وَثَلاثِينَ فَهَو خَيْرٌ لكما من خادم .
ما معنى خَيْرٌ لكما من خادم ؟ يعني يجعل الله في هذا الذكر عون لكما على متاعب ومشاق الحياة .
من عنده إجهاد بدني دائم زكي عن نفسك بذكر الله ويشهد لذلك حديث آخر (يصبح على كل سُلَامَى (كل مفصل من جسم الإنسان ) من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) رواه مسلم.
إذن ذكر الله معين على صعوبات الحياة ، ذكر الله زكاة عن جسدك …
ذكر الله تعلق القلب بالله …. قربى لله عز وجل….
ذكر الله أن تكون كل ذرات جسمك متفقة مع ذرات هذا الكون الذي يسبح بحمد الله عز وجل .
اقرأ العديد من السور افتتحها الله بالتسبيح :
” سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ” و “يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ “
” وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ” 
فكل شيء حولك مسبح لله ذاكر لله عز وجل .
وفي الحديث (مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي (يقول لبيك اللهم لبيك )إِلا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهُ وَشِمَالِهُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ ) كيف ذلك ؟

وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ … فسبحان الله العظيم ، ربما نحن لا نستوعب هذه الأمور ولا ندركها لكن تعال بعيدا عن الماديات والضغوطات والركض في هذه الدنيا وعش مع الله ذاكرا ،وذكر الله تعالى ليس مجرد كلمات نتمتم بها ؛ ذكر الله كثيرا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)

فذكر الله كثيرا وليس قليلا ، ومن سيم المنافقين -نعوذ بالله من النفاق وسوء الأخلاق-  :” وَلَا يَذْكُرُونَ الله إِلَّا قَلِيلاً”  و ” فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ”  الله ليس على بالهم الله ليس في قواميس استعمالاتهم الله نسي من حياتهم ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ”  الله أكبر “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ” فالشيطان تملك واستحوذ على هذه القلوب فلا يرد عليها ذكر الله أبدا وفي الحديث ” الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس ” جاثم يعني ملازم .
فإذا ذكر الله خنس لأنه الوسواس الخناس …. الذي يختفي ويفر من ذكر الله …..الرسول يقول «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ ) يصيبه الرعب من رعبه أدبر وله ضراط – الضراط صوت ريح البطن – أي يصاب بفلتان الأعصاب عندما يسمع ذكر الله لا يستطيع أن يتحكم في نفسه فيدبر حينما يسمع الأذان .
فما بالك لما يكون قلبك دائما الذكر لله عز وجل ، فهذه الأيام المباركة أكثروا فيها من الذكر .
نصيحتي لإخواني الذين يعملون باليد أي بمجهود عضلي  أسهل عبادة لك الآن ذكر الله .
طول ما أنت في عملك أذكر الله حرك لسانك بذكر الله ، بعكس الإخوة الذين أعمالهم مكتبية يشق عليهم ذلك .
ومع هذا في أوقات الموصلات وأوقات الانتظار وصعود السلم وهذه الأشياء البينية علق قلبك بذكر الله .
فاذكروا الله في هذه الأيام فإن الله يحب أن يذكر ، وأن يعلى اسمه جل وعلا ، وأن تتطهر قلوبنا وتترطب أرواحنا بذكر الله تبارك وتعالى .
و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : “ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم” قالوا: بلى يا رسول الله. قال: “ذكر الله عز وجل”
وذات مرة كان النبي مع أصحابه فقال : سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات.
فكونوا من الذاكرين الله كثيرا في هذه الأيام .
واستعينوا على مشاغل الحياة ومصائبها وهمومها وضغوطها وآلامها بذكر الله عز وجل .
والنبي صلى الله عليه وسلم في أشد الساعات ضيقا وحرجا أوصاه رب العباد سبحانه في أكثر من آية بالتسبيح :
“وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا “
“فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ”
“وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ  وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ “
ولا ننس نبي الله يونس ” فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ “
فعود إلى الله بذكره ،وتعلق القلوب بالله عز وجل .
وقد بدأت بهذه العبادة لأنها أسهل ما يكون على الإنسان واللسان ،وذاكر الله عز وجل في معية الله ودائما ما يشعر بحياة قلبه وذاكر الله تتجاوب أعضاؤه وخلايا جسمه مع هذه المنظومة الكونية الكبيرة التي لا تسبح إلا لإله واحد ولا تمجد إلا رب العالمين سبحانه وتعالى .

2- من الأعمال الصالحة الصلاة :

كنا نشاهد في رمضان المساجد ملأى ؛ فنريد أن نعيد صلاة الجماعة بكثرة أعدادها مرة أخرى ، نريد أن نرى هذه الوجوه الطيبة حريصة على الاقل على صلاة المغرب والعشاء والفجر في جماعة ، بالنهار الناس هنا في اعمالها ودراستها ؛فاحرص على هذه الصلوات ، لا تحرم نفسك من أجر الجماعة ، وفي سنن ابي داوود حديث صححه الألباني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ‏( من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم )
 قوله صلى الله عليه وسلم ( فأجره كأجر الحاج المحرم ) معناه أنه مثل الحاج المحرم من حيث أن له ثوابَ الصلاة من أول خروجه من بيته حتى عودته ، وإن لم يكن يصلي في كل الوقت ، كما أن للحاج ثوابَ الحج من أول خروجه إلى عودته ، وإن لم يكن في شعائر الحج طوال هذه الفترة
وهناك تفسير آخر قالوا : ( فأجره كأجر الحاج المحرم ) أي كامل أجره ، بأن يأخذ ثواب الحاج المحرم ثواب حجة كاملة .
سواء هذا اوذاك أنت الرابح والفائز بمرضاة الله لانك تزور الله في بيته وحق على أكرم الاكرمين أن يكرم زائره فلا تبخل على نفسك بالثبات على هذه الصلوات في جماعة بالمسجد ، نسال الله أن يجعلنا من أهل الجماعة .
وطبعا أجر الجماعة وما سأذكره طيلة العام ؛ لكن النفس تجد الإقبال على الطاعة وعلى الله فيكون الانشغال بهذه الاعمال خير وبركة ، والإقبال على الله بهذه الأعمال كمن يدخل على السوق فيبحث عن البضاعة النفيسة الثمينة التي يحصل فيها أعظم الربح .

3- من الأعمال الصالحة : صلاة الصبح في جماعة ثم الجلوس في المصلى لذكر الله:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ‏من صلى ‏ ‏الصبح ‏ ‏في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة ‏ ‏تامة تامة تامة ” وأنا أعلم انشغال الإخوة في أعمالهم لكن ما المانع في الإجازة الأسبوعية السبت والأحد استقبل هذين اليومين بحجة وعمرة ، صل الفجر واجلس في مصلاك ، وأمسك المصحف واذكر الله ، أواعمل ما شئت من الطاعات حتى وقت الشروق بعده باثني عشر دقيقة إلى الظهر تصلي ركعتي الضحى (حتى يزول وقت الكراهة ) يكتب لك أجر حجة وعمرة ‏ والرسول كررها تامة تامة تامة  يعني ليس فيها نقص .
هناك من يذهب إلى بيت الله الحرام وربما لا يحصل التمام في الحج والعمرة ولكن أنت في ساعة واحدة تقريبا تقضيها في مصلاك لك الاجر .
والعلماء قالوا أن المرأة ليس عليها صلاة الجماعة ولكن إذا جلست في مصلى بيتها تذكر الله عز وجل إلى أن تطلع الشمس وترتفع قيد رمح ثم تصلي ركعتين فيرجى لها الثواب إن شاء الله ، وهذا فضل الله الواسع .

4- من الأعمال الصالحة : الصيام :
والصيام كما قلنا عن الذكر أنه عبادة سهلة الصيام أيضا عبادة سهلة ؛ لماذا ؟

لأن الإنسان فينا لا يأكل ولايشرب طوال ساعات الصيام التي تبلغ الآن أربعة عشر ساعة تقريبا، أنت من الفجر إلى المغرب بامتناعك عن المفطرات أنت في طاعة ؛ فتصوم من هذه الأيام عدا اليوم العاشر لأنه يوم العيد ، إذا لم تستطع صم منها ثلاثة أيام …يومين ، لكن لا يفوتك منها يوم عرفة .

طيب واحد يضع رأسه في الصيام كله ويقول : لا أستطيع الصيام نقول له العبادات كثيرة …. وعبد الله بن مسعود كان لا يكثر من صيام التطوع فلما سألوه عن ذلك قال :  يشغلني عن تلاوة القرآن ، فهناك البعض عندما يصوم يصيبه صداع وانخفاض في الضغط ، ودوخة ويمرض ؛ فليس هناك مشكلة … إذا لم تستطع الصيام عندك بدائل كثيرة وعبادات كثيرة كما يقولون : لا تضع العربة أمام الحصان .
إذا لم تستطع الصيام فعندك الكثير وإذا استطعت فاستعن بالله وصم ، والنهار الآن الصيام فيه نسبي ليس طويلا كالصيف وليس قصيرا كالشتاء فتستطيع الصيام إن شاء الله .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة : فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ) أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
وفي سنن النسائي بسند صحيح من حديث حفصة أنها قالت: (كان صلى الله عليه وسلم لا يدع صوم تسع ذي الحجة).

ولم يرد في صيام أيام العشر احاديث خاصة ، وهناك أحاديث ضعيفة عن فضل صيام اليوم الأول واليوم الثاني …وهكذا كل هذا غير صحيح ومكذوب ، وهذه الأحاديث نقلا عن الشيخ جوجل يتناقلها الناس ويرسلونها وشير في الخير … هلكونا بهذه الأحاديث المكذوبة وفي الصحيح غنية عن الضعيف والمكذوب .

5- من الأعمال الصالحة : تجديد النية في المباحات :
مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله،(يقصدون يخرج في الجيش للقتال ) فقال صلى الله عليه وسلم: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان).
وأنت خارج في الصباح تركب المواصلات لتذهب للعمل جدد النية لله أنك في سبيل الله ؛ كما قال تعالى : ” وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ” يسافر يعمل يتاجر يشتري يبيع فهنا جعل كل ذلك من العبادة .
وما تنفقه على الطعام والشراب لأولادك وسائر نفقات البيت جدد النية لله ، مصاريف البيت والملابس والإيجار والمدرسة جدد النية لله .
الرسول قال : ” ” دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ” .
جدد النية لله ! لا تمن فيبطل ثواب هذه النفقة إنما اجعل صدرك متسعا طالما أنك تنفق كما قال الله تعالى : ” وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا”

6- من الأعمال الصالحة : سنة الأضحية :
من كان يملك ثمن الاضحية جدد النية لله والأضحية سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ، وهي سنة الخليل إبراهيم وفيها توسعة علينا وعلى أبنائنا ، ومشاركة لجميع المسلمين في الفرحة غنيهم وفقيرهم .
والأضحية تجزؤك إذا ذبحتها هنا وتجزؤك إذا وكلت أحدا في بلد من بلاد المسلمين بل هم أحوج منا لهذه الأضحية .
لذلك معنا من يوكل هيئات الإغاثة هنا ليذبحوا في الاماكن الفقيرة ، وإن كانت الأمة الإسلامية تعاني من الفقر والجوع في كل مكان ، عندنا فائض كبير في اللصوص الذين سرقوا مقدرات الأمة وجعلوا العباد يشكون إلى الله من الفقر والجوع !!! الله المستعان .

فربما هم أحوج ؛ لا أقول نمنع هنا ونعطي هناك ، لكن الحمد لله منا من يذبح هنا فيقيم الشعيرة ،ومنا من يوكل في مكان آخر فيقيم أيضا الشعيرة.

ولا يلزم أن ينطق الذابح للأضحية اسمك عند الذبح ،  ولا يلزم أن تشهد الذبح كما يعتقد البعض …فأنت توكل من وكلت من هيئات الإغاثة والله تعالى يعلم فلا داعي لذلك ، أنت أخرجت المال لله وهي خالصة لله .
وماذا عن حديث ” ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره) ؟ هذا كله على سبيل الاستحباب لأن الأضحية سنة فما تعلق بها فهو سنة ، ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي ، فقد قال الله تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ )

طيب ماذا عمن من شق عليه ؟ ، من آذاه شعره فحلق أو قصر ؟ لا إشكال في ذلك ، والأضحية صحيحة إن شاء الله ولكن هذا من تمام الأضحية .

ألقيت هذه الخطبة بمركز الجسر بمدينة لافال بكندا يوم الجمعة الموافق 2‏/9‏/2016


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم