تفسير الفاتحة: 21- الصراط المستقيم ومنهج السلف

تاريخ الإضافة 9 يوليو, 2025 الزيارات : 166

 21- الصراط المستقيم ومنهج السلف

ما هو الصراط المستقيم؟

ذكرنا أن معنى الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الواسع الممتد الذي يقصد به الطريق إلى الله، وهذا الطريق لا نقطعه بأرجلنا إنما نقطعه بقلوبنا وأعمالنا.

ثم اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو المتابعة لله وللرسول.

فمن هذه الأقوال:

  • هو النهج الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.
  • هو القرآن الكريم .
  • هو الإسلام.
  • هو الحق.
  • هو النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحباه أبي بكر وعمر.

قال الحافظ ابن كثير: «وكل هذه الأقوال صحيحة، وهي متلازمة، فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم، واقتدى باللذين من بعده أبي بكر وعمر، فقد اتبع الحق، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن، وهو كتاب الله وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضا، ولله الحمد.«تفسير ابن كثير » (1/ 139)

وقد فسر النبي الصراط بالإسلام فقال: (ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك، لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه. فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم.) رواه الإمام أحمد في مسنده

والبعض يحصر مفهوم الاستقامة والتدين الصحيح في السلفية فقط ، وهذا يدفعنا للحديث عن تعريف هذا المصطلح.

مفهوم السلفية وتاريخها:

السَّلَف في اللغة: هو ما مضى وانقضى، وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون. جمع سالف وهو كل مَن تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أو الفضل. ومنه قول الحق تبارك وتعالى: “وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ”[ سورة النساء، آية 22] أي إلا ما قد مضى.

واصطلاحا: هي اسم لمنهجٍ يدعو إلى فهم الكتاب، والسنة بفهم سلف الأمة، والأخذ بنهج، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته، والتابعين، وتابعي التابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله، ومما صح من حديث النبي-صلى الله عليه وسلم-

ويعود أصل التسمية إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.)

وهذا المعنى هو ما يأتي في إطلاق علمائنا الإجلاء لكلمة (السلف) قال أحد السلف… قال بعض السلف ….ورد عن السلف الصالح…الخ.

 فالمقصود بها هذه القرون الثلاثة الفاضلة، قرن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته ثم التابعين ثم تابعي التابعين.

إذن السلفية معناها العودة إلى النبعين الصافيين: الكتاب والسنة، ونتبع ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم صحابته الكرام ، الذين أنزل عليهم الوحي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم الذين تربوا على يد هؤلاء (التابعين)، وتعلموا منهم ثم من تربوا على يد هؤلاء (تابعي التابعين).

تاريخ مصطلح السلفية:

هذا المصطلح لم يكن متبلورا بالمعنى الاصطلاحي الحالي إلا بعد ظهور طائفة تسمى طائفة المعتزلة، وهذه الطائفة من أشهر آرائها تقديم العقل على النقل، يعني أي آية في كتاب الله أو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم تتفق مع عقولهم يتأولونها أو يردون الحديث.

 وكان من ضمن مصائبهم قولهم: بأن القرآن ليس كلام الله؛ لأنه لو قلنا: إن القرآن كلام الله معنى ذلك أن الله يتكلم وأن الله يشبه خلقه، فالقرآن ليس كلام الله… القرآن مخلوق كالجن والإنس والملائكة والسماء والأرض(هكذا زعموا)

وكان أحد المتأثرين بهم خليفة من خلفاء الدولة العباسية اسمه (المأمون) كان متأثرا بالفلسفة والعلوم اليونانية علوم الإغريق وكان يعطي على الكتاب المترجم في الفلسفة يعطي وزنه ذهبا.

 فتأثر بهم لدرجة أنه اختار وزيره الأول أحمد بن أبي دؤاد كبير المعتزلة في زمانه.

 ولم يكتف بهذا بل امتحن العلماء في القول بخلق القرآن، فمن وافقه نجا ، ومن لم يوافقه يعذب أو يسجن أو يقتل، وهكذا استحلوا الأذى والظلم في أمة محمد وعلمائها.

ولعل أشهر من ابتلي وأوذي في الله الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-.

وبقيت هذه المحنة حتى هلك المأمون وخلفه من بعده المعتصم، ثم ابنه الواثق، ثم تولى المتوكل فرفع الله به المحنة عن أهل السنة وبطل القول بخلق القرآن، وأفرج عن الإمام أحمد وعادت الأمور كما كانت.

فظهر هذا المصطلح لأهل السنة تمييزا لهم عن فرق الضلالة.

واهتموا بثلاثة أصول:

الأصل الأول / التوحيد الخالص لله -عز وجل- :

الإيمان بأن الله عز وجل هو الفاعل لكل شيء وهذا اسمه توحيد الربوبية. وكل عباداتنا ينبغي أن تكون خالصة لله وهذا توحيد الألوهية.

والله تعالى منزه عن التمثيل والتشبيه والتعطيل فهو “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ”. [الشورى، آية 11] وهذا توحيد الأسماء والصفات.

الأصل الثاني/ الاتباع للقرآن والسنة:

لإن الفلسفات الإغريقية واليونانية لما دخلت على الفكر الإسلامي أفسدته. فنحن لا نريد مرجعية من أرسطو ولا أفلاطون نريد مرجعية الكتاب والسنة.

فنرجع إلى النبعين الصافيين وننهل أو نأخذ من حيث أخذ الصحابة الكرام.

ووضعوا لذلك شرطًا قالوا: الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة. لماذا؟

لأننا في زمن -يقصدون هذا الوقت في تقديم المعتزلة -في زمن لا يؤمن على الحي الفتنة، والأفهام قد تبدلت ،وتغيرت بسبب التأثر بالمنطق الأرسطي ، والفلسفات، والترف الفكري، وبروز علم الكلام والجدال إلى آخره.

الأصل الثالث / تقديم النقل على العقل:

ويقصد بالنقل ما ورد في الكتاب والسنة. أي شيء ورد في القرآن أو السنة الصحيحة سواء فهم العقل مغزاه أو لم يفهم يجب على المؤمن أن يقول “سمعنا وأطعنا”.

فالخلل ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله بل الخلل في عقولنا؛ عقولنا لم تتسع لأن تفهم لكن لا يعني هذا رد الكتاب أو رد آيات القرآن أو رد السنة

وهذا الأصل لمخالفة المعتزلة فيما ادعوه بقولهم تقديم العقل على النقل.

هذه الأصول الثلاثة التي بنى عليها مصطلح السلفية في مقابل المعتزلة، ومن وافقهم من الفرق الأخرى.

 بعد ذلك بمدة ظهر شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان في زمانه دالت دولة العباسيين وانتشر التتار… وبدأ يدعو الناس إلى محاربة الخرافات والبدع والعودة إلى الكتاب والسنة، وكان ألد خصومه يا للأسف بعض العلماء الجامدين المقلدين الذين كانوا سببا في سجنه أكثر من مرة ، بحجة أنه خالف ما عليه جماعة المسلمين.

ومرت الأيام لنرى أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان عالما فاهما واعيا مبدعا في فهم الكتاب والسنة ، ومن يقرأ في كتبه وأشهرها كتاب الفتاوى يعلم أن له قدما راسخة في العلم.

السلفية في العصر الحديث:

في عصرنا الحديث اشتهرت كلمة السلفية على مشايخنا وعلمائنا الإجلاء خاصة في السعودية، ومن سار على دربهم في أقطار العالم الإسلامي، وبرز على الساحة الشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين رحمة الله على الجميع.

 لكن يا للأسف صارت السلفية عند بعض المتعصبين أو الجهلة بالحكم الشرعي والخلاف الفقهي في الفروع عبارة عن مظهر محدد، أو شكل بزي محدد، أو عن طريقة خاصة في فهم الدين، وهذا قصور في فهم السلفية، فصار عند بعض الناس -أقول بعض الناس وليس العلماء-، بعض الناس يرى أن السلفية هي لحية، أو السلفية هي لبس المرأة النقاب، أو السلفية هي لبس الثوب الأبيض وتحريم لبس البنطال والكرافت والبدلة، لأن فيها تشبها بالكفرة…. وقصروا كلمة سلف على اتباع مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط، وهذا أيضا فهم خاطئ لمعنى السلفية.

هل أنت سلفي؟

إذا أردنا أن نطلق كلمة السلف أو أن هذا سلفي فهذه تسمية تمييزية عن أهل البدع.

أنا مؤمن موحد بالله؟ أنا أتبع كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا لا أقدم عقلي على كلام الله ولا على كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

وبناء على هذا الوصف لو قرأنا كتب العلماء فإن معنى هذا أن كل علمائنا الأجلاء باختلاف مشاربهم ومواردهم إنما هم من السلف فلا يعقل أن نقول: إن أحمد بن حنبل أو محمد بن عبد الوهاب أو ابن تيمية رحمة الله على جميع علمائنا هم السلف فقط ، ثم نقول إن الشافعي ومالك وأبو حنيفة ليسوا من السلف ، هذا كلام خطأ ، فكل هؤلاء متبعون للكتاب والسنة.

من يقرأ في كتب العلماء وتفريعاتهم الفقهية، وفهمهم لكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلم أنهم مع الدليل يدورون حيث دار، وإن اجتهاداتهم في فروع الفقه مرتبطة بفهم الكتاب والسنة.

قد يصيب هؤلاء العلماء في كثير من القول وقد يخطئون، وقد قعد الأمام مالك قاعدته الذهبية: ( كل الخلق يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار بيده إلى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فعلى هذا المعنى الإمام مالك بن أنس كان سلفيا، والإمام الشافعي كان سلفيا….الخ.

ولعلكم تلاحظون تاريخيا أن الإمام الشافعي تتلمذ على يد الإمام مالك، والإمام أحمد تتلمذ على يد الشافعي.

لم يكن هناك ما يعتقده بعض الجهلة الآن: أن الشافعية لهم دين والمالكية دين ثان والحنفية دين ثالث والسلفية دين رابع، كل هذا قصور في فهم ديننا دين الإسلام ، وفيه تضييق لما وسعه الله .

وفي بعض مسائل الفقه يدعي من لا يفهم أن هذا قول السلف ومن خالفهم فهو مبتدع!! فماذا لو عكسنا الصورة؟

قد يكون الحق في خلاف ما قلت وأنت المبتدع، أي نعم أنت مبتدع لأنك جعلت الخلافات الفقهية كالخلاف في العقيدة يترتب عليه الولاء والبراء، وهناك مناحرات ومساجلات وعداوات تقع بين المسلمين في المساجد، وخارج المساجد، وبين الأصدقاء، وبين طلبة العلم للخلاف في مسألة فقهية، وليس خلافا في الأصول.

وهذا يونس بن عبد الأعلى تلميذ الشافعي قال : اختلفت أنا والشافعي في مسألة(هذا تلميذ وهذا أستاذ) فلما انتهينا أمسك بيدي وقال يا يونس ما علينا لو اختلفنا في مسألة ولم تختلف قلوبنا؟!!

هناك البعض تختلف قلوبهم أو يختلف قلبه ؛بل وتختلف أضلاعه، ويعادي، ويتبرأ، ولا يلقي السلام، لأن هذا مبتدع وهذا فاسق، ويوزع الألقاب على من حوله ما بين بدعة، وفسق ، وجهر بالكبيرة….إن لم يكن تكفيرا والعياذ بالله.

وقد قابلت بعض هؤلاء في المساجد مثلًا لو الإمام جهر ببسم الله الرحمن الرحيم هذه عندهم بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

ومعنى أنك محدث لبدعة فإن الرسول قال: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.

إذا الصلاة باطلة، ويأتي السؤال: هل الصلاة وراء الإمام المبتدع جائزة أم لا؟

وكذلك موضوع اللحية الإمام الحليق الذي لا لحية له ما حكم الصلاة وراءه؟ وهل هو فاسق ترد شهادته؟ وهل هو مجاهر بمعصية وكبيرة من الكبائر؟

 وكان بعضهم لا يرضى بأن يصلي خلف إمام حليق فيقصد مسجدًا آخر. فإذا وافق صلاته في مسجد إمامه حليق أعاد الصلاة!!!

 وأنا والله أذكر وقائع وليست مبالغات.

النهي عن العصبية :

وهذا لا علاقة له بالإسلام ، فقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم-عن العصبية وقال : (دعوها فإنها منتنة)

فسب العلماء وتجريحهم والتنقيب عن نياتهم وتتبع زلاتهم ، ليس أبدا من صفات عباد الله الصالحين.

أن نقصر الاتباع للكتاب والسنة على المذهب الحنبلي فقط ،أو بفهم بعض العلماء الإجلاء فقط هذا قصور في الفهم.

تقسيم الأمة وعلمائها الثقات كلهم إلى سلف ومبتدعة هذا تقسيم وهمي، من وحي خيال الذين لم يدرسوا الفقه ولا العلم ولا جلسوا على أيدي العلماء.

الخلاف في فروع العقيدة والفقه خلاف سائغ:

الخلاف في فروع الفقه مما أذن الله تعالى به لهذه الأمة، سعة منه ورحمة بعباده، كما قال إمامنا -صلى الله عليه وسلم- : (وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان منه فلا تسألون عنها.)

فكثير من الناس مثلا كمسألة الاحتفال بمولد الرسول، يأتي ويقول هذا ليس مذهب السلف.

وهل الاحتفال برسول الله صلى عليه وسلم والاهتمام بالحديث عنه وعن سيرته وأخلاقه بدعة ومعصية وشر وفساد ؟

هذه مسألة فرعية من فروع الدين فيها اختلاف بين العلماء…  والاختلاف فيها مقبول أنت إذا أخذت بقول أحد العلماء ألّا تحتفل -جزاك الله خيرا-.

وإذا أخذت بالرأي الآخر أن أسمع لسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحديث عن أخلاقه، ونحيي في القلوب هذا الحديث؛ فأنا كذلك متبع للسلف وقصدي هو تعظيم ما عظمه الله وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

زكاة الفطر حبوب فقط!!

ونفس الأمر في رمضان، موضوع زكاة الفطر… أحد الإخوة جاءني بعشرة كيلو أرز… وقال هذه زكاة الفطر.

قلت له تعال أين أذهب بها ؟ أين أذهب بعشرة كيلو أرز ؟

قال يعني أنتم لا تعملون بالسنة؟ قلت له من السنة أن تفهم العصر الذي تعيش فيه، فالرسول أمر بزكاة الفطر طعاما ليكون طعمة للمساكين لأن هذا هو المتوفر في زمانهم فقد كانت النقود عزيزة.

لكن إذا كان هناك الفلوس في زماننا سهلة الانتقال والفقير يشتري بها ما يشاء من أغراضه أوفي قضاء ديونه إلى غير ذلك، ما المشكل في ذلك؟

قال إذا أنت تأخذ بقول المبتدعة!!!

قلت له أنا أعمل بقول السلف …. هل تعلم أن هؤلاء المبتدعة -كما زعمت- هم الإمام أبو حنيفة وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وشيخ الإسلام ابن تيمية ورواية في مذهب الحنابلة ورواية في مذهب الشافعية ورواية في مذهب الإمام مالك ؟

قال: كل هؤلاء مبتدعة!!!

هكذا بكل بساطة نرمي كل هؤلاء الأئمة في سلة القمامة، ونقول عنهم مبتدعة هكذا؟ هذا كله والله قصور في الفهم.

هل السلفية هي التشدد في الفتوى؟

هناك مسألة أخرى وهي أن البعض عنده أن السلفية هي التشدد في الدين وفي الفتوى، لما يكون عندنا شيخ كلما سئل عن شيء يقول : حرام بدعة يقولون هذا شيخ ما شاء الله شيخ ممتاز متمسك شيخ صلب هذا هو الدين هذا هو الالتزام والتدين!!! من الذي زعم هذا؟

الإمام سفيان الثوري وهو من سلفنا المباركين قال : (التشديد يحسنه كل أحد؛ إنما الفقه الرخصة من ثقة.)

فما أسهل وأسرع كلمة حرام؟ عندنا النص ثم فقه النص، ثم هناك فقه الواقع الذي نسقط عليه هذا النص.

وقد تكلم في هذه المسألة باستفاضة الإمام ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين، ولو قرأنا في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لرأينا هذا الأمر جليا واضحا.

فلو أن شخصا مغيبا عن الواقع الذي يعيشه أو يغيب عقله ويتغافل ويرمي كل من خالفه من العلماء بالبدعة لأنه لم يوافق هواه، أو إن الشيخ ليس متشددا كما هو يحب، أو متساهل كما هو يكره نقول لك: إن هذا قصور في فهم ديننا.

ووصل الحال إلى أن الصلاة في المسجد الفلاني جائزة والمسجد الفلاني غير جائزة، والشيخ فلان مبتدع والشيخ فلان فاسق والشيخ فلان سلفي والشيخ فلان تلفي!!

كل هذا والله من سبل الشيطان، وتمزيق للأمة الممزقة أصلا.

المدارس الفقهية موجودة عبر التاريخ وان اختلفت الاسماء لكن لم يختلف مسلم أو عالم من العلماء أن الأصل اتباع الكتاب والسنة.

فأي عالم أخطأ نقول له: أخطأت، ما المانع من ذلك؟ لكن لا نتهم نيته ولا نبادر برميه بالفسق أو البدعة أو ما شابه ذلك.

إذن السلفية:

  • لا تعني التشدد.
  • ولا تعني رمي العلماء بالألقاب السيئة.
  • ولا تعني التنقيب عن النيات.
  • ولا تعني الجمود.
  • ولا تعني اباحة دماء المسلمين المخالفين في المذهب ولا تكفيرهم.

السلفية هي عودة المسلم الى المنبع الصافي الكتاب والسنة، بهذا الفهم كلنا سلفيون، وإن كنا في الاصل نحن مسلمون، كما سمانا الله : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) [الحج :78]

والفرعيات وسع المسلمين في كل زمان ومكان من بعد القرون الثلاثة الفاضلة الاولى وسعهم هذا الاختلاف وهذا الاجتهاد؛ فمنهم المصيب ومنهم المخطئ، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (فمن أصاب له الأجران ومن أخطأ له أجر)، والله -سبحانه وتعالى- مطلع على القلوب والنيات .

تقديس المشايخ:

وهذه آفة موجودة في أغلب الجماعات والمدارس الفقهية، وهي موجودة في التاريخ قديمًا وحديثًا؛ وكما قلت وأكرر: لا عصمة لأحد بعد رسول الله. أي إمام من الأئمة أي علم من الأعلام مهما كان لقبه: شيخ الإسلام شيخ المذهب الفلاني إمام دار الهجرة إمام أهل السنة المفتي العام شيخ الأزهر وزير الشؤون الإسلامية سمِّ ما شئت هو بشر يصيب ويخطئ؛ فلا ندعي القداسة لشيخ أبدًا.

بمعنى لو أني بلغني فتوى أو رأي عن شيخ من المشايخ خالف فيه الكتاب والسنة ماذا أفعل؟

الآفة التي هي في كثير من الجماعات العاملة للإسلام هي التعصب للشيخ وتأويل كلامه ومحاولة الذب والدفع عنه بأقصى ما يكون حتى لا يظهر الشيخ أنه أخطأ رغم أني أقول أن خطأ أي شيخ طالما أنه ليس اتباعًا لهوى وليس ناشئًا عن مجاملة لذي سلطان فالرجل له أجر الاجتهاد كما قال النبي: ” إذا اجتهد فأصاب له أجران وإذا أخطأ له أجر”. 

فلما أقول أخطأ الإمام مالك أخطأ الإمام أحمد أخطأ الشافعي أخطأ البخاري أخطأ ابن باز أخطأ القرضاوي …. أي شيخ من المشايخ قديمًا أو حديثًا هذا ليس معناه أني أسيء الأدب مع هذا الشيخ ، ولا معناه أن الشيخ أنزلته من أعلى عليين إلى أسفل سافلين.

كلا؛ أخطأ بمعنى أنه لم يصب الصواب في الاجتهاد، وقد أكون أنا المخطئ وهو المصيب. وهذا مما يحتمل الاختلاف والاجتهاد والأخذ والرد.

ونعلم يقينًا يا إخواني أن من العلماء من يأخذ بظاهر النص ومن العلماء من يأخذ بالمقصد الشرعي من النص.

الخلاصة :

“اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ”. سورة الفاتحة، آية 6.

معناها :

  • أن تتبع طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • وأن ترجع إلى المنهج الأصلي الكتاب والسنة.
  • وأن تقدم ما ورد في كتاب الله وسنة رسول الله على العقل.
  • إن فهمت الحكمة التشريعية والأمر الإلهي فالحمد لله.
  • إن لم أفهمه جيدًا فالخلل عندي أنا في عقلي وفي فهمي أنا وليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • لا ينبغي أبدًا أن نحصر مفهوم السلفية على المذهب الحنبلي أو على مدرسة السعودية.
  • مصطلح السلفية مصطلح عام يشمل كل من أعلن اتباعه للكتاب والسنة ونبذه للفرقة والبدعة والاختلاف وتقديم العقل على النقل.
  • لا ينبغي أبدًا أن نقدس المشايخ ولا أن نعتقد لأحد فيهم العصمة. إنما نعتقد أنه لا عصمة لأحد بعد الأنبياء.
  • وكل الخلق يؤخذ منه ويرد عليه إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

أسأل الله تعالى أن يجعلنا هداة مهتدين. لا ضالين ولا مضلين.

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت.

وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه.

 وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

اللهم اهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور.

وثبتنا على الحق إلى أن نلقاك.

اللهم امين.

Visited 54 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع