خواطر في وفاة والدتي – رحمة الله عليها-

تاريخ الإضافة 3 September, 2024 الزيارات : 157

خواطر في وفاة والدتي – رحمة الله عليها- 

 

مقدمة:

نعيش في هذه الدنيا قدر ما نعيش ونسعى إلى أجلنا الذي قدره الله لنا جميعا صدق الحق سبحانه حينما قال: ﴿ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك 2]

فهذه الدنيا دار ابتلاء واختبار ما جئنا فيها للخلود ولا للإقامة الدائمة إنما جميعنا وجودنا مؤقت، ومن الأشياءالتي تنبهنا على هذه الحقيقة كل يوم: موت الأحباب والأقارب والأصدقاء والإخوان فترى هيبة الموت ونهاية الحي وتحوله من سميع بصير إلى جثة لا تتحرك ولا تتكلم.

ونحن حينما نشهد هذه المشاهد إنما هي دعوة لنا جميعا ليراجع كل واحد منا نفسه ماذا أعددت للقاء الله سبحانه وتعالى؟

كيف ألقى ربي جل وعلا ؟

هل أنا على حال طيب ألقى عليه الله سبحانه وتعالى؛ أم أنا مقصر وعاص؟

هل هناك من معاص تحتاج إلى توبة أو فرائض أنا مقصر فيها تحتاج إلى استكمال؟

هل أنا عندي تقصير في مسارعة بالخيرات تحتاج إلى انتباه من غفلة؟

وهكذا حينما ندرك هذه الأسئلة كلها والإجابة عليها ندرك كيف نحدد المسار وكيف نتجه في هذه الحياة إلى أجلنا المحتوم.

وقد نزل جبريل الأمين على النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات قال: (يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزى به وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعلم أن شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه استغناؤه عن الناس)

فهذه والله حقيقة أعظ بها نفسي وأذكر بها إخواني أننا لن نخلد في الدنيا وأن لنا أجلا نمضي إليه ونسعى إليه يوما بعد يوم، فكلما زدنا يوما في هذه الدنيا نقصت أعمارنا واقتربت آجالنا.

وفاة والدتي -رحمة الله عليها-:

في الأسبوع الماضي عايشت أحداثا عصيبة وشديدة كانت نهايتها بالأمس بوفاة والدتي -رحمة الله عليها- (توفيت يوم الخميس 11 صفر 1446 الموافق 15 أغسطس 2024) والتي كانت قد أصيبت منذ عدة أشهر بالسرطان، ولكبر سنها لم يستطع الأطباء فعل شيء معها إلا المسكنات، وبدأ السرطان يفتك بها ويشتد عليها ويزداد يوما بعد يوم، حتى كانت تغيب عن الوعي، وطبعا الواحد فينا وهو في هذه الغربة يتابع الأخبار يوما بيوم، وساعة بساعة، وهو يترقب أي خبر، ومتوقع أي شيء…

مرضت اشتد المرض في وعيها غابت عن وعيها ذهبوا بها إلى المستشفى رجعوا بها من المستشفى سبحان الله وبحمده!

 وأنا أقول هذه الخواطر تذكرة لنفسي ولإخواني لأن الواحد منا في هذه الظروف العصيبة لا يملك إلا أن يستغيث بالله ويلوذ بالله عز وجل وستعين به فهو خير معين.

والقلق والتوتر هذه مسألة فطرية في الإنسان ولا يعيب المؤمن في إيمانه أن يقلق أو يتوتر ولكن نجعل قلقنا سببا للقرب من الله سبحانه وتعالى.

وقد تعلمت عدة أمور من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم عند الشدائد أذكرها تذكيرا لإخواني:

1- الصلاة عند الشدائد:

استشعرت معنى إيماني وهو أن المسلم إذا اشتد به القلق يقوم ويتوضأ ويصلي يجعل الله الصلاة بردا وسلاما على القلب في هذه اللحظات العصيبة، وهذا نجده في قول الحق تبارك وتعالى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 153]

والله يا إخواني أقول وطبعا هناك فارق بين الكلام المرسل وبين من يعايش الأحداث، أقول : ما وجدت فرارا من القلق والتوتر كاللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالصلاة وسؤال الله عز وجل والانكسار بين يديه … بعدها يجعل الله تعالى في قلبك سكينة الرضا بشكل لا تتوقعه وهذا إمامنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر أي اشتد عليه أمر من أمور الدنيا فزع إلى الصلاة .

وكلمة فزع تبين مدى لهفة المؤمن ليفزع إلى الله الذي بيده كل شيء سبحان الله!

 وكان الأطباء يقولون إن من العجيب بعد اشتداد المرض عليها أنها تنام فترات طويلة بدون منوم وهذا شيء مستبعد بالنسبة لحالتها فقلت في نفسي هذه رحمة من الله ولطف منه سبحانه أن ينزل عليها النوم؛ فالمسلم يجد مع البلاء لطف الله عز وجل وكيف أن الله تعالى يبتلي عبده ليرفع درجته وينقيه ويقربه لا ليعذبه ويجعل الله الرقة في قلوب من حوله والتعلق بالله سبحانه وتعالى.

2- لا شفاء إلا شفاؤك:

أيضا من الأشياءالتي استشعرتها إخواني اكتشاف مدى ضعف الإنسان ومهما بلغ الطب ما بلغ ومهما بلغ الأطباء ما بلغوا من العلم ومعرفة الأدوية لكن ما زال هناك أمراض كثيرة وحالات كثيرة يقف الطب أمامها عاجزا مكتوف اليدين حتى يعلم العباد جميعا أن الشافي هو الله وأن كل هذه الأدوية والأطباء كلها أسباب نتعلق بها تعبدا لله.

فالشافي هو الله سبحانه وتعالى ونعلم أن أي داء خلقه الله تعالى جعل له دواء إلا الموت لا يستطيع أحد له دفعا فلا يستطيع طبيب ولا مستشفى مهما كانت تجهيزاته أو خبرته أو أدويته لا يستطيع أن يؤخر من قضاء الله شيئا سبحان الله!!

3- ذكر الله تعالى:

ومن الأشياء التي تربط على القلب في هذه الشدائد ذكر الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل قال لنبينا ﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ وٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحجر: 97-99]

كانت الاتصالات كلها تأتي بأخبار سيئة فيضيق الصدر فعلا ويشعر الإنسان أنه ما بين لحظة والأخرى تعلن الوفاة لكن الواحد كان يمنّي نفسه لعل في العمر بقية لعل الله يقدر شيئا.

قول: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) هذا له أثر كبير على القلب والله في التثبيت وفي الهدوء النفسي، وأيضا قول: لا حول ولا قوة إلا بالله التي علمنا إياها النبي وأنها كنز من كنوز الجنة ، لأنك تستسلم لله، وتفوض الأمر لله يدبره كيفما شاء لثقتك أن الله له تدبير يفوق تقديرنا ويفوق توقعنا.

وفي فضلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “دعوةُ ذي النون إذ دعا ربهُ وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدْعُ بها رجل في شيء قطُّ إلا استجاب له” رواه الترمذي وصححه الألباني.

 4- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

أيضا التعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان يرن في أذني حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. قال قلت الربع؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت النصف؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قال قلت فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك.

كنت أحتار والله بم أدعو وماذا أقول لها وقد أعلن الأطباء في الأسبوع الأخير يأسهم من شفاء الحالة؟

  هل أدعو لها بالشفاء؟ هل أدعو لها بالرحمة؟ بماذا أدعو؟

لأن الحالة كانت صعبه ومتأخرة فتذكرت أبي بن كعب الذي كان يخصص ساعة للدعاء فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيجعل ربع صلاته أي دعائه للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فما زال النبي يستزيده حتى قال له: إذن اجعل لك صلاتي كلها قال: إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك.

سبحان الله تستشعر معية الله وأنت تصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم بنيه الفرج وبنية زوال الهم؛ فالصلاة على النبي والإكثار منها دائما.

5- والمبطون شهيد:

كنت أحدث نفسي هل إذا ماتت بهذا السرطان فهل تكون لها درجة الشهادة؟

فشاء ربك قبل وفاتها بيومين أن تصاب بسبب السرطان بانسداد في الأمعاء وبدأت المعدة تتوقف عن العمل فوضعوا لها خراطيم لسحب الفضلات، فسبحان الله قلت: قد أراد الله رفع درجاتك يا أمي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والمبطون شهيد) فمن مات بداء البطن فهو شهيد، وعلمت أن شدة البلاء وشدة الألم إنما هو لرفع الدرجة عند الله سبحانه وتعالى، وكنت قد سمعت بعض العلماء يقول: إن العبد يكون له درجة عند الله في الجنة لا ينالها إلا بشديد الابتلاء، ولذلك دائما نحتسب عند الله كل ألم وكل هم وكل بلاء وكل شدة في هذه الدنيا؛ حتى علمنا النبي أن الشوكة نشاكها لنا فيها أجر عند الله سبحانه وتعالى.

 هل من مات بسبب السرطان يعد شهيدا ؟

الموت بمرض السرطان شهادة لأن مريض السرطان مثل مريض الطاعون والبطن والسل، وهذه الامراض ورد فيها نص عن رسول الله، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الشهيد فيكم قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال إن شهداء أمتي إذاً لقليل قالوا فمن هم يا رسول الله قال من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد. رواه مسلم.

والمتتبع لأصناف الميتات المذكورة في الأحاديث يجد أن فيها شدة، ويكون فيها المشرف على الموت حاضر العقل واعياً، متحسساً لآلامها، فبذلك يكون شهيداً على نفسه يوم أن يلقى الله تعالى، وكل ذلك زيادة لأجورهم وتكفيراً لذنوبهم، فيبلغوا مراتب الشهداء التي أعلاها القتل في سبيل الله.

وسبب إطلاق لفظ الشهادة على هذه الميتات، ما فيها من شدة الألم، فتفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لها تمحيصا لذنوبها، وزيادة في أجورهم، حتى يبلغهم بها مراتب الشهداء.

وقد وضع بعض العلماء ضابطاً للشهيد فقال: “كل من مات في عِلَّةٍ مُؤْلمةٍ متماديةٍ، أو مرضٍ هائلٍ، أو بلاء مفاجئٍ، فله أجر الشهيد، فمن النوع الأول: المَبْطُون، ومن النوع الثاني: المَطْعُون، ومن الثالث: الغريق”.

 ومرض السرطان بما ينتج عنه من آلام شديدة، يظل يعاني منها المصاب به مدة طويلة، إما أن يكون داخل في الأمراض السابقة بالنص، من خلال ما فسرت بها هذه الأمراض، أو بالمعنى لتحقق العلة التي ذكرها العلماء، بجعل هذه الأمراض موصلة للشهادة، وفضل الله واسع .

ولكن من شروط نوال أجر الشهادة الصبر على المرض، واحتساب العبد آلامه ومرضه عند الله تعالى، وأن لا يكون ذلك المرض بسبب تناوله الدخان أو المخدرات أو الخمور ، وغيرها من المحرمات ، إلا أن يكون قد تاب من ذلك توبة نصوحاً ، وامتنع عن تناول تلك المحرمات.

6- الصبر عند الصدمة الأولى:

عند تلقي الخبر رغم أن الواحد عنده توقع وترقب أن قضاء الله نافذ وأنها مسألة ساعات -كما قال الأطباء – لكن وقع الخبر صعب على النفس جدا ، وسبحان الله العبد ساعتها يحتاج إلى تثبيت من الله سبحانه وتعالى فبعد أن مرت الساعات الأولى من تلقي الخبر و الحزن الشديد تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) والله فعلا الصدمة الأولى عند تلقي الخبر أصعب ما تكون على الواحد فينا رغم أننا كنا نتوقع أن هذه هي النهاية، ونتوقع أن الموت بعد ساعات، لكن نحن بشر لحم ودم، لسنا ربوتات ولا أحجار فيقع علينا الخبر فيكون من صعوبته أن يفقد  الإنسان منا توازنه ويفقد تفكيره ويفقد تركيزه لكن هنا الاعتصام بالله الاسترجاع تذكير نفسك بالآيات ( إنا لله وإنا إليه راجعون) فإن الله تعالى قال: ﴿ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ﴾ [البقرة: 156-157]

فالإنسان يردد هذه الكلمات عن يقين وعن بصيرة مع الدعاء (اللهم اربط على قلبي) والله هذا الدعاء مهم جدا لأنك تشعر ساعاتها وكأن القلب يضطرب ويتحرك من مكانه ويصل إلى أعلى درجة من درجات الالم وعصرة الألم.

 لكن كما قلت (لا نقول إلا ما يرضي الله) وكنت أتمثل نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يحمل ابنه إبراهيم بين يديه وقد مات فقال: والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الله وإنا لله وإنا إليه راجعون)

 والله يا إخواني في هذا الموقف نتعلم أدب العبودية من نبينا صلى الله عليه وسلم، فالانفعالات البشرية الطبيعية لا يحاسب الله عليها… العين تدمع رغما عنك هذا انفعال طبيعي والقلب يحزن فعلا القلب حزين مضطرب مرتجف، ولكن على الرغم من هذا لا ينطق لساننا أبدا بما يسخط الله… هذه الاقدار لا نتلقاها إلا بالتسليم والرضا عن الله عز وجل ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولا شك أن الإيمان ينفع صاحبه عند هذه الشدائد والتثبيت من الله ومعرفة كيف تتصرف في هذه المواطن الصعبة العسيرة لتمر الأزمة بسلام وتنال رضا الله لأن مصيبة الموت ستقع ستقع وإذا وقعت لا مرد لها فصبرنا أو لم نصبر لا راد لقضاء الله… فالموت قضاء الله النافذ (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) لكن نفوز بالصبر والرضا عن الله وعن قدر الله عز وجل ونفوّض الأمر لله ونستسلم له سبحانه وتعالى.

7- وجود الوالدين في هذه الحياة الدنيا كنز عظيم :

فمن كان أحد والديه أو كلاهما على قيد الحياة ينبغي أن يحرص على أن يفوز ببرهما ، واحذر من إغضابهما … واحذر من العقوق ،ومن القول السيء، أو الغليظ، احذر من الجفوة ، لا تجعل الغربة تقسي قلبك، وتهجر الاتصال فتتصل كل عدة أشهر مرة؛ فوالديك لهم حق عليك.

وفي الحديث لما صعد النبي على المنبر وقال آمين ثلاث مرات منها خاب وخسر من أدرك والديه أحدهما أو كلاهما ولم يغفر له.

فاحرص على التواصل واحرص على أن تنال الدعوات منهما ،واحرص على برهما والإحسان إليهما.

ويا للأسف الكثير منا لا يفيق إلا بعد وفاة الوالدين ويتساءل ماذا أفعل بعد وفاتهما أريد حفر بئر أريد المشاركة في كذا أريد ….

 يا أخي إذا كان والداك على قيد الحياة فلهما منك كل إحسان وبر، فلا تفكر فقط في الإحسان والمعروف بعد الوفاة.

 كن حريصا على ما هو أكثر من ذلك بإسعادهما وتفقد أحوالهما بالاتصال والزيارة كلما تهيأ لك الأمر.

 و دائما يستشعر المسلم في كبر الوالدين مدى الحاجة ومدى الاحتياج إلى أولادهم ومدى الفرحة لما يتلقوا اتصالا منك أو هدية ، فلا تبخلوا ونحن في هذه الغربة تصيبنا الجفوة وربما قسوة المشاعر لا تغفلوا ذلك أبدا .

ولو قصرنا في حق أي أحد من أرحامنا لا نقصر أبدا في حق والدينا طالما أنهم على قيد الحياة.

فيموت من يموت منهم يوم أن يموت وقد فزت ببره وفزت بدعواته الصالحة وكل من كان له أب أو أم من الأموات لا ينساه أبدا في دعائه كما علمنا الله (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن بر الوالدين بعد موتهما قال الصلاة عليهما (الدعاء) والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما وصله الرحم التي لا توصل إلا بهما.

 اسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الوالدة بالرحمة والمغفرة وأن يرحم جميع موتى المسلمين وأن يسكنها فسيح جناته اللهم آمين.

أخيرا تذكر مصابك بأهل غزة:

إن استشعار موت الأهل وموت الأحباب شعور صعب جدا على النفس، ولذلك سبحان الله تأسيت بإخواننا في غزة أهل العزة …غزة الآن دخلت شهرها العاشر في الحرب وتجد أحدهم مصاب في أبويه أوفي زوجته أوفي أولاده وهو صابر محتسب .

وسبحان الله أحد الإخوة من غزة يقول أنه حصل اتصال بينه وبين أحد أقاربه فقال: إنهم يقومون بعدّ الشهداء يقول مات من عائلتي عشرين شهيدا والآخر يقول ثلاثين شهيدا … قلت سبحان الله سبحان الله والله الواحد  بعد فقد أمه يستشعر ألما شديدا فما بالنا بمن يرى الموت في أقرب الأقربين، وهو أيضا مشروع شهادة في هذه الحرب الجائرة مع التشريد والجوع العطش والحصار، فلكم الله يا أهل غزة وآجركم الله في مصابكم الكبير الذي لم يتوقف طوال العشرة أشهر الماضية .

فنغبطهم في الله على ثباتهم وعلى إيمانهم وعلى الرضا والاحتساب عند الله عز وجل.

فتذكر أهلنا في غزة يهون علينا مصابنا جميعا.

نسأل الله سبحانه وتعالى لجميع موتانا المغفرة والرحمة وأن يربط الله تعالى على القلوب، ونسأل الله تعالى لإخواننا في غزة أن يجعل لهم فرجا قريبا وفتحا مبينا وأن ينصرهم نصرا عزيزا.اللهم آمين.

تعليق واحد


  • د.خالد الطويل

    البقاء لله وحده وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اغفر لها وارحمها وأسكنها فسيح جناتك مع خالص العزاء


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 May, 2024 عدد الزوار : 991 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين