تفسير سورة الفاتحة: 2- فضل سورة الفاتحة

تاريخ الإضافة 18 يونيو, 2025 الزيارات : 140

2- فضل سورة الفاتحة

صحّ في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة دلَّت على أنّها أعظمُ سُوَرِ القرآن، فهي سورة مباركةٌ كثيرة الفضائل، عظيمة القَدْر، جليلة المعاني، ومن الأحاديث الصحيحة الصريحة في فضلها:

1- حديث نزول الفاتحة وخواتيم البقرة

روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ( بينما جبريل عليه السلام جالسٌ عند النبي ﷺ، سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء قد فُتح اليوم، لم يُفتح قطّ إلا اليوم. فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم.

 فسلّم وقال: أبشر بنورين أُوتيتهما لم يُؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعطيته.”

 النقيض: هو الصوت الذي يحدث من حركة أجزاء السقف، كصوت الخشب حين يتحرك.

هذا الحديث فيه ثلاث بشارات عظيمة :

البشارة الأولى: عِظم النور الذي جاءت به سورة الفاتحة

  • فهي نورٌ عظيم، لأنها تبصّر العبد بربه وأسمائه وصفاته، وتوقظ في قلبه محبة الله وخوفه ورجاءه.
  • وتُعرّف المؤمن بمقصد وجوده في هذه الحياة، وأنه خُلق لعبادة الله وحده لا شريك له.
  • وتُعلّمه الافتقار إلى الله، وأنه لا ينجح في شأن من شؤونه إلا بعون ربه وتوفيقه.
  • وترشده إلى طريق الهداية، وتُعرّفه بصفات المهتدين، وحالهم، وعاقبتهم الطيبة.
  • وتنبهه إلى أن الفلاح الحقيقي لا يكون إلا بالعلم النافع والعمل الصالح.
  • وتحذّره من طريق المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به، ومن طريق الضالين الذين عملوا بغير علم.

فهي سورة تجمع أصول الدين، وتحيي قلب العبد، وتنتظم معانيها شؤون حياته كلها.

البشارة الثانية: خصوصية الأمة بها دلالة على تكريم الله لنا:

إن إنزال سورة الفاتحة تشريفٌ خاصٌ لأمة محمد ﷺ، لم تُعطَ مثلها أمة قبلها، وهذا التكريم الرباني يستدعي من أهل هذا الفضل أن:يفرحوا بنعمة الله، ويشكروا هذا الفضل العظيم، ويعملوا بهداياته، فمن تلقى هذه الكرامة بالشكر والاتباع، كانت له نورًا ونجاة في دنياه وآخرته، ومن أعرض عنها، كانت عليه حسرة وندامة.

البشارة الثالثة: أن الدعاء بها مستجاب

في الحديث: لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعطيته.

المراد بـ “الحرف” هنا ليس الحرف الأبجدي فقط، بل الكلمة والجملة، سواء كانت طلبًا كـ “اهدنا الصراط المستقيم” أو خبرًا كـ “الحمد لله رب العالمين”.فالطلب يُجاب، والذكر يُثاب عليه العبد.

2- أعظم سورة في القرآن:

عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته فقال: “ما منعك أن تأتيني» ؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي قال: ألم يقل الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) [الأنفال: 24] ثم قال: “لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» قال: فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ؟

قال: “نعم الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» رواه البخاري

وورد قريب من هذا المعنى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبيّ بن كعب، وهو يصلي فقال: يا أبيّ، فالتفت ثم لم يجبه، ثم قال: أبي، فخفف أبيّ ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك أي رسول الله قال: وعليك السلام ما منعك أي أبيّ إذ دعوتك أن تجيبني، قال: أي رسول الله إني كنت في الصلاة قال: أولست تجد فيما أوحى الله تعالى إلي (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) قال: بلى يا رسول الله لا أعود قال أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟

قلت: نعم أي رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو ألا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني وأنا أتبطأ مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث، فلما دنونا من الباب قلت: أي رسول الله ما السورة التي وعدتني؟

قال: ما تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأت عليه أم القرآن قال: والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها إنها السبع المثاني.

3- قصة رقية أبي سعيد الخدري بها:

 روى البخاري عن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:انطلق نفر من أصحاب النبي ﷺ في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يُضيّفوهم.

فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعل أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء، لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن – والله – لقد استضفناكم فلم تُضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة.
قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا،
فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي ﷺ فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا،
فقدموا على رسول الله ﷺ فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا.”

وفي بعض روايات مسلم لهذا الحديث أن أبا سعيد الخدري هو الذي رقى ذلك اللديغ.

قال النووي: أما قوله صلى الله عليه وسلم: «واضربوا لي بسهم » فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغةً في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه(.

4- قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين قال الله: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» رواه مسلم

والمراد بلفظ الصلاة القراءة كقوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) [الإسراء: 110] أي بقراءتك.

5- لا تصح الصلاة إلا بها

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب » متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج » ثلاثا غير تمام.

خبر نزول سورة الفاتحة: عِظم الشأن ورفعة المقام

كان لنزول سورة الفاتحة شأنٌ عظيم يبيّن مكانتها وفضلها، ويُلفت الانتباه إلى ما ينبغي أن تُتلقى به هذه السورة المباركة من تعظيم وتكريم وقبول.

Visited 47 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع