1- أسماء سورة الفاتحة
سورة الفاتحة: آياتها سبع آيات، وكلماتها 25 كلمة، وحروفها 113 حرفا؟
وهي مكية، والدليل على ذلك: أن الصلاة فرضت بمكة .
أسماؤها
سورة الفاتحة لها أسماء كثيرة، وذلك من دلائل فَضْلِها، وعَظَمَةِ شأْنها، والعرب تقول كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى.
ومن أسمائها:
1- فاتحة الكتاب
وهو أكثر الأسماء وروداً في الأحاديث والآثار الصحيحة، ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب”، وقد سميت بالفاتحة لأنها:
- يفتتح بها كتاب الله، فهي أول سورة في ترتيب المصحف.
- تفتتح بها الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بها.
- تفتتح بها المجالس والأدعية، كثير من الناس يبدؤون بها تفاؤلًا واستفتاحًا للخير، وهذا لا حرج فيه.
وترتيب السور في المصحف ليس اجتهادًا بشريًا، بل بأمر الله، وكان جبريل عليه السلام يُعارض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام في رمضان، أي يُراجعه معه، وفي العام الأخير عارضه القرآن مرتين.
2- أم القرآن
ودليل هذا الاسم :ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم”
وفي صحيح مسلم من حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام” [1]
والمقصود بأم القرآن هنا سورة الفاتحة ، وسميت “أم الكتاب” لأن: أم الشيء تعني قلبه وأصله ومجمعه.
كما نقول “أم الرأس” للنقطة التي في وسط الرأس، ونقول عن مكة “أم القرى” ، لأنها في قلب العالم، ومن أعظم وأشرف البقاع ، وأهم جزء في الكلام يُقال عنه : “أمّ الكلام”، أي خلاصته.
والخلاصة أن “أم الشيء” في اللغة تعني قلبه، ومجمعه، ومقدمته، وموضع أهميته.[2]
وبناء على هذا المعنى، فإن الفاتحة جمعت معاني القرآن، فهي أمّه وأساسه، وتسميتها بأم القرآن لتضمنها أصول معاني القرآن؛ فهي أم القرآن باعتبار أن ما تضمنته من المعاني جامع لما تضمنته سائر سورِهِ؛ ففيها حمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده وإفراده بالعبادة، والاستعانة وسؤاله الهداية التي من وفّق لها فهو من الذين أنعم الله عليهم من عباد الله الصالحين السائرين على الصراط المستقيم قد نجّاه الله من سلوك سبل الأشقياء من المغضوب عليهم والضالين .
وسائر سور القرآن الكريم تفصيل وبيان لهذه المعاني، واحتجاج لها بأنواع الحجج، وضرب الأمثال والقصص والعبر التي تبين هذه المعاني وتجليها.
3- أم الكتاب
وقد ورد في هذا الاسم أحاديث منها:
ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن أبي قتادة ،عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب .
قال البخاري في صحيحه: (وسميت أم الكتاب أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة).
والكلام في معنى هذا الاسم نظير ما تقدّم من القولين في اسم “أمّ القرآن»، والصواب الجمع بين المعنيين لصحّتهما، وصحّة الدلالة عليهما ، وعدم تعارضهما.
4- السبع المثاني
وقد استُدّل لهذا الاسم بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87] ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بالسبع المثاني في هذه الآية سورة الفاتحة ؛ كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم” رواه البخاري .
والمراد بالسبع المثاني: آياتها السبعة، وسميت مثاني لأنّها تُثنى أي تعادُ في كلِّ ركعة، بل هي أكثر ما يُعاد ويكرر في القرآن.
5- القرآن العظيم
ودليل هذا الاسم ما تقدّم من أحاديث: (هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته)
والمراد به سورة الفاتحة، سميت بذلك لأن معانيها جمعت مقاصد القرآن كله؛ فأُطلق عليها “القرآن” من باب إطلاق الكل على الجزء تعظيمًا .
6- الصلاة:
لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي» الحديث رواه مسلم وسيأتي عند الحديث عن فضلها.
والمقصود بالصلاة هنا: الفاتحة، من باب تسمية الجزء باسم الكل، لأنها:أشرف ما في الصلاة، أو لأن الصلاة لا تصح إلا بها، أو لأن فيها دعاءً وثناءً، كما في الآية:﴿وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم﴾ [التوبة :103]
7- سورة ﴿ الحمد لله رب العالمين﴾
وهذا من باب تسمية السورة بأول آية فيها، ولهذا نظائر كثيرة في أسماء السور؛ كسورة ﴿قل هو الله أحد﴾، وسورة ﴿هل أتى على الإنسان﴾، ومن أدلّة هذا الاسم: حديث البخاري” الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»
8- الرقية:
لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “وما يدريك أنها رقية» ؟
وبعض العلماء أوصل أسماءها إلى أكثر من خمسة وعشرين اسمًا، لكن الصحيح أن نقتصر على ما ثبت فيه الدليل.
[1] الخداج هي الناقصة، يقال: طفل خديج إذا ولد غير تام الخلقة أو قبل أوان ولادته، والعرب تسمي ما يولَد قبل تمامِ حملِه خديجاً وخديجة.
[2] ومن الطريف أن البعض إذا سمع عبارة “مصر أم الدنيا”، قال مازحًا: “ ومن أبوها؟“، وهذا من باب المزاح، لأن “أم” هنا ليس المقصود به المعنى الحرفي للأبوة والأمومة، ووصف مصر بأنها “أم الدنيا” هو تعبير إعلامي لا دليل شرعي أو لغوي صريح عليه، إنما هو تعبير تقريبي نسبي؛ فكل إنسان يحب وطنه، ويراه أعزّ مكان في عينه، ولا حرج في ذلك.