حكم العجز عن التوبة برد حقوق العباد
اعلم انه من شروط التوبة ان ترد المظالم لأهلها سواء مادية او معنوية. معنوية. ماذا ان كان المرء لا يستطيع ذلك هل له من توبة؟
التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة ، وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، ويجب أن نَعلم أن التوبة واجبة على كل مسلم لقوله تعالى : ( يَا أيُّها الذين آمَنوا تُوبُوا إِلى الله توبةً نصوحاً ) التحريم/8 ، وأن الله تعالى يفرح بتوبة التائبين مع غناه عن طاعتهم ، وأخبر أنه يحب التوابين , فقال تعالى : ( إِنَّ الله يُحبُّ التَّوابين وَيُحبُّ المتطَهِّرين ) البقرة/222 .
والمعتدي على الناس إما أن يكون اعتداؤه على حقوقهم المادية وإما على حقوقهم المعنوية ، وفي كلتا الحالتين هو متعدٍّ على أحكام الشرع .
وعليه : فيحتاج لتوبة صادقة فيما بينه وبين ربه تعالى ، ويحتاج لإرجاع الحقوق إلى أهلها ، أما المعنوية فيكفيه – مع التوبة الصادقة – أن يستغفر لهم ويدعو لهم بخير إن كانوا لم يعلموا بظلمه لهم , كما لو اغتابهم , فإن وصلت إليهم فعليه الاعتذار لهم وطلب العفو .
وأما الحقوق المادية فلا تكفي التوبة بينه وبين ربه ولا يكفي معها الدعاء له ، بل يجب إرجاع هذه الحقوق المادية لأصحابها ، فإن لم يجدهم ردها لورثتهم .
فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بصاحب هذه الحقوق فليتصدق بها عنه ، وإن كان عجزه لفقرٍ فيُرجى إن كانت توبته صادقة أن يؤدي الله تعالى ، ويرضي صاحب الحق ، وإن شاء الله ذلك لم يعاقبه لا في القبر ولا في الآخرة .
وأما مع عدم التوبة فإن الله تعالى يعطي صاحب الحق من حسنات المعتدي ، فإن فنيت حسناته أُخذ من سيئات المظلوم وألقيت على المعتدي ، وهذا هو الإفلاس الحقيقي ، مع ما قد يعاقبه الله تعالى به بسبب تعديه على الشرع .